مهرجان ناننينغ الفني الدولي للأغاني الشعبية

 

تقع مدينة ناننينغ الجميلة في الدائرة الاقتصادية لجنوب شرقي آسيا، كما أنها تقع في الدائرة الاقتصادية لقوانغدونغ وهونغ كونغ وماكاو والدائرة الاقتصادية لجنوبي الصين والدائرة الاقتصادية لجنوب غربي الصين. إن ناننينغ التي تعتبر ممرا هاما إلى البحر لمناطق جنوب غربي الصين هي عاصمة منطقة قوانغشي الذاتية الحكم لقومية تشوانغ، ومدينة محورية لمنطقة خليج بيبو الاقتصادية، ومقر معرض الصين- رابطة دول جنوب شرقي آسيا (آسيان). في أكتوبر عام 2007 فازت بـ"جائزة الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية".

مدينة خضراء

أطلق عالم الجيولوجيا الشهير لي سي قوان على جبال دويانغ ودامينغ وداياو وجياتشياولينغ في قوانغشي اسما جامعا هو "قوس قوانغشي"، وتقع ناننينغ، التي تُسمى اختصارا "يونغ"، في قلب هذا القوس، فمناخها دافئ ومطرها غزير ومناظرها جميلة مكسوة بالخضرة.

في ناننينغ أنت في عالم أخضر. اللون الأخضر هنا نقي ساحر يفيض بالحيوية، والخضرة موضوع رئيسي لهذه المدينة. منذ آلاف سنة جذبت خضر ناننينغ كثيرا من الأدباء والشعراء. كتب شاعر معاصر مقيم في ناننينغ: في عشر سنين/ اكتشفت مصادفة ذات صباح أزرق خفيف/ أنني أرقد على ورقة خضراء... تنتشر الخضر في أنحاء المكان بدون حدود/ أيقظني تغريد الطيور المبلل بالضباب/ الخضرة المفعمة بالحيوية/ الخضرة التي تجعل مباهج الربيع تغمر الدنيا/ الخضرة التي تجعل الجبال والأنهار مبتهجة/ الخضرة التي تنشر الحكم/ أصبحت هذه الخضر كرامة...

الحقيقة أن الخضرة داخل مدينة ناننينغ ليست عادية، فأبناء المدينة يسقون كل شجرة وزهرة وعشبة بها. في تسعينيات القرن الماضي رفعت ناننينغ شعار "المدينة الصينية الخضراء"، فبدأ ينتشر اللون الأخضر فيها منذ ذلك الوقت. حتى نهاية عام 2008 صارت ناننينغ "مدينة في غابة وغابة في مدينة. تشكل الأشجار غابات، والزهور مناطق، والخضرة موجودة على مدار السنة، والأزهار تتفتح في الأربعة فصول". اليوم، ينتشر في حاضرة مدينة ناننينغ الجبال، الأنهار، البحيرات والجداول، وتغطيها الأشجار والزهور على مدار السنة، فتبدو بملامحها المميزة، فنصفها شجر وخضرة ونصفها الآخر بنايات.

صحيح أن الخضرة تنتشر في أنحاء المدينة، ولكن زائر ناننينغ لا ينبغي أن تفوته زيارة بحيرة نانهو إذا أراد التمتع بمناظر هذه المدينة الجميلة التي تحزمها الأشجار الخضراء وتتناثر فيها البحيرات. يبلغ إجمالي مساحة بحيرة نانهو 91ر191 هكتارا، ومساحة سطح ماء البحيرة حوالي مائة هكتار. وهي حديقة شاملة للنباتات البستانية رئيسيا، تتميز بخصوصيات القومية التي تقطن مقاطعة قوانغشي ومناظر المناطق شبه الاستوائية. يحيط بالبحيرة حوالي ألف نوع من الأشجارالقديمة الشهيرة، وتجذب كثيرا من السائحين، ولكنها مقصد يومي لأبناء مدينة ناننينغ.

إذا كانت بحيرة نانهو هي عين مدينة ناننينغ فإن جبل تشينغشيو هو الرئة الخضراء التي تتنفس بها ناننينغ. يحمل جبل تشينغشيو أيضا اسم قمة تايتشينغ، تبلغ مساحته أكثر من عشرة كيلو مترات مربعة. ترتبط سلسلة قمم الجبل بحاضرة المدينة، ويقع أكثر من عشر قمم جبلية كبيرة وصغيرة في منطقة "بنايات متعددة الأشكال" (منطقة التجارة الدولية لآسيان التي يجري بناؤها حاليا)، ويشكل هذا منظرا فريدا للمدينة.

الحياة في ناننينغ مريحة ومبهجة ومرفهة. تتمتع ناننينغ بألقاب ذهبية كثيرة، بما فيها "المدينة البستانية الوطنية"، "جائزة بيئة السكن الصينية"، "المدينة النموذجية الوطنية للتشجير"، "جائزة الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية" إلخ. كل هذه يجعل أبناء ناننينغ يحبون هذه الأرض، ولا يريد من يزورها مغادرتها.

مدينة حديثة متسامحة

ناننينغ مدينة ذات حضارة عريقة. في سنة 1997، كان فلاح من قرية جيووانبوه بمحافظة يونغنينغ في ناننينغ يحفر في جبل دينغشي. فجأة رأى الفلاح آثارا قديمة، منها فؤوس حجرية، مجرفة حجرية، أدوات صدفية، ومخرز عظمي. أدرجت أطلال بيتشيو التي تسمى "ثقافة جبل دينغشي بمحافظة يونغنينغ" ضمن قائمة الثقافة البدائية على الدرجة الأولى، لا يسبقها في ذلك غير أطلال بانبوه بمقاطعة شنشي لحوض النهر الأصفر، وأطلال خهمودو لحوض نهر اليانغسي.

ثقافة ناننينغ الحديثة متنوعة ومتعددة، ومناظرها لوحات رسم بديعة وأبناؤها يفيضون حماسة وحيوية. في ناننينغ تشعر بأنك في بيت صديق، حيث الأريحية والهدوء وسعة الصدر، وسوف تعجبك ثقافتها الوافرة وتتأثر بطبيعتها الساحرة.

في السنوات الأخيرة، مع إقامة معرض الصين- آسيان سنويا، واستثمار منطقة خليج بيبو الاقتصادية تزداد قوة جذب ناننينغ يوما بعد يوم. وقد لاحظ أبناء المدينة زيادة عدد الأجانب بها. في المدارس، المناطق السكنية، الميادين، محلات السوبر ماركت وغيرها من الأماكن العامة يمكن رؤية الأصدقاء الأجانب الذين يعيشون في ناننينغ، ويقيم بعضهم في ناننينغ بسعادة.

حياة أبناء ناننينغ الليلية متنوعة وعلى أحدث موضة. تزدهر البارات من شارع طريق شينغهو إلى طريق دونغقه طول الليل، وتكتظ مقاهي القهوة والشاي في ميدان دونغهو بالزبائن، وتجذب أكشاك الطعام في شارع تشونغشان وخيام جبل تشينغشيو كثيرا من السائحين. وليس غريبا أن يقول صديق من ناننينغ يعيش في بكين منذ أربع سنوات: "لا فرق بين ناننينغ وبكين من حيث الحياة الليلية المتنوعة."

ناننينغ جنة الأطعمة اللذيذة أيضا. تشتهر ببعض الأطعمة المميزة، مثل شعرية لاويو، كرات اللحم، أحشاء البقر وغيرها من الأطعمة المحلية، كذلك يوجد فيها أطعمة متنوعة لذيذة شهيرة لدول جنوب شرقي آسيا. يفضل أبناء ناننينغ استخدام "بوتونغهوا"(الصينية الرسمية الفصحى) في حديثهم مع من لا يتكلمون لهجة قوانغدونغ، كما يحترمون من يتكلم "بوتونغهوا".

التنوع، الانفتاح، والتسامح يجعل كل شيء بسيطا في حياة أنباء ناننينغ. من يجد صعوبة يساعده غيره فورا. تنتشر في شوارع ناننينغ كلمة "ساعد إذا أمكن". يقال إن هذه الكلمة الشعبية شائعة في ناننينغ منذ مئات السنين، وهي جزء من حضارة ناننينغ العريقة وثقافة المدينة. "ساعد إذا أمكن" في مجالات مختلفة، من الكساء والغذاء إلى السكن والمواصلات، ومن طلب العلم والتوظيف إلى مساعدة الفقراء، تعكس عبارة "ساعد إذا أمكن" أن المحبة في هذه المدينة بلا حدود.

موطن الأغنية الشعبية

في عام 1999 رفع الستار عن أول مهرجان فني دولي للأغاني الشعبية في ناننينغ بأنشودة "الأغنية الجبلية تشبه مياه النهر في الربيع". منذ ذاك، حصلت ناننينغ على بطاقة هوية أخرى هي "الموطن الذي تعشقه الأغاني الشعبية تحت السماء".

تشتهر منطقة قوانغشي الذاتية الحكم لقومية تشوانغ بأنها "بحر الأغاني"، وقومية تشوانغ لها باع طويل في الغناء منذ قديم الزمان، وقد جاء في "تاريخ إمبراطورية أسرة تانغ" أن قومية تشوانغ تجيد الغناء وتعشقه، وتقيم مهرجانا للأغاني في اليوم الثالث من الشهر القمري الثالث سنويا، ويشارك فيه الناس عفويا، ويعبرون عن معاشرهم بالأغاني ويعرفون الأصدقاء بالرقص.

في عام 1993، من أجل تعريف العالم بقوانغشي وخروج قوانغشي إلى العالم، بدأت منطقة قوانغشي الذاتية الحكم لقومية تشوانغ إقامة "مهرجان الأغاني الشعبية الدولي بقوانغشي"، بهدف "تعارف الأصدقاء بالأغاني، التعبير عن المشاعر بالأغاني، جذب المستثمرين بالأغاني". في عام 1999، بعد الدراسة والاستفادة من خبرة إقامة المهرجانات الدولية للمدن، غيرت منطقة قوانغشي الذاتية الحكم لقومية تشوانغ اسم "مهرجان الأغاني الشعبية الدولي بقوانغشي" الذي أقامته ست سنوات متتالية إلى "مهرجان ناننينغ الفني الدولي للأغاني الشعبية"، وفوضت حكومة مدينة ناننينغ لإقامته.

يولي أبناء ناننيغ اهتماما لهذا المهرجان الفني السنوي، ويرون أنه إذا صار مهرجان الأغاني الشعبية مهرجانا فنيا دوليا على مستوى عال فسيكون المهرجان الفني الدولي للأغاني الشعبية بطاقة جديدة لمنطقة قوانغشي لنشر الثقافة القومية إلى العالم.

في موسم الخريف الذهبي يقام مهرجان ناننينغ الفني الدولي للأغاني الشعبية في موعده المحدد كل سنة. منذ عشر سنوات، يأتي مشاهير الفنانين في العالم إلى ناننينغ لتقديم العروض، وتجتمع فيها الأغاني الشعبية للقوميات من أنحاء العالم، ويخرج منها بعض الأغاني الشعبية الأصلية إلى العالم، على سبيل المثال "أغنية الأرض الطائرة"، " الحلم في بلدة قومية تشوانغ"، "الأغنية الجبلية تشد القمر"... وقد هزت العالم بعض العروض، مثل عزف وغناء فتيات جيوتشو، رقص مزامير شنغ وغيرهما من العروض الأصلية القومية. في عام 2006، دخل مهرجان ناننينغ للأغاني الشعبية أوروبا. بالتعاون مع محطة التلفزيون المركزية الصينية ومحطة التلفزيون النمساوية الوطنية، أقامت اللجنة المنظمة لمهرجان ناننينغ الفني الدولي للأغاني الشعبية أمسية فنية بعنوان "ليلة سالزبورغ الصينية النمساوية- أغاني الأرض الطائرة. مسرح الموسيقيين"، فقدمت لأوربا عادات وتقاليد لقومية تشوانغ.

اللغة هي جسر العبور إلى العالم. مضت عشر سنوات على إقامة المهرجان، وأصبح مهرجان ناننينغ الفني الدولي للأغاني الشعبية مشهدا جميلا لمدينة ناننينغ، وأتى لقوانغشي بموجات مدهشة مثل "موجة السياحة، موجة الاستثمارات، موجة بناء المدينة". يلاحظ الناس أن ناننينغ أكثر انفتاحا وأكثر جمالا يوما بعد يوم. بفضل مهرجان ناننينغ الفني الدولي للأغاني الشعبية يعرف ويفهم ناننينغ عدد غير قليل من رجال الأعمال الأجانب، ويحبون ناننينغ ويقيمون فيها. لقد دفع مهرجان الأغاني الشعبية تطور ناننينغ بسرعة، بأسلوب "ناننينغ" حيث الجبال خضراء، والمياه نقية، والبيئة مناسبة لمعيشة الإنسان، والاقتصاد يتطور تطورا سريعا وصحيا ومتناسقا. صارت ناننينغ مدينة دولية حديثة متحضرة جاذبة.

ربوة الثروات الإقليمية

ناننينغ ذات الألف سنة من التاريخ، والتي كانت بلدة صغيرة غير معروفة على حدود جنوب غربي الصين، صارت اليوم مدينة دولية محورية للإقليم، والوقت يشهد على تغيرات ناننينغ الساحرة.

منذ قديم الزمان كانت ناننينغ مركزا لتجمع وتوزيع البضائع لمنطقة جنوب غربي قويلين ومقاطعات يوننان، قويتشو وسيتشوان. أصبحت ناننينغ بلدة منفتحة على الخارج رسميا سنة 1907، مما دشن لمحة انفتاح ناننينغ على الخارج وجعلها "المدينة المئوية للتجارة الخارجية".

بعد مائة سنة، استقبلت ناننينغ فرصة جيدة أخرى للتطور. في عام 2003، خلال الدورة السابعة لمؤتمر قمة آسيان- الصين (10+1)، اقترح رئيس مجلس الدولة الصيني ون جيا باو بأن تكون ناننينغ مكانا لإقامة معرض الصين- آسيان اعتبارا من عام 2004، فكان ذلك إيذانا بميلاد "قناة ناننينغ" للتبادل والتعاون بين الصين وآسيان. في عام 2004 الذي أقيم فيه معرض الصين- آسيان الأول، بلغ حجم التبادل التجاري بين الصين ودول آسيان 9ر105 مليارات دولار أمريكي، وتحقق هدف المائة مليار دولار أمريكي قبل سنة من الموعد المحدد. في عام 2007، بلغ حجم التبادل التجاري 6ر202 مليار دولار أمريكي وتحقق هدف المائتي مليار دولار أمريكي قبل الموعد المحدد بثلاث سنوات. في نهاية عام 2008، بلغت قيمة الاستثمارات المتبادلة للجانبين حوالي 60 مليار دولار أمريكي. ستقام الدورة السادسة لمعرض الصين- آسيان في الفترة من 20 أكتوبر إلى 24 أكتوبر عام 2009، ومن المؤكد أنه سيعطي دفعة قوية لتعاون الصين ودول آسيان.

مع إقامة معرض الصين- آسيان سنويا، ظهرت فكرة أكبر حول التعاون بين الصين وآسيان. خلال أول دورة لمنتدى التعاون الاقتصادي لمنطقة خليج بيبو التي عقدت في يوليو عام 2006، تشكلت فكرة جديدة لهيكل التعاون الاقتصادي الجديد بين الصين وآسيان على أساس بناء التعاون الاقتصادي لمنطقة خليج بيبو الموسعة، والتعاون الإقليمي الثانوي لمنطقة نهر ميكونغ الموسعة، وبناء ممر ناننينغ- سنغافورة الاقتصادي. يعتبر بناء التعاون الاقتصادي لمنطقة خليج بيبو الموسعة أهم أمر لبناء هيكل التعاون الاقتصادي الجديد بين الصين وآسيان.

في عام 2008، أجاز مجلس الدولة الصيني "خطة تطوير منطقة خليج بيبو الاقتصادية بقوانغشي"، وحدد مكانة ناننينغ أنها "مدينة دولية إقليمية للتعاون بين الصين ودول آسيان". وفقا لفكرة بناء التعاون الاقتصادي لمنطقة خليج بيبو الموسعة تعتبر ناننينغ محركا لهذا المشروع، وصارت ناننينغ قاعدة توزيع البضائع، قاعدة التجارة، قاعدة المعالجة والتصنيع للتعاون الإقليمي بين الصين ودول آسيان، فضلا عن أنها  مركز لتبادل المعلومات، مركز للمواصلات المحورية، مركز المال لهذه المنطقة الإقليمية.

إن ناننينغ التي تتحلى بروح العمل الجاد والحماسي وتمتلك الجرأة على التقدم صارت قوة دافعة لبناء منطقة خليج بيبو الاقتصادية بقوانغشي، وتلعب دورا رئيسيا لبناء الاقتصاد الإقليمي.