ã

السياسة الخارجية للصين تركز على الاقتصاد

ليو ينغ

يانغ جيه تشي، وزير خارجية الصين

  

ون جيا باو (الثاني من اليسار) خلال زيارته إلى بريطانيا يوم 2 فبراير 2009  مع رئيس الوزراء البريطاني (الثاني من اليمين) غوردون براون

بينما كانت الهيئة التشريعية الصينية العليا تناقش خطة تحفيز ضخمة تهدف إلى إنعاش الاقتصاد، توجه وزير الخارجية الصيني يانغ جيه تشى إلى واشنطن في أول زيارة له إلى الولايات المتحدة منذ تولى الإدارة الأمريكية الجديدة مهام منصبها، حيث ناقش ترتيبات اللقاء المرتقب بين الرئيس الصيني هو جين تاو ونظيره الأمريكي باراك أوباما خلال قمة مجموعة العشرين المقرر عقدها هذا الشهر، أبريل 2009.

ولاشك أنه في الوقت الذي مازالت فيه الأزمة المالية العالمية تزداد سوءا، فإن اجتماع زعيمي بلدين عملاقين في العالم يمس عصب المجتمع الدولي. وقد صرح تشو ون تشونغ، سفير الصين لدى الولايات المتحدة، وعضو المؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني، بأن كيفية مواجهة الأزمة المالية معا أصبحت أكثر المهام إلحاحا في العلاقات الصينية – الأمريكية، قائلا: "إنها الأولوية منذ بدء مسيرة الانفتاح والإصلاح قبل ثلاثين سنة. لقد خرجت الصين، باقتصادها الناهض، من عزلتها ووسعت صورتها العامة كلاعب نشيط على الساحة الدولية".

ومع اجتياح الأزمة المالية العالم، يبدو أن الصين، وهى إحدى الدول القلائل التي نجحت في الحفاظ على نمو اقتصادها سنة 2008، تتحمل مسؤولية أكبر. غير أنه بسبب فتور اقتصاد الصين ليصل إلى أقصى انخفاض له منذ سبع سنوات وهو 9 في المائة العام الماضي، تسعى الصين جاهدة إلى مواجهة مشكلات تباطؤ الصادرات وارتفاع معدلات البطالة وحدوث حالة عدم يقين اجتماعي.
وقال عضو مجلس الدولة داى بينغ قوه، وهو أيضا النائب السابق لوزير الخارجية، خلال الدورة السنوية للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني: "في ظل الوضع الجديد، كيف يتعين علينا وضع سياستنا الخارجية؟ إنها مهمة جديدة".

التعاون والثقة

قبل زيارته إلى الولايات المتحدة، قال وزير الخارجية إن المهمة الرئيسية للدبلوماسية الصينية هذا العام هي تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين والبلدان الأخرى.

وقال يانغ في مؤتمر صحفي عقد على هامش الدورة السنوية للمؤتمرين: "إن التنمية الاقتصادية هي المهمة الرئيسية للصين في الوقت الراهن. وينبغي أن يكون محور عملنا الدبلوماسي أكثر من مسألة تهيئة مناخ دولي مناسب لتنمية الاقتصادية في الصين، وأن يخدم الاقتصاد بشكل مباشر".

وأكد أيضا على أن التعاون مهم في مكافحة الأزمة المالية. وأضاف: "إن الدبلوماسية لا ينبغي أن تكون معادلة صفرية، ولكن أن تسعى جاهدة إلى خلق أوضاع تكون في صالح الطرفين".
وقد انعكس نهج "تحقيق منافع تصب في مصلحة جميع الأطراف" في الزيارات الخارجية التي قام بها الزعماء الصينيون إلى 15 دولة في بداية هذا العام، والتي أكدت خلالها الصين على أن جميع البلدان "في قارب واحد" فيما يتعلق بإنعاش الاقتصاد العالمي.

ودعا الرئيس الصيني هو جين تاو خلال زيارته إلى خمس دول في أفريقيا وآسيا في الفترة من 10 حتى 17 فبراير، المجتمع الدولي إلى مساعدة الدول النامية، وخاصة الدول الأفريقية، على تجاوز الصعاب التي تواجهها. وقد تم توقيع أكثر من 20 اتفاقا بين الصين والبلدان الخمس تغطى الاقتصاد والتجارة والاستثمار وبناء البنية التحتية.

كما قام رئيس مجلس الدولة الصيني ون جيا باو بزيارة إلى أوروبا من 27 يناير حتى 2 فبراير، أكد خلالها على أن العالم بحاجة إلى التعاون لتجاوز الركود الاقتصادي. كما شهد توقيع 38 اتفاقية تتجاوز قيمتها 15 مليار يوان (حوالي 2,2  مليار دولار أمريكي). وعقب زيارة ون جيا باو، رأس وزير التجارة الصيني تشن ده مينغ فريق وفد شراء لزيارة أوروبا ووقع عقودا قيمتها 13 مليار دولار أمريكي.

وقال محللون إن الصين وتعهدت بمعارضة الحمائية التجارية وتُظهر تحركاتها الأخيرة أنها تلتزم بتعهداتها بجدية. وقال البروفيسور تشن يا تشنيغ، نائب رئيس جامعة الشؤون الخارجية الصينية، "إن هذه التحركات نقلت رسالة واضحة إلى العالم، وهى التعاون والثقة".

الأزمة والفرصة

على مدى العقود الماضية، بدأت الصين تسلك نهجا يقوم على الثقة ويتسم بأنه بناء وأقل مواجهة وأكثر تطورا تجاه الشؤون الإقليمية والعالمية. وبالرغم من التأثيرات الحادة للأزمة المالية، يعتقد كثيرون أنها تعني أيضا فرصة للصين لتحديث هيكلها الاقتصادي وزيادة نفوذها في الشؤون الدولية. وكما قال تانغ مين، نائب السكرتير العام للمؤسسة الصينية لأبحاث التنمية، فإن الصين ظلت لفترة طويلة خارج النظام الاقتصادي العالمي، وقد منحت الأزمة المالية العالمية الصين فرص للمشاركة في إصلاح هذا النظام. وقال: "إن الوقت الأمثل لبنوك الاستثمار قد ولى، وثبت عدم فاعلية النظام القديم وأصبحت الحاجة ملحة لإقامة نظام جديد. ويبدو أن كل بلد يقف خلف نقطة انطلاق. وسيكون للصين دور أكبر".

وقد أعربت الصين، في الحقيقة، عن أملها في تأسيس نظام اقتصادي "عادل ومنصف وسليم ومستقر". وكان رئيس مجلس الدولة ون جيا باو ذكر في خطاب ألقاه في الاجتماع السنوي لمنتدى دافوس الاقتصادي العالمي الذي عقد في يناير أنه من الأهمية بمكان تسريع إصلاح المؤسسات المالية الكبرى ووضع آلية إنقاذ مالي عالمية سليمة، وتعزيز القدرة على تحمل المسؤوليات. وقال: "يتعين أن يكون للدول النامية رأي أكبر وتمثيل أوسع في المؤسسات المالية الدولية ويتعين إفساح المجال كاملا أمام دورها في الحفاظ على الاستقرار المالي الدولي والإقليمي".

وفى مؤتمر صحفي عقد يوم 7 مارس، ذكر وزير خارجية الصين أن بلاده تأمل في أن تسفر قمة مجموعة العشرين التي ستعقد في لندن عن نتائج إيجابية لدفع الثقة، وتدعيم التعاون في سياسات الاقتصاد الكلى، والعمل على استقرار الأسواق المالية، والقيام بالإصلاحات الضرورية في النظام المالي العالمي والأجهزة التنظيمية له.

وبجانب الاقتصاد، من المتوقع أن تكون الصين أحد اللاعبين الرئيسيين في الكثير من الشؤون الدولية، مثل مؤتمر تغير المناخ في كوبنهاجن، وإصلاحات مجلس الأمن الدولي.

وقال البروفيسور تشين: "المسؤولية الحقيقية للصين أمام العالم في المستقبل تكمن في الجهود الرامية إلى الحفاظ على الازدهار والاستقرار العالميين وتحقيق أهداف الألفية التي وضعتها الأمم المتحدة".

وذكر جيانغ يونغ، الباحث بالمعهد الصيني للعلاقات الدولية المعاصرة، أن الصين أمامها فرصة تحمل مسؤوليات دولية أكبر، ولكن الفرصة لا تأتى بسهولة. وقال: "إن كيفية مساعدة الدول النامية الأخرى، وكيفية الحفاظ على استقرار سعر الصرف بشكل نسبى، وكيفية مواجهة الحمائية التجارية الدولية، مشكلات محددة، تختبر حكمة القيادة الصينية".

 

 

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@chinatoday.com.cn
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.

فرع مجلة ((الصين اليوم)) الإقليمي للشرق الأوسط بالقاهرة
رئيس الفرع: حسن وانغ ماو هو
العنوان: 5 شارع الفلاح، المتفرع من شارع شهاب
- المهندسين- الجزيرة- مصر
تليفاكس: 3478081(00202)
  ص.ب208 – الأورمان – الجزيرة – القاهرة – مصر
   الهاتف المحمول: 0105403068(002)
البريد الإلكتروني: kailuofenshe@yaoo.com.cn