ã

من دبلوماسية البقاء إلى دبلوماسية الانطلاق

وو جيان مين

خلال ستين عاما مضت، ارتفع عدد الدول التي أقامت العلاقات الدبلوماسية مع الصين من 18 إلى 171 دولة

وو جيان مين رئيس جامعة الصين للشؤون الخارجية

 

بعد تأسيس جمهورية الصين الشعبية، انتهجت الصين سياسة سلمية تغيرت مضامينها وبؤر اهتمامها في المراحل المختلفة، حيث تطورت من سياسة الحفاظ على البقاء إلى العمل على التنمية، ومن المسرح الصغير إلى المسرح الكبير، ومن السعي إلى إبداء آراء متميزة إلى إيجاد أرضية مشتركة، ومن النضال إلى التعاون.

 

التضامن والنضال من أجل البقاء

بعد تأسيس جمهورية الصين الشعبية سنة 1949،  دخلت البلاد "مرحلة السعي للحفاظ على بقاء الصين الجديدة". وقد نجحت الدبلوماسية الصينية في تلك الفترة في كسر العزلة التي فرضها الغرب على الصين، وذلك من خلال التضامن مع دول آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية ودعم حركة التحرر الوطني في تلك الدول. كانت المهمة الرئيسية للدبلوماسية الصينية مهمة سياسية.

 

كان عدد الدول التي أقامت علاقات دبلوماسية مع الصين الجديدة في الفترة الأولى بعد تأسيسها جد قليل. في سنة 1955 كان العدد 23 دولة، ارتفع إلى 62 دولة سنة 1971، ثم قفز إلى 116 دولة سنة 1979. وحاليا يبلغ عدد الدول التي لها علاقات دبلوماسية مع الصين 174. توسع مسرح الدبلوماسية الصينية وصار يشمل العالم كله، وذلك لم يكن يتخيله أحد قبل ستين سنة.

خلال مسيرة حياتي العملية عملت مترجما لمؤسس جمهورية الصين الشعبية الرئيس ماو تسي تونغ مرتين، الأولى في نوفمبر 1965 عندما زارت الصين زوجة رئيس جمهورية الكونغو الشعبية ( برازافيل). والمرة الثانية في أكتوبر 1968 عندما زار الصين رئيس وزراء الكونغو (برازافيل). كان موقف الصين واضحا: الصين تناضل من أجل استقلالها وتحررها، بينما تؤيد حركات الاستقلال والتحرر الوطني في الدول الأفريقية، بهذا التأييد المتبادل تشكلت جبهة عالمية متحدة لمقاومة الإمبريالية والاستعمار.

لا أزال أتذكر بوضوح عندما زار الصين وفد حكومي من الكونغو برازافيل برئاسة رئيس وزرائها، حيث أجرى رئيس مجلس الدولة الصيني شو ان لاي محادثات طويلة مع الوفد. أطلع الوفد شو ان لاي على الوضع السياسي في وسط أفريقيا والصراع بين الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا هناك والحصار الذي تتعرض له الكونغو من القوى المعارضة لها. وقال رئيس الوفد إن حكومته تستعد لتأميم السكة الحديد والميناء اللذين تسيطر عليهما فرنسا في نهاية عام 1969، وطلب رأي شو ان لاي، فقال له إن أهم عمل لرئيس الكونغو ماوين نجوابي هو الاهتمام بالقوة العسكرية لتمتين السلطة، فإذا تعجل وأمم السكة الجديد والميناء سيدخل في مواجهة مع فرنسا والدول المجاورة. ونصح شو ان لاي الوفد قائلا: لا تطردوا الذئب من الباب الأمامي وتتركوا النمر ليدخل من الباب الخلفي.. عليكم أن تكونوا في حذر شديد. إن أشرس عدو، وهو الإمبريالية الأمريكية، يجثم على الضفة الأخرى لنهر الكونغو.

وجد رئيس الوفد أن رأي شو ان لاي صائبا وقال إنهم سيحترمون رؤية الصين في معالجة الشؤون المعنية بفرنسا. تناولت المحادثات بين الطرفين أيضا القروض المالية والمساعدات العسكرية الصينية للكونغو والتعاون الاقتصادي والتكنولوجي بين البلدين. كانت الكونغو تأمل الحصول على مزيد من الدعم الاقتصادي من الصين، فقال شو ان لاي بوضوح، إن الصين، وفقا لواقعها الحقيقي، لا تستطيع تلبية كل طلبات الوفد، ودعا إلى تحقيق المنفعة المتبادلة من خلال التجارة المتبادلة. وقال إن تحقيق الاستقلال الوطني والتنمية الاقتصادية يعتمدان على القوة الذاتية رئيسيا، واستشهد بالمثل الصيني: الماء البعيد لا يطفئ الظمأ اللاهب.

هكذا كانت الدبلوماسية الصينية تركز في تلك الفترة على التضامن مع كل القوى التي يمكن التضامن معها، وتجنيد كل العناصر التي يمكن تجنيدها. كانت دول كثيرة تناضل في سبيل استقلالها، ولكل منها خصوصيتها، ولذا كان على الدول الآسيوية والأفريقية التي تسعى للاستقلال أو تعمل على حماية استقلالها أن تتضامن معا للحفاظ على خصوصياتها، وكانت الصين تواجه نفس القضية.

الصين المتحفظة

عملت في الأمم المتحدة وقتا طويلا، ولا أزال أتذكر أول رحلة لي إلى نيويورك، سنة 1971.

في ذلك الوقت، لم يكن هناك خط طيران مباشر بين بكين ونيويورك، فسافرنا من بكين إلى شانغهاي، لنستقل طائرة إير فرانس إلى باريس، ثم إلى نيويورك  بطائرة أخرى. عندما هبطت الطائرة في مطار كنيدي بنيويورك، قال لنا أحد أفراد طاقم الطائرة إن أكثر من 500 صحفي ينتظروننا في المطار. كانت الصين منغلقة على نفسها نسبيا. بعد نزولنا من الطائرة، قرأ رئيس الوفد الصيني تشياو قوان هوا تصريحا صحفيا معدا مسبقا، ثم غادر المطار مباشرة، بعد ذلك طرح الصحفيون علينا كثيرا من الأسئلة ولم نجب أي سؤال منها.

عبرت الأمم المتحدة عن ترحيبها بقدومنا. قبل وصولنا كانت الجمعية العامة للأمم المتحدة عقدت جلسة خاصة للترحيب بالوفد الصيني، وعبر مندوبو كثير من الدول عن آرائهم بحماسة. كانت الولايات المتحدة الأمريكية تعارض استعادة الصين لمقعدها الشرعي في الأمم المتحدة. مندوب الولايات المتحدة، جورج بوش الأب، لم يستطع أن يستقر في مقعده بعد أن استمع إلى كلمات الوفود الحماسية، وفي نهاية الجلسة ألقى كلمة قال فيها: "نحن نعارض مجيئكم إلى هنا، لكنكم أتيتم، فمرحبا".

كان هناك فضول كبيرة من وفود مختلف البلدان والأمريكيين أنفسهم  تجاهنا، فكان كثير من الصحفيين ينتظرون في الفندق الذي نزلنا فيه ويسألون العاملين فيه: ماذا أكل هؤلاء الصينيون اليوم؟ وكأننا أتينا من كوكب آخر، وأصبحت كل حركة وكل كلمة لنا خبرا.

عرفنا أسلوب عمل الأمم المتحدة بسرعة، الأمر الذي أثار إعجاب وفود الدول الأخرى. بعد فترة قصيرة من وصولنا إلى الأمم المتحدة بدأ مجلس الأمن يناقش المشاكل بين الهند وباكستان، كانت المناقشة عنيفة. كان مبدأنا واضحا: أولا، حماية المصالح الصينية؛ ثانيا، الوقوف إلى جانب الدول النامية، ودعم حركات التحرر من الاستعمار؛ ثالثا، معارضة التوجهات التحريفية السوفيتية. لذلك كنا نشيطين في إلقاء الكلمات، وكان تقدير الوفود لنا جيدا.

يمكن تقسيم معرفتنا للأمم المتحدة إلى عدة مراحل، وذلك يرتبط ارتباطا وثيقا بوضع الصين الداخلي. كانت المرحلة الأولى مرحلة المواجهة، من عام 1971 إلى عام 1976، مع انتهاء فترة الثورة الثقافية التي استمرت عشر سنوات. بسبب تشويش الأفكار "اليسارية"، كانت قوتنا مركزة على تأييد الدول النامية ومعارضة القوتين العظميين، الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي، ولم نهتم بشؤون أخرى.

بعد تبني الصين سياسة الإصلاح والانفتاح، ازدادت مشاركة الصين في الفترة ما بين عامي 1978 و1992، في الشؤون الدولية. قبل ذلك لم يكن لنا اهتمام كبير بقضية نزع السلاح، بدأنا نشترك فيها تدريجيا. كنا نرى أن قضية حقوق الإنسان ليست إلا تعبيرا عن نظرية القيم للغرب، لكن الصين حاليا عضو في مجلس حقوق الإنسان للأمم المتحدة.

المرحلة الثالثة من عام 1992 إلى يومنا هذا. في هذه المرحلة شهدت الدبلوماسية الصينية تغيرا كبيرا، حيث اشتركنا بنشاط في عمليات حفظ السلام ونزع السلاح ومعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية وحقوق الإنسان وغيرها من القضايا.

بالطبع كان يقع أحيانا "شجار"، كما في قضية حقوق الإنسان. بدأت الولايات المتحدة الأمريكية تقديم مشروع لمعارضة الصين حول قضية حقوق الإنسان عام 1989، رغم أنها فشلت كل سنة. تستخدم الدول الغربية حقوق الإنسان وسيلة للضغط على الدول النامية، وهذا أسلوب تبغضه الدول النامية بشدة. في سنة 1996 بدأت عملي كمندوب للصين لدى الأمم المتحدة، فسعيت إلى تكوين رأي موحد في هذه القضية مع الدول التي لها رأي مماثل، وكانت أهمها الدول النامية مثل الهند وباكستان وسريلانكا والجزائر الخ. أثناء المناقشة التي أجريت في اليوم التالي لاجتماع حقوق الإنسان في ذلك العام، ألقى سفراء بضع عشرة دولة نامية كلمات بالتتابع. كانت كل الكلمات تعارض المجابهة وتدعو إلى الحوار، وتعتقد أن أجواء المجابهة تخيم على اجتماعات المفوضية السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة وأن ذلك لا يفيد في دفع تنمية قضية حقوق الإنسان. بذلك أفشلنا المشروع الأمريكي، وأفشلنا المشروع الأمريكي مرة أخرى عام 1997. ثم توقفت الولايات المتحدة الأمريكية عن تقديم مشروع معارضة الصين في قضية حقوق الإنسان عام 1998.

 

من الدبلوماسية السياسية إلى الدبلوماسية الشاملة

بعد الدورة الثالثة الكاملة للجنة المركزية الحادية عشرة للحزب الشيوعي الصيني عام 1978، دخلت الصين مرحلة الإصلاح والانفتاح. أشار مهندس الإصلاح والانفتاح الصيني دنغ شياو بينغ إلى أن الدبلوماسية عليها أن تخدم التنمية الاقتصادية والتحديث. بذلك انطلقت الدبلوماسية الصينية من إسار الدبلوماسية السياسية إلى فضاء الدبلوماسية الشاملة.

مع انتهاج الصين سياسة الإصلاح والانفتاح، لم تعد الدبلوماسية مفهوما سياسيا بسيطا، بل ترتبط بمصالح جماهير الشعب على نحو متزايد. في الماضي كانت الاتصالات والتبادلات الدولية تتم من خلال الدبلوماسيين والحكومات، بينما كانت التبادلات الشعبية التي تتم بواسطة التنظيمات الشعبية قليلة، ففي نحو ثلاثين سنة، من عام 1949 إلى عام 1978، بلغ إجمالي عدد الصينيين الذين سافروا إلى الخارج 280 ألف شخص، بمعدل أقل من 10 آلاف سنويا. اليوم، يسافر 40 مليون صيني سنويا إلى الخارج ويزور الصين 56 مليون أجنبي سنويا.

في هذه العملية، برزت أهمية الدبلوماسية الاقتصادية يوما بعد يوم. الاقتصاد أساس العلاقات بين الدول، مع تطور التعاون الاقتصادي بين الدول، يزداد الاعتماد المتبادل بينها، فيصبح أساس العلاقات الثنائية أكثر رسوخا، الأمر الذي يدفع تطور العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية الخ. في فترة من الفترات بعد عام 1989، تدهورت العلاقات بين الصين والعالم الخارجي والدول المتقدمة خاصة. في سبيل  الخروج من هذا التدهور، لعبت الأوساط الاقتصادية الغربية دورا هاما، فقامت شخصيات اقتصادية بشرح سياسات الصين للمعنيين ودفعت حكومات بلادها لتحسين العلاقات مع الصين، فيما يعد نموذجا لدفع التعاون الاقتصادي تحسين العلاقات السياسية. عندما كنت سفيرا للصين لدى فرنسا، كنت أنفق 60% من وقتي في معالجة ما يتعلق بالاقتصاد. الدبلوماسية ليست فقط وسيلة هامة لاحتواء الأزمات، بل جسر لاكتشاف الفرص والتعاون. ذات مرة طلبت الهيئة الصينية العامة للطيران المدني شراء ثلاثة أطقم من الأجهزة من شركة فرنسية. وقد طلب الطرف الفرنسي أكثر من 130 مليون دولار أمريكي، ولم تفلح محادثات الجانبين لعدة أيام في تخفيض السعر إلى أقل من 100 مليون دولار أمريكي. طلب الطرف الصيني المساعدة من سفارة الصين لدى فرنسا، فأجرينا محادثات مع الطرف الفرنسي لمدة نصف ساعة، كان من نتيجتها تخفيض المبلغ إلى أقل من 100 مليون دولار أمريكي. لذلك هناك من قال: إذا كان السفير الصيني لدى فرنسا قبل خمسين عاما يهتم بالمسائل الاقتصادية لصار أضحوكة بين الصينيين، أما اليوم إذا لم يكن السفير الصيني لدى فرنسا يفهم في الاقتصاد سيكون أضحوكة أيضا. عندما نستعرض مسيرة الإصلاح والانفتاح بالصين ندرك روعة الدبلوماسية الاقتصادية الصينية وتجاربها العديدة التي تستحق أن نلخصها ونستفيد منها، وأهمها تحقيق النفع المتبادل وإيجاد أرضية مشتركة لمصالح الطرفين المعنيين، ثم تطوير التعاون على أساس ذلك.

وفي الوقت ذاته لا يمكن إهمال قوة الدبلوماسية الثقافية، لأن دورها مثل "ماء الجدول الصغير الذي يرطب النبات دائما وبدون صوت". خلال سنوات عملي الخمس في فرنسا، وإلى جانب إنجاز المهام الدبلوماسية المتنوعة كنت ألقي أكثر من خمسين محاضرة أو كلمة سنويا بالمتوسط. وخططنا ونظمنا "أسبوع الثقافة الصينية" لعام 1999 و"موسم الثقافة الصينية" لعام 2000 و"سنة الثقافة الصينية" لعام 2003.

 

الصين تتطور ومعرفة الغرب للصين تتغير

شهدت الصين تغيرا هائلا منذ انتهاجها سياسة الإصلاح والانفتاح. لم يتوقع أحد، حتى نحن، هذا التغير المذهل وهذا التأثير العميق. وقد تطورت معرفة الغرب للصين بلا انقطاع، من "نظرية الشك" إلى "نظرية انهيار الصين" إلى "نظرية تهديد الصين"، وصولا إلى "نظرية المسؤولية" حاليا، مصدر هذا التغير هو التنمية السريعة التي حققتها الصين في السنوات الثلاثين الماضية.

من سنة1978 إلى سنة 1989، في فترة الحرب الباردة،، كانت الدول الغربية تنظر إلى الصين من زاوية المواجهة دائما لاعتقادها أن الصين لن تنجح أبدا في تحقيق التحديث. لذلك يمكن تلخيص النظرة الأجنبية للصين في هذه الفترة بأنها "نظرية الشك"، بلغ إجمالي الاستثمار الأجنبي الذي دخل الصين في الاثنتي عشرة سنة من 1978 إلى  1989خمسة عشر مليار دولار أمريكي، هذا الرقم متواضع للغاية إذا قورن مع الرقم الحالي وهو نحو 800 مليار دولار أمريكي.

من عام 1989 إلى عام 1996، حلت "نظرية انهيار الصين" التي ترى أن الصين ستنهار محل "نظرية الشك"، بل احتلت نظرية انهيار الصين المكانة الرئيسية في العالم الغربي. شهدت مدينة بكين في الفترة ما بين ربيع وصيف سنة 1989 اضطرابا سياسيا، فرضت بعده الدول الغربية عقوبات جماعية على الصين. في تلك الفترة كانت دول شرق أوروبا تعيش تغيرات كبيرة، ويتجه الاتحاد السوفيتي إلى التفكك. لذلك ساد من الغرب اعتقاد بأن الصين لن تصمد أمام تيار التغير الهائل بالعالم، وستنهار بالتأكيد.

في اليوم الثاني من يوليو 1997، اندلعت الأزمة المالية الآسيوية، الأمر الذي فرض ضغطا كبيرا على الصين لتخفيض سعر صرف عملتها (رنمينبي). أعلنت حكومة الصين للعالم بحزم أنها لن تخفض قيمة رنمينبي. نفذت الصين ما وعدت به فتوقف تيار انخفاض العملات الآسيوية عندما وصل إلى بوابة الصين، فأنقذت الصين الدول الآسيوية من دورة ثانية لانخفاض قيمة عملاتها، ومنحتها وقتا للخروج من المأزق. إلى جانب ذلك اتخذت حكومة الصين إجراءات فعالة لتنشيط الطلب المحلي. لقد استطاعت التنمية الاقتصادية الصينية تحقيق نمو مستقر وبمعدلات عالية ودفعت  انتعاش الاقتصاد الأسيوي.

بعد الأزمة المالية الآسيوية، أدرك الغرب أن قوة نهوض الصين لا تقاوم، فاختلق "نظرية تهديد الصين" لتحل محل "نظرية انهيار الصين". كان لتلك النظرية سوق كبير في العالم الغربي. كان منطقهم بسيطا: الاتحاد السوفيتي الذي حكمه الحزب الشيوعي، بعد أن ازدادت قوته، بدأ التوسع والعدوان؛ الصين التي تخضع لقيادة الحزب الشيوعي أيضا، سوف تسلك بالتأكيد طريق الاتحاد السوفيتي بعد أن تتعاظم قوتها.

في 21 سبتمبر 2005، ألقى روبرت بروس زويليك، نائب وزير الخارجية الأمريكي الأسبق كلمة بعنوان "إلى أين تتجه الصين" في مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي، قال فيها إن الصين ينبغي أن تكون "مساهما مسؤولا". عكست الكلمة إلى حد ما تطور معرفة العالم الغربي للصين. "نظرية المسؤولية" تختلف عن نظرية "الشك" و"نظرية الانهيار" و"نظرية التهديد"، حيث ترى النظريات الثلاث الأخيرة أن الصين ليست جيدة، بينما ترى "نظرية المسؤولية" أن الصين قد تستطيع أن تفعل شيئا مفيدا، لذلك تعتبر هذه النظرية نوعا من التغير. بالطبع، يختلف رأينا عن الغرب في تحديد مجال "المسؤولية". المسؤولية التي نتحدث عنها مسؤولية تنطلق من المصالح الأساسية للشعب الصيني وشعوب العالم، وتتفق مع مكانة الصين في العالم، هذه المسؤولية ليست محددة من قبل الغرب.

لم تظهر "نظرية المسؤولية" مصادفة، فذلك له علاقة وثيقة بقوة نهوض الصين. يعلم الناس أن منتدى دافوس الاقتصادي في سويسرا مكان لجس نبض العالم. في عام 2007، ظهرت في هذا المنتدى مناقشة كبيرة بعنوان "أي عالم تريده الصين". اشتركت في المناقشة، كما اشترك فيها تشنغ سي وي، نائب رئيس المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني وشخصيات أوروبية وأمريكية كبيرة. لقد مارست العمل الدبلوماسي عشرات السنين، وحضرت كثيرا من المؤتمرات الدولية، لكني لم أشترك في أي اجتماع بعنوان "أي عالم تريده الصين". لم يكن ظهور هذا العنوان مصادفة، فخلال أكثر من مائة سنة بعد حرب الأفيون التي نشبت عام 1840 لم يحدث قط أن سأل العالم: أي عالم تريده الصين؟ تعرضت الصين للظلم والاضطهاد في فترات طويلة في الماضي، ولم يكن العالم في حاجة ليسأل الصين عن رأيها في بناء العالم. لكن العالم بدأ يستمع إلى رأي الصينيين في بنائه.

اليوم يشهد هيكل العالم تغيرا عميقا، كما يشهد ميزان القوى تغيرا سريعا وشديدا، حيث تنهض مجموعة من الدول النامية، تنهض الدول التي يشكل إجمالي تعداد سكانها نصف سكان العالم، وهذا أمر غير مسبوق في التاريخ. على هذه الخلفية حدثت الأزمة المالية، بعد الأزمة، سيظهر تدريجيا هيكل جديد في العالم سيكون هيكلا متعدد الأطراف، وسيصبح للدول النامية قول أكبر، ولن تكون سيطرة الدول الغربية مطلقة. لقد قال رئيس الصين هو جين تاو: "الصين لن تنفصل عن العالم في تنميتها، ولن ينفصل العالم عن الصين في تحقيق ازدهاره واستقراره." وقال الرئيس الأمريكي باراك أوباما أيضا إن الولايات المتحدة الأمريكية تحتاج العالم، والعالم يحتاج الولايات المتحدة الأمريكية. ماذا يعني ذلك؟ يعني أن تيار التاريخ لا يمكن مقاومته.         

 

   

 

 

 

 

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@chinatoday.com.cn
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.

فرع مجلة ((الصين اليوم)) الإقليمي للشرق الأوسط بالقاهرة
رئيس الفرع: حسن وانغ ماو هو
العنوان: 5 شارع الفلاح، المتفرع من شارع شهاب
- المهندسين- الجزيرة- مصر
تليفاكس: 3478081(00202)
  ص.ب208 – الأورمان – الجزيرة – القاهرة – مصر
   الهاتف المحمول: 0105403068(002)
البريد الإلكتروني: kailuofenshe@yaoo.com.cn