ã

حوار الحضارات بين العرب والصينيين يتعانق في ملتقى تونس

سوسن أبو حسين

نائب رئيس اللجنة الوطنية للمجلس الاستشاري السياسي الصيني باي لي تشن ووزير الثقافة التونسي عبد الرءوف الباسطي يقصان شريط افتتاح ندوة الحوار بين الحضارتين العربية والصينية في تونس، مايو 2009

في ندوة حوار الحضارتين الصينية والعربية ببكين في ديسمبر 2008

 

حظي حوار الحضارات بين العرب والصينيين بقرار عربي جماعي، اتخذ في عدة قمم عربية خاصة قمتي دمشق والدوحة، تعبيرا عن الرغبة في ترسيخ الحوار العربي الصيني والانفتاح على الحضارة الصينية، التي تلتقي وتتعانق مع معظم جوانب الحضارة العربية. ولكن تبقى ترجمة ما اتخذ من قرارات على أرض الواقع وفى الميدان من خلال تعارف الشعوب وتلاقى الأجيال لأن المتاح لدى جيل الشباب العربي عن الصين هو سور الصين العظيم والمنتجات الصينية في الأسواق العربية.

تولي الدول العربية أهمية لدفع الحوار الثقافي والحضاري العربي الصيني إلى آفاق رحبة، ليشكل نموذجا يحتذي به للتناغم بين الحضارات المختلفة، ولرغبة الجانبين في تعزيز العلاقات الثقافية والحضارية بين الشعبين العربي والصيني، وتواصلا مع المعطيات التاريخية الرائدة للتقارب بين هذين الشعبين الصديقين على جميع المستويات الثقافية، العلمية، الاقتصادية، والسياسية، وضعت آليات للتعاون ولتنفيذ ما يُتفق عليه في الاجتماعات الرسمية والتي حددها منتدى التعاون العربي الصيني. لكن من الملاحظ أن هذه الاجتماعات غير كافية للتعبير عن تجسيد الصورة الفعلية لتعانق الحضارات وبات الأمر يحتاج لحوار حيوي في الميدان بشكل متسارع ومكثف لأن الفكرة التي وضعتها مجموعة من المسؤولين في اجتماع انعقد منذ عامين أو ثلاثة أعوام متواضعة، وربما يتغير المسؤول وتبقى الفكرة كما هي دون تحقيق أبعاد تأسيس منتدى التعاون العربي الصيني، والذي يجب أن يخرج من دائرة الجمود والروتين إلى نتائج تشعر بها شعوب المنتدى.

وكان من أهم ما اتفق عليه في ملتقى تونس للحوار العربي الصيني هو نبذ الصراع والصدام بين الحضارات وترسيخ مبادئ الحوار والتفاهم والتحالف بينهما، وتعزيز التشاور من أجل التوصل إلى رؤية مشتركة لتحديات المستقبل قوامها الاحترام والمساواة والمنفعة المتبادلة، وتعزيز التضامن السياسي وصيانة السلام والاستقرار وتعزيز التعددية في العلاقات الدولية والترحيب بكافة المبادرات الإقليمية والدولية الداعمة للحوار بين الحضارات والتأكيد على تعزيز التعاون العربي الصيني في مختلف المجالات. وفى تقديري أن هذه العناوين المهمة تحتاج إلى ترجمة فعلية خاصة بعد الأحداث الأخيرة في مناطق المسلمين في الصين والتي أعطت انطباعا بصدام الأديان، وإن كانت الدول على المستوى الرسمي قد حاولت احتواء الموقف عبر اتصالات مجدية وودية مع الحكومة الصينية هدأت بعدها لغة التصعيد أو المبالغة فيما يحدث من تعاملات بين الأديان.

كما أنني أفضل أن يكون التركيز بين العرب والصينيين خلال الفترة المقبلة على سبل نشر الثقافات وإبراز العمق التاريخي للعلاقات العربية الصينية وأدعو إلى تشكيل لجنة دائمة من الجانبين العربي والصيني لتنشيط التعاون في مجال حوار الحضارات وترسيخ العلاقات على المستوى الشعبي وتنظيم رحلات لطلبة المدارس والجامعات وزيارات متبادلة بين مؤسسات العمل الثقافية بين البلدان العربية والصين ليرى كل فريق تجربة الآخر على الطبيعة، وليس عبر وسائل إعلام مغرضة قد تساهم في إفساد مناخ العلاقة في ميلادها الأول، خاصة وأن منتدى التعاون العربي الصيني مازال يحبو في أعوامه الخمس ولم يبرز بشكل حقيقي ما حرص عليه المؤسسون في الصين وعواصم التاريخ والحضارة في العالم العربي. ويهمني هنا أن أشير إلى عشق الزعيم الراحل جمال عبد الناصر للصين والزيارات التسع للرئيس حسنى مبارك إلى الصين أيضا. وهذا الحرص المصري على سبيل المثال لم يقابله حرص وتنوع في آليات التعامل مع مصر والذي يشهد أيضا نوعا من التراجع الموضوعي في إنجاز ملفات التعاون بين البلدين.

ولكي أكون موضوعية، وبصرف النظر عمن يبدأ، مطلوب من الصين والدول العربية تقييم ما تم إنجازه وتحديد سقف الطموح في مستوى العلاقات حتى يكون البناء أقوى ويرتقي مع أوراق القيم الإنسانية والحضارية التي سجلها التاريخ القديم والحديث بين الصينيين والعرب. ويكفى هنا أن أشير إلى ما ورد في ملتقى تونس بأن التواصل بين الحضارتين الصينية والعربية يرجع إلى زمن بعيد حيث استفادت الحضارتان من بعضهما البعض وساهمتا بنصيب وافر في تقدم الحضارة البشرية. والتأكيد بأن المرحلة  الجديدة تدعو الجانبين إلى إرساء روح التسامح والتناغم والتعاون وحماية التنوع الثقافي والتأكيد على ضرورة الفهم والاحترام الكامل للخصوصيات الثقافية للشعوب الأخرى والطرق التنموية التي اختارتها بإرادتها المستقلة، مع دعم الجهود الرامية إلى بناء عالم متناغم يسوده السلام الدائم والازدهار المشترك ونظام دولي أكثر عدلا وأعمق إنسانية. ومن بين الأدوات المطلوبة لتفعيل التواصل بين العرب والصين أهمية وضع آلية دائمة لتفعيل حركة الترجمة للمؤلفات والكتب من كلتا اللغتين لما لذلك من أهمية في تعميق معرفة كل طرف بالآخر. و اعتماد أسلوب التوأمة بين الجامعات العربية والصينية؛ والاهتمام  بالمحافظة علي التراث التاريخي والثقافي للجانبين وتبادل التجارب والخبرات بينهما في هذا المجال، خاصة فيما يتعلق بصيانة وترميم الآثار؛ وتوحيد الجهود الرامية إلى التصدي لظاهرة الإرهاب ورفض محاولات ربطه بعرق أو دين ولكافة التحديات التي تواجه العالم اليوم وتدعيم الحوار والتواصل بين مختلف الحضارات وبناء عالم متناغم. وتشجيع ثقافة التسامح والحوار والانفتاح الفكري على الآخر والإنصات إلى صوت الحق، والتأكيد على سيادة الدول وسلامتها الإقليمية وعدم التدخل في شؤونها الداخلية ودعم حق الشعوب في تقرير مصيرها ورفض كل أشكال التمييز العنصري أو العرقي والتصدي للاحتكام إلى منطق القوة لإذلال الشعوب المستضعفة.

 

 

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@chinatoday.com.cn
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.

فرع مجلة ((الصين اليوم)) الإقليمي للشرق الأوسط بالقاهرة
رئيس الفرع: حسن وانغ ماو هو
العنوان: 5 شارع الفلاح، المتفرع من شارع شهاب
- المهندسين- الجزيرة- مصر
تليفاكس: 3478081(00202)
  ص.ب208 – الأورمان – الجزيرة – القاهرة – مصر
   الهاتف المحمول: 0105403068(002)
البريد الإلكتروني: kailuofenshe@yaoo.com.cn