التبادل الثقافي بين الصين وأفريقيا

منذ عام 2001، تدعو الصين سنويا عددا من الفرق الفنية الأفريقية لتقديم عروض في الصين في إطار فعاليات مهرجان "لقاء في بكين" وغيره من المناسبات والمهرجانات الدولية التي تقام في ربوع الصين. بعد سنة 2002، التي شهدت إقامة الأسبوع الثقافي الصيني في مصر بنجاح، أرسلت وزارة الثقافة الصينية في ديسمبر2003 فرق أكروبات ورقص وغناء وموسيقى شعبية إلى منطقة شرقي إفريقيا لتقديم عروض متجولة، حيث لقيت ترحيبا حارا من أبناء أثيوبيا وزيمبابوي وغينيا وزامبيا وتنزانيا والدول الأخرى.

في مايو 2004، أقيمت في إطار منتدى التعاون الصيني الأفريقي ببكين فعاليات "لقاء في بكين"، حيث كانت أفريقيا ضيف الشرف. وجهت الصين الدعوة إلى تسع فرق فنية أفريقية وثماني بعثات ثقافية حكومية لزيارة الصين وتقديم العروض الفنية، حيث أقيمت ثلاثة معارض فنية أفريقية في بكين ومهرجانات فنية أفريقية في ثماني مدن رئيسية بمقاطعة هونان. خلال الفترة ما بين يوليو وأغسطس نفس العام، أقيمت فعاليات "رحلة الثقافة الصينية في أفريقيا" التي تضمنت عشرات العروض في 11 دولة أفريقية، منها جنوب أفريقيا وزامبيا والكونغو ونيجيريا وغانا ومالي. غطت تلك الفعاليات 22 دولة ومنطقة أفريقية وجذبت العروض والمعارض الفنية مئات الآلاف من المتفرجين الأفارقة. كان الحجم كبيرا والتأثير عميقا وبعيد المدى، فصارت معلما في تاريخ التبادل الثقافي الصيني الأفريقي وإجراء هاما لتنفيذ روح مؤتمر منتدى التعاون الصيني الأفريقي". وقد اعتبرت الدول الأفريقية فعاليات "لقاء في بكين— أفريقيا ضيف الشرف" تجسيدا شاملا وكاملا للعلاقات المميزة بين الحكومة الصينية وحكومات الدول الأفريقية؛ في حين كانت فعاليات "رحلة الثقافة الصينية في أفريقيا"، مفتاحا ذهبيا لتعريف الدول الأفريقية بالثقافة الصينية.

بعد انعقاد قمة بكين لمنتدى التعاون الصيني الأفريقي في نوفمبر 2006، طرحت وزارة الثقافة الصينية إدراج "خطة زيارة المثقفين الأفارقة إلى الصين" في ((البرنامج التنفيذي لمنتدى التعاون الصيني الأفريقي— بكين (عام 2007—عام 2009))). أتاحت هذه الخطة فرصا أكثر للمثقفين الأفارقة لزيارة الصين والبحث والاستطلاع والكتابة عنها. في أكتوبر 2007، أقيمت نشاطات "خطة زيارة للمثقفين الأفارقة" تحت عنوان "السياسة الثقافية وتطبيقها في ظل اقتصاد السوق". شارك فيها 17 مسؤولا ثقافيا كبيرا من إحدى عشرة دولة أفريقية، منها أثيوبيا ونيجيريا وبينين والسنغال، حيث زار المشاركون بكين وشنتشن وقانسو وقاموا بالبحث والاستطلاع. كما قدم مسئولو الثقافة الأفارقة أثناء زيارتهم معلومات حول السياسات الثقافية والوضع الثقافي الراهن في بلادهم. كانت محتويات "خطة زيارة المثقفين الأفارقة إلى الصين" عام 2008 أكثر اكتمالا، حيث شملت "جلسة المائدة المستديرة للسياسة الثقافية" و"إبداع الفنانين الزائرين في الصين" وغيرها، وتوسع نطاق المشاركين فيها فشمل الفنانين ومتخصصي الثقافة.

شهدت سنة 2008 نشاطا ملحوظا للتبادل الثقافي بين الصين والدول الأفريقية. قبيل افتتاح أولمبياد بكين عام2008، أقيمت حفلة فنية ضخمة بعنوان "ليلة أفريقية" في قاعة الشعب الكبرى، حيث قدم فنانون من سبع دول أفريقية عروضا فنية. في أكتوبر نفس العام، افتتحت فعاليات "عين على الثقافة الأفريقية 2008" في مدينة شنتشن، وشارك فيها مسئولو الثقافة والفنانون من 25 دولة أفريقية، وتركت الثقافة الأفريقية المتنوعة انطباعات عميقة لدى الشعب الصيني برقصاتها المتحمسة ونقوشها الصريحة ورسومها الحيوية.

زيادة التبادل الثقافي الشعبي والإقليمي

برغم أن البرامج والمشروعات الرسمية هي القناة الرئيسية للتبادل الثقافي الصيني الأفريقي منذ مدة طويلة، إلا أن التبادل والتعاون الثقافي بين شعوب وأقاليم الطرفين تزداد تدريجيا في السنوات الأخيرة. ومع تطور صناعة الثقافة وسوق الثقافة في الصين، تولي المقاطعات والمدن الصينية اهتماما كبيرا لتعزيز إقامة نشاطات التبادل الثقافي العالمية، وتدخل مزيد من العروض الفنية والمعارض للثقافة الأفريقية السوق الصينية من خلال القنوات الشعبية. حسب الإحصاءات، أكثر من خمسين في المائة من الفرق الفنية الأفريقية التي زارت الصين خلال السنوات الخمس المنصرمة، جاءت في نشاطات غير رسمية؛ وتقريبا 50% من الفرق الفنية الأفريقية التي قدمت عروضا فنية في الصين، جاءت بدعوات للاشتراك في فعاليات فنية ثقافية أو نشاطات شعبية تجارية.

في عام 2007، بدعم من بعض المؤسسات الصينية والمغتربين الصينيين، قامت 7 فرق فنية صينية بزيارة ودية لأفريقيا وتقديم العروض الفنية. وقد ساهم ذلك في تعريف الشعوب المحلية بالفنون الصينية، كما ساعد  المؤسسات الصينية في بناء صورة طيبة لها لدى الأفارقة.

في عام 2008، أرسلت وزارة الثقافة الصينية بعثة فنية مكونة من 181 فنانا إلى الدول الأفريقية، حيث قدمت 27 عرضا فنيا، وهذا تجاوز النشاطات السابقة من حيث عدد المقاطعات والمدن المشاركة ومستوى الأداء وتنوع أساليب العروض. إضافة إلى الأكروبات وألعاب الووشو التي يحبها الأفارقة، تدفقت رقصات الأقليات القومية الصينية والموسيقى الشعبية وأوبرا فوجيان وأوبرا خنان ومسرحيات العرائس والأغاني الشعبية وغيرها إلى الدول الأفريقية، حيث نالت ترحيبا حارا من الأفارقة وتقديرا عاليا من المغتربين الصينيين ووسائل الإعلام الأفريقية.

طرق تبادل أكثر تنوعا

يساهم التبادل الفني والثقافي بين الصين والدول الأفريقية في تقدم العروض الفنية التقليدية والمهرجانات الفنية،  كما يساهم في تنويع طرق التبادل الثقافي. شهدت الصين والدول الأفريقية تبادلا وتعاونا واسعين في جميع المجالات المتعلقة بالثقافة بما فيها التعليم ووسائل الإعلام والنشر.

في مجال التعاون التعليمي، تقدم الحكومة الصينية كل سنة منحا دراسية لعدد من الطلاب الأفارقة. في عام2009، ارتفع هذا العدد إلى 4000 طالب، وأصبحت الصين من أكبر المقاصد الرئيسية للطلاب الأفارقة. كان الطلاب الأفارقة في السابق يدرسون في الصين لمدة قصيرة، لكنهم الآن يسعون للحصول على الشهادات العلمية في الجامعات الصينية. كما أنشأت بعض الدول الأفريقية منحا دراسية وطنية لمساعدة طلابها للدراسة في الصين. إضافة إلى قبول الطلاب الأفارقة، تقيم الحكومة الصينية دورات تدريبية متوسطة وطويلة الأجل، بهدف مساعدة الدول الأفريقية في تدريب الأكفاء المتخصصين.

مع زيادة التبادل الصيني الأفريقي، هناك إقبال متزايد من الأفارقة على تعلم اللغة الصينية. منذ عام 2004، أسست الصين عددا من معاهد كونفوشيوس في الدول الأفريقية، بالتعاون مع الجامعات والمؤسسات التعليمية الأفريقية، بهدف مساعدة المواطنين الأفارقة بشكل عام والطلاب الشباب بشكل خاص في تعلم اللغة الصينية والتعرف على الصين. حتى الآن، تم إنشاء أكثر من 20 معهد كونفوشيوس في 13 دولة أفريقية. وقد صارت تلك المعاهد مشروعات للتعاون التعليمي بين الصين والدول الأفريقية وقناة جديدة يعرف من خلالها الأفارقة الصين.

في مجال وسائل الإعلام، أنشأت الصين مركزين ثقافيين في موريشيوس وبينين، يقيمان نشاطات لتعليم اللغة الصينية ودورات تدريبية للرقص الصيني والووشو، كما يعرضان الأفلام الصينية ويقيمان المعارض الثقافية الصينية والجلسات العلمية وغيرها من نشاطات التبادل الثقافي، الأمر الذي يحدث تأثيرات واسعة وسط المحليين.

في نهاية عام2005، وقعت الصين مع غينيا اتفاقية حول التعاون في دراسة الآثار في جزيرة لامو الغينية والمناطق البحرية المجاورة، فكانت أول اتفاقية صينية أفريقية حول التعاون في دراسة الآثار. بموجب الاتفاقية، يتعاون الطرفان في الفترة من عام2006 إلى عام2009 في دراسة الآثار في مياه جزيرة لامو بالمنطقة الساحلية الغينية، كما يتعاونان في البحث عن الآثار التاريخية التي يقال إن أسطول تشنغ خه تركها عند وصوله إلى غينيا قبل 600 سنة.

التعاون في تنمية الموارد البشرية

التبادل الثقافي هو حوار وتعاون طبيعي بين البشر. يعتبر تدريب الأكفاء الأفارقة المتخصصين في مجال الثقافة من أهم محتويات التعاون والتبادل الثقافيين بين الصين والدول الأفريقية. أعلنت الصين عن إنشاء "صندوق تنمية الموارد البشرية الأفريقية" في الدورة الأولى للاجتماع  الوزاري لمنتدى التعاون الصيني الأفريقي، الذي عقد في عام2000.

على مدى سنوات، أرسلت الصين مئات المتخصصين في الفنون والثقافة إلى الدول الأفريقية لإلقاء المحاضرات، وأقامت دورات تدريبية فنية في مجالات الرسم والرقص والأكروبات والجمباز والووشو وغيره.

في سبعينات وثمانينات القرن العشرين، دربت الصين لاعبي أكروبات من غانا وغينيا والسودان. في عام2002، تلبية لدعوة من الدول الأفريقية، قامت وزارة الثقافة الصينية بإعادة تشغيل مشروع تدريب لاعبي الأكروبات الأفارقة في بعض مدارس وفرق الأكروبات بالصين. حتى الآن دربت الصين أكثر من 50 مدرب ولاعب أكروبات من غينيا وغانا وتنزانيا وأثيوبيا والسودان.

في الكاميرون، بعد ثلاث سنوات من الجهود الجبارة لمدربي الرقص الصينيين، تم إحياء فرقة الكاميرون للرقص بعد  أن اختفت لمدة أكثر من 20 سنة، وأصبحت علامة ثقافية يفخر بها أبناء الكاميرون. في عام 2007، قدمت فرقة الكاميرون الوطنية للرقص، تلبية لدعوة من الصين، عروضا فنية في فعاليات "ليلة أفريقية" وفي حفل ختام "لقاء في بكين—الفعاليات الثقافية لأولمبياد 2008 ".

في أوائل إبريل وأواخر أغسطس 2008، تلبية لدعوة من مصلحة الثقافة المركزية للحزب الحاكم الإرتري، أقام الفنانون الصينيون دورة تدريبية لتقديم العروض الفنية في المهرجانات والحفلات الكبرى، حيث تم تدريب عدد كبير من الأكفاء المتخصصين؛ كما ساعد الفنانون الصينيون الجانب الإرتري في إقامة حفلة الذكرى السنوية السابعة عشرة للاستقلال الوطني وفعاليات ذكرى الشهداء والمهرجان الفني الوطني وحفلة ذكرى نضال الاستقلال وغيرها من الفعاليات الفنية الكبرى.

 

فرع مجلة ((الصين اليوم)) الإقليمي للشرق الأوسط بالقاهرة
رئيس الفرع: حسن وانغ ماو هو
العنوان: 5 شارع الفلاح، المتفرع من شارع شهاب
- المهندسين- الجزيرة- مصر
تليفاكس: 3478081(00202)

  ص.ب208 – الأورمان – الجزيرة – القاهرة – مصر
   الهاتف المحمول: 0105403068(002)
البريد الإلكتروني:
kailuofenshe@yaoo.com.cn