ã

لغة الضاد في مدرسة مهنية

يان يويه  ولي ينغ

المدرسة الثانوية المهنية الإسلامية بمدينة تيانجين

شي وو شان، مدير المدرسة (الثاني من اليمين) مع ضيف عربي

موظفان من البنك الإسلامي للتنمية في زيارة للمدرسة سنة 2005

طلاب المدرسة يؤدون رقصة الخيزران

الطلاب المسلمون بالمدرسة يحتفلون بعيد الفطر

الطلاب المسلمون بالمدرسة يتلقون معونة مالية

مدرس عربي يدرس اللغة العربية

ما لينغ لينغ (الثالثة من اليمين)، خريجة المدرسة، مع رجلي أعمال عربيين في معرض قوانغتشو (كانتون) التجاري

 

لا تخطئ العين في قرية تيانمو بحي بيتشن في مدينة تيانجين، بناية ذات طراز معماري عربي إسلامي يختلف تماما عن محيطها. هذه البناية هي مدرسة ثانوية مهنية إسلامية، لا يتلقى فيها الطالب المهارات المهنية فحسب، شأن غيرها من المدارس المهنية، وإنما أيضا يتعلم اللغة العربية. ولعل هذا هو السبب الرئيسي في أن كثيرا من أبناء الصينيين المسلمين يأتونها من كل حدب وصوب للدراسة بها بعد إتمام المرحلة الإعدادية. 

المدرسة الثانوية المهنية الإسلامية بمدينة تيانجين، تبز نظيراتها في الصين بأنها المدرسة المهنية الوحيدة التي تُدرس فيها اللغة العربية. بنيت المدرسة سنة 1996، على مساحة 30 ألف متر مربع. وفي سنة 1999 أصبحت مدرسة هامة على مستوى المقاطعة، وفي سنة 2004 حصلت على شهادة المدرسة الهامة على المستوى الوطني.

تجدر الإشارة هنا إلى أن البنك الإسلامي للتنمية له أياد بيضاء على تلك المدرسة، إذ قدم لها معونات مالية مرتين، بإجمالي 587 ألف دولار أمريكي، 312 ألفا في المرة الأولى، و275 ألفا في المرة الثانية. ويفخر شي رو شان، مدير المدرسة، بأنه عندما زار مسؤول من البنك المدرسة سنة 1997 سمع طلابا لم يمض على دراستهم للعربية غير سنة واحدة يتلون آيات من الذكر الحكيم بعد أن تحدثوا معه بلغة الضاد، فدهش وسُر سرورا عظيما. وكان من نتيجة تلك الزيارة أن ذلك المسؤول قرر رفع تقرير إلى البنك للموافقة على منح معونة مالية ثانية للمدرسة لتحسين مستوى مساكن الطلبة، بعد أن رأى أن مساكنهم غير جيدة،  فبُنيت عمارة سكنية جديدة مجاورة لعمارة التدريس.

يبلغ عدد العاملين في المدرسة حاليا 106 أفراد، ويربو عدد طلابها على ألف وسبعمائة، نصفهم تقريبا من أبناء المسلمين من قوميات هوي ومنغوليا وتشوانغ ودونغشيانغ وسالار وكوريا والويغور والتتار، وحوالي نصف عدد الطلبة من خارج تيانجين.

 

أسرة كبيرة

المدرسة الثانوية المهنية الإسلامية بمدينة تيانجين، وهي مدرسة داخلية، ليست مكان علم وكفى،  بل هي مؤسسة تربوية يرعى المعلمون فيها طلابها رعاية الأب لابنه، كما أن طلاب المدرسة يعتبرونها بيتهم الكبير.

على الرغم من اختلاف مشارب هؤلاء الطلاب القادمين من مناطق شتى وقوميات مختلفة وتباين عاداتهم وأنماط تفكيرهم، فإنهم  يدرسون في  تناغم جنبا إلى جنب في نفس الفصل. وقد أكد شي رو شان أن المدرسة تنفذ سياسة حرية الاعتقاد الديني تنفيذا دقيقا، فالمعلمون يحترمون العقيدة الدينية لكل طالب. ونظرا لأن طلاب المدرسة يعتنقون عقائد دينية مختلفة، يشتمل منهج الدراسة على دروس في الثقافة العرقية الأساسية، تعطي الطلاب صورة عامة لثقافة كافة المجموعات العرقية في الصين وتغرس فيهم روح احترام الآخر بغض النظر عن عقيدته الدينية. المساواة وحرية العبادة والاحترام مبادئ أساسية في المدرسة، فالطالبة المسلمة يمكن، إذا أرادت، أن ترتدي الحجاب، ويمكن للطلبة المسلمين أن يؤدوا الصلاة في أوقاتها. وتنظم  المدرسة نشاطات فنية في مناسبات أعياد المجموعات العرقية المختلفة. وفي شهر رمضان، يقدم مطعم المدرسة وجبة سحور خاصة للطلبة المسلمين، وفي عيد الأضحى، يحتفل المعلمون مع طلابهم بالعيد وينحرون البقر والغنم. في مثل هذه الأجواء لم يكن غريبا أن نسمع من بعض الطلاب أن رعاية المعلمين لهم لا تقل عن رعاية آبائهم وأمهاتهم. الفتاة الويغورية مائينور،  طالبة السنة الثانية القادمة من مدينة خوتان بمنطقة شينجيانغ الويغورية الذاتية الحكم قالت: "عندما وصلت مدينة تاينجين كانت هذه أول مرة أسافر فيها بعيدا عن أهلي، وعندما ترجلت، مع زملائي، من القطار، وجدت معلمي المدرسة في انتظارنا فتأثرت كثيرا." وقال الفتاة التي يبعد مسقط رأسها عن تيانجين خمسة آلاف وخمسمائة كم، إن المدرسة تساعدها في حجز تذكرة القطار عندما تعود إلى موطنها في شينجيانغ في العطلة، بل وتوصلها إلى محطة القطار. وفي عيدي الفطر والأضحى والأعياد الخاصة لقومية الويغور، تنظم المدرسة حفلا للطلبة الويغوريين.

تقدم المدرسة معونة مالية لطلبتها، ففي إطار اهتمام الحكومة الصينية بإعداد مهنيين ذوي مهارات متخصصة، تقدم الحكومة لكل طالب في المدرسة معونة مالية قدرها 1500 يوان سنويا، هذا إضافة إلى معونة مالية خاصة قدرها مائة يوان لكل طالب تقدمها لجنة الشؤون القومية بمدينة تيانجين. يتبرع للمدرسة أيضا بعض المسلمين الموسرين والجمعيات الخيرية. وتقدم المدرسة منحة دراسة مجانية للطلاب المتفوقين، وتعفي الفقراء من رسوم الدراسة.

 

ليست دراسة فقط

تطبق المدرسة الثانوية المهنية الإسلامية بمدينة تيانجين النظرية التربوية التعليمية التي وضع أصولها معلم الصين الأول، كونفوشيوس،  قبل ألفي سنة والتي تقوم على أساس "كُل حسب قدرته". تدرس المدرسة المنهج التعليمي الذي يدرس في غيرها من المدارس الثانوية المهنية بالصين، ولكنها تنفرد بتعليم اللغة العربية، فيجيد خريجها لغتين أجنبيتين هما الإنجليزية والعربية، خاصة مع وجود معلم عربي بالمدرسة. واستجابة لرغبة الطلاب المسلمين في مزيد من دروس اللغة العربية، تنظم المدرسة فصولا إضافية للعربية في عطلة نهاية الأسبوع يدرس فيها المعلم العربي. وإذا كانت المشكلة الأكبر في تعلم اللغات الأجنبية عموما هي الاهتمام بالقواعد اللغوية على حساب اللغة الشفوية، فإن المدير شي رو شان أكد أن هدف المدرسة ليس تخريج خبراء في اللغة وإنما تعليم الطلاب المهارات اللغوية التي يمكنهم استخدامها في أعمالهم بعد التخرج. وتهتم المدرسة منذ إنشائها بتعليم الإنجليزية والعربية بنفس المستوى، ومن ثم فإن تدريس العربية صار سمة خاصة لها ولهذا يأتيها بعض الطلاب من أماكن جد بعيدة حبا في تعلم اللغة العربية.

إلى جانب الدراسة، تحرص المدرسة على توفير سبل الترفيه لطلبتها. تقول ما يويه يي، ابنة مقاطعة لياونينغ الطالبة بالسنة الثانية بالمدرسة: "البعض يظن أن طلاب الثانوية العامة أفضل من طلاب الثانوية المهنية، وهذا غير صحيح. طلاب الثانوية العامة لا همّ لهم، ولا يعرفون شيئا غير الدراسة، فلا وقت لديهم للترفيه عن أنفسهم، وينتهي الأمر ببعضهم إلى بغض الدراسة، وهذه حالة موجودة في أسرتي. الأمر بالنسبة لنا، في الثانوية المهنية، مختلف، فنحن نهتم بالدراسة، ولكن لدينا وقت للترفيه عن أنفسنا، وفي النهاية يحق لنا نحن طلبة الثانوية المهنية أن نشارك، شأن طلاب الثانوية العامة، في الامتحان الوطني للقبول بالجامعات."

توجد في المدرسة لجنة طلابية تتكون من ممثلي الطلبة، تتلقى مقترحات وآراء الطلاب حول الدراسة والمعيشة وغيرها من الأمور ذات العلاقة، وتنقلها إلى المعلمين كل شهر. فضلا عن ذلك يعقد مدير المدرسة جلسة مع التلاميذ كل شهر لتبادل الرأي معهم والتعرف على مطالبهم. وقد افتتحت المدرسة دروسا في فن الخط والرسم والرقص، وتنظم مسابقة في لعبة كونغتشو (تلعيب النحلة الخشبية المفرغة) ومهرجان الفن ومعرض أعمال كارتون الخ تلبية لمطالب الطلبة.

 

الوظيفة مضمونة

الهمّ الأكبر الذي يواجهه الخريج، وخاصة هذه الأيام، هو أن يجد عملا مناسبا. الأمر يختلف مع خريجي المدرسة الثانوية المهنية الإسلامية، إذ تتوفر لهم فرص عمل عديدة بفضل المهارات المهنية التي يكتسبونها في الدراسة.

وتكون أمام خريج هذه المدرسة ثلاثة اختيارات، فإما الاشتراك في الامتحان الوطني للقبول بالجامعات، أو دخول سوق العمل، أو الدراسة في جامعة خارج بر الصين الرئيسي.

وفي إطار جهودها لبناء سمعة طيبة لها، تتعاون المدرسة مع بعض المدن والمحافظات في المناطق الفقيرة بمنطقة غربي الصين، وذلك بتوفير فرص الدراسة لطلبة المسلمين الفقراء ومساعدتهم في البحث عن عمل بعد التخرج. بعض خريجي المدرسة اجتازوا الامتحان الوطني للقبول بالجامعات والتحقوا بجامعات مشهورة في مدينة تيانجين، وبعضهم استفاد من دراستهم للغة العربية ووجدوا وظائف في الشركات الصينية التي تعمل في التجارة الخارجية، بل إن البعض منهم أسسوا شركاتهم الخاصة في مدينة إيوو التي يقصدها كثير من العرب للتجارة، وهناك آخرون سافروا للعمل في الدول العربية. وبالنسبة للطلبة الذين يريدون مواصلة دراسة اللغة العربية تساعدهم المدرسة على الالتحاق بالجامعات في سوريا والأردن.

وقال شي رو شان إن المدرسة حققت هذا التطور الكبير بفضل الدعم الكبير، الحكومي والاجتماعي، لها على مدى أكثر من عشر سنوات، وتعهد مدير المدرسة بأن يواصل المعلمون جهودهم للمساهمة في تطوير التعليم المهني بالصين في المستقبل، وأن تواصل المدرسة دورها في تسليح مزيد من أبناء المسلمين والأقليات العرقية في الصين بالمهارات المهنية، وأن تساعدهم في تحقيق أمنيات حياتهم.

 

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@chinatoday.com.cn
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.

فرع مجلة ((الصين اليوم)) الإقليمي للشرق الأوسط بالقاهرة
رئيس الفرع: حسن وانغ ماو هو
العنوان: 5 شارع الفلاح، المتفرع من شارع شهاب
- المهندسين- الجزيرة- مصر
تليفاكس: 3478081(00202)
  ص.ب208 – الأورمان – الجزيرة – القاهرة – مصر
   الهاتف المحمول: 0105403068(002)
البريد الإلكتروني: kailuofenshe@yaoo.com.cn