ã

الذهب الصيني ..هدية شباب العرب لعروس الأحلام

تحقيق وتصوير : عادل صبري

مجلي أحمد بائع ذهب مقلد

معروضات ذهبية بالجملة

 

سيرجيوس يقف أمام محل الذهب

 

أنور معوض ينتظر الزبائن على باب محله في أكبر سوق للذهب بالقاهرة

 

في مصر.. يشترون الذهب المقلد لمحاربة العنوسة وغلاء الأسعار

الأرباح الخيالية تدفع الصاغة بالموسكي في القاهرة إلى بيع الذهب الصيني

الفتيات يرتدينه لتقليد جميلات السينما والأغنياء يلبسونه بحثا عن التغيير

التجار: ليس كل ما يلمع ذهبا ..والدولة تحارب النصابين

ليس كل ما يلمع ذهبا، ولكن بريق المعدن الأصفر يأخذ بألباب العشاق ومحبي الثروة والجاه، خاصة في بلاد العرب حيث يرتفع قدر المرأة بما ترتديه من مجوهرات وتعلو قيمة الرجل بما يملك من ثروة. بريق الذهب الخاطف بعد أن تأثر الإقبال عليه بسبب الأزمة المالية العالمية، جعل شباب العرب المقبلين على الزواج يبحثون عنه في كل مكان، وعندما لم يجدوا مخرجا للحصول عليه مع ارتفاع الأسعار العالمية، ظهرت في الأسواق موجة محمومة اسمها " الذهب الصيني". لاقت الفكرة رواجا محدودا في بعض دول الخليج المحبة لاقتناء الذهب بكميات كبيرة، حيث لدى مواطنيها القدرة على شراء الذهب الأصلي، بينما أصبحت منتهى أمل الشباب في مصر لحل مشكلته في الاقتران بعروس الأحلام.

انتشرت بالأسواق العربية خلال الآونة الأخيرة، موديلات من الإكسسوارات التي تزين بها النساء أعناقهن وأياديهن، مطلية بكل الألوان والأشكال الزخرفية، بعضها مبتكر وكثير منها مقلد لأشهر الماركات العالمية. أقبلت الفتيات على هذه النوعية من أدوات الزينة رغبة في التغيير أو تقليدا لممثلات ونجمات السينما، وفجأة تحولت الإكسسوارات الذهبية إلى تيار سائد بين الطبقات الشعبية والمتوسطة، خاصة في مصر. أصبح ما يعرف بالذهب الصيني طوق نجاة للفقراء والشباب المقبلين على الزواج، إذ يقدمونه في عُلَب جميلة كشَبْكَة للعروس. ولكن كلما توسع الشباب في استخدام الذهب الصيني أصيب تجار الذهب في السوق المصرية بحالة من الهلع، فمنهم من طالب بوقف هذه النوعية من التجارة ومطاردة القائمين عليها وآخرون يرون أنها طريقهم الجديد نحو المزيد من الأرباح بعد أن سادت الأسواق حالة من الركود بسبب الأزمة المالية العالمية، مؤكدين أن الناس تعرف حقيقة ما يشترونه ويعلمون أن ما يلبسونه ليس ذهبا.

الثراء بأقل الأسعار

يؤكد الشباب أنهم يقبلون على الذهب الصيني لأنه رخيص الثمن وشكله جميل ورغم معرفتهم بأنه ليس ذهبا، فإنهم يقبلون على شرائه بالاتفاق مع أهل العروس كي ترتديه أمام الناس في حفل الزفاف والمناسبات العامة، وحتى يظهر العريس بأنه ذو ثروة وجاه في عيون أصحاب وأقارب العروس. وتذكر "سماح" أنها اتفقت مع خطيبها على شراء شبكة (طاقم مجوهرات يقدم للعروس))عبارة عن "قلادة وسوار" من الذهب الصيني وخاتم ودبلة من الذهب الأصلي لارتدائها في حفل الزفاف. وترى سماح أن اللجوء لهذه الوسيلة إحدى الحيل للتغلب على مشاكل مصروفات الزواج التي أدخلت 9 ملايين شاب بمصر في سن العنوسة. ويدعو كامل محمد- 50سنة- الأهالي إلى تقبل شراء الشبكة من الذهب الصيني بدلا من الذهب الأصلي، موضحا أن غلاء المعيشة وقلة الدخل تمنع الشباب من التفكير في الزواج . ويعترف بأنه لا يمانع كأب أن يشترى ابنه أو عريس ابنته شبكة من الذهب الصيني كنوع من الحفاظ على المظاهر الاجتماعية التي يتطلبها الاحتفال وأن تلبس العروس شبكة ذهبية، طالما أن الهدف تخفيف الأعباء المادية عن كاهل العروسين والأهالي. ويقول إن متوسط قيمة الشبكة من الذهب يبلغ نحو 20 ألف جنيه، فكيف يوفر الشاب ثمنها مع ضرورة توفيره أموال أخرى لشراء الشقةوتجهيزاتها التي تفوق هذا المبلغ بمراحل. ويطالب كامل أولياء الأمور ألا تتوقف نظرتهم عند العادات القديمة التي تتطلب من الشاب أن يوفر للعروس شبكة من الذهب الأصلي، وذلك من أجل تيسير الزواج بدلا من أن يتوجه الشباب نحو ممارسة الرذيلة ويبعد عن الإطار الشرعي للحياة الزوجية.

وتذكر سيدة إبراهيم –63 سنة- أن استخدام الذهب المقلد ليس بدعة في المجتمع المصري، مشيرة إلى أن الحالة الاقتصادية سرعان ما تعكس توابعها على الناس وحاجاتها للزينة والتفاخر. وتقول سيدة إن الطبقات الشعبية في مصر استخدمت عبر الزمن ما يسمي بالذهب القشرة وهي مصوغات معدنية من النحاس أو الحديد المطلي بقشرة من الذهب أسوة بما يتم في التحف وأدوات المائدة. وتتذكر سيدة بأن الذهب القشرة كان منتشرا في مصر في ستينات وسبعينات القرن الماضي حيث كانت البلاد تمر بحالة حرب وأصبحت دخول الناس منخفضة وفي نفس الوقت لديهم رغبة في التزين والتفاخر، لذلك كانوا يقبلون على شراء الذهب غير الأصلي ماركة "الجمل" وغيره والتي اندثرت صناعتها حاليا بسبب توجه الورش إلى أعمال فنية أخرى.

ويؤيدها في الرأي مجلي أحمد، بائع الحلي وأدوات الزينة بوسط القاهرة، مبينا أن البنات في المدن اعتدن شراء الإكسسوار للتغيير ورخص أسعاره بينما يشترى المقبلون على الزواج من الطبقات الشعبية والمتوسطة الذهب المقلد لحبهم في التفاخر. ويشرح مجلي بأنه تخصص في بيع أدوات الزينة الذهبية التي يستوردها التجار من الهند منذ نحو سبع سنوات. ويذكر أن هذه الأدوات تعد صورة طبق الأصل لمنتجات ذهبية هندية وعربية، ولذلك تقبل عليها العائلات خاصة من الريف المصري لتميزها في الشكل وقدرتها على التحمل وعدم تغير لونها لفترة زمنية تطول عدة سنوات. ويضيف: "إن بعض ضعاف النفوس استغلوا قدرة الذهب المقلد على مواجهة الاحتكاك والمواد الكيماوية بوسائل التنظيف التي تتعامل معها المرأة يوميا في الترويج له على أنه ذهب أصلي عيار 9 أو 12 أو14 قيراطا". ويبين أن حالات النصب التي راح بعض الناس ضحيتها في الريف جاءت مع زيادة المعروض من الذهب الصيني والهندي وإقبال الناس عليه بدلا من الذهب الأصلي وجعلت بعض البائعين يعرضونه بسعر يتراوح ما بين 8 جنيهات و20 جنيها للجرام، بدلا من البيع بالقطعة التي لا يزيد سعرها عن 20 جنيها.

الذهب الصيني يكسب

يعترف الصائغ صفوت عطية بأن الناس هم الذين جعلوا الإكسسوار الصيني ذهبا. ويقول إن المواطنين أطلقوا شائعة ثم صدقوها، مشيرا إلى أن ما يُسمى بالذهب الصيني ما هو إلا قطع إكسسوار للزينة تُصنع من النحاس أو الألمونيوم أو الحديد المطلي بماء الذهب. ويقول إن هذه المنتجات تباع بالقطعة ولا يستطيع أي صائغ عرضها للبيع على أنها ذهب خالص وإلا عرض نفسه للمساءلة بتهمة الغش التجاري. ويقول إن حالة الركود في مبيعات الذهب الأصلي بالأسواق جعلت بعض تجار الذهب الذين ورثوا المهنة أبا عن جد يتجهون نحو تجارة الذهب الصيني، مشيرا إلى محل جاره في شارع الصاغة بمنطقة الموسكي، التي تعد أهم سوق للذهب في القاهرة، وتحوله للعمل بهذه التجارة منذ عدة أشهر. ويوضح صفوت أن بيع الكيلو جرام من الذهب الخالص الذي تبلغ قيمته نحو137 ألف جنيه مصري لا يزيد ربح التاجر فيه عن 250 جنيها فقط، بينما استخدام نفس المبلغ في تجارة الذهب الصيني تأتي بأضعاف رأسمال المال وفي الحال. ويقول إن الذين أقبلوا على الذهب الهندي منذ سنوات هم من كبار السن وأبناء الريف، بينما الذهب الصيني جذب الشباب بتعدد أشكاله وتنوع قطعه وتناسبها مع روح العصر ورخص سعرها وإمكانية عدم تأثر لونها الذهبي لمدة تزيد عن العام مما يجعل قيمة القطعة رخيصة مع سهولة تغييرها كل فترة.

ويوضح الصائغ سرجيوس بنيامين أن الذهب الصيني نافس الذهب الأصلي في مناسبات الأعياد التي شهدتها البلاد في الآونة الأخيرة، وبخاصة عيد الأم في مارس الماضي، حيث أقبل الشباب والفتيات على شراء الهدايا من الذهب الصيني لرخص سعرها بما يتناسب مع حالة المجتمع في ظل الأزمة المالية الحالية. ويشير إلى صعوبة أن يمارس الصائغ المحترف غش الذهب خوفا على سمعته والمطاردة من الجهات الأمنية والرقابية. ويؤكد أن ممارسات الغش يرتكبها بعض النصابين تجاه الذين ليست لديهم خبرة في شراء الذهب.

سمعة الذهب الخالدة

يبين أنور فهمي، وهو تاجر ذهب بالموسكي، أن سمعة الذهب الأصلي لن تتأثر طالما أن تجار الذهب الصيني ملتزمون بالإعلان عن بيعه بالقطعة والكشف عن ذلك على أبواب محلاتهم، حرصا على مصلحة المواطنين وسمعة التجار بالسوق. ويؤكد أن تجار الذهب براء من عمليات الغش التي تقع من البعض في الأسواق، حيث أن الذهب الأصلي له نظام واحد للبيع وعيارات دولية متعارف عليها لا يمكن لأحد الإخلال بأصولها وإلا تعرض للسجن بتهمة الغش التجاري.

ويشير محمد أبو السعود، عضو غرفة صناعة الذهب المصرية، إلى أن محلات الذهب ملزمة بعدم بيع الذهب الصيني، مشيرا إلى أن وزارة التجارة الداخلية شرعت في تنظيم حملات على بائعي الذهب لمواجهة الغش التجاري في مجال يصعب الإساءة إلى سمعة العاملين به.

وسط الزخم الهائل من الجدل الذي أثاره انتشار الذهب الصيني بالأسواق، توسعت بعض العائلات في شراء الإكسسوارات الصينية الذهبية بالأسواق، ووصل الأمر إلى إقامة معارض خاصة به في المتاجر الكبيرة التي رفعت سعر القطعة من 20 جنيها إلى ما بين خمسين ومائة جنيه مصري. ورغم إقبال الأغنياء على شراء هذه المنتجات التي تستخدم في زينتهم اليومية، يتجه هؤلاء إلى شراء الذهب الأبيض أو الألماس الذي صار سعره مؤخرا قريبا من الذهب الأصفر عند رغبتهم في التزين أو اقتناء الذهب، حرصا على الحفاظ على الهوية الاجتماعية لطبقة الأثرياء، وضمان قيمة المال المدفوع في تلك المنتجات. فمن يدري لعل المرء يحتاج من الذهب قيمة معدنه بغض النظر عن لمعانه وشدة بريقه الذي يخطف القلوب والأبصار!

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@chinatoday.com.cn
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.

فرع مجلة ((الصين اليوم)) الإقليمي للشرق الأوسط بالقاهرة
رئيس الفرع: حسن وانغ ماو هو
العنوان: 5 شارع الفلاح، المتفرع من شارع شهاب
- المهندسين- الجزيرة- مصر
تليفاكس: 3478081(00202)
  ص.ب208 – الأورمان – الجزيرة – القاهرة – مصر
   الهاتف المحمول: 0105403068(002)
البريد الإلكتروني: kailuofenshe@yaoo.com.cn