
مدينة يومن أنشأت أول حقل لطاقة الريح في عام 1996 بمعدات وأجهزة مستوردة من الدنمارك

خزان ليجياشيا على النهر الأصفر بمقاطعة تشينغهاي يوجد به أكبر عدد من التوربينات المزدوجة في العالم

مصنع البطاريات الضوئية لشركة تشنغتاي المحدودة للطاقة الشمسية بمدينة هانغتشو في مقاطعة تشجيانغ

مشروع فانغجياشان للطاقة النووية— مشروع تطوير لمحطة تشينشان للطاقة النووية

استهلاك طاقة الرياح يساهم في التنمية الاقتصادية للمناطق الشمالية الغربية النائية
وفقا للخطة الصينية المتوسطة والبعيدة المدى لتنمية الطاقة المتجددة الصادرة سنة 2007، تهدف الصين زيادة نسبة الطاقة المتجددة من استهلاكها للطاقة إلى 15% في نهاية سنة 2020، بحيث يكون 4% تحتل طاقة الرياح والطاقة الشمسية والطاقة البيولوجية من هذه الزيادة.
في سنة 2008، كان نصيب الطاقة الكهرومائية 16% من إجمالي الطاقة المستخدمة في الصين، في حين لم يتجاوز نصيب الطاقة الجديدة 1%. هذا يعني أنه، وفقا للخطة، بعد إحدى عشرة سنة لن يزيد توليد الكهرباء بالطاقة الجديدة إلا بنسبة 3% فقط عن النسبة الحالية، علما بأن حجم الطاقة الكهرمائية حاليا تجاوز بالفعل الخطة المستقبلية للطاقة المتجددة لسنة 2020.
"الصين اليوم" ناقشت هذه القضية مع الباحث رن دونغ مينغ، من معهد بحوث الطاقة بلجنة الدولة للتنمية والإصلاح.
الصين اليوم: يبدو أن الوضع الحالي لتنمية الطاقة المتجددة في الصين لا يتفق مع التوقعات التي وضعتها خطة الطاقة سنة 2007. ماهي في رأيك الأسباب؟
رن دونغ مينغ: يشير مصطلح الطاقة الجديدة والمتجددة في الصين إلى الطاقة الكهرومائية وطاقة الرياح والطاقة الشمسية والطاقة البيولوجية، بينما تسمى الطاقة النووية بـ"الطاقة النظيفة". وهذه كلها تسمى "الطاقة الخضراء". حاليا، معظم الطاقة التي تستهلكها الصين تأتي من الفحم والطاقة الكهرومائية.
حسب خطة مصلحة الدولة للطاقة، ينبغي أن يكون نصيب الطاقة الجديدة والمتجددة 15% من استهلاك الطاقة بحلول سنة 2020، وأن يرتفع نصيب طاقة الرياح من 12 مليون كيلووات حاليا إلى 30 مليون كيلووات، ويصل حجم الطاقة البيولوجية إلى 30 مليون كيلووات والطاقة الشمسية إلى مليون و800 ألف كيلووات.
والواقع أن الصين التي أنشأت أول محطة كهرومائية سنة 1914 في مقاطعة يوننان، لديها حاليا أكثر من 230 محطة كهرومائية كبيرة ومتوسطة، ولعل السبب في ذلك أن إنتاج الكهرباء بالماء أقل من الفحم. أقل سعر الكيلوات من الكهرباء المولدة بالماء 1ر0 يوان عن الكهرباء المولدة بالفحم (متوسط سعر الكهرباء المولدة بالفحم 39ر0 يوان لكل كيلووات/ساعة). وحاليا تحتل الطاقة الكهرومائية سُدس الطاقة المستهلكة في الصين.
وفي الوقت الذي أصبحت به الطاقة الكهرومائية الطاقة الرئيسية في دولة مثل كندا صارت المشروعات الكهرومائية في الصين مشروعات خلافية تتعرض لجدل بيئي متزايد. كثير من دعاة حماية البيئة يعتقدون أن بناء السدود يضر بتدفق مياه الأنهار وتؤثر على التنوع الأحيائي، حتى وإن كانت هذه التأثيرات الإيكولوجية السلبية لا تظهر في المدى القصير. لهذا، صارت الحكومة أكثر اهتماما وحرصا فيما يتعلق بتنمية الطاقة الكهرومائية وتقوم مصلحة الدولة العامة لحماية البيئة بتقييم صارم للمشروعات المائية ، وهذا أدى إلى تباطوء التصديق على تنفيذها بشكل كبير في السنوات الأخيرة. فضلا عن ذلك، تعد قضية الذين يتم تهجيرهم من المناطق التي تقام بها الخزانات والسدود قضية اجتماعية معقدة. لذلك، فإن التحفظات التي تتمسك بها الحكومة الصينية تجاه خطتها لتنمية الطاقة الكهرومائية تظهر عدم وجود استراتيجية واضحة لتنمية هذا القطاع.
الصين اليوم: هل الحصة المتواضعة للطاقة الجديدة في استهلاك الطاقة بالصين يعني أن هناك صعوبات تواجه إنتاج الكهرباء بتلك الموارد الجديدة؟
رن دونغ مينغ: في سنة 2008، وصلت قدرة إنتاج الصين من البطاريات الضوئية إلى 30% من الإنتاج العالمي، وتجاوزت بذلك ألمانيا لأول مرة لتحتل المرتبة الأولى في العالم. الأكثر من ذلك، أن نصيب الصين في السوق العالمية للبطاريات الضوئية في عامي 2007 و2008 كان الأول. لكن 98% من البطاريات الضوئية التي تنتجها الصين يباع ويستخدم خارجها. بالنسبة لتطبيقات تكنولوجيا الطاقة الشمسية، تستخدم غالبا في تسخين الماء؛ بحجم يصل 15 مليون كيلووات سنويا تقريبا. ولكن تنبغي الإشارة إلى أن إنتاج طاقة الخلايا الشمسية أكثر تعقيدا، وإن التكنولوجيا الجوهرية لها المتمثلة في تصنيع مواد البولي سيليكون التي تعتبر المكونات الرئيسية لأجهزة الخلايا الشمسية مازات تسيطر عليها الشركات الأجنبية، خاصة الألمانية واليابانية. أما الشركات الصينية، فموقعها ياتي في ذيل سلسلة التصنيع ويقتصر على المعالجة. بدون تحقيق التقدم التكنولوجي في هذا المجال، ستتحمل الصين تكلفة باهظة في توليد طاقة الخلايا الشمسية، وهذا يعني أسعارها أعلى للمستهلك—3-4 يوانات لكل كيلووات/ ساعة، أي عشرة أضعاف طاقة الفحم.
استخدمت الصين لأول مرة طاقة الخلايا الشمسية في سبعينات القرن العشرين، وذلك لخدمة الأقمار الاصطناعية. لكن الصين ظلت متخلفة كثيرة عن الدول المتقدمة في التكنولوجيا وحجم الإنتاج في العقود اللاحقة. صحيح أن الصين حققت تقدما في تكنولوجيا الخلايا الشمسية في السنوات الخمس الأخيرة، مع تزايد الحاجة إلى الطاقة الجديدة واحتياجات السوق الخارجية، بيد أن الهوة التكنولوجية بينها وبين بعض نظرائها الدوليين مازالت شاسعة. عالميا، مازالت صناعة الطاقة الشمسية تواجه مشاكل كثيرة مثل التكلفة العالية والفعالية المنخفضة والإمدادات غير المستقرة، وكل هذا يرجع إلى المشاكل التقنية، وليس أمامنا إلا أن ننتظر التوصل إلى حلول لتلك المشاكل في المستقبل.
بالمقارنة مع طاقة الخلايا الشمسية، بدأ استخدام طاقة الرياح تجاريا على نطاق واسع نسبيا في الصين. بعد عام 2006، دخل توليد الكهرباء بطاقة الرياح في الصين مرحلة الإنتاج التجاري على نطاق واسع. ومع التقدم التكنولوجيي وتوسع نطاق التطبيق، انخفضت تكلفة طاقة الرياح. ويعتقد البعض أنه وفقا لمعدلات النمو الحالية، قد يتجاوز حجم طاقة الرياح 30 مليون كيلووات بحلول سنة 2020.
أكبر مشكلة تواجهها طاقة الرياح هو فعاليتها المنخفضة بالمقارنة مع الطاقة المائية والطاقة النووية وطاقة الفحم، إذ أنها غير مستقرة وتتأثر كثيرا بالموسم والطقس الأمر الذي يهدد أمان شبكات الكهربائية. وفقا للأحكام الصينية، يجب أن تقبل شبكات الكهرباء كل الكهرباء المولدة بالطاقة المتجددة، ولكن لأسباب تكنولوجية، يمكن أن يؤدي القبول الكامل إلى شل شبكة الكهرباء، بل وانهيارها.
المشكلة الأخرى هي وقوع معظم مزارع الرياح في أماكن ذات كثافة سكانية منخفضة مثل البراري والصحراء، وبالتالي يصعب ربطها بشبكات الكهرباء.
الصين اليوم: الطاقة النووية هي الأخرى محل جدل. في السنوات الماضية، كانت تنمية الطاقة النوية في الصين شبه راكدة، ما الذي أعادها بنشاط إلى خطة سنة 2020؟
رن دونغ مينغ: بدأت الصين برنامجها للطاقة النووية في سبعينات القرن العشرين. الآن توجد ثلاث قواعد للطاقة نووية في الصين -- تشينشان بمقاطعة تشجيانغ وداياوان بمقاطعة قوانغدونغ وتيانوان بمقاطعة جيانغسو. وقد كانت سنة 2008 أكثر سنة اعتمدت فيها الصين مشروعات جديدة للطاقة النووية وشغلت محطات نووية جديدة. في هذه السنة تم إقرار أربعة مشروعات جديدة للطاقة النووية، شملت محطة نينغده بمقاطعة فوجيان ومحطة يانغجيانغ بمقاطعة قوانغدونغ و14 مجموعة جديدة للمولدات الكهرونووية قدرة كل منها مليون كيلووات. حتى الآن، لقد أقرت الصين تنفيذ 8 مشروعات للطاقة النووية.
وفقا لخطة عام 2020، ينبغي أن يكون نصيب الطاقة النووية 4-5%، من إمدادات الطاقة في الصين، علما بأن الطاقة النووية حاليا تعادل حوالي 2% من حجم توليد الكهرباء. ولكن الطاقة النووية تتميز بسعرها التنافسي، فهو يزيد قليلا عن سعر طاقة الفحم، كما أن معدات الطاقة النووية هي الأكثر فعالية واستقرارا بين كافة مصادر الطاقة الكهربائية. لكن من ناحية أخرى، تحتاج محطات الطافة النووية استثمارات باهظى في البداية، فهي تزيد 2-3 مرات عن محطات الفحم العادية، وتتطلب دقة وصرامة بالغة في اختيار موقعها، حيث يوضع في الاعتبار توزيع السكان والظروف الزراعية والصناعية حولها والأحداث المحتملة الناتجة عن أخطاء البشر ومعالجة ونقل الوقود النووي. وتستغرق المرحلة الأولى لإنشاء المحطة النووية، من اختيار الموقع إلى إلى إنجاز دراسة الجدوى نحو خمس سنوات. غير أن المشكلة الرئيسية التي تواجهها الصين في تطوير الطاقة النووية هو افتقارها إلى الموارد النووية، فالصين دولة مستهلكة لليورانيون وتستورد من الخارج أكثر من 50% من احتياجاتها.
الصين اليوم: لإذن، ما هي الإجراءات التي تتخذها الصين لتجاوز معوقات تنمية الطاقة الخضراء؟
رن دونغ مينغ: تقدم الحكومة حاليا دعما للمؤسسات المنتجة للطاقة الخضراء، انطلاقا في إطار خطة تشجيع المؤسسات على القيام بالتحول التكنولوجي بما يساهم في تقليل تكلفة توليد الكهرباء بالطاقة الجديدة، وتشجع الحكومة المستهلكين على استخدام الطاقة الخضراء بمبادرات شخصية منهم. في هولندا سوق خاصة للطاقة الخضراء، حيث يمكن للفرد أن يشتريها. وقد حاولت مدينة شانغهاي محاكاة التجربة الهولندية لكنها فشلت بسبب عزوف المواطنين عن شراء الطاقة الخضراء بسعر مرتفع. مازال الناس في حاجة إلى توعيتهم لاستخدام الطاقة الخضراء.
في سبتمبر 2009، شدد رئيس مجلس الدولة الصيني ون جيان باو مجددا على ضرورة تفادي حدوث فائض في صناعة الخلايا الشمسية. ولكن برغم صواب إجراءات التنسيق والسيطرة الحكومية الكلية على هذه الصناعة، يعتقد معظم الخبراء، وأنا منهم، أنه من الضروري تشجيع المواطنين على استخدام الطاقة الجديدة. وإذا كانت كل صناعة ناشئة تسعى في بدايتها إلى الربح، فإن هذه المنافسة تدفع التقدم التكنولوجي، وعندما يبلغ السوق درجة معنية من التشبع، سينبذ الضعيف ويُبقي على القوى.