ã

سياسة أمريكا تجاه الصين وعلاقاتها مع تايوان

جين ري

 وزير الخزانة الأمريكي تيموثي غيثنر، مع المعلمة فو مين التي درس على يديها اللغة الصينية بجامعة بكين قبل 28 سنة

زعيم حزب الكومينتانغ، وو بوه شيونغ (اليسار)، يتسلم الدكتوراه الفخرية من جامعة نانجينغ.. مؤشر آخر لتحسن العلاقات بين جانبي المضيق

عضو مجلس الدولة الصيني داى بينغ قوه ووزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون

 

* إدارة  أوباما تنتهج سياسة تجمع بين "القوة الناعمة" و"القوة الخشنة"

* مبيعات الأسلحة الأمريكية لتايوان أعاقت تطور العلاقات الصينية الأمريكية

* منذ تطبيع العلاقات الصينية الأمريكية لم تكن منطقة شرقي آسيا مركز ثقل السياسة الخارجية الأمريكية

 

في مؤشر آخر على دخول العلاقات الصينية الأمريكية مرحلة جديدة، تعقد أواخر هذا الشهر الجولة الأولى من الحوار الإستراتيجي والاقتصادي الصيني الأمريكي، الذي أطلقه الرئيسان هو جين تاو وباراك أوباما خلال اجتماعهما في لندن في شهر إبريل. وحسبما قال المتحدث باسم الخارجية الصينية تشين قانغ يوم 4 يونيو، سوف تبحث هذه الجولة القضايا ذات الاهتمام المشترك  من أجل تعزيز التفاهم والثقة المتبادلة والتعاون، وأوضح المتحدث أن "عقد الحوار الإستراتيجي والاقتصادي الصيني الأمريكي إجراء مهم لتعزيز العلاقات الثنائية في العهد الجديد وأن الجانبين سوف يبحثان القضايا الاستراتيجية والشاملة وطويلة الأجل".

سوف يرأس المسار الإستراتيجي للحوار عضو مجلس الدولة الصيني داى بينغ قوه ووزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون في حين سيرأس المسار الاقتصادي نائب رئيس مجلس الدولة الصيني وانغ تشي شان ووزير الخزانة الأمريكي تيموثى جيثنر.

والحقيقة أنه منذ الزيارة التاريخية التي قام بها ريتشارد نيكسون إلى الصين سنة 1972، سعى كافة رؤساء الولايات المتحدة إلى المصالح الأمريكية بالتعاون مع الصين، ولكن ذلك لم يكن خاليا من محاولة انتهاج سياسات متشددة تجاه بكين في البداية. في سنة 1980 اقترح رونالد ريغن خلال حملته الانتخابية، أنه سوف يستعيد العلاقات الدبلوماسية مع تايبي. في سنة 1992 استنكر بيل كلينتون سياسة بوش الأب التجارية تجاه الصين، وفي سنة 2000 انتقد بوش الابن سياسة إدارة كلينتون لأنها أقامت "شراكة استراتيجية" مع الصين.

ولكن وزير الخارجية الأمريكية هلاري كلينتون، خلال زيارتها إلى آسيا في فبراير هذه السنة، اقترحت أن القضايا الأخرى "لا يمكن أن تتداخل مع الأزمة الاقتصادية العالمية والأزمات الأمنية"، ودعت إلى "شراكة شاملة" مع الصين.

في السابق، كان البيت الأبيض، بعد تحسس، يختار الطريق الذي رسمته الإدارة السابقة. فهل اختلفت الأمور حاليا؟ هل تغير إدارة أوباما مسار ثلاثين سنة؟

منذ تطبيع العلاقات الصينية الأمريكية في نهاية السبعينات من القرن الماضي، لم تكن منطقة شرقي آسيا مركز ثقل السياسة الخارجية الأمريكية، فخلال الثمانينات استهلكت الحرب الباردة اهتمام الولايات المتحدة، وفي التسعينات ركزت على العولمة. بعد الحادي عشر من سبتمبر2001 تحول مركز الثقل إلى الشرق الأوسط، وبخاصة العراق، وينتقل حاليا إلى المنطقة الحدودية بين أفغانستان وباكستان.

في نفس الوقت، تبرز الأزمة الاقتصادية الأمريكية الأخطر منذ الكساد الكبير الحاجة إلى التعددية والتعاون، وهما الموضوعات المحوريان في حملة أوباما الانتخابية الرئاسية والمائة يوم الأولى له في منصبه.

تحول في سياسات واشنطن الآسيوية

التحول في السياسات الأمريكية يشكل الصين و شرقي آسيا. فمن ناحية، يتوسع مدى الحوار بين الصين والولايات المتحدة، ومن ناحية أخرى تبشر تعيينات البيت الأبيض بسياسة خارجية أمريكية أكثر براغماتية تجاه شرقي آسيا عموما.

منذ سنة 2006 صار الحوار الاستراتيجي الاقتصادي الإطار الذي تناقش فيه الصين والولايات المتحدة الموضوعات المتعلقة بالعلاقات الاقتصادية الثنائية. وقبل قمة العشرين في لندن في إبريل، أسس الرئيسان هو جين تاو وباراك أوباما الحوار الاستراتيجي والاقتصادي الصيني الأمريكي. إن هذا القرار برفع وتوسيع الحوار يعكس الأهمية المتنامية للتعاون الثنائي.

خلال حملة الانتخابات الرئاسية، كان رئيس فريق أوباما لآسيا هو السفير السابق جيفري بادير، وهو أول رئيس لمبادرة الصين في مؤسسة بروكنز، والذي لعب دورا هاما في إعادة بناء العلاقات الصينية الأمريكية خلال تسعينات القرن الماضي، وعين أوباما كورت كامبل، كبير مستشاري الرئيس السابق بيل كلينتون للشؤون الآسيوية، ليكون مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية لشؤون آسيا والمحيط الهادي، وعين أوباما أيضا الجنرال واليس غرغسون، الذي كان ضمن مجموعة من الجنرالات طالبوا سنة 2006 بإقالة وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد، عينه مسؤولا في البنتاغون عن الأمن في شرقي آسيا. كما أن اختيار واشنطن لسفرائها الرئيسيين في شرقي آسيا يبشر بتحول في محاور الاهتمام والتركيز.

إن إدارة  أوباما تنتهج سياسة تجمع بين "القوة الناعمة" التي دعا إليها بيل كلينتون و"القوة الخشنة" التي تبناها جورج بوش الابن. هذه الفكرة كان أول من طورها هو البروفيسور جوزيف ناي، الأستاذ بجامعة هارفارد، ومساعد وزير الخارجية الأمريكي سابقا الذي صك مصطلح "القوة الناعمة". ناي الذي يدعو إلى تعزيز التحالف الأمريكي الياباني ويؤيد التعاون الصيني الياباني، تم اختياره ليكون السفير الأمريكي القادم إلى اليابان. تيم رويمر الذي يشدد على أهمية وجود أجندة مشاركة متينة مع الهند، اختاره أوباما ليكون السفير الأمريكي إلى الهند. جيم ليتش، عضو الكونغرس الذي ترأس لجنة الكونغرس الفرعية لشؤون آسيا والمحيط الهادي، هو المرشح الأكثر قوة ليكون سفير واشنطن في بكين.

كل هذه التعيينات تشير إلى أن الإدارة الأمريكية ستباشر سياسة براغماتية تجاه الصين تدعم التعددية والاندماج في شرقي آسيا وفي ذات الوقت تدعم تعاونا ثلاثيا؛ أمريكيا- صينيا – يابانيا.

علاقات واشنطن مع تايوان عقبة رئيسية

ولكن برغم كل ذلك تظل علاقات واشنطن مع تايوان العقبة الكبرى التي تعيق تعميق العلاقات الصينية الأمريكية. لقد شهد العام الماضي اتخاذ بر الصين الرئيسي وتايوان مسار التنمية السلمية عبر المضيق. وقد انتهج بر الصين الرئيسي خلال العقود الماضية سلسلة من السياسات والإجراءات التي تضمن التنمية السلمية عبر مضيق تايوان، ولكن حتى السنة الماضية منعت خطط قوى الانفصال في تايوان العلاقات عبر المضيق من التقدم في الاتجاه الذي يريده الشعب على جانبي المضيق. ولا شك أن علاقات واشنطن مع تايوان هي التي أعطت الجرأة للانفصاليين في تايوان، وهي التي شجعت الزعيم السابق لتايوان تشن شوي بيان على القول: "إن الولايات المتحدة واليابان سوف يوليان اهتماما كافيا إلى المنطقة بمجرد اندلاع حرب عبر المضيق وإن الولايات المتحدة سوف تأتي لمساعدة تايوان بروح من علاقات واشنطن مع تايوان". كلمات تشن فضحت دوافع الانفصاليين التايوانيين لاستغلال علاقات واشنطن مع تايوان لاستدراج الولايات المتحدة إلى صراع مسلح مع بر الصين الرئيسي.

لقد أعاقت مبيعات الأسلحة الأمريكية لتايوان تطور العلاقات الصينية الأمريكية، وبخاصة العلاقات العسكرية، وقد أضرت مبيعات الأسلحة الأمريكية لتايوان، وبخاصة صفقة أكتوبر العام الماضي بقيمة 6,463 مليار دولار أمريكي، بالعلاقات الصينية الأمريكية.

صحيح أن الخطوات التي اتخذها باراك أوباما، كما سبقت الإشارة، تبشر بتحول في السياسات الأمريكية تجاه الصين، وصحيح أن العلاقات الصينية الأمريكية تحولت خلال الثلاثين سنة المنصرمة لتصبح العلاقات الثنائية الأكثر أهمية في العالم، وهو الأمر الذي انعكس في لقاء هو جين تاو- أوباما في لندن وتعريفهما للعلاقات بأنها نشيطة وإيجابية وشاملة. إن هذا يضع نغمة إيجابية لتطور العلاقات الثنائية الصينية الأمريكية. وإذا تحولت هذه النغمة الإيجابية إلى أفعال فما الذي تريده الولايات المتحدة من علاقاتها مع تايوان، وبخاصة بعد أن شهدت العلاقات عبر المضيق تطورات إيجابية وسلمية؟

 

 

 

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@chinatoday.com.cn
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.

فرع مجلة ((الصين اليوم)) الإقليمي للشرق الأوسط بالقاهرة
رئيس الفرع: حسن وانغ ماو هو
العنوان: 5 شارع الفلاح، المتفرع من شارع شهاب
- المهندسين- الجزيرة- مصر
تليفاكس: 3478081(00202)
  ص.ب208 – الأورمان – الجزيرة – القاهرة – مصر
   الهاتف المحمول: 0105403068(002)
البريد الإلكتروني: kailuofenshe@yaoo.com.cn