ã

في ونتشو

أفكارهم سر ثرائهم

هونغ تشن نينغ

في شارع ووما

  أحد ضيوف المؤتمر العالمي لأبناء ونتشو يسجل اسمه في جدار التوقيعات

ندوة على هامش المؤتمر العالمي لأبناء ونتشو

سوق الأزرار بمدينة ونتشو سنة 1993

 

يوما بعد يوم، يكتشف الصينيون مزيدا من آثار أبناء ونتشو في طول الصين وعرضها منذ انتهاج البلاد سياسة الإصلاح والانفتاح. أبناء ونتشو الذين يتقنون فنون التجارة، كانوا في البداية يمتهنون حرفا بسيطة، فكنت تجد منهم الإسكافي والحلاق والبائع المتجول، وهي المهن التي كان ينظرون إليها باحتقار مثل غيرهم في كافة أنحاء الصين. كانت المحطة التالية في رحلتهم هي محلات البيع بالتجزئة، وخاصة للملابس الجاهزة والإلكترونيات، ومنهم من افتتح صالونات حلاقة. في تلك الفترة، أغرقت المنتجات المصنوعة في ونتشو أسواق الصين، في ظاهرة أثارت الانتباه والدهشة من قدرة هؤلاء الناس على تحقيق الثراء بسرعة ملحوظة.

البداية من التجارة الصغيرة

يعتقد أهل ونتشو أنه ليس هناك مهنة رفيعة ومهنة وضعية، وإنما توجد مهنة مربحة وأخرى غير مربحة. من هذا المنطلق، هجر كثر منهم بيوتهم وانطلقوا إلى مدن بعيدة حتى اشتغلوا في المهن التي يتعفف منها الناس، فحققوا في هدوء ثروات وضعتهم في مصاف الأغنياء.

النمط العام للسلوك التجاري لأهل ونتشو هو البدء بتجارة بسيطة؛ أزرار، إكسسوارات نسائية، لعب أطفال، بطاقات وعلامات الخ من السلع التي تُصنع في ونتشو وتسوق في أنحاء الصين. والتاجر من أبناء ونتشو لا يقلقه كثيرا كم يربح وإنما الخشية من فوات الفرصة. وهم يعلمون جيدا أن السلع الصغيرة هي في الحقيقة أسواق كبيرة.

بعد تدبير رأس المال الكافي، يتحول التاجر من أبناء ونتشو تدريجيا من السلع الصغيرة إلى سلع أكبر قليلا؛ من الأزرار مثلا إلى الملابس الجاهزة والأحذية، ومن القطع الإلكترونية إلى الأجهزة الإلكترونية الكاملة، ومن الحاجيات اليومية إلى صناعة التكنولوجيا العالية، وهكذا حتى دخول قطاع العقارات وقطاع المال.

 

القناعة ليست كنزا

مرت ونتشو بثلاث مراحل تنمية؛ الأولى في ثمانينات القرن الماضي، واعتمدت فيها رئيسيا على الاقتصاد الخاص، هذه التجارة الحيوية في تلك الفترة لم تحفز فقط صناعة المعالجة وإنما حطمت الحواجز بين الاقتصاد الاشتراكي والاقتصاد الرأسمالي، وهي المسألة التي كانت دائما موضع خلاف في الصين. وقد أثارت في ذلك الوقت جدلا في الأوساط الأكاديمية الصينية. في المرحلة الثانية سعى رجال الأعمال في ونتشو إلى الانتقال من الاقتصاد الانتشاري إلى الاقتصاد المكثف وتطوير الاقتصاد الحجمي والعمليات المتكاملة. المرحلة الثالثة، حاليا، هي مرحلة التركيز على الابتكار للارتقاء بهياكلها الصناعية ورفع جودة منتجاتها.

أبناء ونتشو لا يغيرون نمط التنمية الاقتصادية بحسب وإنما يواصلون التفوق على أنفسهم ماديا وفكريا. قبل فترة كان يقال في الصين إن "التاجر من ونتشو، صاحب محل في النهار وينام على أرضيته في الليل". لم يعد أبناء ونتشو ينامون على أرضية المحلات ليلا وإنما يدرسون العلوم ويراجعون المعلومات، فهم على وعي بأن المعرفة الأكثر تعني مزيدا من المال.

توجد نظرية اقتصادية تسمى "منحنى الابتسام"، الذي تكون فيه الأجزاء العليا من البسمة هي تكلفة تصميم المنتج وقيمة العلامة التجارية وربح البيع بالتجزئة ويكون القسم الأدنى من المنحنى هو عملية الإنتاج الفعلية. هذا المنحنى يستخدم دائما في الإشارة إلى الشركات الصينية باعتبارها تحتل ذيل سلسلة القيمة الإنتاجية المضافة في العالم. شرعت الشركات في ونتشو، في السنوات الأخيرة، تغير هذا الوضع مستفيدة من مزايا الماركة ورأس المال والتكنولوجيا الخ لها، وذلك بنقل بعض المصانع الإنتاجية إلى أماكن أخرى والتركيز على التصميم والتسويق باعتبارهما الحلقتين الأكثر ربحا في السلسلة الإنتاجية وفقا لـ"منحنى الابتسام". من أبرز الشركات في ونتشو التي انتهجت هذا الطريق شركة ميترزبينوي Metersbonwe، التي حققت تطورا كبيرا من خلال تكليف مصانع لأخرى بعلميات الإنتاج والتركيز على التصميم والتسويق.

يمتلك رجال الأعمال في ونتشو براعة اختراق الحواجز الفكرية، ويجيدون الابتكار ومزج المفاهيم الجديدة مع طرق التجارة التقليدية واستنبات أفكار جديدة تساهم في حل المشكلات الواقعية التي تواجهها شركاتهم. وأبناء ونتشو ليسوا من الذين يقنعون ويقتنعون بما يحققون من إنجازات، وإنما يطمحون إلى المزيد. ونتشو مدينة مفعمة بالحيوية والنشاط، بل إن أبناءها هم منبع النشاط ذاته.

 

الذكاء والتعاون يشقان طريق الثروة

في هذه المرحلة الجديدة من التطور، ينبغي أن يواصل أبناء ونتشو الاستفادة من مبادرتهم، ولكن عليهم أن يركزوا حاليا على الجودة بنفس قدر التركيز على الشجاعة. ويقال إن شجاعة أبناء ونتشو تقوم على الهدم الخلاق، ولكن العصر الحديث يتطلب حكمة تجارية تستجيب لمتطلبات البناء الخلاق.

خلال مسيرتهم التجارية الطويلة، صار تجار ونتشو أكثر وعيا بالمشقات وأكثر إدراكا لأهمية التعاون والتضامن، وبشكل عام يتميزون بالقدرة البارعة على الاستفادة من شبكة علاقاتهم الاجتماعية، وهذا يساعدهم على اجتياز المصاعب والأزمات وتحقيق التنمية المستمرة. وقد أطلق عالم الاجتماع والأنثروبولوجيا الصيني البروفيسور في شياو تونغ، على هذا النوع من العلاقة اسم "الاقتصاد الأخوي".

ظهرت في السنوات الأخيرة العديد من النماذج الناجحة للإدارة التعاونية بين أبناء ونتشو، وتنتهج الشركات التي تطبق التشغيل الافتراضي "مبدأ الدلو في الاقتصاد" من أجل رفع المزايا وتقليل العيوب، وإدخال التحسينات من خلال التكامل والمنفعة المتبادلة. في سنة 2006، تعاونت مجموعة غرينفول greenfull لإنتاج اللحوم المجففة مع شركة منتجة لألعاب الإنترنت في إقامة متجر افتراضي لغرينفول على الإنترنت يتيح لمستخدمي ألعاب هذه الشركة شراء منتجات غرينفول افتراضيا وواقعيا، مقابل نشر إعلان شركة ألعاب الإنترنت على أغلفة منتجات غرينفول.

تحتاج الإدارة الافتراضية رؤية عالمية وقدرة على تكامل الموارد في أنحاء العالم، إضافة إلى استخدام التكنولوجيا العالية مثل الإنترنت لتحقيق قيمة مضافة عالية. لم تأت الأزمة المالية بمصاعب وأزمات فقط لأبناء ونتشو، وإنما أيضا أعطتهم فرصة لتنمية وتجديد هياكل صناعاتهم. إن ذكاء أبناء ونتشو ووعيهم التعاوني يجعلهم يشقون طرقا جديدة نحو الثروة في المستقبل.

 

هونغ تشن نينغ، نائب رئيس اتحاد العلوم الاجتماعية في ونتشو

 

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@chinatoday.com.cn
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.

فرع مجلة ((الصين اليوم)) الإقليمي للشرق الأوسط بالقاهرة
رئيس الفرع: حسن وانغ ماو هو
العنوان: 5 شارع الفلاح، المتفرع من شارع شهاب
- المهندسين- الجزيرة- مصر
تليفاكس: 3478081(00202)
  ص.ب208 – الأورمان – الجزيرة – القاهرة – مصر
   الهاتف المحمول: 0105403068(002)
البريد الإلكتروني: kailuofenshe@yaoo.com.cn