قال الصينيون قديما "الطعام سماء للشعب" وهذا يعني أن الطعام هو الحاجة الأساسية للإنسان. وليس من الصعب إدراك أن تحقيق كفاية الناس من الغذاء له علاقة بسلام واستقرار الدولة، ومن ثم فإن ذلك أولوية قصوى لأي حكومة. إن هذا صحيح تماما في حالة الصين، والتي هي تقليديا دولة منتجة للحبوب ذات عدد سكان ضخم.
في فترة أسرة سونغ الإمبراطورية(960- 1279م)، كان عدد سكان الصين أكثر من مائة مليون نسمة، وتواصلت الزيادة السكانية حتى وصل العد إلى مليار وثلاثمائة مليون نسمة حاليا، أي خُمس عدد سكان العالم. ولكن المساحة المزروعة في الصين لا تتجاوز 7% من المساحة المزروعة في العالم. لفترات طويلة ظل الأمن الغذائي سيفا مسلطا على رأس هذه الدولة.
لقد بذلت الصين الجديدة التي تأسست سنة 1949، جهودا أكثر من أي وقت مضى للتغلب على تلك المشكلة، وحققت إنجازات غير مسبوقة. في سنواتها الأولى، قامت بالإصلاح الزراعي، حيث أخذت الحكومة الأرض من الملاك الإقطاعيين وأعادت توزيعها على الفلاحين الفقراء الذين كانوا يفلحونها من قبل مقابل عائد متواضع. هذه الخطوة أدت إلى زيادة كبيرة في الإنتاجية الريفية. وفي ذات الوقت، فإن حملة إقامة مشروعات الري في أنحاء البلاد، أدت إلى قفزة كبرى من نوع جديد في التنمية الزراعية. في أواخر سبعينات القرن الماضي، تم إطلاق نظام المسؤولية التعاقدية الأسرية الذي سمح للفلاح بأن يقرر كيف يتصرف في أرضه ويديرها. في السنوات التالية، بدأت العلوم والتكنولوجيا تلعب دورا أكبر في الزراعة، مما أسفر عن زيادة كبيرة في إنتاجية الحبوب؛ من 69 كجم سنة 1949 إلى 330 كجم حاليا لكل مو (الهكتار يساوي 15 مو). ويصل إنتاج الصين السنوي من الحبوب حاليا 5ر528 مليار كجم، مقارنة مع 115 مليار كجم قبل ستين سنة.
وتعتمد الصين حاليا على إنتاجها من المحاصيل الزراعية، وفي بعض السنوات يفيض إنتاجها على احتياجاتها فتصدر الحبوب. الأكثر، أن الصين تقدم للدول الأخرى معونات فنية وبذورا محسنة لمكافحة نقص الحبوب والمجاعات. ويُزرع الأرز الصيني الهجين في مساحة أكثر من خمسة مليارات مو في أنحاء العالم، تساهم بزيادة في الإنتاج سنويا قدرها 500 مليون طن، تكفي لإعالة سبعين مليون فرد.
إن الشعب الصيني، مدعوما بما يكفيه من الغذاء، يبدي اهتماما متزايدا مبررا بالطعام الأفضل. هناك طلب متزايد على الأطعمة المغذية والأكثر صحية وسلامة. وقطاع الزراعة بدوره، يتحول من طرق الزراعة الموسعة إلى الزراعة المكثفة، ويتعلم بجدية من المشروعات البيولوجية المؤثرة. في وقت الندرة وفي وقت الوفرة، يحتل توفير إمدادات الطعام مكانة ثابتة في قائمة أولويات الصين.
