ã

الصين والمجهود الدولي في أفغانستان

جين ري

دورية لجنود من القوات الكندية في أفغانستان

شاركت الصين في مؤتمر لاهاي حول أفغانستان، شهر مارس

ريتشارد هولبروك زار الصين في إبريل

 

 

لن ترسل الصين قوات حفظ سلام إلى أفغانستان في المستقبل المنظور

النوايا الحقيقية للولايات المتحدة في أفغانستان موضع شك كبير

إذا احتُرِمَت سيادة واستقلال أفغانستان، سيقبل الشعب الأفغاني المساعدات الدولية ويسمح بها

 

تثير التطورات الأخيرة على الساحة الأفغانية، وكذلك في باكستان، مخاوف العديد من الأطراف الدولية من تنامي قوة حركة طالبان، على الرغم من الاستراتيجية الجديدة التي تنتهجها إدارة الرئيس الأمريكي الجديد باراك أوباما حيال الوضع في أفغانستان والتي تتضمن زيادة عدد القوات الأمريكية في أفغانستان وعدم الاقتصار على البُعد العسكري في التعاطي مع المشكلة الأفغانية، وتعيين ريتشارد هولبروك مبعوثا خاصا لباكستان وأفغانستان.

وقد قام هولبروك بزيارة إلى الصين يومي 15 و16 إبريل، وصفتها المتحدثة باسم الخارجية الصينية جيانغ يوي بالزيارة القصيرة وقالت: "إن هولبروك التقى مع كل من مستشار الدولة دا بينغ قوه ووزير الخارجية يانغ جي تشي. تبادل الجانبان الآراء حول الوضع في جنوب آسيا والقضايا الأخرى ذات الاهتمام المشترك، وأكد الجانبان على استعدادهما لتعزيز الحوار والتعاون لتدعيم السلام والاستقرار والتنمية في جنوب آسيا".

وقد اعتبر نيو شين تشون، نائب مدير مركز الدراسات الأمريكية بالمعهد الصيني للعلاقات  الدولية، الزيارة علامة أخرى لاستراتيجية أوباما الجديدة تجاه أفغانستان وباكستان، وقال: "إن الولايات المتحدة تسعى إلى التعاون مع جيران تلك المنطقتين اللتين تعانيان من الإرهاب، ومع الصين كونها جارتهما الأكبر، فالصين لها حدود مشتركة مع أفغانستان وعلاقات طويلة مع أفغانستان".

ولكن إذا كان أوباما يتطلع إلى تعاون الصين في حل القضايا الشائكة بأفغانستان، فإن شي ين هونغ، الأستاذ بجامعة رنمين الصينية، يستبعد انخراط الصين في عمليات عسكرية بأفغانستان، على الرغم من أنها تلعب دورا فاعلا وملحوظا داخل المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة، وقال: "لن ترسل الصين قوات حفظ سلام إلى أفغانستان في المستقبل المنظور، ولكن الصين ستبذل جهودا للمساعدة في إعادة إعمار المنطقة التي تعاني من الإرهاب. وقد ألغت الصين ديونا لها على أفغانستان قدرها 75 مليون دولار أمريكي، وسوف تدعم انتخابات الرئاسة الأفغانية في 20 لأغسطس هذه السنة." وقال البروفيسور شي إن زيارة هولبروك عززت الاتصالات فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب في أفغانستان وباكستان، ولكنها لم تغير القرار الذي اتخذته الصين بالفعل".

وقد شاركت الصين في المؤتمر الدولي حول قضية أفغانستان الذي عقد في مارس هذا العام في لاهاي بهولندا. وخلال هذا المؤتمر توصل المجتمعون إلى توافق حول أربعة قضايا:

القضية الأولى، الاعتراف بأن التدهور الأمني وتأخر الإعمار في أفغانستان تحد مشترك للمجتمع الدولي، ومن ثم ينبغي أن تنسق الجهات المعنية جهودها لتعزيز الاستقرار والرخاء الطويل الأجل في أفغانستان؛

القضية الثانية، إقرار الأهداف الأربعة التي تحكم المعونات الدولية، وهي: تعزيز قدرة الحوكمة، البدء السريع للتنمية الاقتصادية، التصدي للمخاوف الأمنية وتعزيز التعاون الإقليمي؛

القضية الثالثة، قبول بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في أفغانستان، التي يُتوقع أن تؤدي وتنسق إعادة الإعمار، وضرورة توسيع مجال عملها؛

القضية الرابعة، الترحيب بالاستراتيجية الأمريكية الجديدة تجاه أفغانستان والموافقة على العمل من أجل حل الصراع في أفغانستان من خلال الجهود العسكرية والمدنية معا.

وقد أكد المؤتمر بشكل خاص على أهمية انتخابات الرئاسة الأفغانية في شهر أغسطس، وتعهدت الولايات المتحدة بتقديم معونة قدرها 40 مليون دولار أمريكي، كما تعهد الاتحاد الأوروبي بتقديم 60 مليون يورو من أجل إجراء الانتخابات، في حين تعهدت الصين بتقديم 75 مليون دولار أمريكي على مدى خمس سنوات.

جاء المؤتمر على خلفية تدهور الوضع في أفغانستان ومراجعة الولايات المتحدة لاستراتيجيتها في مكافحة الإرهاب. لقد عادت طالبان خلال السنتين الأخيرتين كقوة تعمل على نطاق واسع، فحتى العاصمة كابول تعيش تحت التهديد. كما أن فلول مقاتلي القاعدة مازالوا ناشطين على الحدود الأفغانية- الباكستانية ومازالت الهجمات الإرهابية تضرب قلب باكستان. ومع ارتفاع الخسائر البشرية في صفوف القوات الأمريكية وحلفائها، والاعتداءات المتكررة على خطوط الإمداد، وتصاعد  حدة المشاعر المناهضة للولايات المتحدة في أفغانستان وباكستان، صارت الولايات المتحدة محاصرة في حربها بأفغانستان.

 إن الإستراتيجية الأفغانية- الباكستاينية الجديدة لأوباما التي أُعلن عنها في 27 مارس، هي محاولة لإخراج الولايات المتحدة من هذا المستنقع من خلال عمليات عسكرية أكثر تركيزا ضد تنظيم القاعدة وتعاون دولي أوسع لاحتواء الإرهاب. ومن هذا المنطلق كان النشاط الأمريكي الواسع في الترويج لمؤتمر لاهاي من أجل السعي إلى الدعم الدولي لسياستها الجديدة تجاه أفغانستان. وقد وسع الرئيس أوباما الدعم ليشمل جهود الأمم المتحدة لتنسيق المساعدة الدولية المقدمة إلى أفغانستان، وقيادة تعزيز الديمقراطية في أفغانستان. وأكد على التعاون الإقليمي بما في ذلك فيما بين جميع الدول المجاورة لأفغانستان. واقترح تشكيل مجموعة اتصال لقضية باكستان وأفغانستان تضم الأطراف المعنية في المنطقة، بما فيها الولايات المتحدة وحلفائها وروسيا ودول آسيا الوسطى وإيران ودول الخليج والصين. بل إن الإدارة الأمريكية دعت إيران لحضور مؤتمر لاهاي، وعقدت اجتماعا سريا معها، لاعتقادها بأن مسألة أفغانستان لا يمكن حلها دون مشاركة جميع جيرانها.

وقبل أوباما بدور أكثر نشاطا لمنظمة شانغهاى للتعاون في حل الصراع في أفغانستان. وكانت هذه المنظمة عقدت أول مؤتمر خاص لها حول أفغانستان يوم 27 مارس في موسكو، حيث وقع أعضاؤها اتفاقا مع أفغانستان بشأن مكافحة الإرهاب وتهريب المخدرات والجريمة المنظمة. وقد بعثت الولايات المتحدة، لأول مرة، مندوبين إلى اجتماع لمنظمة شانغهاى للتعاون، اعترافا بالمنظمة كشريك مستقل في التعامل مع القضية الأفغانية.

ولكن، على الرغم من أن التعاون الدولي قد يساهم في السلام والإعمار في أفغانستان، تواجه فعاليته تحديات عديدة، نلخصها فيما يلي:

أولا،  أن النوايا الحقيقية للولايات المتحدة في أفغانستان موضع شك كبير. فهل قيام الولايات المتحدة بنقل بؤرة مكافحة الإرهاب باتجاه الشرق، يستهدف حقا تسهيل الحرب على الإرهاب، أم أن ذلك غطاء لطموحها بتعزيز هيمنتها؟ ويبدو أن هذا السؤال يحير الكثير من الدول. قبل الحصول على إجابة واضحة، يظل تعاون تلك الدول مع الولايات المتحدة معاقا. إن الدول المعنية بالشأن الأفغاني، على اختلاف مصالحها، تتوقع أشياء مختلفة، وعليه تتباين أيضا الالتزامات التي تود النهوض بها.

ولكن من المؤكد أنه فقط إذا احتُرِمَت سيادة واستقلال أفغانستان، سيقبل الشعب الأفغاني المساعدات الدولية ويسمح بها، وطالما أن دولتهم محتلة، سيظل الأفغان على درجة عالية من الحساسية تجاه المساعدات الدولية. وما لم يُطمئن المجتمع الدولي الحكومة الأفغانية بأنه لن يتدخل في شئونها الداخلية فإن الوضع لن يثير فقط المشاعر الوطنية للشعب الأفغاني وإنما سيدق أيضا إسفينا بين الشعب والحكومة.    

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@chinatoday.com.cn
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.

فرع مجلة ((الصين اليوم)) الإقليمي للشرق الأوسط بالقاهرة
رئيس الفرع: حسن وانغ ماو هو
العنوان: 5 شارع الفلاح، المتفرع من شارع شهاب
- المهندسين- الجزيرة- مصر
تليفاكس: 3478081(00202)
  ص.ب208 – الأورمان – الجزيرة – القاهرة – مصر
   الهاتف المحمول: 0105403068(002)
البريد الإلكتروني: kailuofenshe@yaoo.com.cn