ã

ثقافة اليشم

وو بينغ

نوع من يشم فيتسوي يسمى اليشم الأسود

قرص من يشم خوتان

فيتسوي من الدرجة الأولى

يشم خوتان عليه رسم التنين

التنين اليشمي، من يشم خوتان

قطعة يشم أخضر رمادي على شكل حيوان

   يقول المثل الصيني "الذهب له ثمن، أما اليشم فلا يقدر بثمن".

   وقد رصعت ميداليات أولمبياد بكين باليشم، بتصميم أطلق عليه "جين شيانغ يوي"، الذي يعني الذهب المرصع باليشم. في الثقافة الصينية، الذهب هو رمز الثروة، واليشم هو رمز النُبل، ومن ثم فإن الجمع بين الذهب واليشم يرمز إلى الثراء والنبل، ويجسد المفهوم الثقافي الصيني التقليدي بأن "أفضل تركيب أو تشكيل هو الجمع بين الذهب واليشم". ولا شك أن تصميم الميداليات بهذا الشكل يعكس اعتزاز الصينيين بالروح الأولمبية وتقديرهم للاعبين.

اليشم الذي لا يقدر بثمن

    ارتفع سعر اليشم في السنوات الأخيرة بسرعة مدهشة، والسبب الرئيسي هو ندرة مصادره مع زيادة الطلب عليه في السوق. ارتفع سعر الكيلوجرام من يشم خوتان من مائة يوان في سبعينات القرن الماضي إلى ستة آلاف يوان سنة 1995 ثم تجاوز عشرة آلاف يوان سنة 2000، أما الآن فوصل مليون يوان، أي أن سعره تضاعف عشرة آلاف مرة خلال ثلاثين سنة، ولايزال الارتفاع مستمرا. بالإضافة إلى اليشم الصيني، هناك يشم فيتسوي الميانماري الذي يعتبر أفضل أنواع اليشم على الإطلاق، ويتجاوز سعره سعر اليشم العادي عشرات الأضعاف.

     للصين ثقافة يشم مميزة، إذ يرجع تاريخ اليشم بها إلى أكثر من سبعة آلاف سنة. ويقال إن حرفيا اسمه بيان خه، من دويلة تشو في فترة الربيع والخريف (770 – 476 ق.م)، رأى طائر عنقاء يحط على قطعة حجر في جبل، ولأن العنقاء طائر رائع، تيقن بيان خه أنه لن يقف إلا على حجر كريم. أخذ بيان خه الحجر وقدمه للملك، ولكن حرفيا في البلاط قال إنه ليس أكثر من حجر عادي. غضب الملك وأمر بقطع قدم بيان خه اليسرى عقابا له على خدعته. مات الملك واعتلى ابنه العرش، وعاد بيان خه وقدم الحجر للملك الجديد الذي طلب بدوره من حرفي في البلاط أن يفحصه. قال الحرفي الملكي إنه حجر عادي، فأمر الملك بقطع الرجل اليمنى للسيد بيان خه. مات الملك الجديد واعتلى ابنه ون العرش، وظل بيان خه واقفا باكيا ثلاثة أيام في سفح جبل حاملا ذلك الحجر. عرف الملك ون ببكاء الرجل فبعث إليه بمن يسأله عن سبب بكائه، فقال بيان خه: "لا أبكي على بتر قدمي، وإنما على اليشم الذي أُعتُبِر حجرا، والرعية المخلص الذي أُعتُبِر دجالا، والبريء الذي  ظُلِم". أمر المالك ون بشق الحجر حيث ظهر اليشم في قلبه وسمي "يشم خهشيبي".

     ذاع صيت يشم خهشيبي  بين الممالك التي تنافست لاقتنائه، على أن استقر في دويلة تشاو. وعندما علم ملك تشين (221 – 207 ق. م) أن يشم خهشيبي في دويلة تشاو عرض مقايضته بخمس عشرة مدينة من دولته. وقد قبلت دويلة تشاو العرض رئيسيا خشية بطش دويلة تشو القوية. ومن هنا جاءت العبارة الصينية "هام ومستحق مثل خمس عشرة مدينة".

      أمر ملك تشين بصنع خاتم من ذلك اليشم، وهو ذات الخاتم الذي قدمه أخر ملوك تشين إلى ليو بانغ، أول إمبراطور لأسرة هان الغربية (206 ق. م – 26 م). في أواخر فترة أسرة هان الغربية، وبسبب النزاعات الإمبراطورية فُقد جزء من ذلك الخاتم، فأصلحه الحرفيون بقطعة من الذهب، فدشنوا بذلك حرفة فنية جديدة هي ترصيع اليشم بالذهب، وهي الطريقة التي صممت بها أولمبياد بكين.

الفضائل الخمس لليشم

من بين آلاف أنواع الأحجار ثمة مائة منها توصف بأنها يشم. وحسب كتاب ((شرح ودراسة مبادئ تكوين مقاطع الكتابة))، وهو أول معجم للصينية جمعه شيوي شن خلال فترة أسرة هان الشرقية (25 – 220 م)، "اليشم، وهو أجمل الأحجار، يجسد خمس فضائل". وهذا يعني أن الأحجار الجميلة فقط التي يمكن أن تسمى باليشم هي تلك التي تتسم بخمس فضائل. بيد أن معايير تحديد ما إذا كان الحجر جميلا أم لا، أو ما إذا كان جميلا بما يؤهله ليكون يشما، تغيرت مع تطور المجتمع والطاقة الإنتاجية والأفكار ومقاييس الجمال والطلب في السوق. وقد صارت الأحجار التي كانت تستخدم في الماضي لحرق الجير وتعبيد الطرق وبناء البيوت، توصف حاليا بأنها يشم، بفضل ملمسها الناعم أو خلفيتها التاريخية.

يتم صقل أحجار اليشم الطبيعية ومعالجتها حتى تصل إلى مستويات قياسية مرضية، ولهذا فإن اليشم يقسم إلى درجات. على سبيل المثال، فإن يشم فيتسوي الذي يصقل وينقش ويلمع، مع الإبقاء على لونه ومكوناته الأساسية يكون من الدرجة الأولى. أما يشم فيتسوي الذي يجري غسله في مادة حمضية أو قلوية، وإعادة تشكيله وتجميله فيكون من الدرجة الثانية، ويحمل اسما شعبيا هو "فيتسوي المشطوف". وهناك فيتسوي من الدرجة الثالثة، وهو الذي يصبغ ويغطى بغشاء، وربما لهذا يطلق عليه اسم "فيتسوي المكسو". تشمل معايير تقييم فيتسوي اللون، الشفافية، التكوين، الصفاء، وحرفية الصقل والقطع ثم الوزن.

في اللغة الصينية، المقطع الذي يعني "فيتسوي"، يعني أيضا طائر الرفراف، حيث يسمى الذكر الأحمر "في"، والأنثى الخضراء "تسوي". ويكون فيتسوي الطبيعي إما أحمر أو أخضر، ومن هنا أخذ اسمه بالصينية. وقد زاد استحسان الصينيين لأحجار فيتسوي في أواخر فترة أسرة مينغ وأوائل أسرة تشينغ، عندما اعتبروها أفضل أنواع اليشم.

      أشاد العلماء الكونفوشيون بالفضائل الخمس لليشم، وقارنوها بالفضائل الخمس التي يجب أن تتوفر في "الرجل الحقيقي". يرمز بريق اليشم إلى التراحم والنزوع إلى الخير، وترمز شفافيته إلى العدل، ويرمز تناغمه إلى الحكمة وترمز قوته إلى الشجاعة، بينما ترمز عروق كسوره المجدولة إلى الأمانة وضبط النفس. وعلى أولئك الذين يحبون اليشم أن يكونوا "رجالا حقيقيين" وأن يجعلوا تصرفاتهم متفقة مع الفضائل الخمس. 

اليشم في حياتنا

     كان اليشم من الملامح المميزة للمجتمع الصيني القديم، حيث تجلى في أدوات الزخرفة والأدوات المنزلية والأواني القربانية في البيوت الميسورة.

كانت الحلي اليشمية شائعة، فبالإضافة إلى دلالاتها الأخلاقية، اعتقد الصينيون القدماء أن اليشم حجاب قوي يبعد الكوارث ويطرد الأرواح الشريرة. في فترة أسرتي مينغ (1368 – 1644م) وتشينغ (1644 – 1911م)، تحولت عادات آلاف السنين إلى تيار سائد، وبخاصة في فترة مينغ عندما صار اليشم من ملامح لباس البلاط، فكان لباس الإمبراطور والإمبراطورة من اليشم أما أفراد الأسرة الإمبراطورية ومسئولو البلاط الكبار فلا يكون لباسهم من اليشم وإنما يرتدون الحلي اليشمية فقط. كانت الحلي اليشمية عبارة عن أحزمة وخطاطيف يشمية. وفي عصر تشينغ، شملت أكياس الوسائد ودبابيس الشعر والدروع وكُلابات لأحزمة. وكانت الأنماط الأكثر شيوعا تتميز بوجود تصميمات لقلب مزوج أو سمك أو حيوانات. واليوم تتخذ معظم الحلي اليشمية شكل المجوهرات، مثل السوار والقلادة.

وأكثر أنواع اليشم انتشارا حاليا في السوق الصينية هي يشم خوتان والزمرد، ثم يشم يويوى ويشم دوشان وحجر تشينغجين والفيروز وغيرها.

أخذ يشم خوتان اسمه من موطنه الأصلي، مدينة خوتان في منطقة شينجيانغ الويغورية الذاتية الحكم. ويوجد يشم خوتان أيضا في مقاطعة تشينغهاي ومقاطعة سيتشوان ومقاطعة لياونينغ وبعض المناطق في روسيا. وفي الصين، يوجد يشم "لاويوي" في محافظة يويان في مقاطعة لياونينغ، ويشم "تشيليان" في مقاطعة قانسو ويشم "تايوان" في مقاطعة تايوان. أما خارج الصين، فيوجد يشم خوتان في بولندا وألمانيا والولايات المتحدة وكندا ونيوزيلندة وغيرها. وأفضل نوع من يشم خوتان تنتجه روسيا.

هناك طريقة أخرى لتصنيف يشم خوتان بالاعتماد على لونه وبنيته وتركيبه. ينقسم يشم خوتان إلى اليشم الأبيض واليشم الأخضر واليشم الأخضر الرمادي واليشم الأخضر القاتم واليشم الأسود والياقوت الأصفر ويشم تانغيوي ويشم هوايوي وغيرها. أفضل أنواع يشم خوتان هو يشم يانغتشي الأبيض الذي يتسم بشفافية عالية ولمعان رائع. والآن مازال يشم خوتان اليشم الرئيسي في السوق. نتيجة للإفراط في استخراجه بمنطقة شينجيانغ الويغورية الذاتية الحكم، أمست موارد يشم خوتان مهددة بالنضوب.

لقد أثبتت بحوث العلماء في السنوات الأخيرة أن اليشم مفيد لصحة الإنسان، فالعناصر الكيميائية فيه تقوي مناعة الفرد وتحفز عملية الأيض وتحسن الصحة البدنية والنفسية وتمنع المرض وتعزز الصحة وتقوي الجسم.

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@chinatoday.com.cn
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.

فرع مجلة ((الصين اليوم)) الإقليمي للشرق الأوسط بالقاهرة
رئيس الفرع: حسن وانغ ماو هو
العنوان: 5 شارع الفلاح، المتفرع من شارع شهاب
- المهندسين- الجزيرة- مصر
تليفاكس: 3478081(00202)
  ص.ب208 – الأورمان – الجزيرة – القاهرة – مصر
   الهاتف المحمول: 0105403068(002)
البريد الإلكتروني: kailuofenshe@yaoo.com.cn