ã

كلمة ون جيا باو في الجامعة العربية

مرحلة جديدة للعلاقات الصينية العربية

جين ري

ون جيا باو يلقى كلمة في مقر جامعة الدول العربية تتويجا للتبادلات الصينية العربية

انعقاد ملتقي مسئولي منظمات الصداقة مع الصين في الدول العربية في بكين يوم 29 أكتوبر 2009

سيسجل تاريخ العلاقات الصينية العربية يوم السابع من نوفمبر سنة ألفين وتسعة بحروف من نور، ففي هذا اليوم اعتلى رئيس مجلس الدولة الصيني السيد ون جيا باو منصة قاعة الاجتماعات الكبرى بمقر جامعة الدول العربية في القاهرة، ووجه خطابه التاريخي إلى الأمة العربية، والذي ركز فيه على البعد الحضاري في العلاقات الصينية العربية، بعد أن تعرضت الحضارتان الصينية والعربية الإسلامية لهجمة شرسة من قوى وشخصيات تتبنى مواقف مناهضة لتلك الحضارتين العريقتين.

لقد أشار رئيس مجلس الدولة إلى ما يربط  بين الصينيين والعرب من أواصر، حيث قال: "تتمتع الصين والدول العربية بصداقة طويلة. ومر كل من الطرفين بتغيرات هائلة في العصر الحديث، وبدءا السير على طريق النهوض الوطني. وقد ربطتنا معا التجارب المتماثلة والسعي المشترك إلى التنمية. وبتقاسمنا السراء والضراء، تغلبنا على الصعوبات جنبا إلى جنب وأرسينا صداقة عميقة". وأكد على "أن هناك حضارات متنوعة في العالم، تماما مثلما هناك أنواع مختلفة في الطبيعة. وعالم اليوم يضم أكثر من مائتي دولة ومنطقة وأكثر من 2500 مجموعة عرقية وأكثر من ستة آلاف لغة مختلفة. ولأن النوتات الموسيقية المختلفة تكَّون في النهاية لحنا جميلا، فإن الشعوب من مختلف الأعراق والألوان والخلفيات التاريخية والثقافية تجعل من عالمنا مكانا جميلا مزدهرا. ويشكل الحوار والتبادل والتكامل بين الحضارات المختلفة رافدا قويا للحضارة الإنسانية ينساب إلى الأمام دون توقف. وتعد الحضارتان الإسلامية والصينية كنزا للحضارة الإنسانية، وساهمتا مساهمات لا تمحى في تقدم المجتمع الإنساني ونموه".

وتحدث ون جيا باو عن المسلمين في الصين، مشيرا إلى وجود أكثر من عشرين مليون صيني ينتمون إلى عشر قوميات يدينون بالإسلام، وهم جميعا أعضاء مهمون في الأسرة الكبيرة للأمة الصينية، وتحظى عقيدتهم الدينية وتقليدهم الثقافية وأسلوب حياتهم بالاحترام الكامل، وهناك أكثر من 35 ألف مسجد في الصين، وقد اتخذت الحكومة الصينية سلسلة من السياسات لدعم التنمية الاقتصادية والثقافية والاجتماعية لأبناء الأقليات العرقية ومناطقهم.

واستعرض ون جيا باو في كلمته تاريخ الحوار والتبادلات بين الحضارة الصينية والحضارة الإسلامية وقال إن طريق الحرير المعروف عالميا أفضل مثال على ذلك. وأشار  إلى أن كل أسرة صينية تعرف كتاب ((ألف ليلة وليلة))، وهناك تقدير كبير للموسيقى والرقص والزى والعمارة الإسلامية في الصين. وكذلك انتقلت الثقافة والتكنولوجيا الصينية القديمة إلى الدول العربية، وعبر الدول العربية انتقل الخزف الصيني والحرير والشاي وتقنية صناعة الورق الصينية إلى أوروبا. وقبل ستمائة سنة، وصل البحار الصيني المسلم تشنغ خه، إلى المنطقة العربية مرارا في رحلاته السبع إلى البحار الغربية.

إن الصين منذ  تأسيس جمهورية الصين الشعبية، تتبادل مع الدول العربية التعاطف والدعم. وفي الخمسينات من القرن العشرين، تغلب عدد من الدول العربية على التدخلات الخارجية المختلفة واتخذ القرار الشجاع بإقامة العلاقات الدبلوماسية مع الصين. وفي السبعينات من القرن العشرين، قدمت الدول العربية والدول النامية الصديقة الأخرى دعما وبذلت جهودا حثيثة لمساعدة الصين الجديدة في استعادة مقعدها الشرعي في الأمم المتحدة. كما أن الصين، حكومة وشعبا، تتفهم تفهما كاملا القضية العادلة للدول العربية في إطار سعيها إلى الحقوق الوطنية المشروعة وتطلعاتها من أجل التنمية. ونوه ون جيا باو إلى  الدعم السياسي والمعنوي الذي قدمته الصين إلى الدول العربية وتضحيات الكثير من المهندسين الصينيين والعمال بحياتهم من أجل تنمية الدول العربية.

لقد أكد ون جيا باو من جديد التزام الصين بتعميق الثقة السياسية وتقوية التعاون الاستراتيجي مع الدول العربية، قائلا: "يشهد عالم اليوم تغيرات كبيرة وتعديلات رئيسية وتنمية كبيرة، بينما يمر الهيكل السياسي والاقتصادي الدولي بتغيرات عميقة، حيث ترتفع مكانة ونفوذ الدول النامية التي تضم الدول العربية. وعلى ضوء هذه الخلفية، فإن ترسيخ الثقة السياسية وتكثيف التعاون الاستراتيجي يخدم مصالح الجانبين الأساسية. وإن تأسيس وتطوير منتدى التعاون الصيني- العربي قد فتح آفاقا واسعة لحوار جماعي وتنسيق قوي بين الجانبين. ولذا ينبغي على الجانبين أن يسعيا لدعم السلام والاستقرار ولفض النزاعات الدولية والصراعات الإقليمية من خلال الحوار والتشاور ومعارضة جميع أشكال الإرهاب والاتجاهات الانفصالية والتطرف علاوة على رفض ربط الإرهاب بأي جماعة عرقية محددة أو دين بعينه. وينبغي أن يعمل الجانبان على بناء بيئة آمنة وسلمية دولية. وأعرب ون جيا باو عن استعداد الصين للارتقاء بالتعاون مع الدول العربية لمواجهة التحديات العالمية بما في ذلك التغيرات المناخية والطاقة والتهديدات الأمنية غير التقليدية بالإضافة إلى دعم تحقيق أهداف الألفية للتنمية التي طالبت بها الأمم المتحدة. وقال: "ينبغي أن نواصل دعمنا وتعاوننا مع بعضنا في الشؤون الدولية والإقليمية الرئيسية، ونعمل سويا لصيانة مصالح الدول النامية، سعيا لبناء نظام دولي جديد يتسم بالعدل والعقلانية".

وقد أوضح ون جيا باو رؤية الصين لعملية السلام بمنطقة الشرق الأوسط التي تستحق أن تنعم بمستقبل سلمي ومشرق، فقال إن منهج "العين بالعين" يزيد فقط من تعميق الكراهية، وأن السلام لا يمكن تحقيقه إلا عن طريق تحويل السيوف إلى شفرات في محراث. وقال: "نحن نقدر مبادرة السلام العربية، التي تظهر للعالم كله الرغبة الصادقة والخيار الاستراتيجي الذي تعتمده الدول العربية في السعي للوصول إلى حل سلمي لقضية الشرق الأوسط. والطريق الأساسي لحل قضية الشرق الأوسط هو استبدال المواجهة بالحوار ودفع المصالحة من خلال تعزيز التفاهم ووقف سفك الدماء والنزاعات. ونأمل أن تصل الصراعات والنزاعات إلى نهايتها ويعود السلام والهدوء إلى منطقة الشرق الأوسط. وان الصين على استعداد لتكثيف التشاور مع الدول العربية والأطراف الأخرى المعنية ولعب دور بناء في دفع تحقيق تسوية شاملة وعادلة ودائمة لقضية الشرق الأوسط من أجل إحراز السلام والأمن والاستقرار في هذا الجزء من العالم".

وحول التعاون الاقتصادي بين الطرفين قال رئيس مجلس الدولة الصيني: "ستدفع الصين التعاون الاقتصادي والتجاري مع الدول العربية. وشهدت العلاقات الاقتصادية والتجارية متبادلة النفع تطورا سريعا منذ الثمانينات وخاصة في السنوات الأخيرة". وقد شهد حجم التجارة بين الصين والدول العربية طفرة من7ر 36 مليار دولار أمريكي في عام 2004 إلى 8ر132مليار دولار أمريكي في عام 2008، أي تضاعف بمقدار 6ر2 مرة خلال خمس سنوات فقط . وفي نهاية عام 2008، بلغت القيمة الإجمالية للمشروعات التي تم التعاقد عليها بين الجانبين ألف مليار دولار أمريكي. وقال ون جيا باو: "يتمتع التعاون التجاري بين الصين والدول العربية بنطاق واسع وإمكانات هائلة. ومن أجل مواجهة الأثر الشديد الذي خلفته الأزمة المالية الدولية علينا، فمن الأهمية بمكان أن نتخذ المزيد من التدابير الملموسة والفعالة لتوسيع التعاون العملي في مجالات الاقتصاد والتجارة والطاقة والاستثمار والتمويل والسياحة وتدريب الموارد البشرية. وتشجع الحكومة الصينية الشركات الصينية الكبيرة على الاستثمار وإقامة المشاريع التجارية في الدول العربية. وستولى الحكومة الصينية المزيد من الاهتمام للمساعدة على بناء القوة الاقتصادية للدول الشريكة ودعم خلق فرص العمل في المنطقة والاستخدام الشامل للموارد وحماية البيئة. وستقدم الصين كعهدها دائما المساعدات الإنسانية للدول المتخلفة وتساعدها على تحسين معيشة السكان والقضاء على الفقر وتوسيع القدرة على التنمية الذاتية".

كما أعرب رئيس مجلس الدولة عن رغبة الصين في تطوير التبادل الثقافي والتعاون مع الدول العربية، مشيرا إلى أن المنطقة العربية تعتبر نقطة التقاء الحضارات القديمة، حيث تتجسد ثقافتها المتنوعة في الأدب والفن الرائع والموسيقى والرقص الجميل والطعام واللباس الفريد والأعمال الحرفية الممتازة. وقال إن الحكومة الصينية تشجع على تنمية التبادل التعليمي والثقافي والسياحي وغيرها من التبادلات مع الدول العربية، حيث أن التبادل الثقافي يساعد على تعميق الفهم المتبادل لتاريخنا وأوضاعنا الراهنة وتقوية أواصر الصداقة وبناء تأييد عام قوى للعلاقات الودية بين الجانبين.

وقد أشاد دبلوماسيون عرب بكلمة رئيس ون جيا باو، ورأوا فيه دليلا على عمق  العلاقات الصينية العربية وانطلاقة أخرى للتعاون بين العالم العربي والصين، فقد وصف نائب الأمين العام للجامعة العربية السفير أحمد بن حلي زيارة رئيس مجلس الدولة الصيني ون جيا باو إلى مقر الجامعة العربية بالتاريخية، وأكد أن كلمته تعتبر انطلاقة أخرى للتعاون بين الجانبين، ورسالة في غاية الأهمية،  كونها تدعو إلى تعزيز الجهود المشتركة وتضافرها لتحقيق الأمن والسلام والتنمية.

لقد كانت كلمة ون جيا باو في مقر جامعة الدول العربية تتويجا للتبادلات الصينية العربية في عام 2009 الذي شهد طفرة كبيرة في العلاقات الصينية العربية على كافة المستويات، وخاصة على المستوى الشعبي، خاصة مع انعقاد ملتقي مسئولي منظمات الصداقة مع الصين في الدول العربية في بكين يوم 29 أكتوبر 2009.

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@chinatoday.com.cn
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.

فرع مجلة ((الصين اليوم)) الإقليمي للشرق الأوسط بالقاهرة
رئيس الفرع: حسن وانغ ماو هو
العنوان: 5 شارع الفلاح، المتفرع من شارع شهاب
- المهندسين- الجزيرة- مصر
تليفاكس: 3478081(00202)
  ص.ب208 – الأورمان – الجزيرة – القاهرة – مصر
   الهاتف المحمول: 0105403068(002)
البريد الإلكتروني: kailuofenshe@yaoo.com.cn