المقترحات التي يطرحها أعضاء المجلس الوطني للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني، حامل هام للوظائف التي يؤديها هذا المجلس. وقد طُرِح مفهوم التشاور لمعالجة مقترحات أعضاء المجلس الاستشاري السياسي- لأول مرة- في المؤتمر الوطني الثامن عشر للحزب الشيوعي الصيني، الذي أكد على المغزى الهام لتعزيز التشاور لمعالجة المقترحات في تحقيق الديمقراطية التشاورية، هذا الطرح أوجد فضاء واسعا لتطوير الأعمال المتعلقة بمقترحات أعضاء المجلس الوطني للمؤتمر الاستشاري السياسي. وعليه، فإن تعزيز التشاور خلال معالجة المقترحات، كونه تجسيدا لخصائص الديمقراطية التشاورية، يُعد مسؤولية سياسية هامة واختيارا ضروريا لكي تلعب المقترحات دورها كأحد واجبات المؤتمر الاستشاري السياسي ولدفع التنمية على خير وجه.

قناة الصين الكبرى (تسمى أيضا قناة بكين- هانغتشو)، تراث هام للبشرية جمعاء، فضلا عن كونها ممرا إستراتيجيا لمشروع نقل المياه من جنوبي إلى شمالي الصين. بعد النجاح في إدراج قناة الصين الكبرى في قائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) في يونيو عام 2014، أصبحت كيفية حماية وتطوير واستخدام موارد القناة وفقا لأعلى المعايير ومن خلال إجراءات أكثر فعالية، قضية ساخنة تشغل مختلف الأوساط الاجتماعية في الصين. في فبراير عام 2017، طالب أمين عام الحزب الشيوعي الصيني شي جين بينغ خلال جولته التفقدية في حي تونغتشو ببكين، بضرورة الاستكشاف العميق للموارد التاريخية والثقافية ذات العلاقة بالقناة الكبرى، وبأن تكون حماية القناة الكبرى مسؤولية مشتركة لجميع المناطق التي تمر بها تلك القناة. استجابة لذلك، قام في الفترة من العشرين إلى السادس والعشرين من إبريل 2017، فريق الاستطلاع والبحث بلجنة الاقتراحات للمجلس الوطني للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني، بزيارة إلى مقاطعتي جيانغسو وشاندونغ، لمراقبة أعمال المعالجة والاستطلاع والبحث، تفعيلا لمقترح "رفع بناء الحزام الاقتصادي للقناة الكبرى إلى مستوى الإستراتيجية الوطنية".

قام الفريق، الذي رأسه وانغ جيا روي نائب رئيس المجلس الوطني للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني، بتحقيق ميداني في المناطق الجديدة والطرق القديمة والموانئ والأرض الرطبة والمتاحف وغيرها، وأجرى تبادلات واسعة وعميقة مع ممثلين عن الحكومات المحلية والمؤسسات الاقتصادية وغير الاقتصادية وعامة الشعب، عبر سبل شتى من بينها عقد ندوات. الهدف من ذلك هو جمع أكبر قدر ممكن من المقترحات والمشروعات لتنمية القناة الكبرى في المستقبل.

مراقبة المعالجة عن طريق الاستطلاع والبحث

في ندوة بعنوان "رفع بناء الحزام الاقتصادي للقناة الكبرى إلى مستوى الإستراتيجية الوطنية"، والتي عقدت في العشرين من إبريل عام 2017، قال عضو المجلس الوطني للمؤتمر الاستشاري السياسي ورئيس جامعة نانجينغ للطب الصيني، البروفيسور هو قانغ: "وُلدت وترعرعت على ضفة القناة الكبرى. شرف لي أن يقع الاختيار على المقترح الذي قدمته ومقترحات الأعضاء الآخرين لتكون مقترحات هامة لمراقبة معالجة القناة الكبرى."

الحلقة الأولى في أعمال المقترحات هي طرح المقترحات، ومراقبة معالجة المقترحات إجراء هام لدفع تطبيق النصائح والمقترحات. إن مراقبة معالجة المقترحات تمثل قوة دافعة للأجهزة المعنية لتبادر بمعالجة المقترحات بشكل عملي. بعد اختتام الدورة الخامسة للمجلس الوطني الثاني عشر للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني، اختار المجلس 41 مقترحا من بين 4156 مقترحا لمراقبة معالجتها. من المقترحات التي وقع عليها الاختيار "رفع بناء الحزام الاقتصادي للقناة الكبرى إلى مستوى الإستراتيجية الوطنية"، الذي يعد واحدا من الأربعة عشر مقترحا هاما لمراقبة معالجتها عن طريق الاستطلاع والبحث.

قامت لجنة الاقتراحات بأعمال تحضيرية كثيرة لاختيار الاقتراحات المذكورة، فاتصلت بالأجهزة المعنية في مقاطعتي جيانغسو وشاندونغ، ودعت لجنة الدولة للتنمية والإصلاح ووزارة حماية البيئة ووزارة الإسكان والتنمية الحضرية والريفية ووزارة المواصلات والنقل ووزارة الري ووزارة الثقافة ومصلحة السياحة الوطنية ومصلحة الدولة للآثار وعديدا من أعضاء المجلس الوطني للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني لتبادل الآراء والتشاور قبل القيام بالاستطلاع والبحث.

قال تشانغ تينغ هاو عضو المجلس الوطني للمؤتمر الاستشاري السياسي والرئيس السابق للأكاديمية الصينية للتراث الثقافي: "القناة الكبرى ممر مائي هام للمواصلات بين جنوبي وشمالي الصين منذ قديم الزمان. وتزخر المناطق التي تمر بها بموارد بشرية كثيرة وثقافة عريقة. تربط هذه القناة منطقة بكين وتيانجين وخبي وشبه جزيرة شاندونغ والحزام الاقتصادي لنهر اليانغتسي وغيرها من المناطق الإستراتيجية الوطنية الهامة، ولا تزال تلعب دورا هاما حتى اليوم. إن إدراج القناة الكبرى في قائمة التراث العالمي لليونسكو في عام 2014، يثبت أن قيمتها وجهود الحكومة الصينية في حمايتها وإدارتها تحظى باهتمام واعتراف من دول العالم."

القصة الجديدة للقناة القديمة

من أجل إنجاز الاستطلاع والبحث، عاد هو قانغ إلى مسقط رأسه في محافظة سييانغ بمقاطعة جيانغسو وتجول على ضفة القناة الكبرى لأكثر من ساعة. قال: "رأيت المياه الصافية في القناة الكبرى وتمتعت بالمناظر الجميلة على ضفتيها وشاهدت ازدهارا في نقل البضائع. إنها صورة تختلف تماما عن مشاهد القناة الكبرى في صغري قبل عشرات السنين. أتمنى أن تصبح القناة الكبرى أفضل فأفضل."

من جانبه، قال سو قوه تسوي عضو المجلس الوطني للمؤتمر الاستشاري السياسي ونائب مدير لجنة الخبراء بمعهد الصين لبحوث النقل المائي: "من المعروف أن الحزام الاقتصادي لطريق الحرير والحزام الاقتصادي لنهر اليانغتسي يلعبان دورا إيجابيا دافعا للاقتصاد والثقافة والبيئة الإيكولوجية في المناطق التي تمر بها القناة. هذان الحزامان الاقتصاديان يمتدان من الشرق إلى الغرب، وتفتقر الصين إلى حزام اقتصادي من الجنوب إلى الشمال يكون داعما للإستراتيجية الوطنية، وهنا تكمن أهمية بناء الحزام الاقتصادي للقناة الكبرى، حيث أنه سيربط مجموعات المدن والأحزمة الاقتصادية في جنوبي وشمالي الصين. إن إعادة الملاحة لجزء القناة الكبرى الواقع في شمال نهر اليانغتسي، يتطلب بدء الأعمال في أسرع وقت ممكن، على أساس الدراسات المستفيضة والحذرة. تفتقر المنطقة الواقعة شمال نهر اليانغتسي إلى المياه منذ زمن طويل. رغم أن الخط الشرقي لمشروع نقل المياه من الجنوب إلى الشمال وفر إمكانية استخدام المياه لإعادة الملاحة في القناة، غير أن العمليات اللاحقة لهذا المشروع مازالت تكتنفها أشياء غير ثابتة."

قال لي جين تشنغ، عضو المجلس الوطني للمؤتمر الاستشاري السياسي ونائب المدير السابق لمكتب لجنة بناء مشروع نقل المياه من الجنوب إلى الشمال بمجلس الدولة الصيني: "رغم أن أعمال الوقاية من تلوث مياه القناة الكبرى ومعالجته حققت نتائج، مازالت القناة تواجه مشكلات جمة، أبرزها التناقض بين الارتقاء بمستوى الصناعة والتنمية الاقتصادية وحماية البيئة وحماية التراث الثقافي. وفي جزء القناة الواقع في منطقة بكين وتيانجين وخبي تجد مظاهر انقطاع المجرى المائي والتلوث الخطير. فضلا عن ذلك، تفرض مشكلة التلوث الناجم عن ملاحة السفن في القناة ضغوطا كبيرة على جهود حماية جودة المياه في الخط الرئيسي لنقل المياه من الجنوب إلى الشمال."

من الضروري إكمال وتحسين منظومة القوانين واللوائح لحماية تراث القناة. قال تشانغ هاو تينغ: "إدارة تراث القناة مسألة معقدة ترتبط بأجهزة كثيرة، فينبغي تحقيق التنسيق المستفيض بين الأجهزة والمناطق على مستوى القوانين واللوائح، ووضع وتطبيق ((لوائح حماية القناة الكبرى)) في أسرع وقت ممكن، لتعزيز حماية وإدارة القناة الكبرى باعتبارها تراثا ثقافيا خاصا بشكل ملموس ودفع ثقافة تراث القناة الكبرى لتلعب دورا إيجابيا أكثر."

معالجة المقترحات بشكل عملي

الهدف من التشاور لمعالجة المقترحات ليس بالضرورة التوصل إلى توافقات حول آراء المعالجة، وإنما تبادل الآراء والمعلومات والأفكار، فيكون شرحا وتفسيرا وتقديم الأحوال أحيانا، ويكون دراسة ومناقشة الموضوعات الريادية أحيانا، ويكون مزيدا من معرفة النصائح والمقترحات أحيانا، ويكون عملية تشكيل توافق تدريجيا في أحيان أخرى.

قال وانغ جيا روي: "القناة الكبرى ليست ممرا مائيا ذهبيا في مجال الاقتصاد فحسب، وإنما أيضا جزء هام لبناء البيئة الإيكولوجية الثقافية، فينبغي أن يكون هناك تخطيطا شاملا وتنمية تعاونية لتوارث الثقافة وبناء الحضارة الإيكولوجية والتنمية الاقتصادية الاجتماعية وغيرها. إن رفع بناء الحزام الاقتصادي للقناة الكبرى إلى مستوى الإستراتيجية الوطنية موضوع هام يتميز بمغزى هام لدفع "التخطيط الخماسي" الشامل، وتخطيط "الشوامل الأربعة" الإستراتيجي."

قال فانغ لاي ينغ، عضو المجلس الوطني للمؤتمر الاستشاري السياسي ومدير لجنة بلدية بكين للصحة وتنظيم الأسرة: "حماية القناة الكبرى وتطويرها واستخدامها مشروع يتسم بأهمية عامة، يتعلق بالتنسيق بين المناطق ونقل المياه من الجنوب إلى الشمال ومشروعات الري والشحن البحري وحماية البيئة والتنمية المستدامة، وتخطيط صناعات الحزام الاقتصادي للقناة وتحويل نمطها والارتقاء بمستواها، وغيرها. نحن نفتقر في ذلك إلى منظومة الحماية والتنمية الناضجة في الوقت الحالي، ونحتاج إلى التصميم على المستوى الأعلى. بالإضافة إلى ذلك، تعد القناة الكبرى تراثا ثقافيا هاما وقاعدة للتوعية بمحبة الوطن، ولا يجوز تجاهل القيمة التاريخية للقناة الكبرى."

قال قان يي شنغ، نائب مدير لجنة المقترحات بالمجلس الوطني للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني: "قمنا بالبحث العميق لمشكلات حماية القناة الكبرى وتطويرها واستخدامها من خلال استطلاع وبحث أحوالها في مجالات الاقتصاد والثقافة وبناء البيئة الإيكولوجية وغيرها. طرحنا مقترحات حول إمكانية رفع بناء الحزام الاقتصادي للقناة الكبرى إلى مستوى الإستراتيجية الوطنية ومعالجة المشكلات والصعوبات خلال بناء القناة الكبرى، مما يدفع معالجة المقترحات بشكل عملي أكثر."