ملف العدد < الرئيسية

توضيح سوء الفهم حول مبادرة الحزام والطريق

: مشاركة
2018-10-15 16:23:00 الصين اليوم:Source هو بي ليانغ:Author

ذكرت صحيفة هاندلسبلات الألمانية في إبريل 2018، أن سفراء دول الاتحاد الأوروبي السبع والعشرين لدى الصين، أعدوا تقريرا مشتركا ينتقد مبادرة الحزام والطريق ويعتبرها تخدم الشركات الصينية بصورة غير عادلة، وتقسم الاتحاد الأوروبي وتعرقل التجارة الحرة. مختصر القول، فإن المبادرة، وفقا للتقرير، لا تخدم سوى مصالح الصين فقط.

الحقيقة أنه ليس بمستغرب أن تظهر آراء ووجهات نظر متعددة كثيرة حول مثل هذه المبادرة التنموية الكبيرة الحجم، والتي بدأ منذ خمس سنوات العمل في كثير من المشروعات على أساسها.

حتى الآن، أطلقت المبادرة مجموعة من مشروعات الاستثمار والبناء في مجالات البنية التحتية والطاقة، بالتعاون مع المؤسسات المالية الداعمة لها مثل صندوق طريق الحرير، والبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية وبنك التنمية الجديد. وتسعى الصين أيضا إلى توضيح حقيقة مبادرة الحزام والطريق من خلال استضافة مجموعة متنوعة من المنتديات وبرامج التبادل، بما في ذلك منتدى الحزام والطريق للتعاون الدولي، الذي عقد في عام 2017 ، بهدف الوصول إلى توافق حول هذا الموضوع.

ومع ذلك، ورغم هذه الجهود، لا يزال الفهم الدولي للمبادرة غير كاف، وأسباب ذلك تستحق المتابعة الفعلية.

من المستفيد؟

إحدى وجهات النظر الشائعة بين المتشككين في الحزام والطريق هي أن الشركات الصينية تحتكر مشروعات الحزام والطريق، مع قلة مشاركة الشركات الأجنبية فيها. ويدعي البعض أن الصين وحدها تستفيد من المبادرة. ولكن من البديهي أن مبادرة الحزام والطريق- كخارطة طريق للتنمية الدولية- إذا كانت لا تخدم سوى مصالح الصين، كما يدعي هؤلاء، فإنها ستكون شحيحة الدعم وغير مستدامة، مما يلحق الأضرار تباعا بمصالح الشركات الصينية التي توفر الاستثمارات، وفي نهاية المطاف ستضر الصين نفسها.

إذن، لماذا يوجد مثل هذا الانطباع على الرغم من كونه غير منطقي؟ الحقيقة أن المرحلة الأولى من بناء الحزام والطريق، تركز على مشروعات بنية تحتية كبيرة، تتطلب استثمارات ضخمة، وعملية بناء طويلة، ومخاطر عالية بعائد محدود على المدى القصير، وكانت الصين تعتزم التعاون الدولي في مثل هذه المشروعات، لكن القليل من البلدان أو الشركات الأجنبية كانت على استعداد للمشاركة في هذه المراحل الأولية، أو لتقاسم المخاطر مع نظرائها الصينيين.

وعلى ضوء ذلك، لم يكن أمام بعض الشركات الصينية المملوكة للدولة أي خيار سوى الاستمرار والاعتماد على نفسها في المرحلة الأولية. وبمجرد اكتمال العمود الفقري لتطور البنية التحتية هذه، سيتم تحسين بيئة الاستثمار بأكملها وستكون المخاطر قليلة نسبيا. حينها، سنرى على الأرجح المزيد والمزيد من الاستثمارات من مصادر متنوعة، في مشروعات على طول طريق الحرير.

يدعي هؤلاء السفراء أيضا أن مبادرة الحزام والطريق تعطي الصين ضمانا للحصول على المواد الخام. أرى أن هذا أمر حقيقي، ولكنه لا يستوجب التقريع، إذ أن ذلك من معاملات السوق العادلة على أساس المساواة، فالمبادرة لا تلبي طلب الصين فحسب، وإنما أيضا تساهم بشكل كبير في التنمية الاقتصادية للدول المصدرة. جميع هذه الممارسات التجارية تتوافق مع قواعد التجارة الدولية، وتستند إلى فوائد متبادلة وليس فيها إكراه.

يقال أيضا إن الصين تستخدم بناء "الحزام والطريق" لتقليل طاقتها الإنتاجية الفائضة، هذه الحجة لها أيضا بعض الحقيقة، إذ أن بعض الشركات الصينية تقوم بنقل جزء من طاقتها الإنتاجية الفائضة إلى البلدان النامية المنخفضة نسبيا في التنمية الصناعية من خلال تعاونها مع هذه الدول. ولكن في الوقت نفسه، وربما الأهم من ذلك، يسهم هذا في التشجيع على تحديث التصنيع في هذه البلدان الشريكة. على سبيل المثال، في الصين، توجد طاقة إنتاجية زائدة في صناعات الصلب والإسمنت والألواح الزجاجية، لكن هذه المواد مطلوبة بشدة في الدول النامية التي تتطلع إلى إنشاء بنيتها التحتية بسرعة. ولذلك، فإن التعاون الدولي للصين في مجال الطاقة الإنتاجية، هو ترتيب مخطط لتبادل المنفعة.

دعم الاتحاد الأوروبي

طالما أن العديد من نقاط سوء الفهم المتعلق بمبادرة الحزام والطريق يعزى إلى عدم كفاية المعرفة، لذا، فإن بعض الانتقادات المذكورة في التقرير لا يمكنها الصمود أمام الحقيقة، أما الادعاء بأن المبادرة تهدف إلى تقسيم الاتحاد الأوروبي وتشكيل العولمة لتلائم مصالح الصين الخاصة، فهو الادعاء المغرض والأكثر سخافة، ويفتقر إلى المبرر المنطقي.

لقد ظلت الصين دوما مؤيدا قويا للتكامل الأوروبي. وخلال هذه العملية، عززت الصين التعاون مع أعضاء الاتحاد الأوروبي في بناء الموانئ والسكك الحديدية سعيا لتعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الصين وأوروبا. وهذا لا يؤدي إلى تقوية العلاقات بين الصين وأوروبا فحسب، وإنما أيضا يقود عملية التكامل الأوروبي والتنسيق الاقتصادي عبر أوراسيا. وبالتالي، يبدو أن القول بأن نية الصين هي تقسيم الاتحاد، أمر مناقض للواقع.

من الواضح أيضا أن الصين تعمل لتعزيز العولمة من خلال مبادرة الحزام والطريق، وتهدف في ذلك لخدمة التنمية المشتركة لكل من الصين والعالم، مع التركيز بشكل خاص على تسهيل الانطلاق الاقتصادي للدول النامية.

وأعلنت الصين صراحةً عن بناء منصة "الحزام والطريق" للتعاون الدولي، بالاشتراك مع الشركاء لضمان أن تكون المبادرة برنامجا تعاونيا. كما تم التأكيد في مناسبات عديدة على أن مبادرة الحزام والطريق تهدف إلى بناء مجتمع مصير مشترك للبشرية، بالمشاركة مع كل دول العالم الأخرى.

لقد بذلت الصين جهودا مشتركة لبناء مؤسسات مالية متعددة الأطراف مثل البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية وبنك التنمية الجديد لتوفير الدعم المالي للدول النامية التي تحاول تحسين البنى التحتية، كما أقامت مركز المعرفة الدولية للتنمية من أجل تقاسم خبرات التنمية الصينية مع الاقتصادات الناشئة الأخرى.

إن جهود الصين لحماية العولمة قد تساعدها على اكتساب نفوذ أكبر في الساحة العالمية. ولكن من المؤكد أن هذا التأثير هو تأثير إيجابي يمكن أن يساعد في تعزيز النمو المستدام للاقتصاد العالمي، وبناء عالم خال من الفقر، ودفع عجلة العولمة، وتحسين نظم الحوكمة العالمية وتعزيز التنمية المشتركة للبشرية مع الحفاظ على السلام العالمي.

يتهم التقرير أيضا مبادرة الحزام والطريق بأنها تعيق التجارة الحرة. لكن العكس هو الصحيح؛ فمن خلال تشييد البنية التحتية ومنشآت المواصلات والنقل والممرات الاقتصادية، يمكن للمبادرة في الواقع أن تربط مناطق مختلفة وتخلق بيئة أكثر تحررا وانفتاحا للتجارة الدولية. ومن خلال إنشاء شبكة عالمية للنقل والبنى التحتية المتعلقة، ستكون الفرصة سانحة أكثر من أي وقت مضى، ويتمكن أكبر عدد ممكن من اللاعبين المعنيين، من المشاركة في التجارة العالمية، مما يبشر بعصر جديد من المشاركة في التبادلات الدولية.

لا وجود لـ "امبريالية الدائن"

ظهر مؤخرا اتهام آخر، من قبل الأكاديمي الهندي براهما شيلاني، الذي زعم أن مبادرة الحزام والطريق تمثل نوعا من "امبريالية الديون". يعتقد شيلاني أن الصين تعمد من خلال توفير كميات كبيرة من الديون الرخيصة للبلدان على طول طرق الحرير، إلى خلق "فخ الديون" لهذه الحكومات، مما يجبرها بالتالي على التنازل عن كل من الأصول الطبيعية والسيادة. وسرعان ما استحوذ اعتقاد شيلاني على وسائل إعلام في الولايات المتحدة الأمريكية واليابان وأستراليا.

في الحقيقة، إن الكثير من الدعم المالي لبناء مشروعات الحزام والطرق يأتي من مؤسسات مالية صينية أو مقترحة من الصين، لذا، فإن بعض البلدان حصلت على عدد كبير من القروض الرخيصة من الصين. ولكن الادعاء بأن الصين تخلق عن عمد "فخ الديون" حتى تستفيد منها أكثر، ليس له أساس واقعي، بل محض افتراء. فمن أجل تعزيز هذه المبادرة، اتبعت الصين مبادئ التشارك في النقاش والبناء والمنفعة، وعدم فرض شروط سياسية أو إكراه الآخرين للدخول في صفقات. كل إجراء وكل ترتيب يقوم على تعاون طوعي ومتكافئ.

قبل التعاون في أي مشروع، تجري الصين وشركاؤها تقييما مشتركا حول القدرة على تحمل الديون، والفوائد الاقتصادية والاجتماعية للمشروعات، في سبيل تجنب المخاطر والنتائج السلبية المحتملة لأي من الطرفين. على سبيل المثال، يبلغ إجمالي الاستثمار في مشروع السكك الحديدية بين الصين ولاوس 7 مليارات دولار أمريكي، تمول حكومة لاوس 1ر2 مليار دولار منها عن طريق قرض مدته ثلاثون عاما بفائدة منخفضة من بنك التصدير والاستيراد الصيني. ووفقا للاتفاق، ستقوم حكومة لاوس بسداد 1ر0 مليار دولار سنويا. وبعد التقييم ودراسة الجدوى، اتفق البلدان على أن مثل هذه الخطة قابلة للتطبيق، وحتى إذا كانت حكومة لاوس غير قادرة على سداد المدفوعات المالية، فيمكنها بدلا من ذلك أن تختار تزويد الصين بكربونات البوتاسيوم، وفق بند تجاري مشترك بين البلدين، كبديل للنقد. هذا مثال على الكيفية التي يتم بها التعاون ضمن مبادرة الحزام والطريق، على أساس المساواة والمنفعة الثنائية والثقة المتبادلة.

--

هو بي ليانغ: أستاذ في جامعة بكين للمعلمين ومدير معهد الحزام والطريق بها.

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4