ã

سياسة أمريكا في الشرق الأوسط

وعود بالحوار والحل ومحاولة للتغيير

القاهرة : سوسن أبوحسين

باراك أوباما اختار تركيا كأول دولة إسلامية يزورها بعد توليه الرئاسة الأمريكية

باراك أوباما يرتدي زيا تقليديا أثناء زيارة إلى موطنه في كينيا

بوادر تحول في الموقف الأمريكية من قضية دارفور

كل الخطط والوعود الأمريكية التي تتحدث عن السلام في الشرق الأوسط مجرد أوراق هادئة، أو للتهدئة، بعد ثماني سنوات من الحروب التي فرضتها أجندة السياسة الأمريكية طوال ولاية الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش، وهو الأمر الذي فرض على الولايات المتحدة حالة من الإعياء السياسي والاقتصادي والانتقاد والرفض والكراهية لكل ما هو أمريكي. وعليه بدأ الرئيس الأمريكي باراك أوباما في إرسال مؤشرات للعالمين العربي والإسلامي بالاسترخاء والسلام والحوار والوعد بما يُسمى بحل الدولتين وإقامة دولة فلسطين. وقد بدأت إسرائيل بإخراج أوراق تتحدث عن القبول بفكرة باراك والموافقة على المبادرة العربية للسلام مع التحفظ على حق العودة للشعب الفلسطيني. ويبقى السؤال ماذا تعطى سياسة الإدارة الأمريكية الجديدة للشرق الأوسط وهل سينجو أوباما من خطط إسرائيل لدفع واشنطن إلى الدخول في حرب مع إيران أم سيعي أوباما مخاطر سياسة الحرب على العراق ويرفض الدخول في حرب مع إيران؟

إن اهتمام العالم العربي بالرئيس الأمريكي باراك أوباما والرهان على التغيير في سياسة البيت الأبيض لم يأت من فراغ، فهو الرئيس الذي يتمتع بقدرات خطابية هائلة وفكر جديد وقدرة نادرة على التواصل مع الجماهير والتعبير عن آمالهم وطموحهم. وهو ينحدر من أصول أفريقية وجذوره مسلمة وقضى جزءا من طفولته في العالم الإسلامي ودرس لمدة عامين في مدرسة مسلمة في إندونيسيا ودافع عن حريات العرب الأمريكيين المدنية وأكد على أهمية تغليب الديبلوماسية على الحرب وبناء جسور الصداقة مع العالم الإسلامي والابتعاد عن القوة العسكرية. وفى هذا الصدد تشير التوقعات إلى استبدال ما يُسمى بأجندة الحرب بالقوة الناعمة أو الديبلوماسية الخشنة. وهذا الاتجاه يتناسب مع فكر أوباما منذ حملته الانتخابية التي أعلن خلالها معارضته للحرب على العراق والحديث عن انسحاب مبكر، وتبنى فكرة العراق لأهله وعدم وجود أطماع أمريكية في ثروات العراق. وأعلن أوباما عزمه على اتباع سياسة الحوار مع إيران وسورية وشدد على أهمية فرض سياسة حل الدولتين وإقامة دولة فلسطين. كل هذا يؤكد أن واشنطن بدأت تراجع وتقيم مواقفها تجاه منطقة الشرق الأوسط التي عانت طويلا من جراء الاندفاع الأمريكي باتجاه مغلوط لحسم القضايا بالحرب.

والمتأمل في مواقف الرئيس الأمريكي باراك أوباما تجاه الشرق الأوسط، يرى أنه يحاول احتواء ما شهده العام الأخير للرئيس الأمريكي السابق جورج بوش في السلطة، من تحولات ضخمة في منطقة الشرق الأوسط مثل مفاوضات السلام السورية الإسرائيلية غير المباشرة تحت رعاية تركية ومفاوضات إسرائيل غير المباشرة مع حركة حماس (حوار القاهرة واتفاق التهدئة) واتفاق الدوحة الذي وضع حدا للازمة السياسية اللبنانية. وهى تحولات ضخمة دفعت الكثيرين للتساؤل عن مغزاها وكيف بدت الولايات المتحدة عاجزة عن ملاحقة ما يجرى بالشرق الأوسط من تغيرات بعدما باتت غارقة في مأزق العراق.

ولكن ذلك لا يعنى أن الأوضاع في الشرق الأوسط تحسنت فالوضع في العراق مازال بعيدا عن الاستقرار والعلاقات العربية – الإسرائيلية يصعب التنبؤ بمستقبلها.

بدأ الرئيس الأمريكي باراك أوباما في كشف خطط مؤكدة التنفيذ، فقد جاء إلى المنطقة التي استهلها بزيارة إلى تركيا وأعلن أن بلاده ليست في حالة حرب مع الإسلام، ولا سلام بدون إقامة دولة فلسطين وأهمية التوصل إلى اتفاق أو حل تحت مسمى حل الدولتين وفق قرار التقسيم. هذا الإعلان رحبت به مصر والدول العربية إضافة إلى التمسك بالمبادرة العربية للسلام باعتبارها أقصر طريق للسلام بعد سنوات طويلة أمضاها العرب في وعود لم تنفذ مع الإدارة الأمريكية. وقد أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس أن كل العرب مع أربعة بنود لا خيار غيرها هي: وضع آلية من أجل تطبيق خطة خريطة الطريق والتي تشمل التفاصيل التالية: التمسك بالشرعيات الدولية – رؤية أوباما لحل الدولتين – والمبادرة العربية للسلام والتي تقول الأمن مقابل السلام أن تكون هناك التزامات فلسطينية وأخرى إسرائيلية، وأن يلتزم بها الجميع لبناء السلام.

وتحاول الولايات المتحدة الأمريكية طرح بدائل ومقترحات للحوار مع أطراف عملية السلام، وهو ما نتج عنه تحول في بعض المواقف الإسرائيلية التي كانت غاية في التشدد بعد تشكيل الحكومة الإسرائيلية برئاسة نيتانياهو، حيث أعلن وزير الخارجية ليبرمان عن موت عملية السلام وموت خارطة الطريق، إلا أن الإدارة الأمريكية أعلنت بأنه لا مفر من العودة إلى السلام وفق حل الدولتين وبدت المواقف الأمريكية والإسرائيلية في حال أشبه بالصدام أو الاشتباك إلى أن أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نيتانياهو خمس أسس للحكومة الإسرائيلية لمستقبل المفاوضات مع الفلسطينيين تتمثل في:

1- الموافقة على الدولة الفلسطينية التي ستقام إلى جانب إسرائيل، ولكن وفق عدد من الشروط منها – أن تكون دولة منزوعة السلاح ويحظر عليها إقامة تحالفات عسكرية، وأن تقوم إسرائيل بمراقبة أجوائها وحدودها الخارجية برا وبحرا؛

2- أن يوافق الفلسطينيون على اعتبار إسرائيل دولة تعبر عن طموحات الشعب اليهودي القومية (بدلا من كلمة يهودية الدولة)، مثلما توافق إسرائيل على اعتبار فلسطين العتيدة دولة الشعب الفلسطيني القومية؛

 3- أن تمنح الولايات المتحدة ضمانات أمنية لإسرائيل في إطار عملية السلام هذه من خلال اتفاقيات أمنية واضحة؛

 4- أن تجرى مفاوضات السلام مع الفلسطينيين جنبا إلى جنب مع دول الجوار الأخرى، ويتم إبرام اتفاقية سلام شاملة تتضمن إقامة علاقات بين إسرائيل والدول العربية المعتدلة جميعا؛

5- أن يقوم وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك بسحب الجيش الإسرائيلي من المدن الفلسطينية في الضفة الغربية والعودة إلى حدود ما قبل الانتفاضة الفلسطينية الثانية، وإزالة البؤر الاستيطانية غير الشرعية.

لكن يبدو أن هذا العرض الإسرائيلي مجرد أوراق لن تجد طريقها للتنفيذ، وسوف تخضع للمساومة والحصول على أكبر قدر من المكاسب التي تفوض تقديم هذه الأوراق، وفي مقدمتها دعم أمريكي غير مسبوق في المنظومة الأمنية والمالية.

ومن المتوقع أن تكون كل قضايا الشرق الأوسط في مقدمة اهتمامات الرئيس اوباما، حيث يرى ضرورة لعملية سلام متكاملة، بمعنى أن يكون هناك انفتاح أمريكي على سورية، وأن يحدث اتفاق فلسطيني إسرائيلي ثم اتفاق سوري إسرائيلي، وبعد ذلك تستمر السياسة الأمريكية في فتح حوار مع إيران. وفى هذا الشأن تفيد المعلومات أن الولايات المتحدة الأمريكية تراجع سياساتها حيال إيران وسوف تنطلق من ثلاثة عناصر رئيسية هي: 1- اعتماد مبدأ الحوار المباشر دون شروط مسبقة. 2- أن تغيير النظام الإيراني غير وارد لدى الإدارة الأمريكية الحالية. 3- ضمان عدم شن عمل عسكري ضد إيران خلال المفاوضات طالما أظهرت طهران تعاونا في القضايا محل القلق الدولي وعلى رأسها الملف النووي الإيراني.

وتفيد المعلومات أيضا أن واشنطن ستستمر في حوارها مع إيران حتى نهاية شهر أغسطس المقبل، وإذا لم تصل إلى نتائج يمكن أن تستخدم الديبلوماسية الخشنة، آي صدور عقوبات رادعة ضد إيران ربما تصل إلى حد الصدام على حد قول مصادر مقربة من الإدارة الأمريكية مع نهاية العام الجاري. ولكن أوباما يفضل عدم الانصياع إلى أفكار مستشاريه لشن أي هجوم عسكري ضد إيران، خاصة أن المنطقة لا تزال تعانى ويلات الحرب على العراق.

وفى الشأن العراقي تحاول الولايات المتحدة مساعدة الحكومة العراقية في عدة خطوات، منها تكريس منهج المصالحة الشاملة مع كل القوى السياسية في العراق وتوسيع العملية السياسية وتقوية أداء الجيش والشرطة العراقية لاستلام مهامهم وفق الجداول الزمنية الواردة في وثيقة الاتفاقية الأمنية الموقعة بين الولايات المتحدة والعراق، وأن ينسحب الجيش الأمريكي إلى خارج حدود المدن العراقية على أن يتم الانسحاب النهائي في غضون عام 2011. وسيكون العام الحالي هو الحاسم في تاريخ العراق نظرا للحسم في عديد الملفات من أهمها الانتخابات الرئاسية العراقية التي ستجرى مع نهاية العام الحالي، وكذلك تنشيط ما يسمى بإعادة الإعمار وتقوية مؤسسات الدولة وإصلاح الدستور، وكلها خطوات حثت إدارة أوباما الحكومة العراقية على إنجازها.

وفى الشأن السوداني ظهرت بوادر انفراج في العلاقة بين الولايات المتحدة والسودان خاصة بعد الزيارة الأخيرة التي قام بها جون كيرى إلى السودان، والتي من بينها بروز حلول تشير إلى صفقة أمريكية سودانية تؤدي إلى حل عقدة قرار المحكمة الجنائية الدولية من خلال حزمة من الإجراءات تقوم بها حكومة الخرطوم، وهى إيجاد بدائل لمعاقبة مرتكبي جرائم الحرب في السودان وإعادة منظمات الإغاثة الدولية والبحث عن حلول لأزمة دارفور، وربما تكون في النهاية عقد مؤتمر دولي لحل أزمة دارفور بمشاركة جميع الأطراف الدولية ذات الصلة وهى الأمم المتحدة والجامعة العربية والاتحاد الأفريقي والدول المعنية، وفقا لما أشار إليه وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط بعد عودته من واشنطن.

هذه هي الخطوط العريضة لتفاصيل قادمة لسياسة أوباما حيال القضايا الساخنة في منطقة الشرق الأوسط والتي قد تستمر حتى نهاية العام الحالي.

 

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@chinatoday.com.cn
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.

فرع مجلة ((الصين اليوم)) الإقليمي للشرق الأوسط بالقاهرة
رئيس الفرع: حسن وانغ ماو هو
العنوان: 5 شارع الفلاح، المتفرع من شارع شهاب
- المهندسين- الجزيرة- مصر
تليفاكس: 3478081(00202)
  ص.ب208 – الأورمان – الجزيرة – القاهرة – مصر
   الهاتف المحمول: 0105403068(002)
البريد الإلكتروني: kailuofenshe@yaoo.com.cn