ملف العدد < الرئيسية

تعاون الصين والاتحاد الأوروبي من أجل استقرار النظام العالمي

: مشاركة
2018-12-28 17:06:00 الصين اليوم:Source تشن شياو جينغ:Author

يصادف عام 2018  الذكرى السنوية الخامسة عشرة لإقامة علاقات الشراكة الإستراتيجية الشاملة بين الصين والاتحاد الأوروبي. ووفقا للبيان المشترك للقمة العشرين بين الصين والاتحاد الأوروبي التي عقدت في بكين في يوليو 2018، أعلن الجانبان بوضوح الالتزام ببناء اقتصاد عالمي مفتوح وتحسين تحرير وتيسير الاستثمار والتجارة ومكافحة الحمائية والنزعة الانفرادية ودفع العولمة الأكثر انفتاحا وتوازنا وتسامحا ومشاركة.

وقد حصل البيان المشترك على تأكيد من قبل العديد من الأطراف، وفقا لسفير الاتحاد الأوروبي لدى الصين هانز ديتمار شفيسغوت، فإنه في ظل الظروف الجيوبولوتيكية غير المؤكدة، يظهر انعقاد مؤتمر القمة بين الصين والاتحاد الأوروبي أن التعاون بين الجانبين ليس مهما لهما فحسب، وإنما أيضا للبلدان الأخرى. إن نظام الحوكمة العالمية المفتوح والقائم على المبادئ هو الأساس للازدهار الاقتصادي والعولمة المستدامة. كما أعرب الدبلوماسي الأوروبي عن اعتقاده بأن هناك حاجة للجانبين لإحراز تقدم بشأن قضايا مثل التغير المناخي والسياسة الخارجية وتعزيز الاتصال. وقال جو لينن، مسؤول شؤون الصين في وفد البرلمان الأوروبي، إن الصين وأوروبا يجب أن يكونا ضمانا لاستقرار النظام العالمي الجديد.

المشاركة في صون تعددية الأطراف وبناء اقتصاد عالمي مفتوح

في مواجهة تزايد النزعة الانفرادية والحمائية التجارية للولايات المتحدة الأمريكية، أطلق البيان المشترك إشارة سياسية قوية: من ناحية، يؤكد البيان من جديد على دعم تعددية الأطراف والنظام الدولي الذي يرتكز على قواعد الأمم المتحدة وإجراء الحوارات والتعاون حول السياسات الدبلوماسية والأمنية ودفع حل قضية شبه الجزيرة الكورية والمسألة النووية الإيرانية وعملية السلام في الشرق الأوسط؛ ومن ناحية أخرى، فإن البيان يؤيد بثبات النظام التجاري المتعدد الأطراف الذي جوهره منظمة التجارة العالمية والقائم على الشفافية وعدم التمييز والانفتاح والشمول. ينص البيان على تعهد الجانببن بالالتزام بالقواعد الحالية لمنظمة التجارة العالمية والتعاون في إصلاحها، والتأكيد على دور الحوارات الاقتصادية والتجارية الرفيعة المستوى في توجيه وتعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الصين والاتحاد الأوروبي.

وبشأن القضية النووية الإيرانية، دعت فيديريكا موغيريني، الممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمينة في الاتحاد الأوروبي، جميع الأطراف للحفاظ على التنسيق الوثيق بعد انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من الاتفاقية النووية الإيرانية والعمل معا للحفاظ على الاتفاق الشامل، كما شكرت الصين لمساهماتها الكبيرة في التوصل إلى الاتفاق الشامل، وأعربت عن أملها في أن تستمر الصين في لعب دور إيجابي في الحفاظ على فاعلية الاتفاق الشامل. وقال عضو مجلس الدولة الصيني ووزير الخارجية وانغ يي، إن احترام الاتفاقيات الدولية هو مبدأ أساسي في القانون الدولي، ويجب على القوى الكبيرة أن تلعب دورا مثاليا في هذا الصدد، وليس العكس. ستعمل الصين مع الاتحاد الأوروبي لمواصلة دعم الاتفاق الشامل. الصين مستعدة للعمل مع جميع الأطراف في تحديد موقف مشترك وتحويل الإرادة السياسية الإيجابية إلى إجراءات عقلانية وفعالة.

وبالنسبة لقضية إصلاح منظمة التجارة العالمية، اتفق الجانبان على إنشاء فريق مشترك على مستوى نواب الوزراء، وقد عقد الاجتماع الرسمي الأول في بكين في أكتوبر عام 2018. وأكد الاتحاد الأوروبي على جهود الصين في تحسين ظروف دخول الأسواق وتحسين البيئة الاستثمارية وتعزيز حماية الملكية الفكرية وتوسيع الاستيراد. ويسعى الجانبان إلى ضمان التعاون العادل والمنفعة المتبادلة للجانبين في التجارة الثنائية والاستثمار، وسوف يتعاونان لحل مشكلة دخول الأسواق التي تواجهها شركاتهما.

تعزيز الثقة المتبادلة وتعميق التعاون البراغماتي

شهد عام 2018 نشاطا في التبادلات الرفيعة المستوى بين الصين والاتحاد الأوروبي، بما فيها الجولة الثامنة من الحوار الإستراتيجي الرفيع المستوى بين الصين وأوروبا والحوار الاقتصادي والتجاري السابع الرفيع المستوى بين الصين وأوروبا والقمة العشرين بين الصين والاتحاد الأوروبي والقمة الثانية عشرة بين قادة الصين والاتحاد الأوروبي. كان هناك أيضا عدد من الزيارات المتبادلة: في يناير، قام كل من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي بزيارة رسمية للصين؛ في فبراير، زار رئيس مجلس الدولة الصيني لي كه تشيانغ هولندا؛ في مايو، زارت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الصين؛ في يوليو، قام لي كه تشيانغ بزيارة لألمانيا لحضور الجولة الخامسة من المشاورات بين الصين وألمانيا؛ في أواخر نوفمبر وأوائل ديسمبر، زار الرئيس الصيني شي جين بينغ أسبانيا والبرتغال؛ في ديسمبر، زار الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير الصين.

وقد ساعدت الزيارات المتبادلة الرفيعة المستوى على تعزيز تبادل الثقة السياسية ودفع التعاون البراغماتي في مختلف المجالات.

وحول التعاضد بين مبادرة الحزام الطريق وإستراتيجية التنمية الأوروبية، ووفقا للبيان المشترك، سيواصل الجانبان التعزيز بين مبادرة الحزام والطريق ومبادرات الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك خطط الاستثمار الأوروبية وشبكة النقل الموسعة في منطقة اليورو، وتعزيز التواصل من خلال تعزيز التعاون في مجالات النقل الجوي والبري والبحري والطاقة والشبكات الرقمية. وقد حققت المنصة التي تربط بين الصين والاتحاد الأوروبي تقدما، وسيعمل الجانبان على تنفيذ ((خطة العمل لمنصة ربط بين الصين والاتحاد الأوروبي في الفترة الأخيرة)) وتحديد خطة عمل سنوية والإسراع في تنفيذ مشروعات تجريبية متفق عليها.

في مواجهة القضايا العالمية، صادف عام 2018 الذكرى السنوية العشرين لتوقيع ((اتفاق التعاون العلمي والتكنولوجي بين الصين والاتحاد الأوروبي))، ويرحب الجانبان بالتقدم المحرز في التعاون العلمي والتكنولوجي، ويأملان في تعزيز التعاون في مواجهة مشكلات مثل نقص الطاقة والتدهور البيئي والاحتباس الحراري. وسيواصل الجانبان إجراء الحوار السنوي للطاقة، ويرحبان بإبرام اتفاقية الصين- الاتحاد الأوروبي للتعاون العلمي والتكنولوجي.وتوقيع ((البيان المشترك لقادة الصين والاتحاد الأوروبي بشأن تغير المناخ والطاقة النظيفة)) و((مذكرة التفاهم بشأن التعاون في مجال الاقتصاد الدوري)) وكذلك ((مذكرة التفاهم بين وزارة البيئة الإيكولوجية لجمهورية الصين الشعبية والمفوضية الأوروبية حول تعزيز التعاون لتجارة الانبعاثات الكربونية))، رحب الجانب الأوروبي بتنظيم الصين للاجتماع الخامس عشر لمؤتمر الأطراف في اتفاقية التنوع البيولوجي في عام 2020.

توثيق التعاون شبه الإقليمي يحقق نتائج مثمرة

في عام 2018، واصلت الصين تعزيز التعاون مع ست عشرة دولة في وسط وشرقي أوروبا، وعُقِدت الجولة الأولى من المشاورات السياسية مع مجموعة فيزيغراد في بكين والاجتماع السابع بين قادة الصين ودول وسط وشرقي أوروبا في بلغاريا. أكد رئيس مجلس الدولة الصيني لي كه تشيانغ وقادة دول وسط وشرقي أوروبا على نتائج التعاون الثنائي وتطلعهم  إلى مستقبل أفضل.

ألقى لي كه تشيانغ خطابا هاما خلال الاجتماع في بلغاريا لتأكيد دور "التعاون بين 1+16"، ألا وهو تعزيز أساس من الثقة المتبادلة وتحقيق المنفعة المتبادلة وتعزيز تنمية العلاقات بين الصين والاتحاد الأوروبي، وطرح خمسة اقتراحات بشأن تعزيز التعاون: المحافظة على العولمة الاقتصادية والتجارة الحرة؛ اكتشاف إمكانيات التعاون في بناء المناطق التعاونية والتعاون في مجال الابتكار؛ توسيع قنوات التعاون المالي؛ رفع مستوى التعاون؛ وتعزيز التبادلات الثقافية والشعبية.

حقق الاجتماع السابع بين قادة الصين ودول وسط وشرقي أوروبا نتائج ملحوظة: تم توقيع 42 وثيقة تغطي مجالات مثل الطاقة والمواصلات والبنية التحتية والتأمين والتعاون التمويلي والتنمية الزراعية والحجر الصحي وسلامة الأغذية، و تم استعراض أحوال تنفيذ ))مبادئ بودابست التوجيهية للتعاون بين الصين ودول وسط وشرقي أوروبا(( التي تم توقيعها في عام 2017، كما أصدر المشاركون مبادئ صوفيا التوجيهية للتعاون بين الصين ودول وسط وشرقي أوروبا، واتفق الطرفان على تعزيز التنسيق العام للتعاون "1+16 " وتعميق التعاون العملي في مجالات التجارة والاستثمار والتواصل، وضخ طاقة محركة جديدة للتعاون في مجالات العلوم والابتكار التكنولوجي والتمويل وحماية البيئة والزراعة والطاقة والتخريج والصحة، وتوسيع التبادلات الثقافية والبشرية .

خلال لقائه مع وزير خارجية ألمانيا هيكو ماس في زيارته إلى ألمانيا في نهاية شهر مايو 2018، أوضح وزير خارجية الصين وانغ يي الموقف الصيني: أن الصين دائما تدعم بقوة عملية التكامل الأوروبي، وتأمل أن ترى الاتحاد الأوروبي أكثر اتحادا واستقرارا وازدهارا. التعاون "1+16 " هو عبارة عن منصة تعاون تم إنشاؤها بشكل مستقل من قبل الصين وبلدان وسط وشرقي أوروبا، وأصبحت جزءا لا يتجزأ من العلاقات بين الصين وأوروبا. إن الصين تتمسك دائما بالتعاون مع دول وسط وشرقي أوروبا في إطار العلاقات بين الصين والاتحاد الأوروبي وقوانين ولوائح الاتحاد الأوروبي، وتنظر في دعوة ممثلي الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء لحضور جولة جديدة من اجتماع قادة "1+16 " وتنفيذ تعاون الطرف الثالث مع ألمانيا في دول وسط وشرقي أوروبا، والسعي إلى تحقيق المنفعة المتبادلة والفوز المشترك للجانبين.

تنويع محتويات "الحزام والطريق"

مع تطور مبادرة الحزام والطريق لأكثر من خمس سنوات، شهد التعاون بين الصين والاتحاد الأوروبي ثراء باستمرار: لا يقتصر التعاون على بناء البنية التحتية، بل يحقق أيضا اختراقات في مجالات التمويل وحماية البيئة والتكنولوجيا المتقدمة. التعاون بين الصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وهولندا ودول أخرى في عام 2018 هو دليل على ذلك.

في مجال حماية البيئة، اتخذت الصين وفرنسا "عام حماية البيئة بين الصين وفرنسا" كنقطة انطلاق لتعزيز التقدم البيئي العالمي، مما وضع الأساس لتخضير الحزام والطريق. إن "عام حماية البيئة بين الصين وفرنسا" جاء بقرار رئيسي الدولتين في بداية عام 2018، وتم إطلاقه رسميا في نوفمبر 2018. أجرى الجانبان حوارات وتبادلات وتعاونا حول حماية البيئة الإيكولوجية وتغير المناخ والحفاظ على التنوع البيولوجي. قال لي قان جيه وزير البيئة الإيكولوجية الصيني، إن الصين ترغب في اتخاذ هذه النشاطات كنقطة انطلاق لتبادل خبرتها في التنمية الخضراء مع المجتمع الدولي وصياغة حل لحماية البيئة والتنمية المستدامة في العالم.

في مجال التكنولوجيا الجديدة والمتقدمة، زار رئيس مجلس الدولة لي كه تشيانغ هولندا في فبراير ليشهد توقيع اتفاقية بمليارات الدولارات بين شركات التكنولوجيا الصينية والهولندية؛ وفي يوليو، حضر لي كه تشيانغ وأنجيلا ميركل المنتدى التاسع للتعاون الاقتصادي والتكنولوجي بين الصين وألمانيا في برلين، وتم توقيع عدد من اتفاقيات التعاون الرفيعة المستوى في مجالات مثل القيادة الذاتية، وكذلك، قررت شركة Vaux الهولندية لتصنيع البطاريات استثمار 85ر1 مليار دولار أمريكي في الصين لإنشاء مشروع هندسة بطاريات الليثيوم في منطقة دلتا نهر اليانغتسي وتأسيس قاعدة بحوث لها في الصين. يشار إلى أن مصنع بطاريات الليثيوم سيدخل حيز التنفيذ في 2021، ويبلغ حجم إنتاجه السنوي 8 جيجا واط، والذي يمكن أن يوفر بطاريات لمائة وستين ألف سيارة كهربائية. وقال لي كه تشيانغ إن الصين سوف تسهل شروط دخول السوق الصينية للسيارات، وترحب الصين بأن توسع الشركات الألمانية استثمارها في الصين، وترحب بدخول تكنولوجيا القيادة الآلية الرائدة في ألمانيا إلى الصين، وتتمنى تعزيز التعاون الصيني- الألماني من التصنيع التقليدي إلى البحث والتطوير الذكيين.

تطورت العلاقات بين الصين والاتحاد الأوروبي في 2018 بثبات، وفي التطلع إلى 2019، لا تزال هناك العديد من الفرص والتحديات لكلا الجانبين، بما في ذلك: كيفية تعزيز التنسيق بين مبادرة الحزام والطريق وإستراتيجيات التنمية الأوروبية على نحو شامل، وكيفية تحسين التعاون مع 16 دولة في وسط وشرقي أوروبا مع ضمان مصالح الدول الأوروبية الغربية، وكيفية رفع قدرة الجانبين على التنسيق والتعاون في الشؤون الدولية.

--

 

تشن شياو جينغ، باحث مساعد في مكتب أبحاث أوروبا التابع للمعهد الصيني للدراسات الدولية.

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4