صيد السمك بالصنارة من هوايات أبناء دونغينغ 

وانغ جيون هوا

تشو تشي تشنغ

مراقبة دقيقة لحجم تدفق النهر الأصفر

 

 

وانغ جيون هوا سائق عادي، عمل أكثر من أربعين سنة في قاعدة دلتا النهر الأصفر الإنتاجية. لعله أفضل من يحكي قصة مدينة دونغينغ، فقد رأى وعايش التغيرات التي شهدتها تلك المدينة خلال أربعة عقود.  

في سنة 1966، ترك الطفل وانغ جيون هوا ذو الثلاثة عشر ربيعا دار الأيتام التي آوته في محافظة ليجين، وذلك للعمل كراعي خيل في قاعدة دلتا النهر الأصفر الإنتاجية. يقول وانغ: "في البداية، لم يكن في القاعدة طريق، وكانت الخيل هي وسيلة الانتقال والسفر. ولكن بسبب قصر قامتي، في ذلك الوقت، لم أكن أستطيع أن أركب الخيل بنفسي، وكان لابد أن أقف على مزود الحصان أولا، ثم أقفز على ظهر الحصان." كان راتبه الشهري 15 يوانا، يُخصم منها 11 يوانا مقابل طعامه فلا يبقى شيء تقريبا.

كان عدد العاملين في القاعدة، حسبما يتذكر السيد وانغ، نحو أربعة آلاف، معظمهم مغتربون. يقول: "كانت دونغينغ في البداية مدينة مهاجرين، كان معظم العاملين في حقول النفط والمزرعة وغيرها قادمين من أماكن أخرى، وكان عدد أبناء المدينة الأصليين قليلا جدا. منذ سبعينات القرن الماضي، بدأت القاعدة تزيل المساكن المبنية بالخشب وتبني بيوتا بالطوب من طابق واحد. وعندما تزوج السيد وانغ أعطته وحدة عمله بيتا من طابق واحد. كانت زوجته تعمل ممرضة في الوحدة البيطرية للخيل في القاعدة.

تخرج ابن السيد وانغ في قسم التجارة الدولية بالجامعة، ويعمل حاليا في شركة للأسلاك الفولاذية. مثل معظم الصينيين، اشترى وانغ شقة مساحتها أكثر مائة متر مربع لابنه. ويقول السيد وانغ سعيدا فخورا: "راتب ابني الشهري يتجاوز ثلاثة آلاف يوان، أي أعلى من راتبي الشهري."

يقيم وانغ وزوجته حاليا في منزل مساحته 120 مترا مربعا من طابقين أمامه فناء يزرع فيه بعض الخضراوات. في وقت فراغه، يمارس وانغ هوايته المفضلة وهي صيد السمك بالصنارة مع أصدقائه في الخليج البحري المجاور. وقد صار الصيد بالصنارة لكثير من سكان دونغينغ الرياضة المفضلة.

تغيرت دونغينغ كثيرا، بشكل لم يتوقعه أحد في السابق. يقول وانغ مضيفا: "سافرت في السنوات الأخيرة إلى كثير من الأماكن، لأنني سائق متخصص، تقريبا كل مكان ذهبت إليه تغير كثيرا. أثق تماما بمستقبل دونغينغ وحياتي المقبلة."

إلى جانب هواة الصيد، يوجد في دونغينغ نحو عشرة آلاف صياد متخصص، من بينهم الصياد ما البالغ من العمر 40 سنة، والذي يعيش حاليا في محافظة وولي بمدينة بينتشو، التي تبعد عن دونغينغ بنحو مائة كم. قال إنه يمارس صيد الأسماك منذ أكثر من عشرين سنة، وأوضح أن الحكومة المحلية تمنع صيد السمك خلال الفترة من يونيو حتى أغسطس كل سنة، لأنها فترة تربية الأسماك والروبيان (الجمبري). وخلال فترة المنع يرسي الصيادون قواربهم في الموانئ ويقومون بإصلاح شباك الصيد استعدادا لموسم الصيد التالي. قال ما إن حجم الصيد في السنة الجارية جيد بفضل فترة منع الصيد.

يعمل ما مع ثمانية من أبناء بلدته بقارب صيد واحد. يقول إن تكلفة هذا القارب تصل مليون يوان تقريبا، ويتراوح العائد السنوي الذي يحققه بين ثلاثمائة ألف وأربعمائة ألف يوان، أي أن كل صياد يمكن أن يحقق دخلا سنويا بين ثلاثين ألف وأربعين ألف يوان، وهذا يعتبر دخلا عاليا بالمقارنة مع الدخل من الزراعة في بلدته.

في سنة 2004، بدأ تشو تشي تشنغ يعمل في شركة هوايا المحدودة للبلاستيك، وهي شركة فرعية لأكبر شركة في تايوان- مجموعة فورموزا Formosa للبلاستيك. قال تشو إن أسرته ما زالت تقيم في تايوان، وأضاف: "أتيت إلى  دونغينغ بعد أن عملت ثماني سنوات في تايوان، ولدي خبرة عمل في بر الصين الرئيسي، وتلك مزية أزهو بها على من هم في مثل عمري." وقال إنه قبل عمله هنا لم يكن يعرف شيئا عن هذه المدينة إلا معلومات قليلة من الإنترنت، مثلا أنها تقع في مصب النهر الأصفر. الآن، عندما يزوره أصدقاء من تايوان يكون الدليل لهم لزيارة المنطقة المحمية للأرض الرطبة، حيث متعة رؤية النهر الأصفر يصب مياهه في بحر بوهاى." ويفخر تشو تشي تشنغ بأنه عندما وصل دونغينغ كان يفهم نحو 70% من اللهجة المحلية، أما الآن فيمكنه أن يفهم 90% منها. لا يواجه أدنى مشكلة في التواصل مع أبناء المدينة المحليين.

يشهد تشو لمدينة دونغينغ بأنها تبز غيرها من المدن في ناحية المرور، فلا زحام بها مثل بكين، كما أن الحياة بها جد مريحة. ويعتقد أن دونغينغ ستكون مركز تنمية دلتا النهر الأصفر، وأن مستقبل التنمية بها أفضل من تايوان.

يعود تشو إلى تايوان لزيارة أسرته كل شهرين بالطائرة من تشينغداو إلى تايبي مباشرة، وينتظر بشوق تشغيل الرحلات المباشرة بين جينان وتايبي قريبا، والتي ستجعل السفر أكثر راحة. يعتقد تشو أن حكومة دونغينغ يجب أن تستثمر أكثر في صناعة السياحة، نظرا لوجود كثير من الموارد السياحية المتميزة في دلتا النهر الأصفر. والحقيقة أن حكومة دونغينغ تفكر في ذات الاتجاه، وقريبا جدا ستكون دلتا النهر الأصفر على قائمة المقاصد السياحية المفضلة لعدد كبير من السائحين.