ملف العدد < الرئيسية

توسيع نطاق واردات الصين يجلب المنافع للعالم

: مشاركة
2018-10-26 11:35:00 الصين اليوم:Source وو لي:Author

معرض الصين للاستيراد والتصدير بمدينة قوانغتشو (كانتون) في مقاطعة قوانغدونغ، وهو واحد من أكبر المعارض التجارية على مستوى العالم، يعد شاهدا على تطور الصين على مدى أكثر من ستة عقود وتحولها إلى دولة تجارية كبيرة، وخصوصا بعد فتح أبوابها أمام العالم منذ أربعين سنة. قبل سبع عشرة سنة، انضمت الصين إلى منظمة التجارة العالمية، وبدأ انخراطها في تيار العولمة. أدى انفتاح الصين إلى تحقيق "المعجزة الصينية" في تاريخ التنمية الاقتصادية العالمية.

تستضيف شانغهاي هذا الشهر، نوفمبر 2018، معرض الصين الدولي للاستيراد في دورته الأولى، والذي يعد الأول من نوعه في العالم، وخطوة جديدة هامة في مسيرة انفتاح الصين نحو العالم.

تولي الصين اهتماما بالغا بالاستيراد، وتشير البيانات إلى أن قيمة واردات الصين السلعية في النصف الأول من عام 2018 بلغت 03ر1 تريليون دولار أمريكي (الدولار يساوي 9ر6 يوانات)، بزيادة بلغت نسبتها 9ر19% بالمقارنة مع نفس الفترة من السنة الماضية. وأشار الكتاب الأبيض ((الصين ومنظمة التجارة العالمية)) الصادر مؤخرا عن المكتب الإعلامي لمجلس الدولة الصيني إلى أن الصين ستستورد بضائع قيمتها 24 تريليون دولار أمريكي خلال الخمس عشرة سنة القادمة.

مشاركة العالم في الأرباح الصينية

استعدت شانغهاي بأعمال تحضيرية مكثفة لمعرض الصين الدولي للاستيراد الذي سيقام في المركز الوطني للمعارض والمؤتمرات بشانغهاي، الذي يبعد عن مطار هونغتشياو الدولي في شانغهاي حوالي عشر دقائق بالسيارة.

على بعد أكثر من ألف كيلومتر إلى الشمال من شانغهاي، يعكف المسؤولون من أكثر من عشرين وزارة معنية في بكين على وضع واقتراح وصياغة سياسات لزيادة حجم الاستيراد. في التاسع من يوليو عام 2018، طرح مجلس الدولة الصيني ((الاقتراح حول توسيع نطاق الاستيراد لدفع التطور المتوازن للتجارة الخارجية))، ويشمل الاقتراح خمسة عشر بندا في أربعة مجالات بهدف زيادة حجم الاستيراد. تُبذَل الجهود في كافة أرجاء الصين للعمل على تحقيق هذا الهدف. على سبيل المثال، تم تشكيل ثمانية وثلاثين فريقا تجاريا للقيام بالإجراءات المتعلقة بتسجيل الشركات المشاركة في معرض الصين الدولي للاستيراد وتنظيم الأعمال المعنية والتواصل مع الشركات. أثارت أنشطة جذب الشركات التجارية والمعارض، التي تقام في سياق معرض الصين الدولي للاستيراد اهتماما كبيرا من الشركات في كافة أرجاء العالم، حيث قامت العديد من كبرى الشركات بالتسجيل للمشاركة في المعرض ومنها شركة دانون، وشركة دو بونت، وشركة إيمرسون، وشركة ياشيلي، وشركة ويرلبول، وشركة باير، وشركة بي إم دبليو، وشركـة دايملر وشركة يونيليفر. بالإضافة إلى ذلك، قام عدد من الشركات العابرة للحدود، من بينها شركة مترو الألمانية وشركة لوسافر الفرنسية، بالتسجيل للمشاركة في الدورة الثانية للمعرض في عام 2019.

قالت تشن فنغ ينغ، الباحثة بمعهد الصين للعلاقات الدولية المعاصرة، إن الرئيس الصيني شي جين بينغ أشار إلى أن معرض الصين الدولي للاستيراد ليس معرضا عاديا، بل هو إعلان سياسي وحدث هام للصين لفتح سوقها أمام العالم. بينما ترفع الولايات المتحدة الأمريكية شعار "أمريكا أولا" وتتبنى الأحادية والحمائية والهيمنة التجارية وتثير الخلافات التجارية في العالم، مما يعرقل مسيرة تطور التجارة الدولية والعولمة، تستضيف الصين معرض الصين الدولي للاستيراد، وتتقدم بخطوات إيجابية باتجاه توسيع نطاق الانفتاح، تماشيا مع اتجاه تطور العالم، الأمر الذي يعكس استعداد الصين للاضطلاع بمسؤوليتها كدولة كبيرة وأن نهضتها ستعود بالمنافع على العالم، وتشكل قوة دافعة إضافية لتنفيذ مبادرة الحزام والطريق وبناء رابطة المصير المشترك للبشرية.

يعد معرض الصين الدولي للاستيراد أول معرض من نوعه في العالم، ومنتجا عاما مقدَم إلى العالم. يمكن للشركات العالمية من خلال المعرض أن تصدر سلعها إلى الصين أو أي بلد آخر في العالم. باختصار، يعد هذا المعرض منصة مفتوحة "لشراء وبيع السلع في العالم". بالإضافة إلى ذلك، معرض الصين الدولي للاستيراد هو خاتمة الأنشطة الدبلوماسية الهامة الأربعة للصين في عام 2018، وهو خطوة هامة لبناء الاقتصاد العالمي المنفتح، ومنتج عام لدفع التطور الشامل للعالم على أساس المنفعة المتبادلة وعمل الصين لبناء رابطة المصير المشترك للبشرية، وسياسة هامة للتمسك بتوسيع نطاق الانفتاح، وإجراء فعال لدفع إصلاح جانب العرض، وخطوة مباشرة باتجاه تلبية متطلبات الشعب بمستقبل أفضل.

سوق الصين تحتاج إلى منتجات من كافة أنحاء العالم

في مؤتمر التصنيع العالمي 2018، الذي استضافته مدينة خفي حاضرة مقاطعة آنهوي، في مايو الماضي، عُرضت آلة أوتوماتيكية من إنتاج شركة بتروي للأتمتة بشانغهاي، جذبت اهتمام وإعجاب الكثيرين، بإمكان الآلة تحديد المنتجات المخالفة للمعايير المحددة من حيث الحجم واللون بسرعة عالية.

قال تشانغ وي، مدير مبيعات منطقة شرقي الصين الثانية بشركة بتروي للأتمتة بشانغهاي، إن الشركة تعاونت مع شركات أجنبية لإدخال التكنولوجيا المتقدمة في العالم في مجال إنتاج أجهزة الاستشعار والتحكم عن بعد إلى الصين. ابتكرت الشركة سلسلة من آلات المراقبة والتفتيش الأوتوماتيكية التي تتميز بالفعالية العالية والتكلفة الرخيصة. يمكن بفضل هذه الآلات إجراء أعمال تفتيش وتحديد المنتجات المخالفة للمعايير بأعداد كبيرة.

أصبح الاستيراد إستراتيجية جديدة على المستوى الوطني لدفع تطور الصين وتحقيق فوائد ضخمة لها. كتب تشونغ شنغ، وزير التجارة الصيني، مقالة تحدث فيها عن الأثر الكبير للاستيراد وحلل فيها الدور الايجابي للاستيراد بالنمط المعقول والحجم المناسب لتحسين عناصر الإنتاج في الصين. من خلال استيراد المنتجات الوسيطة وإدخال التكنولوجيا ومعايير وخبرات الإدارة المتقدمة، يمكن رفع مستوى الابتكار والتطور لدى الشركات الصينية وتحسين الصناعات الصينية التقليدية وتعزيز الصناعات الناشئة. من خلال استيراد المنتجات الجاهزة، يمكن دفع الشركات الصينية لتخفيض تكلفة الإنتاج وتحسين المهارات وابتكار التقنيات لرفع القدرة التنافسية.

كانت المنتجات المستوردة تعتبر سلعا كمالية بالنسبة للمستهلكين الصينيين، أما الآن فأصبحت هذه المنتجات جزءا من حياتهم اليومية. في متجر كارفور في حي تشاويانغ ببكين، تتوفر مختلف المنتجات والسع المستوردة.

السيدة وانغ، تاجرة شاركت في جناح الواردات والصادرات بمؤتمر التصنيع العالمي 2018، جذبت الزائرين بصوت عال: "كان سعر هذا النوع من أقنعة الوجه التجميلية المصنوعة في جمهورية كوريا 192 يوانا، الآن سعره 168 يوانا!" أشارت السيدة وانغ إلى أن عدد الذين يعملون في مجال تجارة الاستيراد في زيادة مستمرة، وتزداد معه أنواع وأصناف البضائع المستوردة. فضلا عن ذلك، طرحت الحكومة سياسات حول تخفيض ضرائب الاستيراد، مما جعل أسعار العديد من المنتجات المستوردة أرخص.

إن ظهور مجموعات جديدة من المستهلكين، وتطور التكنولوجيا الجديدة، وتحسن مستويات الدخل، وغيرها من العوامل تساهم مجتمعة في دفع ارتفاع مستوى الاستهلاك في الصين. أشار تقرير المؤتمر الوطني التاسع عشر للحزب الشيوعي الصيني إلى أن التناقض الرئيسي الذي يواجه المجتمع الصيني، قد تحول إلى التناقض بين حاجة الشعب المتزايدة إلى حياة أفضل والتنمية غير المتوازنة وغير الكافية.

قالت تشاو بينغ، مديرة قسم دراسات التجارة الدولية بالمجلس الوطني لتنمية التجارة الدولية، إن ارتفاع مستوى الاستهلاك يتمثل في زيادة متطلبات المستهلكين لرفع جودة المنتجات وعلاماتها التجارية ونوعيتها. تسعى الصين في مجال توسيع نطاق الاستيراد بصورة مباشرة لإدخال مزيد من المنتجات المستوردة العالية الجودة والمنخفضة السعر، ودفع رفع مستوى الاستهلاك في الصين بهدف تقديم الفوائد إلى الشعب الصيني.

توسيع نطاق الاستيراد عبر إجراءات عملية

اليابان هي ثالث أكبر افتصاد في العالم، على الرغم من صغر مساحتها التي لا تتجاوز 378 ألف كيلومتر مربع، ونقص مواردها من المنتجات الزراعية والنفطية وغيرها. تعتمد الولايات المتحدة الأمريكية على الاستيراد، إذ تقوم بنقل الصناعات التي تتطلب عمالة كثيفة إلى الخارج بينما تقوم بتركيز الجهود على تطوير الصناعات ذات رأس المال والتكنولوجيا المكثفة من أجل التمسك بموقع السيطرة على العالم في مجال التكنولوجيا المتقدمة.

قالت تشانغ لي، مديرة معهد دراسات شؤون التجارة الإلكترونية بوزارة التجارة الصينية، إذا استعرضنا طريقة التنمية للدول المتقدمة نجد أنها تتقن طريقة الاستيراد في تحقيق التنمية. فعندما يصل مستوى تقدم دولة إلى مرحلة معينة، يساهم الاستيراد بالحجم المناسب في تحسين توزيع الموارد في العالم، وترقية صناعاتها وتعديل هياكلها. الصين حاليا تتخذ خطوات لتتحول من دولة كبيرة إلى دولة قوية، يجب عليها أن تستفيد من الاستيراد أكثر لتطوير اقتصادها تطويرا شاملا.

يتفق لنغ يو بين، رئيس مجلس إدارة شركة فيخه الصينية للألبان، في هذا الرأي مع تشانغ لي، ويؤكد على الاهتمام بـ"تعديل الهيكل" لتوسيع نطاق الاستيراد ودفع إصلاح جانب العرض وتلبية متطلبات الاستهلاك الجديدة ورفع القدرة التنافسية الدولية للصين.

أشار قرار ((الاقتراح حول توسيع نطاق الاستيراد لدفع التطور المتوازن للتجارة الخارجية)) إلى أن الصين ستعزز استيراد أربعة أنواع من المنتجات أو الخدمات المتعلقة بحياة الشعب اليومية، مثل السلع الاستهلاكية اليومية والأدوية ومعدات إعادة التأهيل ورعاية المسنين والمرضى؛ وكذلك الخدمات المتعلقة بالبناء والتصميم والتجارة واللوجستيات والاستشارات والبحث والتطوير وتوفير الطاقة وحماية البيئة، والمعدات ذات التكنولوجيا العالية التي تساعد على تحويل نمط الاقتصاد والتنمية، والمنتجات الزراعية ومنتجات الموارد.

قال ليانغ مينغ، مدير معهد دراسات التجارة الخارجية بوزارة التجارة الصينية، إن هدف الاستيراد هو تلبية متطلبات الصين لتحويل صناعاتها وترقية ورفع مستوى الاستهلاك. ينبغي للأجهزة المعنية اتخاذ التدابير المنتظمة في كل خطوة من خطوات عملية الاستيراد بعد تحديد أنواع المنتجات المراد استيرادها، بحيث يصبح الاستيراد قوة دافة لتطوير الاقتصاد الصيني وتحوله إلى اقتصاد عالي الجودة.

فضلا عن تحديد أنواع الواردات، يجب تحديد الأماكن التي تأتي منها الواردات وسبل استيرادها وطرق تيسير عملية الاستيراد وغيرها من الأمور، وذلك من أجل توسيع نطاق الاستيراد. تقوم الصين بالاستيراد من خلال خمس قنوات: معرض الاستيراد، والشركات الأجنبية، والاستثمار في الخارج، والتجارة الإلكترونية العابرة الحدود، ومناطق تعزيز الاستيراد على المستوى الوطني، كما تعمل لتسريع عملية الاستيراد، وتقليص مدتها وتخفيض تكلفتها وتحسين بيئة التجارة الداخلية من أجل بناء ممر أخضر لتوسيع نطاق الاستيراد.

--

وو لي، صحفي في جريدة ((التجارة الدولية)).

 

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4