ã

حرية التعبير على الإنترنت

لى يا هونغ

موقع بناء مصنع الزايلين بمدينة شيامن

يوفر التفاعل عبر الإنترنت للصينيين منبرا حرا للتعبير عن آرائهم

صورة مزيفة لنمر جنوبي الصين على شاشة الكمبيوتر

 

قال خه جيا تشنغ، رئيس شبكة رنمين (الشعب) www.people.com.cn، إن عددا متزايدا من الصينيين حاليا يعبرون عن آرائهم عبر الإنترنت، ومن خلال تفاعل الآراء عبر الإنترنت، صارت الشبكة العنكبوتية قناة جديدة للتعبير عن الرأي وقوة لدعم تغيير المجتمع، ويتعزز حق التعبير لعامة الناس. مضيفا بأن القضايا التي تثار على الإنترنت تصبح قضايا ساخنة، لدرجة قد تؤثر في قرارات الحكومة.

حماية الحقوق

في الخامس من إبريل سنة 2003، نشرت صحيفة "نانفنغ دوشي باو" التي تصدر في مدينة قوانغتشو، تحقيقا حول شاب من مقاطعة هوبي اسمه سون تشي قانغ، ذهب بعد تخرجه في الجامعة إلى مدينة قوانغتشو وعمل في إحدى الشركات بها. ولأن الشاب لم يكن قد استخرج بعد شهادة الإقامة المؤقتة في المدينة حسب ما تقتضيه لوائح الإدارة للسكان غير المقيمين لمدينة قوانغتشو، فقد أخذته السلطات المحلية وأودعته مركز إيواء المشردين بالمدينة، حيث توفي بعد ثلاثة أيام. بعد تشريح جثته، قال تقرير الطب الشرعي إن الشاب تعرض لضرب مبرح أفضى إلى موته. لم تلتفت الجهات المعنية لتحقيق الصحيفة. بعد فترة من ذلك نشرت شبكة رنمين (الشعب) مقالة موقعة باسم جين شيو ون بعنوان ((الصمم البكم في قضية سون تشي قانغ))، حركت مشاعر الغضب في نفوس آلاف من مستخدمي الشبكة الذين طالبوا السلطات المحلية بالتحقيق في هذه القضية وتقديم المجرمين إلى العدالة. أجبرت ضغوط الرأي العام من الإنترنت الشرطة المحلية على فتح التحقيق في هذه القضية. تعليقا على هذا قال مين دا هونغ، الباحث بالأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية: "ضغط الرأي العام لمستخدمي الإنترنت وصل إلى درجة لا يمكن معها للسلطات المحلية المعنية أن تهمله.

بعد شهرين من إثارة قضية سون تشي قانغ على الإنترنت، أجاز مجلس الدولة الصيني يوم 18 يونيو عام 2003 "اللائحة الإدارية لمساعدة المشردين والمتسولين في المدن (مشروع)" التي حلت محل "لائحة إيواء وترحيل المشردين والمتسولين في المدن"، الصادرة عن مجلس الدولة في مايو عام 1982. في تعليقه على اللائحة الجديدة قال يوان شو هونغ، الأستاذ بالمعهد الوطني للإدارة، إن اللائحة الجديدة حلت مشكلة الإقامة للمتسولين والمشردين في المدن بشكل جوهري. غير أن بعض الهيئات الإدارية ترى أن المشردين في المدن هم مجرمون محتملون وأن إلغاء لائحة 1982 ليس في مصلحة إدارة المدن. ويرى البروفيسور خه بينغ، أستاذ القانون أنه لا يجوز بأي حال أن تمس لائحة الإيواء والترحيل حرية الفرد، أيا كانت الصعوبات التي تواجه إلغاء اللائحة القديمة"، وهو رأي حظي بتأييد كبير من مستخدمي الإنترنت. 

إن شبكة الإنترنت بما تتميز به من انفتاح وتفاعلية وعدم الكشف عن هوية المستخدم توفر لعامة الناس منبرا حرا ومتاحا في كل وقت للتعبير عن الرأي. في نهاية عام 2008، كانت الصين الأولى عالميا من حيث عدد مستخدمي الإنترنت الذي وصل 298 مليونا، معظمهم من ذوي التعليم العالي نسبيا.

وشد شهدت السنوات الأخيرة توجها جديدا من جانب الحكومات على مختلف المستويات بفتح نقاشات على الإنترنت للقرارات الهامة قبل إصدارها بهدف التعرف على آراء عامة الشعب. وتعتقد لي يان، المسؤولة عن المشروع الوطني لدراسة الرأي العام على الإنترنت، أن مستخدمي الإنترنت تطوروا من مجرد التعبير عن الرأي إلى المشاركة السياسية ومناقشة القضايا السياسية، وأصبحوا قوة هامة لدفع التقدم الاجتماعي.

 

شريحة جديدة من الرأي العام

في تقريرها لتحليل الرأي العام لشبكة الإنترنت في الصين 2008، وصفت الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، الذين يتابعون الأخبار والقضايا الجديدة ويعبرون عن آرائهم عبر الإنترنت بأنهم "الشريحة الجديدة للرأي العام". ومن الملاحظ أن القادة والمسؤولين الصينيين يتابعون آراء مستخدمي الإنترنت، التي بدأ يظهر تأثيرها على مواقف الحكومة عند اتخاذ القرارات، فقد تجاوزت قوة الإنترنت العالم الافتراضي إلى العالم الحقيقي 

في يوليو عام 2005، أجازت وزارة حماية البيئة تقرير تقييم التأثير البيئي لمشروع بناء مصنع لإنتاج مادة الزايلين p-xylene الكيماوية في مدينة شيامن. هذا المصنع، وفقا لدراسة الجدوى له، تبلغ تكلفته أكثر من عشرة مليارات يوان ومن المتوقع أن يحقق بعد تشغيله زيادة في إجمالي الناتج المحلي لشيامن أكثر من ثمانين مليارا يوان سنويا. في يوليو عام 2006، وافقت لجنة الدولة للتنمية والإصلاح على بناء هذا المشروع. في تلك الأثناء عارضت المشروع السيدة تشاو يوى فن، الأستاذة بكلية الكيمياء في جامعة شيامن وعضو المؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني، قائلة إن الزايلين مادة كيماوية مسببة للسرطان، وحيث أن المشروع سيقام، وفقا للخطة، على مسافة سبعة كيلومترات فقط من وسط مدينة شيامن، فإن الأمر جد خطير، واقترحت على الحكومة المركزية إعادة تقييم المشروع ونقله إلى مكان آخر. في مارس عام 2007، قدمت تشاو يوي فن، ومعها مائة وأربعة من أعضاء المؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني اقتراحا إلى الحكومة المركزية لوقف بناء المشروع وتغيير مكان إقامته. بعد أن نشرت أجهزة الإعلام هذا الخبر، أولى سكان شيامن هذه القضية اهتماما كبيرا كما ثار نقاش ساخن لها بين مستخدمي الإنترنت. بعد ذلك أجرت حكومة شيامن، عبر موقعها على الإنترنت، استطلاعا للرأي حول مشروع مصنع الزايلين. كانت نتيجة الاستطلاع أن أكثر من 90% من الذين شملهم الاستطلاع رفضوا بناء المصنع في شيامن. في العشرين من يناير عام 2009، أعلنت وزارة حماية البيئة نقل مكان المصنع إلى جزيرة قولي التابعة لمدينة تشانغتشو التي تبعد نحو مائة كيلومتر عن مدينة شيامن.

يعتقد يانغ في، نائب رئيس هيئة بحوث الإنترنت بالجامعة الصينية لوسائل الإعلام، أن الشبكة العنكبوتية صارت أسلوبا جديدا للتعبئة الاجتماعية وأن أفراد النخبة صاروا وسيلة لتعبئة الجماهير، ويمكن لكل فرد من كافة فئات المجتمع المشاركة في النقاش.

 

ساحة لحرية الرأي 

القاعدة النظرية لحرية الإعلام هي توفر ساحة لحرية الرأي. مع ظهور مدونات ومنتديات الإنترنت، وجد عامة الناس منبرا للتعبير عن الرأي والبحث عن الحقيقة. 

في الرابع عشر من مارس سنة 2008، عندما وقعت أحداث الشغب في لاسا، عاصمة منطقة التبت الذاتية الحكم، عمدت بعض وسائل الإعلام الغربية إلى تشويه حقيقة ما حدث، فقد وضع موقع شبكة ((سى إن إن)) على الإنترنت مقالة حول الأحداث في التبت مرفقة بصورة لقوات شرطة غير صينية تقمع متظاهرين غير تبتيين. وظهرت في تقرير إخباري لمحطة ((سي إن إن)) صورة أشخاص يركضون أمام عربة عسكرية، بينما الحقيقة أن مثيري الشغب هم الذين كانوا يقذفون العربة بالحجارة، ولكن المحطة الأمريكية كانت تنتقي لقطات وأجزاء معينة من الصورة الأصلية. ردا على تلك الافتراءات قام راو جين، خريج جامعة تشينغهوا، بإنشاء موقع أطلق عليه معارضة سي إن إن، www.anti-CNN.com، جمع فيه التقارير والأخبار الكاذبة التي بثتها أجهزة الإعلام الغربية الرئيسية وكشف حقيقة الأحداث وجعل صوت الشعبي الصيني مسموعا. وحول هذا الأمر قال راو جين: "لا أكره الشعوب الغربية، إنما أعارض التحامل". حظي موقع راو جين باهتمام شديد من مستخدمي الإنترنت، وأقبل مئات المتطوعين على مشاركة في أعمال الموقع، لجمع وترتيب المعلومات والترجمة وتقديم الدعم الفني الخ. وبلغ عدد زواره نحو خمسمائة ألف مرة كل يوم.

يقول مين دا هونغ، الباحث بالأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، إنه أمام قوة مستخدمي الإنترنت لم يعد بإمكان أجهزة الإعلام والحكومة إخفاء الحقيقة، فالشبكة العنكبوتية تحول الذكاء الفردي المتراكم إلى ذكاء جمعي، ومن ثم ينبغي على كل فرد أن يفكر في عقاب الإنترنت قبل الإقدام على فعل أي شيء.

ومن الموضوعات التي أثارت جدلا بين مستخدمي الإنترنت قصة الفلاح تشو تشنغ لونغ، البالغ من العمر 53 عاما، من محافظة تشنبينغ بمقاطعة شنشي في شمال غربي الصين، الذي زعم أنه التقط صورا لنمر جنوبي الصين النادر بكاميرا رقمية بعد ظهر يوم 3 أكتوبر عام 2007، وقد أقرت السلطة المحلية لقطاع الغابات بأن الصور صحيحة ومنحت الرجل مكافأة قدرها عشرون ألف يوان (الدولار الأمريكي يساوي 6,85 يوانات). إلا أن أحد مستخدمي الإنترنت أطلق حملة على الإنترنت اتهم فيها الفلاح بأنه قام بتركيب صور النمر باستخدام برامج الكمبيوتر واتهم السلطات المحلية باستغلال هذه الصور من أجل تشجيع السياحة المحلية. هذه القضية أثارت اهتماما بالغا على شبكة الإنترنت، وأجرى الخبراء المتخصصون وهواة التصوير تحقيقات دقيقة للصور وخلصوا إلى أنها مزيفة. في النهاية ألقي القبض على تشو تشنغ لونغ وعوقب 13 مسؤولا.

لقد كانت شخصية العام لمجلة تايم الأمريكية سنة 2006 هي مستخدمو الإنترنت الذين اختارت لهم المجلة على غلافها كلمة واحدة، "أنت". وقالت المجلة: "لم تعد كتابة التاريخ مهمة قلة مميزة، فملايين من مستخدمي الإنترنت يفعلونها ويغيرون العالم في إطار هذه العملية. ليس من العجيب أن لا تختار مجلة تايم أي شخص يستخدم أو يبدع على الشبكة العنكبوتية العالمية "شخصية العام لسنة 2006".

مين دا هونغ يقول إنه في المجتمع الصيني، الذي يشهد مرحلة تحول، تميل مفاهيم الناس إلى التنوع والتعدد، مع رغبة كافة ومئات المجتمع في التعبير عن آرائها عبر مختلف وسائل الإعلام، غير أن  هناك طريقا طويلا أمام شبكة الإنترنت لتصبح وسيلة إعلام جماهيرية. وقال تشيو فنغ، الباحث بشركة للاستشارات، إن عدم تحديد هوية المستخدم يعني إمكانية خروج أصوات غير مسئولة على شبكة الإنترنت.

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@chinatoday.com.cn
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.

فرع مجلة ((الصين اليوم)) الإقليمي للشرق الأوسط بالقاهرة
رئيس الفرع: حسن وانغ ماو هو
العنوان: 5 شارع الفلاح، المتفرع من شارع شهاب
- المهندسين- الجزيرة- مصر
تليفاكس: 3478081(00202)
  ص.ب208 – الأورمان – الجزيرة – القاهرة – مصر
   الهاتف المحمول: 0105403068(002)
البريد الإلكتروني: kailuofenshe@yaoo.com.cn