ã

الصين تكسب معركة الطاقة المتجددة

(موقع العراق للجميع في 28 يونيو 2009)

 

تساور البعض شكوك حيال مستقبل الطاقة المتجددة بعدما تسبب الركود الاقتصادي الحالي في تراجع مبيعات التكنولوجيا الخاصة بها، في الوقت الذي أدى التراجع الحاد في أسعار النفط من أعلى مستوى بلغته في شهر يوليو من العام الماضي حين وصل سعر البرميل لنحو 147 دولار إلى 32 دولاراً في شهر فبراير الماضي، إلى انخفاض الجدوى الاقتصادية لمشاريع الطاقة المتجددة.

مستقبل الطاقة المتجددة كان موضوع التقرير الخاص الذي نشرته الفايننشال تايمز مؤخرا،ً لتلقي الضوء على التحديات الجديدة التي تواجه أمن الطاقة في العالم. فالمشكلة، كما أوضح التقرير، ليست في الركود العالمي فقط وإنما في عوامل أخرى تهدد الصناعة التي كانت تعتبر حتى وقت قريب من الصناعات الواعدة، بل أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما قد أطلق عليها مسمى جديداً بأنها "صناعة المستقبل".

وتبدو الصناعة في وضع حرج مع تراجع حجم الاستثمارات العالمية بنحو 3ر13 مليار دولار أمريكي في الربع الأول من العام الحالي بانخفاض 53 % عن نفس الفترة من العام الماضي، كما ذكر التقرير، والسبب في ذلك انخفاض أسعار النفط والغاز وهبوط كبير في الطلب على الخلايا الشمسية وتوربينات الرياح وذلك بعد مرور خمس سنوات من الطلب القوي، ومن ثم تم تأجيل أو حتى إلغاء العديد من مشاريع الطاقة المتجددة. وبالنسبة لصناعة الطاقة الشمسية كانت زيادة المعروض منها عاملاً مهماً أيضاً، فالاستثمارات الضخمة التي تم ضخها في السنوات الأخيرة بدأت تؤتي ثمارها بزيادة حجم الإنتاج وهو ما أدى بدوره إلى انخفاض الأسعار وهوامش ربحية الشركات المنتجة.

كما أشار تقرير الفايننشال تايمز إلى أن المشاكل التي تواجه صناعة الطاقة الشمسية في ألمانيا، وهي أكبر سوق للطاقة الشمسية في أوروبا، تعكس ظاهرة أكبر في صناعة الطاقة المتجددة وهي انتقال مركز الصناعة من أوروبا إلى الصين. وقال إن أوروبا كانت منذ البداية مركز صناعة الألواح الشمسية، حيث أنفقت الحكومات الأوروبية مليارات الدولارات من أجل دعم وتشجيع نمو الصناعة وتحفيز المستهلكين الأوروبيين لاستخدام تكنولوجيا الطاقة الشمسية، ولكن كل هذا بدأ يتغير حيث تتفوق الآن الولايات المتحدة والصين على أوروبا في مجال الطاقة المتجددة. وفي العام الماضي استحوذت الولايات المتحدة على المركز الأول بدلاً من ألمانيا كأكبر دولة منتجة لطاقة الرياح، وجاءت الصين في المركز الثاني لتستحوذ على مكانة اليابان كأكبر مصنع لخلايا السيليكون التي تقوم بتحويل أشعة الشمس إلى كهرباء وكذلك بالنسبة للألواح الشمسية.

وهذه التغيرات في سوق الطاقة المتجددة لها دلالات مهمة تتجاوز مشكلة العاملين في شركات الطاقة الشمسية في ألمانيا والخوف من فقدان وظائفهم، فبعدما وعد العديد من القادة السياسيين في العالم مثل باراك أوباما وجوردون براون شعوبهم بمستقبل اقتصادي مشرق بفضل نمو صناعة الطاقة المتجددة وأطلقوا عليها "صناعة المستقبل"، في إشارة إلى أنها ستوفر ملايين الوظائف وستساعد الاقتصاد الغربي في الخروج من أزمة الركود إلى عصر جديد من النمو القوي، جاءت الصين لتسحب البساط من أوروبا لتستحوذ على النصيب الأكبر من مكاسب هذا النمو في سعيها لتصبح دولة رائدة في مجال الطاقة المتجددة.

ويتفق جميع المحللين على أهمية الطاقة المتجددة وإمكانات النمو القوي لهذه الصناعة العالمية في إطار مواجهة العالم لقضية انبعاثات الطاقة الملوثة للبيئة على وجه السرعة. هذا بالإضافة إلى أن الطاقة المتجددة عامل مهم في أمن الطاقة الذي يعد إحدى المشاكل الرئيسية التي تواجه الحكومات. ولكن الاختلاف هنا في الآراء ليس حول أهمية الطاقة المتجددة، وإنما في مدى الاستفادة منها للاقتصادات، وهل هو بالقدر الذي يزعمه السياسيون؟

يرى التقرير أن الإجابة عن هذا السؤال تكمن في المكان الذي سيحظى باستثمارات الصناعة ووظائفها، ويقول إن هناك الآن 100 شركة لإنتاج الطاقة الشمسية في الصين والمزيد في الطريق، وعلى الرغم من تأثر سوق الطاقة المتجددة في الصين بالأزمة العالمية إلا أنها أيضاً في وضع أفضل كثيراً من غيرها.

وحالياً تنتج الصين ثلث الإنتاج العالمي من الخلايا الشمسية، حيث تضاعف حجم الصناعة فيها ثلاث مرات خلال السنوات الأخيرة. ويأمل الخبراء الصينيون أن تصبح بلادهم أكبر منتج في العالم لتجهيزات الطاقة المتجددة على الرغم من أن 98 % من إنتاجها يذهب إلى الأسواق الخارجية، وإن كان السوق المحلي ينمو بقوة بفضل نظم الحوافز الجديدة التي طرحتها الحكومة لتشجيع استخدام الطاقة الشمسية.

ويُذكر أن دخول الصين مجال الطاقة المتجددة قد أدى إلى انخفاض أسعار الألواح الشمسية بأكثر من 43 % هذا العام، وهذا التراجع يلحق بالطبع الضرر بالشركات الأوروبية التي تشكو من عدم قدرتها على منافسة أسعار المنتجات الصينية الأقل جودة.

اختتم التقرير حديثه عن التغييرات التي تشهدها سوق الطاقة المتجددة في العالم مؤكداً أن الصناعة ستنتقل لا محال إلى الصين وربما بدرجة أقل إلى الهند. وقال إن أمريكا وضعها التنافسي سيئ أمام أوروبا التي تمتلك حقوق الملكية الفكرية لتكنولوجيا طاقة الرياح، والصين صاحبة أرخص الأسعار. أما بالنسبة للسياسيين الغربيين، فالحقيقة المؤلمة هي أن نمو قطاع الطاقة المتجددة في الدول المتقدمة بهدف تخفيض الانبعاثات الملوثة سيفيد الاقتصادات النامية مثل الصين والهند ولن يسفر عن تدفق الوظائف في بلادهم.

 

 

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@chinatoday.com.cn
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.

فرع مجلة ((الصين اليوم)) الإقليمي للشرق الأوسط بالقاهرة
رئيس الفرع: حسن وانغ ماو هو
العنوان: 5 شارع الفلاح، المتفرع من شارع شهاب
- المهندسين- الجزيرة- مصر
تليفاكس: 3478081(00202)
  ص.ب208 – الأورمان – الجزيرة – القاهرة – مصر
   الهاتف المحمول: 0105403068(002)
البريد الإلكتروني: kailuofenshe@yaoo.com.cn