للزراعة والريف مكانة خاصة لدى الأمة الصينية، صاحبة الحضارة الزراعية العريقة المستمرة منذ آلاف السنين، والتي تشكل موروث وتقاليد الصين في الاهتمام بالزراعة.
الفهم العام لأعمال الزراعة والمناطق الريفية والفلاحين
في السنوات الأخيرة، وخاصة منذ انعقاد المؤتمر الوطني الثامن عشر للحزب الشيوعي الصيني، تتمسك الصين بثبات بالمكانة الهامة لقضية الزراعة والمناطق الريفية والفلاحين، وتعزز وتحسن قيادة الحزب لأعمال المناطق الريفية بشكل مطرد، وأصدرت سلسلة من السياسات والإجراءات، الأمر الذي دفع أعمال الزراعة والمناطق الريفية لتحقيق إنجازات تاريخية، وطرأت تغيرات تاريخية في هذا المجال. جدير بالذكر أن حجم إنتاج الحبوب تجاوز ستمائة مليار كيلوغرام لسبع سنوات متتالية، وازداد دخل الفلاحين بسرعة لسنوات عديدة متتالية، وتحسنت ظروف الإنتاج والمعيشة لهم تحسنا كبيرا. في العصر الجديد للاشتراكية ذات الخصائص الصينية، أصبحت المناطق الريفية مجالا واسعا لتحقيق المنجزات، وتستقبل فرصا نادرة للتنمية، وتنفذ إستراتيجية نهضة الأرياف بخطوات ثابتة حاليا.
حاليا، التناقض الاجتماعي الرئيسي للمجتمع الصيني هو التناقض بين حاجة الشعب المتزايدة إلى حياة أفضل والتنمية غير المتوازنة وغير الكافية. وفي الوقت الحالي، أكبر قضية تشهد عدم توازن التنمية في المجتمع الصيني هي عدم توازن التنمية في الحضر والريف؛ وأكبر قضية تشهد عدم كفاية التنمية في المجتمع الصيني هي عدم كفاية التنمية في الأرياف. مقارنة مع السكان في الحضر، فإن الجماهير الفلاحين في حاجة إلى حياة أفضل بشكل أكثر إلحاحا وأبرز وأكثر ضرورة.
يرى البعض أنه إذا نُفِذ التحول الحضري بشكل جيد ودخل عدد كبير من الفلاحين إلى المدن، فإن قضية الزراعة والمناطق الريفية والفلاحين سوف تحل كقطع قصبة بحد السيف. ولكن بالنسبة لدولة زراعية كبيرة يتجاوز عدد سكانها مليارا وأربعمائة مليون نسمة، ما زال أربعمائة مليون أو خمسمائة مليون نسمة يسكنون في الأرياف، حتى مع وصول نسبة الحضر فيها إلى 70%. وإذا اهتممنا بطرف واحد بدون الاهتمام بالطرف الآخر، بحيث تصبح المدن أكثر تطورا وحداثة، بينما تصبح الأرياف أكثر كسادا وخرابا، فلا مجال للقول بتحقيق النهضة العظيمة للأمة الصينية، ويخالف ذلك أيضا معنى إنجاز بناء مجتمع الحياة الرغيدة على نحو شامل.
في بداية عام 2018، أعرب السيد هان جيون مدير مكتب الفرقة القيادية لأعمال الأرياف التابع للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني حينئذ، أن تنفيذ إستراتيجية نهضة الأرياف راية جديدة وفهم عام لإنجاز أعمال الزراعة والمناطق الريفية والفلاحين على خير وجه في العصر الجديد، وتوارث وإبداع لأعمال الزراعة والمناطق الريفية والفلاحين من جانب الحزب، ومطلب حتمي لمعالجة التناقض الرئيسي للمجتمع في العصر الجديد، وتحقيق أهداف "المئويتين"، والرخاء المشترك لجميع أبناء الشعب.
تهدف هذه الإستراتيجية إلى نهضة الأرياف، لكن الأكثر أنها تتعلق بالوضع العام للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، بل تتعلق بالقضية العظيمة لنهضة البلاد والأمة أيضا.
بدء تنفيذ إستراتيجية نهضة الأرياف بوضع جيد
بدأ تنفيذ إستراتيجية نهضة الأرياف في عام 2018. ومنذ انعقاد المؤتمر الوطني التاسع عشر للحزب الشيوعي الصيني، ألقى الأمين العام شي جين بينغ كلمات هامة وأصدر توجيهات هامة حول النهضة الريفية في شتى المناسبات، حيث أكد على أولوية تنفيذ إستراتيجية نهضة الأرياف، لتكون العمل المشترك للحزب والمجتمع. إن ذلك لا يوضح اتجاه وطريق تنفيذ إستراتيجية نهضة الأرياف فحسب، وإنما أيضا له معنى واقعي هام في التوصل إلى التفهم المشترك وتعبئة القوة وتعزيز التنفيذ الفعلي للمطالب المفصلة للنهضة الريفية.
في بداية عام 2018، صدرت ((آراء اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني ومجلس الدولة بشأن تنفيذ إستراتيجية نهضة الأرياف))، وهي "الوثيقة المركزية رقم 1"، العشرين التي أصدرتها اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني حول أعمال الزراعة والمناطق الريفية والفلاحين منذ تنفيذ سياسة الإصلاح والانفتاح. تحدد هذه الوثيقة التخطيط الشامل تمحورا حول إستراتيجية نهضة الأرياف، حيث توضح خارطة الطريق وبرنامج العمل، فضلا عن رسم سلسلة من الإجراءات الهامة، وتحديد ركائز إستراتيجية نهضة الأرياف.
وبعد ذلك، من اللجنة المركزية إلى أنحاء البلاد، صدرت الإجراءات واحدا بعد واحد، ونفذت الوثائق تدريجيا، الأمر الذي أصبحت معه نهضة الأرياف عملا هاما للحزب والمجتمع. ونظمت لجنة الدولة للتنمية والإصلاح صياغة ((خطة إستراتيجية نهضة الأرياف (2018- 2022))) التي توضح الأهداف والمهمات للفترة من عام 2020 إلى عام 2022، وتحدد النقاط الهامة للعمل والسياسات والإجراءات، مما يوفر قاعدة هامة لدفع نهضة الأرياف بصورة مصنفة ومنتظمة وأكدت خطة الإنفاق التي وضعتها وزارة المالية للثلاث سنوات من عام 2018 إلى عام 2020، على توفير ضمان مالي ثابت لتنفيذ إستراتيجية نهضة الأرياف. وفي الوقت الحالي، تعمل وزارة المالية لوضع خطة خاصة للإسراع في إكمال وتحسين آلية وسياسة توزيع واستخدام عائدات القيمة الإضافية للأرض، من أجل توسيع قنوات جمع الأموال وإرشاد ودفع استثمار مزيد من أموال المجتمع في بناء الأرياف.
إن وزارة الزراعة والأرياف الصينية، باعتبارها هيئة تخطط تنفيذ إستراتيجية نهضة الأرياف، حولت مجال أعمالها من الاهتمام بالزراعة إلى الاهتمام بالزراعة والمناطق الريفية معا، فتخطط لدفع القضية الاجتماعية والخدمات العامة والمنشآت التحتية في الأرياف، وتنظم نشاطات معالجة البيئة السكنية في الريف، وتدفع بنشاط بناء حضارة الريف.
بفضل الجهود المشتركة للحزب والمجتمع، حققت الزراعة وتنمية الاقتصاد الريفي نتيجة رائعة في عام 2018، حيث لم تبدأ النهضة الريفية بوضع جيد فحسب، وإنما أيضا تواصل أعمال الزراعة والمناطق الريفية والفلاحين التطور إلى اتجاه جيد، الأمر الذي وضع أساسا لمواجهة الأوضاع الدولية المعقدة والضغوط المتزايدة الناجمة عن التباطؤ الاقتصادي والكوارث الطبيعية التي حدثت بشكل متكرر، والمحافظة على التنمية الاقتصادية المستدامة السليمة وتناغم واستقرار المجتمع.
التمسك الفعلي بالقضية الأساسية للزراعة والمناطق الريفية والفلاحين
سنة 2019، هي سنة حاسمة لإنجاز بناء مجتمع الحياة الرغيدة على نحو شامل، وهي فترة تاريخية تجمع فيها المعركة ضد الفقر وعملية تنفيذ إستراتيجية نهضة الأرياف، وفي ظل تزايد الضغوط الناجمة عن التباطؤ الاقتصادي والتغيرات العميقة التي طرأت على البيئة الخارجية، فإن لإجادة أعمال الزراعة والمناطق الريفية والفلاحين معنى هاما خاصا.
لقد أكد المؤتمر المركزي للأعمال الريفية الذي عُقد في نهاية عام 2018، ضرورة التمسك بمنح الأولوية لتنمية الزراعة والمناطق الريفية، وإنجاز المهمات الصعبة وفق مطلب بناء مجتمع الحياة الرغيدة على نحو شامل، وتقوية وتطوير الوضع الجيد للزراعة والأرياف، تكيفا مع المطالب الجديدة لإصلاح وتنمية الأرياف في ظل تغيرات البيئة المحلية والخارجية، كما قام بتخطيط تلك الأعمال.
بالإضافة إلى إنتاج الحبوب وتخفيف حدة الفقر، حدد هذا المؤتمر المهمات في شتى الجوانب، بما فيها أعمال معالجة البيئة السكنية في الريف لثلاث سنوات وتركيز القوة على تنمية الصناعة الريفية وتنفيذ مشروعات بناء المنشآت التحتية في الأرياف وغيرها.
جاء العصر الجديد، وفي المسيرة نحو تحديث الزراعة والأرياف، لم تعد الزراعة صناعة هامشية آفلة، ولا الريف مجرد لوحة خلفية لازدهار المدن، ولا الفلاح هوية ييسعى الريفي للتخلص منها. إن راية منح الأولوية لتنمية الزراعة والمناطق الريفية، سوف تحشد مزيدا من الذكاء والأنظار والثروات للبناء المشترك لموطن سعيد قوي، جميل وغني.
--
شي وي، مدير قسم التعليقات في ((جريدة الفلاحين)).