ملف العدد < الرئيسية

الصداقة الصينية- الكونغولية تغرس زهور الأمل

: مشاركة
2018-08-29 14:38:00 الصين اليوم:Source هناء:Author

في منطقة منابع الأنهار الثلاثة (نهر اليانغتسي والنهر الأصفر ونهر لانتسانغ) داخل مقاطعة تشينغهاي شمال غربي الصين مدرسة ابتدائية، بناياتها محاطة بالزهور والأشجار. بعض التلاميذ يجلسون داخل حجرات الدرس الواسعة المضيئة، وبعضهم الآخر يقوم بالرياضة البدنية على أرضية من الأكريلك المطاطي، بينما العلم الوطني الأحمر ذو النجوم الخمس يرفرف في الهواء. هذه هي مدرسة ونله الابتدائية بمحافظة تشنغدوه في ولاية يويشو الذاتية الحكم لقومية التبت في مقاطعة تشينغهاي، والتي تحمل أيضا اسم "مدرسة الصداقة الابتدائية الصينية- الكونغولية"، وهي مدرسة ابتدائية بنيت بمساعدة من حكومة جمهورية الكونغو في المنطقة المنكوبة بزلزال يويشو.

 

الصديق عند الشدة

تشنغدوه محافظة فقيرة على المستوى الوطني، كما أنها أكبر محافظات ولاية يويشو سكانا. بسبب الظروف الطبيعية القاسية، ظلت المحافظة متأخرة اقتصاديا واجتماعيا، تعاني من ظروف مالية صعبة. وذلك يؤثر بالسلب على جودة التعليم وتثبيت ثمار "الأساسين"، أي تنفيذ التعليم الإلزامي لتسع سنوات من حيث الأساس ومحو أمية الشباب والكهول من حيث الأساس. والأسوأ أنه في 14 إبريل عام 2010، ضرب زلزال بقوة 1ر7 درجة بمقياس ريختر ولاية يويشو ودمر المدارس، وبلغ عدد ضحاياه من الجرحى والقتلى أكثر من عشرة آلاف شخص، ما أصاب أبناء الأمة الصينية جميعا بالهم والحزن، فهبوا للمشاركة في أعمال الإغاثة.

مدرسة ونله الداخلية بمحافظة تشنغدوه في ولاية يويشو هي المدرسة الداخلية الوحيدة للأيتام في المحافظة، وتجمع بين التعليم الإلزامي والتعليم الثقافي والتربية الأسرية، وأولت الحكومة المحلية اهتماما خاصا بهذه المدرسة منذ تأسيسها في عام 2004. بنيت حجرات الدرس والمكتبات والمساكن فيها وفقا لمعايير عالية، فضلا عن الحمام العمومي الذي تستخدم فيه الطاقة الشمسية، ما جعلها أفضل مدرسة من حيث التجهيزات في المحافظة. بيد أن الزلزال ألحق إضرارا بالغة ببنايات المدرسة، فانتقل التلاميذ والمعلمون للعيش والدراسة في خيام مؤقتة ومساكن مبنية بالألواح. وقد أدرجت الحكومة الصينية مدرسة ونله في خطة إعادة الإعمار بعد الزلزال.

امتد القلق على منطقة الزلزال إلى الأصدقاء في المجتمع الدولي، ومنهم الرئيس الكونغولي ديني ساسو نغيسو، الذي أرسل برقية مواساة إلى الرئيس الصيني آنذاك هو جين تاو. وفي نهاية إبريل عام 2010، على هامش حضوره لحفل افتتاح معرض إكسبو شانغهاي، أعرب الرئيس ديني ساسو نغيسو أمام الرئيس هو جين تاو عن رغبة الجانب الكونغولي في التبرع بالمال لبناء مدرسة ابتدائية في المنطقة المنكوبة في ولاية يويشو، للتعبير عن صداقة ودعم الشعب الكونغولي للشعب الصيني.

جمهورية الكونغو دولة غير كبيرة، مساحتها حوالي 342 كيلومترا، وعدد سكانها حوالي خمسة ملايين نسمة فقط. ونظرا لموقع ولاية يويشو على هضبة تشينغهاي- التبت، فإن تكلفة بناء مدرسة ابتدائية داخلية كاملة فيها مرتفعة، وهي عبء ثقيل للكونغو التي تعتبر دولة أفريقية فقيرة ما زالت غارقة في الديون، فاقترحت حكومة الصين على الجانب الكونغولي التبرع بالمال لبناء بناية للتدريس أو مكتبة للمدرسة، وليس مدرسة كاملة. ولكن الرئيس الكونغولي ساسو قال: "تريد الكونغو التبرع بالمال لبناء مدرسة ابتدائية كاملة، ستتحمل الكونغو كل التكاليف حتى ولو كانت التكاليف مرتفعة". بعد التشاور بين الجانبين، تبرعت حكومة جمهورية الكونغو بستة عشر مليون يوان (الدولار الأمريكي يساوي 9ر6 يوانات) لإعادة بناء مدرسة ونله الابتدائية بمحافظة تشنغدوه. وفي يونيو عام 2011، بدأ مشروع بناء هذه المدرسة.

 

شكر من القلب

في يوليو عام 2012، أقيمت مراسم إنجاز بناء مدرسة الصداقة الابتدائية الصينية- الكونغولية التي بنيت بتبرع من جمهورية الكونغو، في محافظة تشنغدوه، وقد حضر المراسم وزير الخارجية الكونغولي، وقدم التلاميذ والمعلمون من قومية التبت عروض الغناء والرقص في ملعب المدرسة الواسع الجديد، احتفالا بهذه المناسبة. كانت حبات مطر تتساقط خفيفة، فقال الوزير الكونغولي: "في بلادنا، المطر يعني السعادة والتوفيق في المستقبل"...  تبلغ مساحة المدرسة الجديدة 42625 مترا مربعا، أي أكثر من أربعة أضعاف مساحتها قبل الزلزال، وبلغت مساحة بنايات المدرسة 10483 مترا مربعا وهي نحو سبعة أضعاف مساحتها قبل الزلزال. تضم المدرسة بنايات التدريس الحديثة وبناية المختبرات الشاملة والمطعم ومساكن الطلاب والمعلمين وملعب كرة السلة وملعب الأكريلك.

في سبتمبر عام 2012، افتتحت مدرسة الصداقة الابتدائية الصينية- الكونغولية، حيث اختفت الجدران التي انهارت بسبب في الزلزال، وظهرت أمام عيون الناس بنايات التدريس الجديدة المنتصبة بجانب الملعب الواسع، وأشعة الشمس الدافئة تغمر حرم المدرسة. الآن، يدرس في هذه المدرسة الابتدائية 489 تلميذا، منهم 324 يتيما، أصبحت المدرسة ملجأهم وجنتهم للدراسة والحياة. لقد أحزن الزلزال القاسي التلاميذ والمعلمين وجعلهم في حيرة، ولكن الأعمال الخيرية لحكومة الكونغو جعلتهم يرون الأمل، وأثرت في كل الناس في الصين والعالم.

يذكر التلاميذ بحب وامتنان حكومة الكونغو والشعب الكونغولي، وخطوا بأيديهم رسائل مفعمة بمشاعر قلبية عميقة للتعبير عن شكرهم. قال سونام تندرو، التلميذ في مدرسة الصداقة الابتدائية الصينية- الكونغولية في رسالته: "الزلزال المر حوّل مدرستنا إلى خرائب قبل ثلاث سنوات، وفقد موطننا المحبوب ملامحه الجميلة. الآن، تم بناء مدرسة الصداقة الابتدائية الصينية- الكونغولية بمساعدة حكومة الكونغو، ويمكننا أن نلعب كرة القدم على الملعب الواسع ونكمل الواجبات المدرسية في حجرة الدرس المضيئة ونستريح في المسكن الدافئ. سنجتهد في الدراسة بجد واجتهاد". وقال زميله دامبا بوتسو في رسالته: "الزلزال حطم موطننا، وكثير من الأطفال فقدوا أهلهم وبعض أولياء الأمور فقدوا أطفالهم، وأصبح موطننا أطلالا. شكرا لكم أن وفرتم لنا غرف الدرس والملعب والمسكن، التي تمكننا من الدراسة والقيام بالرياضة البدنية في راحة وسعادة. أتمنى لبلادكم الازدهار والقوة. شكرا لكم!" وقال سونام كايي في رسالته: "جئت من يويشو البعيدة عنكم، واسمي سونام كايي، حطم الزلزال موطننا قبل سنوات، وأنتم جعلتموني أنتقل من الخيمة الضيقة الباردة إلى حجرة الدرس الواسعة المضيئة، وجعلتم حرم المدرسة أجمل. الزلزال المدمر وقاس، ولكن الحب يسود الدنيا، تجعلوننا نلبس الأزياء الجميلة ونلعب كرة القدم في الملعب ونتحدث مع الأطفال الآخرين على شبكة الإنترنت، يا أيها الشعب الكونغولي، إنكم تجعلوننا نحن الأيتام نحصل على دفء البيت، ونعقد العزم على الاجتهاد في الدراسة لنكون تلاميذ ممتازين في المدرسة. شكرا لكم!" كما قال سونام تسرينغ في رسالته: "إن جمهورية الكونغو وبلادنا تفصل بينهما آلاف الجبال والأودية، ولكن الشعب الكونغولي لم ينسنا عندما واجهنا الشدائد، وهذه العواطف هي عواطف أخوية."

لن ينسى الأطفال جميل الكونغو، بل لن ينسى أبناء مقاطعة تشينغهاي وكل الشعب الصيني صداقة الكونغو. قال تسيوم دارقيه، والد أحد تلاميذ مدرسة ونله الابتدائية: "ربما يصعب علي أن أعبر عن شعوري الحقيقي بالكلام الجميل، وأنا أب عادي، أتمنى لحكومة الكونغو وشعبها سعادة وحظا طيبا!" وقال السيد قاسانغ، نائب رئيس ولاية يويشو: "رغم أن الكونغو وبلادنا تفصلهما مسافة بعيدة، قدم الشعب الكونغولي مساعدة لنا بسخاء عندما تعرضنا للكارثة، وسنحرص على هذه الصداقة وننشر الحب العميق للشعوب الأفريقية في قلوب أبناء ولاية يويشو." وقال السيد دونغ لين، نائب رئيس مديرية التربية والتعليم بمقاطعة تشينغهاي: "إن جمهورية الكونغو، رغم الصعوبات والتحديات التي تواجه تنمية اقتصادها، قدمت المال بسخاء لمساعدتنا، مما يعكس محبة الرئيس ساسو والشعب الكونغولي العميقة للشعب الصيني، ويجسد حرص الشعوب الأفريقية على الصداقة التقليدية الصينية- الأفريقية". في كلمته التي ألقاها أمام البرلمان الكونغولي في 29 مارس عام 2013، قال الرئيس الصيني شي جين بينغ: "بعد وقوع زلزال شديد في ولاية يويشو بمقاطعة تشينغهاي الصينية في إبريل عام 2010، قدمت حكومة الكونغو المال بسخاء لمساعدة المنطقة المنكوبة على بناء مدرسة ابتدائية، وأطلق الرئيس ساسو عليها اسم "مدرسة الصداقة الابتدائية الصينية- الكونغولية". الآن، لدى الأطفال في المنطقة المنكوبة بنايات المدرسة الجديدة الواسعة، ويمكن أن يدرسوا فيها بهدوء، ويركضوا في الملعب بفرح ومرح. وقال كافة تلاميذ المدرسة في رسالتهم للرئيس ساسو: "أصبحت الطيور حرة بفضل السماء الواسعة، وأصبحت الخيول أقوى بفضل المروج الشاسعة، وأصبحت الزهور أزهى بسبب أشعة الشمس والأمطار، وأصبحت حياتنا أفضل بسبب مساعدة حكومة وشعب الكونغو". وأعبر نيابة عن هؤلاء الأطفال عن الشكر من صميم القلب لحكومة الكونغو والشعب الكونغولي!

 

توارث الصداقة الصينية- الكونغولية جيلا بعد جيل

كانت الكونغو مستعمرة فرنسية، فازت بالاستقلال في 15 أغسطس عام 1960، وكان اقتصادها يشهد انحطاط بعد تحقيق الاستقلال، وتحافظ على التنمية اعتمادا على استخراج النفط المحلي، ولكنها تعرضت لسقوط سعر النفط. وفي وقت مواجهة الكونغو للصعوبات، ساعدتها الصين على بناء كثير من المنشآت التحتية، وعززت وارداتها من الكونغو في مجال المنتجات الزراعية والمواد الخام، وخففت وألغت ديونهم الكثيرة. وإن هذه الأعمال الخيرية للصين جعلت الكونغو تعرف أن العلاقات بين البلدين ليست تقتصر على المصالح فقط، بل تكون الصداقة الحقيقية.

في الحقيقة، قد ساعدت الصين على بناء ثلاث مدارس الصداقة الابتدائية الصينية- الكونغولية في الكونغو، وتبرعت بالحقائب المدرسية وأدوات الكتابة للتلاميذ فيها، وقال السيد ماكسو وزير شؤون محو الأمية: "سنجعل شباب الكونغو يعرفون أن الصين الصديق الحقيقي والأخ الشقيق للكونغو، وفي وقت تواجه بلادنا الصعوبات، فإن الأصدقاء الصينيين لم يتركونا بل قدموا لنا مساعدة نزيهة."

قال وزير الخارجية الكونغولي في مراسم إنجاز بناء مدرسة الصداقة الابتدائية الصينية- الكونغولية: "في 14 مارس عام 2012، وقع انفجار في مصنع بمدينة برازافيل عاصمة بلادنا، وسبب خسائر فادحة. بعد وقت قصير من ذلك، وقعت الصين اتفاقية مع بلادنا لمساعدتنا على إعادة إعمار الشوارع المتحطمة. إن الصداقة متبادلة، فقد قدمت الصين لنا مساعدات كثيرة، ورغم أن قدرتنا محدودة، علينا أن نساعدها في الشدائد، تلك هي الصداقة!"

وفي كلمته المشار إليها، سرد الرئيس شي جين بينغ قصة مؤثرة: "ذات ليلة في ديسمبر عام 2012، أسقطت السماء وابلا من زخات المطر في برازافيل، فغمرت المياه بعض البيوت في ضواحيها. استيقظ ثلاثة تجار صينيين من النوم واستطاعوا النجاة من الخطر، ولكنهم وجدوا أن جيرانهم ما زالوا نائمين والمياه تحاصر بيوتهم، فسبحوا مخاطرين بحياتهم إلى البيت المغمور بالماء ورفعوا سطحه لإيقاظ الجيران، وأنقذوا 12 جارا كونغوليا من بينهم 5 أطفال. عملهم هذا نال ثناء عاليا من السكان المحليين."

جدير بالذكر أن جمهورية الكونغو تبرعت بمليون دولار أمريكي للصين عندما وقع زلزال ونتشوان في عام 2008. ووفقا للإحصاءات غير الكاملة، بلغت تبرعات حكومات الدول الأفريقية الواقعة جنوب الصحراء الكبرى وسفاراتها لدى الصين 56ر66 مليون يوان بعد زلزال يويشو وزلزال ونتشوان. ومن المعروف أن عددا كبيرا من الأفارقة ما زالوا في فقر مدقع. ولكن كلما تواجه الصين الصعوبات، يقدم الإخوة الأفارقة المساعدات بلا تردد، ويواصلون مع الصين كتابة صفحات جديدة للصداقة الصينية- الأفريقية بالأعمال الحقيقية. ستستمر الصداقة الصينية- الأفريقية متدفقة مثل نهر اليانغتسي ونهر الكونغو!

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4