بينما العالم غارق في أزمة اقتصادية طاحنة جاء مرض أنفلونزا إيه/ إتش1 إن1، ليضيف هما جديدا للبشرية جمعاء. وقد بدا منذ البداية أن أحدا ليس بمنأى عن هذا الوباء القاتل، ولهذا بادرت الحكومة الصينية منذ الإعلان عن تفشي عدوى إيه/ إتش1 إن1 في المكسيك، باتخاذ سلسلة من الإجراءات التحوطية في محاولة لمنع دخول الفيروس اللعين للمرض القاتل إلى بر الصين الرئيسي، وكان من تلك الإجراءات تعليق الرحلات الجوية بين بر الصين الرئيسي والمكسيك، وإعادة كافة الرعايا الصينيين من المكسيك على متن طائرة استأجرت وجهزت لهذه المهمة، كما تفصل ذلك مقالتنا (من المكسيك إلى الصين: تجربة لا تُنسى). ولكن تشاء الظروف أن يكون المصاب الأول في بر الصين الرئيسي بأنفلونزا إيه/ إتش1 إن1 قادما من الولايات المتحدة، وليس من المكسيك.

والحقيقة أن نائب وزير الصحة الصيني ما شياو وي كان صريحا عندما قال، قبل وصول المرض إلى بر الصين الرئيسي، إن احتمالات دخول المرض إلى بلاده تتزايد، وبعد تأكيد أول حالة إصابة في الصين تم تأكيد إصابة ثانية. إن تَتَبُع وتحديد مكان ثم عزل ومراقبة كل من يشتبه في اتصاله مع مصاب بفيروس إيه/ إتش1إن1، مهمة شبه مستحيلة مع سيولة حركة الناس داخل حدود أوطانهم وخارجها والزحام في وسائل النقل والأسواق وأماكن العمل الخ. إنها العولمة حتى في انتشار الأوبئة، وليس من بُد أمام دول العالم إلا التعاون الوثيق والمخلص وتكثيف الجهود العلمية والموارد البشرية للتعامل مع واقع جديد والسعي من أجل التوصل إلى لقاح ناجع يلجم أنياب وحش الأنفلونزا القاتلة. وإن الصين لا تألو جهدا في هذا المجال، حيث أكد قادتها منذ بدء جهود مكافحة الوباء على ضرورة التعاون الدولي عبر آليات مختلفة، كما أسرعت مؤسساتها البحثية والعلمية بإجراء الدراسات والبحوث والتجارب لاستخلاص لقاحات وأدوية للمرض، وكانت الصين أول دولة أرسلت معونات إنسانية إلى المكسيك، حيث ظهر الوباء أولا، كما في مقالتنا (أيام في مكسيكو سيتي).

بيد أن أنفلونزا الرعب لا يمكن أن توقف عجلة الحياة أو تحول دون تطور العلاقات الطبيعية بين البشر والدول، وقد شهدت الصين في الفترة الأخيرة نشاطا عربيا كبيرا، يرصده عادل صبري في مقالتنا بهذا العدد (تحرك عربي صيني يبشر بشراكة حقيقية)، إضافة إلى الاحتفال بـ (عشر سنوات من التعاون الاستراتيجي بين الصين ومصر).