ملف العدد < الرئيسية

مناقشة شؤون الوطن في الندوات التشاورية

: مشاركة
2018-03-01 12:41:00 الصين اليوم:Source :Author

الندوة التشاورية التي تقام  كل أسبوعين ويحضرها أعضاء من المجلس الوطني للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني  ومندوبون وخبراء في مختلف المجالات، ومسؤولون حكوميون تعتبر شكلا هاما للتشاور الديمقراطي للمجلس الوطني للمؤتمر الاستشاري السياسي، حيث يقوم الحاضرون بمناقشة الشؤون الوطنية على أساس التحقيقات والاستطلاعات، وفي النهاية يصيغون المقترحات والآراء التي توافقوا عليها، ويقدمونها إلى الهيئات الحكومية والحزبية المعنية، لتكون مرجعا هاما في صناعة القرار.

 

المناقشة الديمقراطية لأعمال الحكومة تصبح نظاما

ظهرت آلية الندوة التشاورية التي تعقد كل أسبوعين منذ بداية تأسيس جمهورية الصين الشعبية، وكان الصينيون يطلقون عليها اسم "ندوة الآلهة". وفي الخمسينات من القرن العشرين، تمت صياغة لائحة خاصة لهذه الندوة، التي عقدت 114 مرة في الفترة من عام 1950 إلى عام 1966، من أجل مساعدة الحكومة في اتخاذ القرارات ودفع التعاون بين الأحزاب والمنظمات الاجتماعية. توقف انعقاد هذه الندوة بسبب "الثورة الثقافية" بالبلاد.

في عام 2013، طرحت الدورة الثانية عشرة  للمجلس الوطني للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني مقترحا بإعادة آلية عقد الندوة كل أسبوعين، مع إضافة كلمة التشاورية لها، من أجل إبراز مفهوم الديمقراطية التشاورية وتنفيذ توجيهات الرئيس شي جين بينغ بأن "يدرج التشاور السياسي للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني، كحلقة هامة في عملية صناعة القرارات الحكومية، ومناقشة وتنفيذ خطة العمل السنوية مع الحكومة، وضرورة مناقشة الشؤون قبل اتخاذ القرار وتنفيذها بالنسبة للشؤون التي يتقر إجراء نقاش حولها، والقيام بالمناقشة الحقيقية قبل وأثناء صناعة القرار، بحيث يتم إقرار وتعديل قرارات الحكومة وفقا لمقترحات كافة الأطراف، لضمان تنفيذ نتائج التشاور على مستوى النظام، لجعل قرارات وأعمال الحكومة تتفق مع متطلبات الشعب والحالة الحقيقية". في أكتوبر عام 2013، عقد المجلس الوطني للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني هذه الندوة التشاورية لأول مرة، وحتى نهاية عام 2017، تم عقد الندوة 76 مرة.

أجواء ديمقراطية

في الندوة التشاورية التي أقيمت في السابع من ديسمبر عام 2017، كان الموضوع الرئيسي هو "توارث وتناقل وتطور أوبرات الأقليات القومية"، وقد حضرها رئيس المجلس الوطني للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني يوي تشنغ شنغ، واثنا عشر عضوا من أعضاء المجلس وخبيران وممثلون لوزارة الثقافة ودائرة الدعاية بالحزب الشيوعي الصيني ووزارة المالية ولجنة الدولة لشؤون القوميات، وقد تمت مناقشة الموضوع في أجواء ديمقراطية وحماسية. و قد قام المشاركون في الندوة باستطلاعات حول الموضوع قبل الندوة في منطقة منغوليا الداخلية الذاتية الحكم ومقاطعة تشينغهاي ومنطقة قوانغشي الذاتية الحكم لقومية تشوانغ ومقاطعة قويتشو.

بعد المشاركة في تحقيق استطلاعي في مقاطعة تشينغهاي بصفتها خبيرة مدعوة، أوضحت الرئيسة الفخرية لجمعية أوبرا الأقليات القومية الصينية، تان تشي شيانغ (76 عاما)، أن ثمة مشكلتين رئيسيتين تعاني منهما معظم فرق الأوبرا للأقليات القومية الصينية، وهما الافتقار إلى الأكفاء والتمويل.

هل  لم يعد الصينيون يحبون أوبرات الأقليات؟ أجابت تان تشي شيانغ التي شاركت في الندوة،عن هذا السؤال بقصة صغيرة. قالت: "يحب أبناء قومية داي أوبرا داي كثيرا. كانت فرقة الأوبرا تقدم عرضا في منطقة على الحدود بين الصين وميانمار، فتجمع الكثير من الناس؛ بينما لم يذهب إلى دار سينما قريبة، سوى نفر قليل من الناس."

على أساس مشكلات توارث وتطوير أوبرات الأقليات القومية، قدم أعضاء المجلس مقترحات مختلفة، وتبادلوا الآراء مع المسؤولين الحكوميين، وتوصلوا إلى مقترحات توافقية، قدموها إلى الأجهزة المعنية. تشمل المقترحات: صياغة سياسات  تطوير وسياسات خاصة وطرق خاصة لأوبرات الأقليات؛ زيادة الدعم المقدم لها؛ تشجيع تطوير أشكال الأوبرا التي تلقى قبولا في الوحدات القاعدية؛ تنفيذ سياسات دعم خاصة للأكفاء الذين يتوارثون ويبدعون في أوبرات الأقليات؛ صياغة طرق تساعد في تطوير فرق الأوبرا غير المحترفة؛ وغيرها من المقترحات.

الندوة التشاورية كل أسبوعين تدعو إلى النقاش الحر وطرح الأسئلة، لذلك تتسم النقاشات بأجواء ديمقراطية ساخنة وحماسية. قال تشانغ هوا مينغ، مدير إدارة الإعلام بمكتب المجلس الوطني للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني إن الندوة التشاورية التي تناولت موضوع "تطوير الطاقة الكهربائية النووية والطاقة النظيفة"، شهدت نقاشا جادا بين المؤيدين والمعارضين. وفي ندوة "الفرص والمخاطر للمنتجات الزر اعية المعدلة وراثيا"، ظهرت خلافات كبيرة بين العضو تسوي يونغ يوان ومسؤول الهيئة الحكومية المعنية، وبعد نقاش ساخن، تم التوافق على مقترحات قيمة. الأجواء المفتوحة والديمقراطية والنقاشات الحرة تدفع تشكيل التوافق بين مجموعات المصالح المختلفة، الأمر الذي يدفع تقدم الإصلاح في المجالات المعنية.

قال يوي تشنغ شنغ: "أكبر ميزة للندوة التشاورية التي تقام  كل أسبوعين هو التشاور، أي النقاش المشترك. تدعو الندوة إلى النقاش الساخن ولكن ليس المتناقض، وإجراء التبادل الصادق، لا التبادل  الفاتر الحماسة، وتشجع النقد البناء الجاد، لا النقد الهدام المتطرف، وهذا هو المسار والمنهج الدائم للندوة."

الندوة التشاورية أتاحت الدور الكامل لأعضاء المجلس الوطني للمؤتمر الاستشاري السياسي، ككيان رئيسي، في المشاركة في الشؤون السياسية ومناقشتها، وكل منهم يرتبط ويمثل مجموعة من الجمهور، مما يقدم منصة جيدة للجمهور للمشاركة في الحياة السياسية.

بجانب الأعضاء، يحضر الخبراء هذه الندوة أيضا، فقد حضر رئيس شركة علي بابا، ما يون، ندوة حول رفع قدرة الإدارة الحكومية عن طريق تكنولوجيا البيانات الكبرى، وقدم مقترحات مفيدة.

التشاور ابتداء من الموضوعات الصغيرة

موضوع التشاور في الندوة، يكون غالبا قضية تتطلب حلا عاجلا، ويبدأ الحضور دوما بمناقشة حل القضايا الصغيرة في نفس المجال أولا، باعتبارها نقطة الاختراق، ثم البحث عن طرق فعالة لحل القضايا الهامة بعد مناقشات كافية. يتم تخطيط موضوعات التشاور في بداية السنة دائما، لتوافق عليه اللجنة الدائمة للمكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني. في ديسمبر عام 2014، عندما عقدت ندوة "حماية القرى التقليدية أثناء التحول الحضري"، كان قد مضى ثمانية شهور على إصدار ((المقترحات التوجيهية  لحماية القرى التقليدية الصينية)) ولكن ما زالت  هناك مشكلات تحتاج إلى حلول سريعة، بما فيها نقص الأموال المخصصة لحماية البيئة من التخريب، والنمط الأحادي لحماية القرى التقليدية. في مايو عام 2014، عندما عقدت الندوة لمناقشة المشكلات في عملية استيعاب طاقة الإنتاج الفائضة، كان قد تم إصدار ((المقترحات التوجيهية حول استيعاب طاقة الإنتاج الفائضة))، وتحققت إنجازات طيبة، ولكن المهمة كانت لا تزال جد كبيرة. المقترحات من الندوة قدمت حلولا جيدة لهذه المشكلات.

موضوعات التشاور تتعلق بقضايا اقتصادية واجتماعية ساخنة، وكانت قبل عام   2017 تدور حول الاقتصاد وحماية البيئة وضمان الحقوق، أما في عام 2017 فأصبحت تتناول مجالات الثقافة والابتكار ومعيشة الشعب.

لمعلوماتك: موضوعات الندوات التشاورية في عام 2017

الندوة السادسة والسبعون: توارث وتطوير أوبرات الأقليات القومية

الندوة الخامسة والسبعون: دفع إصلاح آلية تحديد السعر وسياسات الدعم ونظام التخزين للحبوب الغذائية

الندوة الرابعة والسبعون: خلق حيز الإنترنت النظيف

الندوة الثالثة والسبعون: تحسين بيئة الابتكار، وإصلاح نظام التقييم للعلوم والتكنولوجيا

الندوة الثانية والسبعون: حالة تنفيذ استبدال ضريبة الأعمال بضريبة القيمة المضافة والمقترحات لتحسينها

الندوة الحادية والسبعون: تحسين وتقوية المساعدة الصينية لدول أفريقيا في الأعمال الصحية

الندوة السبعون: الاهتمام بقضية التوظيف وإعادة التوظيف في عملية استيعاب طاقة الإنتاج الفائضة

الندوة التاسعة والستون: إصلاح إدارة المطاعم والأغذية في الحرم الجامعي

الندوة الثامنة والستون: بناء بيئة خالية من العوائق

الندوة السابعة والستون: استكمال تنظيم ومراقبة العقارات السكنية، دفع بناء التحضر الجديد المنظم

الندوة السادسة والستون: تحسين المعالجة غير الضارة للنفايات

الندوة الخامسة والستون: تعديل قانون مكافحة تلوث المياه

الندوة الرابعة والستون: إعداد رجال دين شبان محبين للوطن والدين

الندوة الثالثة والستون: تحسين مراقبة التجارة الإلكترونية

الندوة الثانية والستون: تحسين التعليم قبل المدرسي

الندوة الحادية والستون: رفع جودة العلامات التجارية الصينية القديمة

 

التأثير في قرارات الحكومة

بعد انتهاء الندوة التشاورية بثلاثة أيام، يقدم مكتب المجلس الوطني للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني تقريرا خاصا يشتمل على مقترحات الأطراف المعنية، إلى قادة الصين والهيئات الحكومية المعنية من أجل مساعدتهم  في صياغة السياسات وإصلاحها.

في ديسمبر عام 2013، ناقشت الندوة قضية انبعاثات عوادم السيارات، وقدمت تقريرا إلى الحكومة المركزية. بعد أن علم رئيس مجلس الدولة لي كه تشيانغ أن المركبات القديمة، التي أطلق عليها "المركبات الصفراء" تشكل 4ر13% من إجمالي عدد السيارات، وأن انبعاثات عوادمها تمثل 9ر81% من الجسيمات الدقيقة الملوثة؛ قام بتعديل العدد المستهدف التخلص من تلك المركبات القديمة من 3 ملايين إلى 6 ملايين في تقرير الحكومة لعام 2014.

الندوة التشاورية التي تعقد كل أسبوعين تسهم في جعل القرارات أكثر ديمقراطية وعلمية، وقد أصبح ممثلو لجنة الدولة للتنمية والإصلاح، ووزارة المالية، وزارة العمل والضمان الاجتماعي، وزارة الشؤون المدنية، وزارة الإنشاء والتعمير، وزارة التربية والتعليم، حضورا دائمين في الندوة.

يعتقد بي جينغ تشيوان، رئيس إدارة الغذاء والدواء الصينية، الذي حضر الندوة أن معظم حضور الندوة خبراء مشهورون في المجالات المعنية، وتتميز مقترحاتهم بأنها واسعة الأفق وعملية وقابلة للتنفيذ. المسؤولون الحكوميون يتبادلون الآراء معهم مباشرة، وهذا يساعد على تحول مقترحاتهم إلى أعمال واقعية.

في اليوم التالي لانعقاد الندوة التشاورية، حول دور المنظمات الاجتماعية في الإدارة الاجتماعية، عقدت وزارة الشؤون المدنية ندوة خاصة لمناقشة المشكلات المعنية.

في ندوة حول ضمان حقوق المعاقين، عقدت في الثاني والعشرين من يناير عام 2015، اقترح المشاركون إنشاء نظام لإعانة المعاقين وفقا لحالة الإعاقة، وهو الاقتراح الذي لقي اهتماما كبيرا من وزارة الشؤون المدنية ووزارة المالية والاتحاد الصيني للمعاقين والهيئات المعنية. وفي سبتمبر عام 2015، أصدر مجلس الدولة الصيني ((آراء إنشاء نظام الإعانة للمعاقين على نحو شامل))، تضمنت محتوياته العديد من مقترحات الندوة.

المراقبة الديمقراطية واحدة من وظائف المؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني، فبعض موضوعات التشاور تتعلق بالمراقبة أيضا، بما فيها تعزيز عمل التخطيط المدني، بناء وإدارة المحميات الطبيعية، الإسراع في بناء نظام مراقبة سلامة الأغذية وغيرها.

يعتقد تشانغ هوا مينغ، رئيس مؤسسة هواتشيي بمقاطعة تشجيانغ أن الندوة التشاورية تساعد في إجراء المراقبة الديمقراطية: القيام بالتحقيقات في الوحدات القاعدية يساعد في حل المشكلات؛ تبادل الآراء وجها لوجه يساعد في عرض الحالة الحقيقية؛ تقديم المقترحات إلى الهيئات الحكومية المعنية بسرعة بعد الندوة يساعد في القيام بالمراقبة بشكل مخطط وفعال.

الندوة التشاورية التي تعقد كل أسبوعين نمط للتشاور المرن والفعال وذو العملية المعقولة والحلقات المتكاملة. هذا النمط سوف يلعب دورا إيجابيا متزايدا في حياة الوطن السياسية والاقتصادية وغير ذلك.

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4