ã

خذوا (الوحدة) ولو فـي الصين

عودة عودة

(صحيفة الرأي الأردنية، 23 إبريل 2009)

يغار الإنسان العربي من أمم كثيرة حافظت على ترابها الوطني وهويتها القومية، والأمثلة كثيرة في التاريخ الإنساني: فقد قُصفت اليابان من قِبَل الولايات المتحدة العام 1945 من القرن الماضي بقنبلتين نوويتين لمدينتي نيكازاكي وهيروشيما، وقد جهزت القوات الجوية الأميركية قنبلة نووية ثالثة لقصف مدينة يابانية كبيرة أخرى ربما كانت العاصمة طوكيو نفسها، وفعلاً فقد أعلن الإمبراطور الياباني الاستسلام من الإذاعة اليابانية بشروط، وإن لم تكن معلنة، قبلها الأميركيون وهي: سلامة التراب الياباني والمكون من أرخبيل يضم 125 جزيرة، ورفض أي تقسيم لهذا التراب الوطني، وكذلك عدم المساس بلون وشكل العلم الياباني، والاحتفاظ باللغة والعادات والتقاليد اليابانية، وقبل كل ذلك بقاء الميكادو أي الإمبراطور، السيد الأول لليابان.

وبعد الحرب العالمية الأولى استسلمت الدولة العثمانية للدول الأوروبية وعلى رأسها بريطانيا وفرنسا، واستغنت عن مستعمراتها جميعها للدول الأوروبية لكن بقي الأناضول كاملا وبقيت اللغة التركية والعادات والتقاليد أيضا وكذلك العلم التركي دون تغيير أو تبديل.

ونقرأ في الفتوحات الإسلامية أن إيران قبلت دخول الإسلام ولكنها رفضت تقسيم بلاد فارس أو إلغاء عاداتها وتقاليدها، على الرغم من فتوح خمسة قام بها المسلمون ودولتهم الفتية على بلاد فارس، وأخيراً تم الفتح الإسلامي لبلاد فارس، وهو الفتح السادس وانتهى بالصلح بين المسلمين والفرس على هذا الأساس: القبول بالإسلام كدين بدلاً من الدين المجوسي مع الاحتفاظ بالعادات والتقاليد واللغة الفارسية.

وفي نهاية الحرب الباردة، وسقوط الاتحاد السوفيتي فقد بقيت روسيا والأورال وما وراءها من الأراضي كاملة وكما كانت في العهد القيصري، كما بقيت روسيا الحالية متشبثة بموانئها وأراضيها المشرفة على البحار الدافئة، وحرب الشيشان وما جرى في جورجيا مؤخراً مثالان على ذلك.

وفي نهاية الحرب العالمية الثانية انهزمت ألمانيا حقا، كما قُسمت إلى دولتين: ألمانيا الشرقية وعاصمتها برلين وألمانيا الغربية وعاصمتها بون، لكن الشعب الألماني بقي يطالب بوحدة التراب الألماني شرقاً وغرباً. وفي مطلع التسعينيات من القرن الماضي جرى هدم جدار برلين وعادت ألمانيا موحدة بعد حوالي 45 عاماً من التمزق للأرض والإنسان الألماني.

لكن..

هناك تجربة وحدوية معاصرة يجب الوقوف عندها بكل الاحترام والتقدير وهي التجربة الوحدوية الصينية، فلم تقم أي من الحكومات المتعاقبة منذ أكثر من نصف قرن بالاعتراف بجزيرة تايوان، أي الصين الوطنية، كما أصرت على عودة هونغ كونغ إلى السيادة الصينية، والتي كانت خاضعة للاستعمار البريطاني، وقد تحقق لها ذلك مؤخراً، وها هو رئيس الوزراء (مجلس الدولة) الصيني يعلن أمام العالم كله قبوله لكل ما يطلبه الدلاي لاما، الزعيم الروحي لمنطقة التبت، باستثناء الاستقلال عن التراب الصيني والشعب الصيني حيث تخضع هذه المنطقة للحكم الذاتي الآن ضمن خمسة مناطق ذاتية الحكم في الصين.

لا أدري ماذا حصل لنا نحن العرب، حيث قُطّعت أوصال وطننا العربي في الشرق والغرب والشمال والجنوب! مع كل ذلك فما أحوجنا إلى الوحدة؛ هذا الحلم القديم الجديد. ولنأخذ الدرس هذه المرة ولو من الصين.

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@chinatoday.com.cn
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.

فرع مجلة ((الصين اليوم)) الإقليمي للشرق الأوسط بالقاهرة
رئيس الفرع: حسن وانغ ماو هو
العنوان: 5 شارع الفلاح، المتفرع من شارع شهاب
- المهندسين- الجزيرة- مصر
تليفاكس: 3478081(00202)
  ص.ب208 – الأورمان – الجزيرة – القاهرة – مصر
   الهاتف المحمول: 0105403068(002)
البريد الإلكتروني: kailuofenshe@yaoo.com.cn