ã

عيون الإنترنت لا تنام

لي يا هونغ

في أوائل إبريل سنة 1994، وجهت البروفيسور هو تشي هنغ، نائبة رئيس الأكاديمية الصينية للعلوم، نيابة عن الصين، دعوة إلى المؤسسة الأمريكية للعلوم (NSF) لربط الصين بشبكة الإنترنت، فدخلت الصين، وهي مازالت في طور التصنيع، عصر المعلومات. الآن، وبعد 15 سنة من ربط الصين بشبكة الإنترنت، وصل عدد مستخدمي الإنترنت نحو ثلاثمائة مليون. تعتقد البروفيسور هو، التي تتولى حاليا رئاسة الرابطة الصينية لشبكات الإنترنت، أن مسيرة تنمية الصين واندماجها في العالم تناظر  مسيرة تطور شبكة الإنترنت، التي تعزز التقدم العلمي والتكنولوجي وتطوير قوى الإنتاج، وتغير وسائل انتشار المعلومات، وتؤثر كثيرا على الحياة الاجتماعية للفرد. لقد صارت شبكة الإنترنت في الصين منبرا للتعبير عن الرأي ومسرحا يجمع قوى جماهير الشعب. عبر شبكة الإنترنت، يستطيع المواطن الصيني التعبير عن رأيه الشخصي في القضايا الاجتماعية، بل يمكنه أن يتواصل مع القادة السياسيين. قبيل انعقاد الدورة السنوية لكل من المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني والمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني (المؤتمرين) سنة 2009، أتيحت  لمستخدمي الإنترنت فرصة تبادل الرأي مع رئيس مجلس الدولة الصيني ون جيا باو على الإنترنت، كما أن بعض آراء وأحاديث مستخدمي الإنترنت كانت موضوعات ساخنة في "المؤتمرين".

لا شك أن تأثير الإنترنت على تنمية وتقدم المجتمع الصيني سوف يستمر ويتعاظم في المستقبل.

 

 

 

ثلاثة من نواب المجلس الوطني للنواب الشعب الصيني يتبادلون الآراء عبر الإنترنت مع مستخدمي الإنترنت

في مقهى إنترنت بالصين

ثلاث طالبات يشاهدن رئيس مجلس الدولة ون جيا باو وهو يتبادل الآراء مع مستخدمي الإنترنت

 

الإنترنت

منبر رأي لمن لا منبر له

في العشرين من يونيو عام 2008، أجرى الرئيس الصيني هو جين تاو دردشة مع مستخدمي شبكة إنترنت صحيفة رنمين (الشعب) الصينية، وقال: "أستخدم الإنترنت لأتعرف على اهتمامات مستخدمي الإنترنت ومقترحاتهم وآرائهم في الأعمال التي يقوم بها الحزب والدولة".

مع زيادة عدد مستخدمي الإنترنت في الصين، باتت الشبكة العنكبوتية تلعب دورا متزايد الأهمية في التواصل المباشر بين قادة الحكومة وجماهير الشعب. فشبكة الإنترنت، كما تقول هو تشي هنغ، رئيسة رابطة شبكات الإنترنت الصينية وعضو الأكاديمية الصينية للهندسة، تعزز التقدم الاجتماعي في الصين، وتوفر منبرا لجماهير الشعب للتعبير عن آرائهم وللمشاركة السياسية.

قناة جديدة للديمقراطية

على مدى عشرين دقيقة، أجاب هو جين تاو عن أسئلة مستخدمي الإنترنت، في خطوة غير مسبوقة في تاريخ الصين. وقد علق أحد مستخدمي الإنترنت قائلا: "الآن رئيس الصين صديق لنا على الإنترنت".

في نهاية عام 2008، بلغ عدد مستخدمي الإنترنت في الصين 298 مليونا، أي يتجاوز الرقم في الولايات المتحدة ويحتل المرتبة الأولى في العالم. وقد وصف هو جين تاو شبكة الإنترنت بأنها وعاء لجمع الأفكار والثقافات ومكبر صوت للرأي العام، وطالب بضرورة الوعي بتأثيرها الاجتماعي ودورها كوسيلة إعلامية جديدة.

في الثالث عشر من فبراير عام 2009، قبيل انعقاد الدورة السنوية لكل من المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني والمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني أو ما يسميه الصينيون بالمؤتمرين، فتحت شبكة شينخوا نت www.xinhuanet.com بابا جديدا بعنوان "سيدي رئيس مجلس الدولة، من فضلك اسمعني"، في صفحة الأخبار الرئيسية، حيث يستطيع أي فرد أن يقول ما يشاء لرئيس مجلس الدولة.

في مؤتمر صحفي قبل "المؤتمرين" سنة 2005، قال ون جيا باو، رئيس مجلس الدولة الصيني: "تصفحت شينخوا نت ووجدت مئات الأسئلة موجهة إليّ من  مستخدمي الشبكة، وكثير من المقترحات التي تستحق أن نفكر فيها بجدية. وربما نشير هنا إلى أن أربعة من المشاركين النشيطين في منتديات الإنترنت بمدينة لويانغ في مقاطعة خنان انتخبوا لعضوية المجلس المحلي لنواب الشعب والمؤتمر الاستشاري السياسي المحلي للمدينة.

لا شك أن تبادل وجهات النظر بين المسئولين الحكوميين والمواطنين عبر شبكة الإنترنت تجربة إيجابية للممارسة الديمقراطية. وحسب استطلاع للرأي أجري في الصين، يعتقد 9ر71% من الذين شملهم الاستطلاع أن شبكة الإنترنت قناة جديدة للبناء الديمقراطي على الطريقة الصينية. لقد خلع مستخدمو الإنترنت على وانغ يانغ، أمين لجنة الحزب الشيوعي الصيني لمقاطعة قوانغدونغ، لقب "رائد الممارسة السياسية الديمقراطية على الإنترنت في الصين"، بعد أن دعا مستخدمي الشبكة العنكبوتية في مقاطعته لتبادل الآراء معه مباشرة. ما يقلق وانغ يانغ هو عدم سماع الحقيقة ويعتقد أن الإنترنت قناة جديدة للديمقراطية. وحسب دراسة للأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، يعتقد نحو 50% من مسئولي الحكومة أن شبكة الإنترنت أهم مصدر للمعلومات.

وحاليا يوجد مسئولون في الصين لهم مدوناتهم الخاصة على الإنترنت ويعلنون عن بريدهم الإلكتروني من أجل التواصل مع مستخدمي الإنترنت وسماع صوت المواطن. وقد نشرت صحيفة رنمين ريباو (الشعب اليومية) مقالة يوم 4 يناير عام 2008 بعنوان "صوت مستخدمي الإنترنت الصينيين في 2007"، اعتبرت فيها أن مستخدمي الإنترنت الصينيين صاروا قوة هامة لدفع البناء الديمقراطي.

 

آلية جديدة للرقابة  

تلعب شبكة الإنترنت منذ عام 2008 دورا رقابيا غير مسبوق، فلم يعد من الصعب على مستخدم الإنترنت أن يراقب المسؤولين الحكوميين، وقد وصل الأمر إلى درجة أن بعض المسؤولين فقدوا مناصبهم نتيجة هذه الرقابة. قالت ما ون، رئيسة المصلحة الوطنية للوقاية من الفساد، "لدينا متخصصون لجمع أدلة الفساد عبر الإنترنت يوميا". وترى ليو سو هوا، الأستاذة المساعدة بالمدرسة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، أن شبكة الإنترنت قوة هامة للرقابة على الحكومة، وأنها تساعد في تغيير وظيفة الحكومة بشكل عميق، حيث لا يستطيع مسؤول حكومي أن يخفي سلوكياته السيئة عن عيون الإنترنت.

في الحادي عشر من سبتمبر سنة 2008 دعا أحد مستخدمي شبكة www.cat898.com إلى فتح تحقيق حول تشو جيو قنغ، مدير إدارة العقارات لحي جيانغنينغ بمدينة نانجينغ. توالت تعليقات مستخدمي الشبكة، فكتب أحدهم أن تشن جيو قنغ يدخن سجائر غالية ويلبس ساعة يد فاخرة، عُرف فيما بعد أنها من ماركة فاشيرون كونستانتين Vacheron Constantin المشهورة، وأن سعرها لا يقل عن مائة ألف يوان (الدولار الأمريكي يساوي 85ر6 يوانات). في التاسع من فبراير سنة 2009، شكلت لجنة فحص الانضباط لمدينة نانجينغ فريقا للتحقيق في قضية تشو جيو قنغ، وأثبتت التحقيقات الأولية أنه متهم بجرائم فساد ورشوة قيمتها أكثر من مليوني يوان.

وقد نبه أمين لجنة الحزب الشيوعي الصيني لمدينة نانجينغ كوادر وأعضاء الحزب بأن عليهم تحمل رقابة الإنترنت، وحذرهم بأن كل تصرفاتهم باتت تحت عيون المواطنين وعُرضة لتعليقاتهم.

لم تمر أسابيع على ذلك إلا وكان مستخدم إنترنت آخر قد أطلق حملة بعنوان "تقارير وفواتير نفقات جولة دراسية خارجية لمسؤولين حكوميين"، عبارة عن مجموعة وثائق وجدها في عربة بمترو شانغهاى، تشير إلى المبالغ الهائلة التي أنفقها عدد من المسؤولين الصينيين في الولايات المتحدة وكندا تحت مسمى "جولة دراسية". بعد نشر هذه الوثائق، التي أثارت اهتماما بالغا وتعليقات عديدة من مستخدمي الإنترنت، أقيل المسؤولان من منصبهما وعوقب المسؤولين المعنين.

يقول المحامي هاو جين سونغ، مدير مركز بكين للبحوث القانونية والأعمال الخيرية، "قنوات الرقابة الشعبية على المسؤولين في الصين محدودة، ما يفعله مستخدم الإنترنت هو ممارسة حقه الرقابي الذي كفله له الدستور".

ولكن هو يونغ، الأستاذ المساعد بكلية الإعلام في جامعة بكين، يحذر من المبالغة في قوة الرأي العام على الإنترنت، حيث أن 70% من مستخدمي الإنترنت تقل أعمارهم عن ثلاثين سنة ولديهم رغبة جارفة للتعبير عن آرائهم. ويقول هو يونغ إن دور شبكة الإنترنت في الصين مازال مقتصرا على التعبير فقط، وليس تشكيل المفاهيم المشتركة، فما بالك بالفعل المشترك.

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@chinatoday.com.cn
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.

فرع مجلة ((الصين اليوم)) الإقليمي للشرق الأوسط بالقاهرة
رئيس الفرع: حسن وانغ ماو هو
العنوان: 5 شارع الفلاح، المتفرع من شارع شهاب
- المهندسين- الجزيرة- مصر
تليفاكس: 3478081(00202)
  ص.ب208 – الأورمان – الجزيرة – القاهرة – مصر
   الهاتف المحمول: 0105403068(002)
البريد الإلكتروني: kailuofenshe@yaoo.com.cn