صورة من بعيد لمصب النهر الأصفر

يانغ يو تشن، مدير مركز بحوث حماية وتنمية دلتا النهر الأصفر

لي وي قوه، نائب رئيس لجنة إدارة منطقة التنمية الاقتصادية بميناء دونغينغ، مفعم بالثقة بمستقبل ميناء دونغينغ

 

     تحظى تنمية وبناء دلتا النهر الأصفر باهتمام خاص على مستوى الدولة. ففي أواخر مارس2009، قام وفد من نحو 80 مسؤولا حكومية برئاسة دو ينغ، نائب رئيس لجنة الدولة (وزارة) للتنمية والإصلاح بزيارة مدن دونغينغ، ويفانغ وبينتشو في مقاطعة شاندونغ، بهدف استطلاع وبحث سبل إنشاء منطقة اقتصادية ايكولوجية عالية الفعالية في دلتا النهر الأصفر.

يقول دوان لي هونغ، نائب رئيس لجنة التنمية والإصلاح بمقاطعة شاندونغ: "دعم مجلس الدولة لخطة إنشاء منطقة اقتصادية ايكولوجية عالية الفعالية في دلتا النهر الأصفر، يعني حصول المنطقة على مزيد من الدعم الحكومي، المالي والسياسي".

توسع إقليمي

من نافلة القول أن دلتا نهر اليانغتسي ودلتا نهر تشوجيانغ هما الجبهة الأمامية ومحور التنمية الاقتصادية الإقليمية في الصين. ولكن منطقة دلتا النهر الأصفر التي تقع أيضا في المنطقة الاقتصادية الساحلية، لم تتمتع بهذه الشهرة ولا تستطيع أن تنافسهما من حيث القوة الاقتصادية.

مديرمركز بحوث حماية وتنمية دلتا النهر الأصفر، يانغ يوي تشن، أوضح أن "منطقة دلتا النهر الأصفر، وإن كانت تعني جغرافيا  السهول الرسوبية الناتجة عن تدفق النهر الأصفر إلى البحر، إلا أنها كمنطقة اقتصادية، مفهوم دائم التغير. فعندما أنشئت مدينة دونغينغ سنة 1983، كانت دلتا النهر الأصفر  تعني أو تعادل دونغينغ فقط. توسع مفهوم دلتا النهر الأصفر وصار يشمل بينتشو ومناطق أخرى إلى جانب دونغينغ".

حسب خطة مقاطعة شاندونغ لتنمية دلتا النهر الأصفر، المقصود بالمنطقة الاقتصادية لدلتا النهر الأصفر هو السهول الرسوبية للنهر الأصفر والمناطق الساحلية بشمالي شاندونغ والمناطق المجاورة. أي أن النطاق الجغرافي لها يشمل مدينتي دونغينغ وبينتشو بمقاطعة شاندونغ والمدن والبلدات التي تتاخمهما وتتشابه معهما من حيث البيئة الطبيعية، بما في ذلك ويفانغ ودهتشو وتسيبوه ويانتاي، وتبلغ مساحتها الإجمالية 26,5 ألف كيلومتر مربع، أي سدس مساحة شاندونغ، ويقترب عدد سكانها من عشرة ملايين نسمة.

يقول يانغ يوي تشن: "إن التنمية في دلتا النهر الأصفر متأخرة نسبيا، إذ لم يعرف مجرى النهر الأصفر استقرارا في تاريخه". بعد جهود استمرت سنوات لترويض ومعالجة مياه النهر الأصفر، شهد مجرى النهر استقرارا نسبيا منذ أكثر من ثلاثين سنة، وهذا ويضع الأساس لتنمية دلتا النهر الأصفر. وقد تقدمت مسيرة تنمية دلتا النهر الأصفر بخطوات أسرع بعد قرار مجلس الدولة الصيني بإنشاء منطقة اقتصادية نموذجية بها".

 

الخطة الأولى

يقول يانغ يوي تشن إن تنمية دلتا النهر الأصفر مازالت في بدايتها، ولا تزال ثمة مسافة بينها وبين دلتا تشوجيانغ ودلتا اليانغتسي، جغرافيا وحجما، ولكنه يعتقد أنه بفضل دعم الدولة، تعتبر ظروف بداية عملية تنمية دلتا النهر الأصفر أفضل مما كانت في دلتا تشوجيانغ ودلتا اليانغتسي".

في إبريل سنة 2008، اعتمدت مقاطعة شاندونغ جملة من السياسات، ومنها خطة دفع تنمية المنطقة الاقتصادية الايكولوجية العالية الفعالية في دلتا النهر الأصفر، التي ترتكز على دعامتين، الأولى خارجية، وهي اغتنام فرصة تنمية منطقة بينهاي الجديدة بتيانجين، وخدمة المنطقة المحيطة ببحر بوهاي والتطلع إلى شمال شرقي آسيا؛ الثانية داخلية، وهي الاعتماد إلى مجموعة المدن بشبه جزيرة شاندونغ ومنطقة مدينة جينان لدعم التنمية المستدامة لمقاطعة شاندونغ كلها. وقد قررت حكومة شاندونغ تخصيص تريليون و500 مليار يوان(الدولار الأمريكي يساوي 83ر6 يوانات) خلال السنوات الخمس القادمة لتنمية دلتا النهر الأصفر، أي 20% من إجمالي استثمارات المقاطعة خلال تلك الفترة.

وقال تشانغ جيان هوا، عمدة دونغينغ، إن استثمارات حكومة المدينة في تنمية دلتا النهر الأصفر سنة 2009 تصل 110 مليارات يوان، تستخدم رئيسيا في تطوير صناعة  البتروكيماويات وتصنيع معدات البترول وصناعة الثروة السمكية الحديثة والثروة الحيوانية. وقال: "إن هدف تنمية دلتا النهر الأصفر هو تشكيل منظومة صناعية حديثة وبناء منطقة اقتصادية ايكولوجية عالية الفعالية. ويتطلب ذلك توفر عنصر الفعالية العالية والعنصر الإيكولوجي، وهذا يعني استبعاد كافة الصناعات والمؤسسات التي لا تتفق مع السياسات الصناعية المعنية في الصين والمؤسسات والشركات العالية الاستهلاك للطاقة والمسببة للتلوث. هذه هي الميزة الأكبر للمنطقة الاقتصادية بدلتا النهر الأصفر".

منطقة متفوقة

لي قوانغ جيه، نائب رئيس معهد البحوث الاقتصادية لأكاديمية العلوم الاجتماعية بشاندونغ، والذي له بحوث حول موضوعات جديدة تتعلق بتنمية دلتا النهر الأصفر، قال: "دلتا النهر الأصفر منطقة ذات إمكانيات تنمية جبارة من ناحية الموارد الطبيعية. يوجد في دلتا النهر الأصفر أكثر من ثمانية ملايين مو  (الهكتار يساوي 15 مو) من الأرض غير المستغلة، وفي بلد مثل الصين يفتقر إلى موارد الأرض، هذا كنز ثمين. فضلا عن أن بها ثاني أكبر حقل نفط في الصين، وتعتبر أكبر منتج للملح في الصين. حاليا تلوح في الأفق فرصة طيبة لدلتا النهر الأصفر، تتمثل في التحول الصناعي بمنطقة جياودونغ المتطورة نسبيا داخل مقاطعة شاندونغ. هذه المنطقة الكثيفة السكان والصناعات، مواردها قليلة، وخاصة المياه والأرض، ومن ثم فإنها في حاجة إلى نقل الصناعات التقليدية منها إلى منطقة تكون التكلفة فيها أقل، وليس هناك أنسب من دلتا النهر الأصفر لهذه المهمة".

التفوق الآخر لدلتا النهر الأصفر هو الموانئ، فبعد دخول التصنيع إلى مرحلتيه المتوسطة والأخيرة تلعب الموانئ الدور الأكبر في تنمية الصناعات الكيماوية والصناعات الثقيلة. حاليا،  تتجاوز قدرة الشحن والتفريغ لميناء لايتشو التابع للمنطقة الاقتصادية بدلتا النهر الأصفر 120 مليون طن سنويا، وتتجاوز قدرة الشحن والتفريغ  لميناء ويفانغ 10 مليون طن سنويا، ويجري حاليا تطوير مينائي دونغينغ وبينتشو8.

أما عن ما يعوق التنمية في دلتا النهر الأصفر، فيقول لي وي قوه، نائب رئيس لجنة إدارة منطقة التنمية الاقتصادية بميناء دونغينغ إن عدم وجود ميناء ضخم في الساحل الشمال لشاندونغ، الذي يمتد أكثر من ألف كيلومتر، يقيد التنمية الاقتصادية. قد تم إنشاء رصيفين يبلغ حجمهما ثلاثين ألف طن في ميناء دونغينغ، وسوف يتم بناء أرصفة أكبر في هذا الميناء.

في سنة 2008، بلغ إجمال الناتج المحلي لمنطقة دلتا النهر الأصفر 475,58 مليار يوان، وتستهدف المنطقة الوصول بالرقم إلى تريليون يوان سنة 2015، وفقا لقول دوان لي هونغ.

 لتحقيق أهداف تنمية دلتا النهر الأصفر لا غنى عن دعم سياسات الدولة والتخطيط الشامل للهيكل الصناعي، فضلا عن الجهود المشتركة للمؤسسات. في يونيو 2009، قام عمدة مدينة دونغينغ، على رأس وفد من مسئولي مصلحة الاستثمار ومنطقة التنمية الاقتصادية بميناء دونغينغ، بزيارة مقاطعة تشجيانغ لجذب مزيد من المؤسسات والاستثمارات إلى دلتا النهر الأصفر.