ã

سوريا بعيون دبلوماسية صينية

إعداد: مي تشانغ يا مينغ

السفيرة تشو شيو هوا (الثانية من اليسار)

السيارات الصينية في كل مكان بسوريا

الرئيس بشار الأسد خلال زيارته للصين في 24 يونيو 2004  

 

السفيرة تشو شيو هوا، عملت في سوريا سنوات عديدة دبلوماسية وسفيرة لبلادها في هذه الدولة العربية. وقد منحت وزارة الخارجية الصينية السيدة تشو في سنة 2007 لقب "الدبلوماسية المميزة" تقديرا لجهودها في تعزيز العلاقات الصينية السورية.  

سوريا في البداية والنهاية

عندما التحقت تشو شيو هوا بوزارة الخارجية الصينية، كانت مسؤولة عن الشؤون السورية لمدة ثلاث سنين. وفي الفترة من سنة 1977 إلى سنة 1983، عملت في سفارة الصين بدمشق. ثم عادت إلى سوريا مرة أخرى سنة 2002 سفيرة للصين، حتى سنة 2007، أي أنها عملت في سوريا إحدى عشرة سنة، تتذكر تشو شيو هوا تفصيلها جيدا، فتذكر دائما حياتها وعملها في سوريا ومناظرها الجميلة وآثارها العريقة، خاصة شعبها الطيب المجتهد.

درست تشو اللغة العربية في الجامعة قبل أن تذهب في بعثات تعليمية لدراسة العربية في عدد من الدول العربية، وعملت في سفارات الصين بمنطقة الشرق الأوسط المضطربة 24 سنة، شهدت انقلابات وحروبا من بينها حربا العراق الأولى والثانية والحرب اللبنانية الإسرائيلية وسلسة من الحوادث الإرهابية.

أحداث مستمرة في سوريا

ذات يوم في سنة 2005، كانت السفيرة تشو تستعد لزيارة سفارة إندونيسيا بدمشق، ولكن قبل أن تخرج من بيتها سمعت دوي مدافع في البناية المقابلة، ورأت ألسنة اللهب ترتفع أكثر من عشرة أمتار. تعطلت شبكة الهاتف في أنحاء سوريا، وحاصرت قوات الشرطة الطريق القريب من موقع الحادثة. اتصلت تشو شيو هوا بسفارة الصين وطلبت من موظفيها اتخاذ إجراءات الوقاية والنزول إلى المخابئ الموجودة تحت الأرض في السفارة. استمر دوي الرصاص ساعة ونصف، فيما اتضح بعد ذلك أنها عملية مطاردة قامت بها قوات الأمن السورية لمجموعة إرهابيين فروا إلى تلك البناية وأخفوا بها كثير من الأسلحة والذخائر.

في الثاني عشر من سبتمبر عام 2006، شن الإرهابيون هجوما مفاجئا على السفارة الأمريكية في دمشق، حيث هاجموا بوابة السفارة بعدد من السيارات من بينها سيارة محملة بعدد كبير من أسطوانات الغاز بغرض نسف السفارة. يقع بالقرب من السفارة جهاز استخبارات ومؤسسة سياسية سورية وسفارة إيطاليا وسفارة العراق، فضلا عن سفارة الصين التي يفصل بينها وبين السفارة الأمريكية أقل من ثلاثين مترا. رغم أن الهجوم كان يستهدف السفارة الأمريكية، إلا أن السفيرة تشو نظمت عملية انسحاب لموظفي السفارة إلى مخبأ تحت الأرض، ومن حسن الحظ أن السيارة المحملة بأسطوانات الغاز لم تنفجر.

جدير بالذكر أن تلك الفترة شهدت اهتماما كبيرا من وزارة الخارجية الصينية واللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصين بمخاطر وقوع حوادث مفاجئة في الخارج، ووضعت كل سفارة وقنصلية صينية سلسلة من الإجراءات لمواجهة الأحداث الطارئة والأعمال الإرهابية، ولكل سفارة صينية خطة خاصة، تتضمن سبل الاتصال بالصينيين المقيمين في الخارج.

 سوريا دولة كثيرة الحوادث، ولهذا فإن سفارة الصين لدى سوريا جاهزة دائمة حتى في الأيام العادية لمواجهة أي طوارئ، وقد كانت هذه السفارة من أسرع المؤسسات الصينية التي أبلغت الحكومة باندلاع حربي العراق، الأولى والثانية. وبالإضافة إلى ذلك، تنظم السفارة لموظفيها الجدد تدريبات لمواجهة الطوارئ، وتعقد اجتماعات لهم دائمة لتعريفهم بخطة الحماية وكيفية التصرف عند وقوع حادث طارئ. ومن ناحية أخرى، تحرص السفارة على الاتصال بوزارة الخارجية الصينية لمناقشة الأفكار الجديدة لمواجهة الأعمال الإرهابية المفاجئة.

علاقات عمرها أكثر من ألفي سنة

السوريون، من كافة فئات الشعب، أصدقاء للصينيين. وعمر العلاقات الصينية السورية أكثر من ألفي سنة، حيث ربط بينهما طريق الحرير القديم. وقد انتشرت في المدن السورية التي تقع على هذا الطريق المنتجات الخزفية الصينية والحرير وتقنيات صناعة الورق والطباعة. وصارت "الصين" كلمة محببة للسوريين. وبالإضافة إلى ذلك، انتقل بعض التجار الصينيين إلى سوريا عبر الطريق، وعملوا في صناعة الغزل والنسيج والطباعة هناك.

تقول السفيرة تشو: "عندما زرت سوريا قبل سنوات، رأيت أواني خزفية صينية في بعض البيوت لم أرها في الصين. هذه الأواني تقدمها الأمهات هدايا لبناتهن عند زواجهن. ومازالت في إحدى المناطق القديمة بسوريا غرف فيها عدد كبير من الأواني الصينية".

سوريا من أوائل الدول العربية التي أقامت العلاقات الدبلوماسية مع الصين. ومنذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، يسود التفاهم والدعم المتبادل بينهما في الشؤون الدولية، وتلتزم سوريا بسياسة "الصين الواحدة"، وتقدم الصين دائما الدعم لسوريا لاستعادة هضبة الجولان، كما تؤيد الصين دور سوريا المهم في عملية السلام في الشرق الأوسط والشؤون الإقليمية.

الصين الجديدة في عيون السوريين

تقدر سوريا كثيرا الإنجازات التي حققتها الصين خلال تنفيذ سياسة الإصلاح والانفتاح، وتريد الاستفادة منها، لأن هناك نقاط تشابه بين النظام السياسي السوري والنظام السياسي الصيني.

وقد عبر الرئيس السوري بشار الأسد أثناء زيارته للصين في يونيو سنة 2004، عن احترامه للثقافة الصينية المشرقة وتاريخها العريق، وأثنى على الإنجازات الضخمة التي حققتها الصين في التنمية السياسية والاجتماعية. وقال في لقائه مع الرئيس الصيني هو جين تاو إن سوريا ترحب بالمؤسسات والشركات الصينية للاستثمار وتأسيس المصانع فيها والاشتراك في بناء الاقتصاد السوري. كما أشار محمد سعيد البخيتان، أمين القيادة الإقليمية لحزب البعث السوري، إلى أن كافة شعوب العالم تحب وتحترم الصين، وذلك ليس فقط لتاريخها العريق وشعبها العظيم، وإنما أيضا لنجاح حزبها وزعمائها في قيادتها على طريق بناء الاشتراكية ذات الخصائص الصينية وتحقيق إنجازات كبيرة. وقال البخيتان: "إن حزب البعث العربي الاشتراكي يرسل بعثات سورية إلى الصين للدراسة كل سنة. وبالإضافة إلى ذلك، تدعو الصين، وبخاصة وزارة التجارة الصينية، الأصدقاء السوريين، لحضور دورات تدريبية.

وضعت سوريا خطة خمسية للتنمية سنة 2006، ونصت هذه الخطة لأول مرة على أن التحول من الاقتصاد المخطط إلى اقتصاد السوق الاجتماعي يستلزم التعلم من التجربة الصينية في التنمية الاقتصادية. ولذا فإن سوريا ترسل مزيدا من المتخصصين إلى الصين للتعلم من تجرب الإصلاح الاقتصادي الصينية. بالطبع لكل دولة ظروفها الخاصة، فالصين ذات الحجم السكاني الضخم ليست لديها مشكلة في توسيع الطلب المحلي، على العكس من سوريا الأقل سكانا بكثير، ومن ثم عليها ابتكار السبل المناسبة لها. ولكن على كل حال، سوريا ترغب في الاستفادة من النظام الصيني لتنمية اقتصادها.

كان السوريون يعرفون الصين من خلال المنتجات الخزفية ومنتجات الغزل والنسيج، ولكن الآن، بعد زيارة البعثات الصينية لسوريا ومتابعة السوريين للأخبار والتقارير الموضوعية حول الصين، يعرف المواطن الصيني واقع التنمية الصينية، رغم أنه لم يزر الصين.

زيادة في التبادل التجاري

زاد حجم التبادل التجاري بين الصين وسوريا بسرعة في السنوات الأخيرة، حيث ارتفع من ثلاثة ملايين دولار أمريكي إلى 87ر1 مليار دولار أمريكي سنة 2007.

هناك مشروعات تعاون صينية سورية في مجالات البترول والكهرباء والمواصلات والاتصالات والصناعة وغيرها. وقد حقق حقل البترول الذي تديره المجموعة الوطنية الصينية للبترول (CNPC) في سوريا نجاحا كبيرا، وقدمت شركتا هواوي وZTE مساهمات كبيرة في الاتصالات للشعب السوري.

يزور الصين كثير من التجار السوريين، ويبلغ عددهم في المعرض الصيني لسلع الواردات والصادرات بقوانغتشو ألف فرد تقريبا كل سنة. بالإضافة إلى ذلك، يمارس كثير من التجار السوريين التجارة بمدينة إيوو، وبعضهم يقيمون هناك إقامة دائمة.

عندما وصلت السفيرة تشون سوريا سنة 2002، لاحظت أن السيارات الصينية قليلة هناك. ولكن بعد فترة، بدأت السيارات الصينية تدخل السوق السورية. ولأن السيارات الصينية تناسب السوق السورية وسعرها رخيص، أقبل عليها السوريون. وقد باعت شركة شيري الصينية للسيارات عشرة آلاف سيارة في سوريا سنة 2007، ولهذا أنشأت وكالات ومحطات لخدمات ما بعد البيع هناك.

وبالإضافة إلى التعاون في البترول والاتصالات والنقل، اشترت سوريا سفينتين كبيرتين من الصين، وستواصل شراء السفن من الصين.

في سنة 2006 احتفلت الصين وسوريا بمرور خمسين سنة على إقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما، وصادف نفس العام ذكرى مرور عشرين سنة على تأسيس العلاقات بين الحزب الشيوعي الصيني وحزب البعث السوري، فأقام الجانبان نشاطات متنوعة.

تبادل ثقافي مثمر

قامت فرقة نانجينغ الفنية المكونة من 36 فردا بزيارة سوريا سنة 2006، حيث قدمت برامج رائعة ثلاث مرات، شملت الأكروبات والرقص والغناء. وقد بث التلفزيون السوري هذه البرامج مرات.

وأقامت سفارة الصين لدى سوريا معرض صور لتعريف السوريين بعيد الربيع الصيني، فضلا عن سلسلة من النشاطات، من بينها ندوات ومعرض ومقابلات، وذلك بالتعاون مع حزب البعث العربي الاشتراكي السوري ووزارة الخارجية السورية. وقد أصدر البريد الصيني والبريد السوري طوابع تذكارية بمناسبة اليوبيل الذهبي للعلاقات بين البلدين.

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@chinatoday.com.cn
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.

فرع مجلة ((الصين اليوم)) الإقليمي للشرق الأوسط بالقاهرة
رئيس الفرع: حسن وانغ ماو هو
العنوان: 5 شارع الفلاح، المتفرع من شارع شهاب
- المهندسين- الجزيرة- مصر
تليفاكس: 3478081(00202)
  ص.ب208 – الأورمان – الجزيرة – القاهرة – مصر
   الهاتف المحمول: 0105403068(002)
البريد الإلكتروني: kailuofenshe@yaoo.com.cn