تشانغجيانغ (نهر اليانغتسي) وهوانغخه (النهر الأصفر) وتشوجيانغ (نهر اللؤلؤ) هي الشرايين الثلاثة الرئيسية التي تغذي حضارة الصين منذ فجر التاريخ بأسباب النماء وتوفر للصينيين سبل العيش والإنتاج والتطور منذ آلاف السنين. أنهار الصين الكبرى الثلاثة ليست فقط مورد مياه وإنما أيضا ظلت مصدر إلهام ورابط مشاعر لأبناء الصين. ولكن لأسباب تاريخية وأخرى، لم تكن تنمية مناطق دلتا كل منها متوازنة، تنمويا واقتصاديا ومن ثم اجتماعيا. وعلى سبيل المثال تطورت منطقة دلتا نهر اليانغتسي بسرعة في السنوات الثلاثين الماضية، منذ انتهاج الصين لسياسة الإصلاح والانفتاح، فهي، على سبيل المثال، تساهم بنحو عشرين في المائة من إجمالي الناتج المحلي للصين، وينمو اقتصادها سنويا بمعدل يفوق معدل النمو الاقتصادي الوطني. أما منطقة دلتا نهر اللؤلؤ الموسعة التي تشمل ثماني مقاطعات ومنطقة ذاتية الحكم ومنطقتي هونغ كونغ وماكاو الإداريتين الخاصتين، فتعتبر المحرك الرئيسي لتجارة الصين الخارجية، حيث تقع بها أهم مراكز الصادرات الصينية.
مقارنة مع هاتين المنطقتين اللتين تتمتعان بقوة اقتصادية هائلة، منطقة دلتا النهر الأصفر، برغم التغيرات الكبيرة التي طرأت عليها، كما في مقالتنا بهذا العدد "الحياة في مصب النهر الأصفر"، مازالت متأخرة نسبيا وتحتاج جهودا كبيرة لتنميتها، خاصة وأنها تتمتع بمقومات التنمية، وأمامها تجربة التنمية لمنطقتي دلتا اليانغتسي واللؤلؤ بكل إيجابياتها وسلبياتها. وقد خصصت الحكومات المحلية لمقاطعات ومناطق دلتا النهر الأصفر مليارات اليوانات هذه السنة لإطلاق عملية تنمية اقتصادية صديقة للبيئة، تضمن تحقيق الثراء ولكن ليس على حساب الطبيعة. وتعتبر مقاطعة شاندونغ رأس جسر العبور إلى هذا الهدف، حيث تلعب مدينة دونغينغ بها دورا محوريا في تأصيل وتعميم المفاهيم الإيكولوجية، ووضع نموذج تحتذي به المدن الأخرى في مجال التنمية الاقتصادية الإيكولوجية، وفقا للتفاصيل التي تعرضها مقالتا "مدينة صديقة للبيئة" و"مدينة تحول نمط تنميتها" ضمن "نهوض دلتا النهر الأصفر". إن التغيرات التي جلبها الاقتصاد الأخضر لمدينة دونغينغ تنبئ بثورة اقتصادية في كل منطقة دلتا النهر الأصفر.
"الصين اليوم" تأخذك أيضا عزيزي القارئ هذا الشهر في رحلة مع "سوريا بعيون دبلوماسية صينية" و"حوار الحضارات بين العرب والصينيين يتعانق في تونس"، وحوار مع المفكر المصري المتخصص في الشئون الصينية د. محمد نعمان جلال حول رؤيته للصين الجديدة بعد ستين سنة من تأسيسها.
وبمناسبة حلول شهر رمضان المبارك، تهنئ "الصين اليوم" الأصدقاء المسلمين من قرائها وتتمنى لهم خيرا وفيرا، وتدعوهم إلى جولة مع "المفتش كرومبو آخر صيحة صينية في فوانيس رمضان".
