الرئيس هو جين تاو والرئيس حسني مبارك في نوفمبر عام 2006 ببكين
انتخاب رئيس قرية بحي لونغوان في مدينة ونتشو، مقاطعة تشجيانغ
د. محمد نعمان جلال سفير مصر الأسبق لدى الصين
- · الصين تعتمد في صعودها على القوه الناعمة
- · المفهوم الصيني لحقوق الإنسان يختلف عن المفهوم الغربي
- · الصين لديها ظاهرة ديمقراطية فريدة
بمناسبة ذكرى مرور ستين سنة على تأسيس الصين الجديدة التقت ((الصين اليوم)) السفير الدكتور محمد نعمان جلال، مساعد وزير الخارجية المصري السابق وسفير مصر الأسبق لدى الصين، وأجرت معه هذا الحوار.
محمد إسماعيل
الصين اليوم: سعادة السفير باعتباركم عملتم في الصين في مرحلة هامة زار فيها الرئيس مبارك الصين وعقد اتفاق شراكة استراتيجية، كيف تحقق ذلك وما هي دوافعه؟
د. نعمان جلال: الصين تقدر تقديرا كبيرا مصر و دورها، ومن ناحية أخرى فإن مصر تقدر وقوف الصين معها منذ أول لقاء بين الزعيمين جمال عبد الناصر وشو ان لاي في مؤتمر باندونغ في إبريل 1955، وهو اللقاء الذي مهد لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في مايو 1956. والصين من الدول القليلة التي تحافظ على علاقات الصداقة وتقدرها عاليا، من هنا كان قرار الصين إقامة علاقات استراتيجية مع مصر وتوقيع الاتفاق في إبريل 1999.
عندما زار الرئيس مبارك الصين في ذلك الشهر ووقع الاتفاق مع الرئيس الصيني السابق جيانغ تسه مين، تقديرا للدور الذي لعبه الرئيس مبارك شخصيا في توثيق العلاقات بين البلدين وحرصه على زيارة الصين عدة مرات طوال سنين حكمه. وفي هذا العام 2009 احتفلت جمعية الصداقة الصينية العربية قبل شهور بذكرى مرور عشر سنوات على توقيع اتفاق الشراكة الاستراتيجية.
الصين اليوم: ما هي توقعاتكم لمستقبل علاقات البلدين؟
د. نعمان جلال: أعتقد أن العلاقات تسير في طريق صاعد من حيث زيادة الاستثمارات، وزيادة حجم التبادل التجاري، وزيادة تدفق السياحة، ورحلات مصر للطيران إلي بكين وقوانغتشو بالصين. ولا ننسا أن الصين لديها أكبر احتياطي من النقد الأجنبي على مستوى العالم وتستثمر مليارات الدولارات في سندات الخزانة الأمريكية، وفي صناعات عديدة في الدول العربية والأفريقية، وهذا يجعل الفرصة متاحة لزيادة استثماراتها في مصر. وتهتم الصين في هذا الصدد بالبنية الأساسية المتطورة. وعلاقات مصر العسكرية مع الصين جيدة، كما تجلى في المباحثات التي أجراها المشير طنطاوى وزير الدفاع في زيارته الأخيرة للصين ولقاءاته مع القيادات الصينية الرفيعة المستوى ومنها نائب الرئيس الصيني.
الصين اليوم: ما هو تقديركم لدور الصين العالمي في هذه المرحلة؟
د. نعمان جلال: تمتاز الصين بتصاعد دورها على الساحة الدولية وهي ترى أن الصعود ينبغي أن يكون سلميا. وتعتمد الصين في صعودها هذا على ما يطلق عليه القوه الناعمة من خلال التجارة والاستثمار والثقافة. ومن خلال التركيز على التنمية الداخلية وعلاقات التعاون مع الدول الأخرى وعلى توجهاتها السلمية في حل القضايا السياسية والأمنية المعقدة. وهذا هو الفارق الجوهري بين الصعود الصيني السلمي ودور وسلوك القوى الدولية الأخرى.
الصين اليوم: ترتب على التقدم الصيني بروز العديد من المشاكل ما هي أهم تلك المشاكل من وجهة نظركم؟
د. نعمان جلال: حسب التحليل العلمي، هناك نوعان من المشاكل تواجه المجتمعات، الأول مشاكل الركود والتخلف، الثاني مشاكل النمو. الصين تواجه مشاكل من النوع الثاني، ومن ذلك زيادة الفوارق بين الأفراد وبروز طبقة جديدة، وبروز الفوارق بين أقاليم الصين المختلفة التي سبقت في مضمار التقدم وتلك التي لم تحقق ذلك أو تسير بخطوات أقل سرعة من غيرها.
الصين تسعى لحل هذه المشاكل من خلال توجهين رئيسيين من منطلقين: الأول: التضامن بين الطبقات والأفراد، بجعل الأغنياء يدفعون ضرائب ورسوما أكبر وتدعيم الفقراء وذلك في إطار مبدأ التكافل. الثاني: التضامن والتكافل بين الأقاليم المختلفة، ومن ثم حث الأقاليم المتقدمة في شرقي الصين على المساهمة في تنمية الأقاليم المتخلفة، وبهذا يتحقق النمو المتوازن.
حقوق الإنسان في الصين .. رفع مستوى معيشة المواطن
الصين اليوم: ينتقد الغرب الصين في مجال تطورها السياسي وحقوق الإنسان. ما هو رأيكم في ذلك بحكم دراساتكم وخبراتكم الطويلة في الصين واستمرار تواصلكم معها حتى بعد مغادرة منصبكم كسفير فيها؟
د. نعمان جلال: المفهوم الصيني للتطور السياسي ولحقوق الإنسان يختلف عن المفهوم الغربي. الصين تركز على التطور القاعدي، أي من القاعدة للقمة. ولذلك أجرت منذ عامين انتخابات في القرى والمدن الصغيرة. ومن ناحية أخرى، تجري الصين انتخابات حزبية على كافة المستويات، والصين لديها ظاهرة ديمقراطية فريدة فهي تصوت في مجلس نواب الشعب على تعيين الوزراء ورئيس الوزراء وتحدد لهم مدة أربع سنوات لكل فترة قابلة للتجديد مرة واحدة فقط .
حقوق الإنسان في الصين تعني الأولوية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية ولرفع مستوى المعيشة لكل فرد، ومن ثم فإن مستوى معيشة المواطن الصيني اليوم، وبفضل عصر الانفتاح والإصلاح ارتفعت بصورة واضحة، حيث أعطيت لكل فرد منازل تتماشى مع درجته الوظيفية وبها كافة معدات البيت الحديث.
الحرية الاجتماعية تلمسها واضحة في شوارع الصين ومحلاتها. الحرية السياسية تتحقق بالتدريج، لأن عدد سكان الصين أكثر من 3ر1 مليار نسمة، الحرية بالمفهوم الغربي لا تتناسب مع مرحلة التطور الاقتصادي والاجتماعي في الصين. ولكل مجتمع ظروفه. ولا ننسى أن الحرية السياسية تعني حق المواطن ليس في الانتخاب فحسب وإنما حقه في التمتع بخيرات الوطن وهذا ما يتحقق في الصين.
الصين اليوم: ما هي أبرز إنجازاتكم في الصين كسفير لمصر؟
د. نعمان جلال: الإنجازات متعددة، وفي مقدمتها عقد اتفاق الشراكة الاستراتيجية بين الدولتين، وجعل مصر على قائمة المقاصد السياحية ومساهمة الصين في تنمية منطقة شمال غرب خليج السويس وتطور العلاقات التجارية والثقافية وحصول مصر على حق تصنيع وإنتاج طائرة التدريب الصينيةK8 وغيرها.
لا شك أن الفضل الأول، في هذه الإنجازات هو توفيق الله سبحانه وتعالى، والثاني، علاقة الصداقة بين الرئيس مبارك والقيادات الصينية، والثالث هو مكانة مصر الدولية، والرابع، دور الدبلوماسية المصرية والخامس، نشاط السفير، وأنا سعيد بأنني بنيت على جهود زملاء سبقوني ومن جاءوا بعدي واصلوا نفس المسيرة.
