ã

يمكنني المحافظة على طبيعة المثقف العادي

جيانغ بينغ

جيانغ بينغ

جيانغ بينغ (الثاني من اليمين) في جامعة موسكو

جيانغ بينغ يلقي كلمة في ندوة لصناعة التكنولوجيا سنة 2004

 

 

ولد جيانغ بينغ سنة 1930 بمدينة داليان بمقاطعة لياونينغ، وحصل على شهادة في القانون من جامعة موسكو سنة 1956 منذ سنة 1982، شغل منصب نائب رئيس معهد بكين للعلوم السياسية والقانون، ثم  رئيس جامعة الصين  للعلوم السياسية والقانون، وعضو اللجنة الدائمة للمجلس الوطني السابع لنواب الشعب الصيني، ونائب رئيس اللجنة القانونية بهذا المجلس، ونائب رئيس جمعية القانون الصينية.

كنت ضمن أول دفعة من الطلاب الصينيين المبعوثين لدراسة القانون في الاتحاد السوفياتي بعد تأسيس الصين الجديدة. عندما عدت إلى الصين بعد الدراسة لم أجد مكانا أستخدم فيه ما تعلمته بالجامعة. بعد تطبيق الإصلاح والانفتاح في الصين عام 1978، شرع القانوني الصيني يصبح نظاميا، وصار هدف الطلاب الجامعيين من دراسة القانون أن يصبحوا ذوي تفكير قانوني حديث وأصحاب ضمير حي يتسم بالنزاهة والعدل والإيمان بالديمقراطية والحرية، وليس دراسة "دكتاتورية الشعب" كما كان في السابق. إضافة إلى التدريس في الجامعة، شاركت في سن عدد كبير من القوانين الهامة، وشهدت بعيني ا مسيرة بناء النظام القانوني في الصين في المرحلة الجديدة.

لا مكان للكفاءة

انتقلت أسرتي من داليان إلى بكين وعمري ثماني سنوات. التحقت بمدرسة تشونغده (المدرسة رقم 31 حاليا). والتحقت بجامعة يانجينغ (تحولت إلى جامعة بكين)، لدراسة الصحافة.

في أغسطس عام 1951، وقع على الاختيار لدراسة القانون في جامعة موسكو لمدة خمس سنوات. خلال هذه الفترة، تعلمت اللاتينية ودرست القوانين الرومانية دراسة نظامية. انضممت الاتحاد الطلاب الصينيين في موسكو وعملت مع زعيم الاتحاد السوفيتي السابق ميخائيل غورباتشوف لبعض الوقت.

في عام 1956، أنهيت دراستي في موسكو وعدت إلى البلاد وعينت في معهد بكين للعلوم السياسية والقانون (جامعة الصين للعلوم السياسية والقانون حاليا). في ذلك الوقت، لم يكن في قلبي غير نشاط وطموح لخدمة بلادي، ولكن كنت أفتقر إلى المعرفة العميقة للنظام القانوني الصيني. اكتشفت أن تعلمته في الجامعة لا مكان له لاستخدام كفائتي وتخصصي، فشعرت بفتور الهامة لمدة طويلة. في عام 1957، تم تصنيفين خطأ، ضمن "البرجوازيين اليمينيين" فأقلت من منصبي وأرسلت للعمل بالريف، حيث بقيت هناك حتى سنة 1972، وعندما سمح لي بالعودة عملت معلما في مدرسة ثانوية بضاحية بكين.

قبل الإصلاح والانفتاح، لم يكن في الصين نظام قانوني سليم، فكلام القادة كان أكثر قوة من القانون. كانت سنة 1978، نقطة تحول تاريخية لبناء النظام القانوني في الصين.

 تغير هدف دراسة القانون

في عام 1978، شرعت الصين في تطبيق سياسة الإصلاح والانفتاح، وتحول جوهر التنمية من الصراع الطبقي إلى التنمية الاقتصادية. منذ ذلك الوقت، تسير الصين على الدرب القويم. في نهاية عام 1978، عدت إلى معهد بكين للعلوم السياسية والقانون. وفي العام التالي، بُرءت من عار النزعة اليمينية، وبدأت أعمل في مكتب بحوث القوانين المدنية. بعد سنوات طويلة من الشعور بالانقباض، قررت أن أكرس قلبي وذهني للعمل، وسرعان ما تم ترقيتي إلى منصب مدير المكتب. وفي عام 1983، توليت منصب نائب رئيس المعهد. في السنة التالية، تغير اسم المعهد إلى جامعة الصين للعلوم السياسية والقانون، وتوليت منصب نائب رئيس الجامعة لشؤون التعليم، ثم توليت منصب رئيس الجامعة في عام 1988.  

بعد أن توليت أعلى منصب إداري في الدجامعة، لاحظت أن تفكير أعضاء هيئة التدريس محافظ جدا وليس بعيدا عن شبح الحركات السياسية، وليست لديهم القدرة على تدريس علوم القانون في العصر الجديد. لذا قررت السعي لتنشئة وإعداد هيئة تدريس جديدة، واتخذت كثير من الإجراءات لتحقيق هذا الهدف، ومن ذلك تعزيز قدؤة إعداد الطلاب الجامعيين، واختيار الخريجين المتميزين لمواصلة الدراسات العليا، وقد تم تعيين كثير منهم للتدريس في الجامعة فصاروا العمود الفقري لهيئة التدريس في الجامعة بعد وقت قصير.

وفي الوقت نفسه، بدأنا إصلاح مناهج الدراسة. في ذلك الوقت، كان الاهتمام الرئيسيب للتعليم القانوني  هو القانون الجنائي، مع قليل من المواد عن القانون المدني. في ذلك الوقت، كانت المقررات التعليمية الرئيسية تركز على على ثلاث مواد: نظرية علم القانون وتاريخ النظام القانوني والقانون الجنائي. السبب في ذلك هو أن الحقوق العامة كانت أعلى من الحقوق الخاصة في الصين حينذاك. وقد أدركت ضرورة القيام ببعض التعديل لأهداف ومقررات التعليم. في عام 1979، أدرجت مواد القانون الروماني والقوانين المدنية والتجارية الغربية في مقررات التدريس، وكنت أحاضر في تلك المواد بنفسي. بعد وقت قصير، أصبح القانون المدني ركنا اساسيا في التعليم القانوني. وحاليا يبدي الصينيون شغفا متزايدا بالقانون، ويزداد عدد الصينيين الراغبين في دراسة القانون المدني يوما بعد يوم. هدفنا من التعليم هو إعداد خريجين ذوي تقمير قانوني حديث، والسعي لحماية العدالة والنزاهة والضمير الحي، والإيمان بالديمقراطية والحرية.

 

تشريعات قانونية لحماية الحقوق الخاصة

بعد تبني سياسة الإصلاح والانفتاح، دخلت أعمال التشريعات القانونية في الصين مرحلة تطور سريع، حيث شاركت في صياغة كثير من القوانين الهامة، وشهدت بعيني مسيرة بناء النظام القانوني الصيني في المرحلة الجديدة.

في عام 1982، بدأ وضع تشريعات القانون المدني ف يالصين باقتراح من  دنغ شياو بينغ، الذي رأى أن إقامة اقتصاد السوق في الصين تتطلب وجود نظام قانوني كامل. إن البعض يعتب رالقانون المدني دستور حماية الحقوق الخاصة، لا يمكن الاستهانة بأهميته. في ذلك الوقت، جمع الجهاز التشريعي الصيني معظم كبار  خبراء القانون المدني في أنحاء الصين، وأنا منهم. في عام 1984، اكتملت الطبعة الرابع المنقحة للقانون المدني الصيني، ولكن البعض، في ذلك الوقت، كان يعتقدون  أن الصين غير مؤهلة لإصدار القانون المدني، كونها ما زالت في بداية الإصلاح والانفتاح فعلى الرغم من أن شكل الإصلاح في الريف كان اتخذ بالفعل ملامحه الرئيسية، كان الإصلاح في المدن ما زل في مرحلة الاستكشاف. لذلك، قرر الجهاز التشريعي تعليق صياغة القانون المدني، وصياغة  "المبادئ العامة للقانون المدني". واجهنا مشكلة أخرى هي التعامل مع العلاقة بين القانون التجاري والقانون المدني، فحسب الأعراف الدولية، القانون التجاري والقانون المدني قانونان متشابكان، ويحملات معا اسم "القانون المدني والتجاري". ولكن في ذلك الوقت، كان الاقتصاد المخطط مازال مهيمنا في الصين، وتقريبا مفهوم "التجارة" غير موجود في اقتصاد الصين. المعضلة التي كنا نواجهها هي ما إذا كانت التنمية الاقتصادية تقوم على أساس التدخل الحكومي أم حماية الملكية؟ كنت عضوا في فريق من أربع خبراء لوضع القانون. كنت مصرا على على حماية حقوق الملكية في المبادئ العامة للقانون المدني، وبالفعل تم في النهاية تحديد مفهوم حقوق الإدارة للشركات في المبادئ العامة.

وقد ظللت أدعو إلى قطع سيطرة الحكومة غير المناسبة على الشركات المملوكة للدولة، وسعيت لمنح الشركات حرية الإدارة وتقليل تدخل الدولة في إدارتها. في عام 1993، صدر" قانون الشركات الصيني"، الذي حدد أن الشركة هي نموذج التنظيم الأساسي للأنشطة الاقتصادية.

 

خلق مجتمع الفرص المتكافئة

كنت من عشاق ركوب الدراجة داخل وخارج حرم الجامعة، وقد ترك ذلك عددا من الذكريات المشوقة. ذات مرة، ركبت دراجتي لحضور اجتماع للجنة الدائمة للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني، التي تعد أعلى هيئة تشريعية في الصين. عند بوابة اللجنة، رفض حارس المدخل دخولي غير متصور أن عضوا باللجنة الدائمة يدخل راكبا دراجة وليس سيارة. هذا الحادثة سرعان ما أصبحت مزحة بين زملائي وأصدقائي.

في عام 1990، استقلت من منصب رئيس جامعة الصين للعلوم السياسية والقانون. في عام 1996 كنت أمضيت أربعين سنة في مهنة التدريس، كتبت مقالا للاحتفاء بهذه المناسبة، جاء فيه :"على الرغم من أنني جربت كل أنواع المتاعب والصعوبات خلال الأربعين سنة الماضية، لست نادما على اختياري لمهة التدريس، وإذا كان لي أن أختار مرة أخرى سأختار التدريس في الجامعة."

بعد أن استقلت من اللجنة الوطنية لنواب الشعب الصيني عام 1992، انتخبت نائبا للمجلي نواب الشعب المحلي لحي هايديان ببكين. خلال تلك الفترة، شاركت في وضع العديد من القوانين الهامة، ومنها "قانون الملكية"، الذي أعتقد انه مازال هناك مجال لتحسينه. ولكن من منظور تاريخي، يمثل هذا القانون تقدما تاريخيا في مسيرة تطور النظام القانوني الصيني، إذ أنه يقدم حماية متساوية للحقوق العامة والحقوق الخاصة.

منذ منتصف تسعينات القرن الماضي، دخلت الصين مرحلة سرعة وضع التشريعات القانونية، حيث صدر عدد كبير من القوانين لدرجة أن البعض يرى أن النظام القانوني الصيني اكتمل من حيث الأساس. ولكن في اعتقادي، معيار اكتمال بناء النظام القانوني لا يقتصر على كمية القوانين، بل يتضمن السيادة الحقيقية للقانون.

الآن، تتوسع الفجوة بين الأغنياء والفقراء في الصين. أعتقد أن توفير حياة كريمة للشعب مسؤولية للدولة والشركات، وهذه المسؤولية مقررة في القانون. ولكن هذه مسؤولية ليست مجرد تقديم المساعدات المالية ، فالأهم من ذلك هو خلق مجتمع يوفر فرصا متكافئة لكل أفراده. في السنوات الأخيرة، مع زيادة حدة النزاعات الاجتماعية في المجتمع الصيني، يشك البعض من الإصلاح والانفتاح، وأرى أن الإصلاح في الصين سيستمر بلا توقف. ويجب على الشركات أن تتحمل مسؤوليتها في رعاية الفئات الضعيفة بالمجتمع.

أعتقد أن دفع تقدم بناء النظام القانوني يعتمد على شفافية السلطة الحكومية، والتحول من "حكومة بلا حدود" إلى "حكومة محدودة". إنني متفائل بمستقبل النظام القانوني الصيني وقد انتشر مفهوم النظام القانوني الحديث بين الشعب الصيني بسرعة عالية بعد الإصلاح والانفتاح، وخاصة بين الشباب. ويلعب خريجو كليات القانون دورا متناميا في جميع قطاعات المجتمع. في الدول الأخرى، يبرز من بين كبار السياسيين المزيد من القانونيين، والصين ليست بعيدة عن هذا التوجه.

ولكن يجب علينا أن ندرك أن الصين ظلت دولة إقطاعية لآلاف السنين وأن تحقيق مجتمع القانوني الحقيقي يحتاج إلى جهود مستمرة  لأجيال عديدة. لا ينبغي أن نهمل هذه النقطة.

 

 

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@chinatoday.com.cn
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.

فرع مجلة ((الصين اليوم)) الإقليمي للشرق الأوسط بالقاهرة
رئيس الفرع: حسن وانغ ماو هو
العنوان: 5 شارع الفلاح، المتفرع من شارع شهاب
- المهندسين- الجزيرة- مصر
تليفاكس: 3478081(00202)
  ص.ب208 – الأورمان – الجزيرة – القاهرة – مصر
   الهاتف المحمول: 0105403068(002)
البريد الإلكتروني: kailuofenshe@yaoo.com.cn