يه ماو شي، رئيس مجلس إدارة مجموعة شيجينغ بمدينة ونتشو

 

ينتشر التجار من أبناء ونتشو في أنحاء المعمورة، فهم قوم يعرفون جيدا كيف يفتحون أسواقا جديدة ويحققون أرباحا كبيرة. الثروة بالنسبة لهم موجودة في كل مكان وفي أي مجال. يقول يه ماو شي، رئيس مجلس إدارة مجموعة شيجينغ، عن أهل مدينته إن كل واحد منهم لديه الطموح أن يكون صاحب عمل، وهم يمتلكون الجرأة اللازمة لذلك.

البدء من الصفر

في نهاية ثمانينات القرن الماضي، خرج يه ماو شي من الخدمة العسكرية وعاد إلى بلدته حيث عُين في شركة مملوكة للدولة براتب شهري 29 يوانا (الدولار الأمريكي يساوي 6,83 يوانات). في ذلك الوقت، كانت ونتشو تشهد نموا سريعا بفضل سياسة الإصلاح والانفتاح، وكان كثير من أهلها حققوا الثراء بالفعل من صناعة وتجارة أزرار الملابس والسحابات (السوست) والقداحات، وكان الرجل يشعر بأنه فقير ويحسد هؤلاء الناس.

سمع يه ماو شي ذات مرة ولأول مرة، عن شيء اسمه الطباعة بالشاشة الحريرية من قريب له زار أوروبا. من يومها بدأت رحلة يه ماو شي مع الطباعة بالشاشة الحريرية. في سنة 1988، انتقل يه ماو شي إلى بكين، وفي ورشة بالية بها بعض آلات الطباعة اليدوية، بدأ طباعة الملصقات الإعلانية اللاصقة الأحادية اللون التي توضع في وسائل النقل العام.

يه ماو شي، الذي يعتبر نموذجا مثاليا لتجار ونتشو، جبلته الحياة العسكرية على تحمل المشاق. كان الرجل يمضي نهاره في محادثات ومساومات تجارية، ويتنقل بين ورشته وزبائنه ليلا. وكان الأمر يصل إلى حد مرور ثلاثة أيام عليه بدون نوم. في سنة 1994، أسس يه ماو شي شركة شيجينغ المحدودة للإعلانات ببكين، فتحول من مجرد تصميم الإعلانات وطباعتها إلى وكيل للإعلانات وتنظيم النشاطات الإعلانية ووضع خطط الإعلانات.

سعى يه ماو شي منذ البداية إلى تعلم فنون المهنة التي اختارها، فاشترك في دورات تدريبية مختلفة للطباعة بالشاشة الحريرية، وكان أول من استخدم الألوان الأصلية الثلاثة في طباعة الملصقات بالشاشة الحريرية، التي يرجع تاريخها في الصين إلى 2500 سنة. مع تطور التقنيات الحديثة للطباعة بالشاشة الحريرية بأربعة ألوان وأكثر في الدول الغربية، استورد يه ماو شي التقنيات والأجهزة المتقدمة من الخارج. يقول: "أهم عنصر للنجاح في المنافسات الشديدة هو التكنولوجيا العالية. أسعى لأكون الأفضل وأنجز ما لا يستطيع الآخرون أن ينجزوه."

زار يه ماو شي الولايات المتحدة وأوروبا واليابان وهونغ كونغ وشارك في معارض وتعلم من الخبراء وأقام علاقات تعاون تقني مع نظراء له هناك. في الوقت نفسه، ابتكر عددا كبيرا من المنتجات التي حصلت على براءة الاختراع، بما فيها صندوق الإعلانات ذو الألوان المتغيرة بالأشعة فوق البنفسجية، لذي بلغت تقنية إنتاجه المستوى الدولي. خلال زيارته للصين سنة 2001، منح جون كروفورد، رئيس الرابطة الدولية للطباعة بالشاشة والتصوير الجرافيكي، يه ماو شي شهادة عضوية الرابطة، كما حصلت شركة شيجينغ المحدودة للإعلانات ببكين على الجائزة الفضية للرابطة.

التكنولوجيا المتقدمة لشركة يه ماو شي جذبت لها مزيدا من العملاء، فبعد أن كانت بعض شركات الإعلانات الأجنبية تصنع إعلاناتها الفائقة الجودة في هونغ كونغ ومقاطعة تايوان واليابان وسنغافورة، صارت تتعاون مع شركة شيجينغ. بل إن بعض المؤسسات في هونغ كونغ تكلف شركة شيجينغ بطباعة الملصقات لها، بفضل أسعارها الرخيصة.

يقول يه ماو شي، "لا نقول للزبون ’لا‘ أبدا". ذات مرة أخطأ عميل في مراجعة البروفة الأخيرة، فكان مصير مئات من الملصقات صندوق القمامة. وفقا للعقد، لا تتحمل شركة شيجينغ المسؤولية عن ذلك، ولكن يه ماو شي قرر إعادة طباعة الملصقات للزبون بدون مقابل، تطبيقا عمليا للشعار الذي يرفعه: "لا نسمح بأن يتحمل العميل أي خسارة، ونعتبر تكلفة تعويض الخسارة نفقات دراسية لتدريب العمال". صحيح أن شركته تحملت في تلك المرة نفقات إضافية آلاف اليوانات، لكنها جذب عددا كبيرا من الطلبات التجارية من شركات موتورولا ونوكيا وكوكا كولا وكوداك، وغيرها من الشركات الكبيرة.

ذات مرة، كلف عميل من مدينة تشينغداو شركة شيجينغ بطباعة إعلان تجاري لمنتجاته من الأحذية الجلدية. ولكن العميل وجد في العينة خطأ في ترتيب الألوان يعود سببه إلى المصمم، فطلب من شركة شيجينغ أن تعيد الطباعة. في العادة تستغرق عملية إعادة الطباعة يومين، ولكن العميل كان حجز بالفعل تذكرة العودة إلى مدينته بالطائرة في اليوم التالي. قبل مغادرته بكين، حصل العميل على العينة المعدلة، وأخذته سيارة من الشركة إلى المطار. تأثر العميل كثيرا وقال للسيد يه: "خدمات شركتكم ممتازة، أتمنى أن يكون التعاون بيننا طويل المدى، فشركتكم يُعتمد عليها حقا".

خلال بضع عشرة سنة شهدت مجموعة شيجينغ تطورا سريعا، وتوسع مجال أعمالها إلى قطاع العقارات والتعدين والتصنيع والثقافة والإعلام.

 

البحوث عن الطرق الجديدة للتطور

قبل سنوات انتبه يه ماو شي إلى أمر بالغ الأهمية ولكن أحدا لم يفكر فيه. في بكين ثلاثمائة ألف فرد من أبناء ونتشو، معظمهم يعمل بالتجارة. والمعلومات التجارية هي مصدر الثروة، ومن خلال النشاطات التي تنظمها الغرف التجارية يتبادل التجار الرأي حول كيفية ابتكار منتجات جديدة وإدارة المؤسسات، حيث يتعلم بعضهم من بعض. على هذا الأساس، أقيمت بجهوده وترتيبه غرفة تجارة ونتشو في بكين سنة 2007، بنفسه رئاستها. يقول يه ماو شي"مساعدة الآخرين تسعدني. في الحقيقة، إن مساعدة الآخرين هي مساعدة النفس. أنا لم أنتظر أو أتوقع مكافأة، ولكن المكافأة جاءت إليّ".

وقال يه ماو شي إنه يقود الغرفة التجارية لاستكشاف التنمية عن طريق التوسع المنخفض التكلفة. وفي الثامن من أكتوبر سنة 2008، وقعت الغرفة اتفاق تعاون مع مصلحة إيلاوارا للتنمية الاقتصادية الأسترالية وغرفة تجارة إيلاوارا. وعن ذلك قال يه ماو شي متأثرا: "علينا أن نقود أهل ونتشو في بكين وفي أنحاء الصين والعالم وأن نسعى إلى التطور المشترك في ظل المنافسات الدولية. وسوف نتقدم يوما بعد يوم وسنرد الجميل لمدينتنا وبلادنا والمجتمع بثروتنا."

تدور في ذهن يه ماو شي حاليا خطة عظيمة، حيث يفكر في اختيار مدينة أو مدينتين في منطقة غربي الصين والقاعدة الصناعية في شمال شرقي الصين ومنطقة وسط الصين كنقطة تجريبية لاستكشاف أنماط جديدة لونتشو. وإذا تحقق ذلك فإن تجار ونتشو سيلعبون دورا أكثر أهمية في القطاع الاقتصادي الخاص بالصين.

 

فتح أسواق خارجية

يعتقد يه ماو شي أنه على الرغم من الأزمة المالية العالمية أصابت الشركات الصينية العاملة في التصدير بموجة برد، إلا أنها أتت لها أيضا بفرصة نادرة لفتح أسواق خارجية. يدعو يه ماو شي الشركات في ونتشو إلى البحث عن سبل للتخلص من الأزمة، وتعزيز ثقتها بذلك من خلال التعاون بينها وفتح "المعركة الثانية" خارج الصين.

خلال زيارته لبريطانيا في أوائل سنة 2009، ضمن الوفد الصيني للتجارة والاقتصاد، علم يه ماو شي أن محطة تلفزيون بروبلر البريطانية لن تستطيع الحصول على الدعم المالي من حكومة بريطانيا، وأنها تبحث عن مستثمر استراتيجي. بروبلر محطة تلفزيونية فضائية تستقبل برامجها كل المدن الرئيسية في أوروبا. أدرك يه ماو شي أن شراء هذه المحطة التلفزيونية يوفر فرصة نادرة لمساعدة رجال الأعمال الصينيين على فتح أسواق خارجية.

وقال إنه سيستخدم هذه الوسيلة الإعلامية لنشر الثقافة والآداب والتاريخ والتقاليد الشعبية والتطورات الاقتصادية للصين، فضلا عن المنتجات ذات الماركات الصينية. وهدفه هو إثارة اهتمام الأوربيين بالصين وإقامة علاقة وثيقة بين الصين والمهاجرين الصينيين المقيمين في أوروبا وبناء جسر ورابط بين الصين والدول الأوربية.