ã

الناس والشجر والحجر جنوبي آنهوي

وو مي لينغ ولي تشوه شي

   معبد تيانتايتشانسي على جبل جيوهوا

   جبل جيوهوا في الخريف

منظر في جبل هوانغشان

خلال جولته الاستطلاعية في مقاطعتي جيانغسو وتشجيانغ ومدينة شانغهاي، أوضح وانغ جين شان، أمين لجنة الحزب الشيوعي الصيني بمقاطعة آنهوي، أن إنهاض آنهوي يتطلب تركيز الجهود في ثلاثة مجالات، هي تحديدا إدارة المال، إنشاء صوامع الحبوب، جعل آنهوي فردوسا، أي جعلها منطقة جذب سياحي.

جبل جيوهوا، السحر والجمال

جبل جيوهوا هو المحطة الطبيعية الأولى لزائر المنطقة الواقعة جنوبي مقاطعة آنهوي، فهو منطلق رحلة البحث عن السعادة. أخذ هذا الجبل ذو الثقافة العريقة بلب شاعر الصين الكبير لي باي في زمن أسرة تانغ (618- 907م) فمنحه اسم جيوهواشان، الذي يعني جبل التسع زهور (جيو"تسع"، هوا "زهور"، شان "جبل"). يتميز الجبل بروعة وغرابة أشكال متونه وقممه التسع،  ولذلك كان يسمي في زمن الأسرة الجنوبية (420- 589م) جيوتسيشان (جبل القمم التسع). عندما زار لي باي هذا الجبل الشهير لاحظ أن قممه التسع تشبه زهور اللوتس المتجهة نحو السماء، فكتب قصيدة وصف فيها جمال وروعة الجبل، وقال في أحد أبياتها: "تسع زهور(جيوهوا) متفتحة على جبل روحي". بعد ذلك تغير اسم الجبل من جيوتسي إلى جيوهوا.

صعدنا قمة الجبل وقت الأصيل فتألقت أمامنا روعته، وكأنه لوحة رسم معلقة بالسماء الزرقاء. تنتشر المعابد على جروف الجبل، وفي أودية الجبل، تمتزج ترانيم تلاوة الرهبان والراهبات للأسفار البوذية مع إيقاع قرع الطبول. بفضل هذه المعابد البوذية أصبح جبل جيوهوا دولة زهور اللوتس البوذية، وصار لوحة فنية جميلة.

يتكون جبل جيوهوا من حجر الجرانيت رئيسيا، ويتميز بتضاريسه الغريبة، حيث تتناثر القمم والأودية، وتناطح القمم الشاهقة السماء، وتنتشر الأحجار الغريبة الأشكال، وتتقاطع الأغدرة. على مدى أكثر من ألف عام، ظل جيوهوا قبلة الأدباء والفنانين والمشاهير، فتركوا فيه بصماتهم وأعمالهم. واليوم يحتفظ الجبل بأكثر من ألف كتاب للشعر والمقالات والأغاني. في إحدى القصائد التي تصف الجبل نقرأ: "على ضفة النهر لوحات رسمها وانغ وي (رسام صيني قديم)، وعلى أحجار الجبل قصائد شعر كتبها لي باي قبل ألف سنة". ونقرأ أيضا: " في تشو (مقاطعتا هونان وهوبي حاليا) ويويه (مقاطعة تشجيانغ حاليا) آلاف من الجبال، ولكن جيوهوا يجمع جمال كل هذه الجبال في جبل واحد". على كل حجر في جبل جيوهوا، آثار أقدام لمشاهير، وفي كل معبد آثار تاريخية نادرة، مثل كتاب بييه البوذي المقدس لأسرة تانغ، وكتاب داتسانغ البوذي المقدس لأسرة مينغ (1368- 1644م)، ولوحات خط للإمبراطور كانغ شي والإمبراطور تشيان  لونغ.

في أكثر فترات ازدهاره، كان عدد المعابد في جبل جيوهوا أكثر من ثلاثمائة معبد. وعلى الرغم من أن جبل جيوهوا يعتبر مع جبال ووتاي، وآمي، وبوتوه الأربعة جبال المقدسة للبوذية في الصين، فإنه الأكثر زيارة. بعد انتهاج الصين سياسة الانفتاح على الخارج في سبعينيات القرن الماضي أبرز جبل جيوهوا البوذي حيويته مرة ثانية وتجددت ملامحه القديمة. مازال في جيوهوا 99 معبدا.

ارتبطت شهرة جبل جيوهوا باسم الأمير جين تشياو جيويه، أمير دولة شينلوه (إحدى الدول الثلاث في شبه الجزيرة الكورية، من سنة 57 ق.م إلى سنة 935م). جين تشياو جيويه هو الذي وضع أسس البوذية في جبل جيوهوا، وهو نفسه بوذا ديتسانغوانغ الذي يقدسه البوذيون منذ ألف سنة، ولهذا فإن بوذا ديتسانغوانغ في جيوهوا شخص حقيقي، وليس شخصية خيالية كما في الجبال الثلاثة البوذية المقدسة الأخرى.

ولد جين تشياو جيويه في أسرة إمبراطورية بدولة شينلوه سنة 696، وقد أقبل منذ طفولته على مذهب الشرعية (مؤسسه هان في). عندما أصبح شابا يافعا طموحا قوي البنية وحسن المظهر، أخذ يدعو إلى مذهب البوذية. لم تعجبه حياة القصر الإمبراطوري، واستنكف سبل الخداع والمراوغة للحصول على السلطة، وآمن بالبوذية. ترك بلده ووصل، مع كلب له، إلى دولة داتانغ (الصين) بعد رحلة بحرية استغرقت أكثر من ستة شهور على متن سفينة شراعية، وعمره 24 سنة.

في الصين، بدأ جولاته الشاقة إلى الجبال والأنهار. في سنة 741 وصل إلى منطقة تشيتشو بجنوب نهر اليانغسي، التي يقع فيها جبل جيوهوا فأعجبه هذا الجبل الشاهق الجميل.

بعد رحلة شاقة، وصل جين تشياو جيويه إلى قرية لاوتيانوو الواقعة على السفح الشمالي، حيث قدم له أهل القرية كل عون ومساعدة، وآواه واحد من أبنائها، اسمه وو يونغ تشي، في بيته. بفضل وو يونغ تشي، صادق جين تشياو جيويه صاحب جبل جيوهوا، مين قونغ، وطلب منه  أن يمنحه قطعة أرض بالجبل تساوي مساحة جبة الراهب ليسكن فيها. لبى مين قونغ مطلبه، بل قال له: "الجبل أمامك لتختار حيثما تشاء أيها الراهب العظيم". رمى جين جبته الحمراء نحو السماء، ولكن عندما هبطت غطت جبل جيوهوا كله. دهش مين قونغ لما حدث ولكنه أدرك أنه أمام راهب عظيم، فخر ساجدا له وأهداه الجبل كله، وطلب منه أن يكون ابنه تلميذا له. فيما بعد، أصبح ابن مين قونغ، الذي اعتنق البوذية، راهبا معروفا هو داو مينغ. في قاعة ديتشانغ في جبل جيوهوا حاليا تمثالان، أحدهما للراهب الشاب داو مينغ، والآخر للعجوز مين قونغ.

برغم أن مين قونغ أهدى الجبل كله للراهب جين تشياو جيويه، ظل الراهب بدون بيت، يتجول دائما بين الجبال والأنهار، يقضي ليله متأملا متفكرا في كهوف جبلية. وتحكي الأسطورة أن إله الجبل أراد أن يختبر إيمان الراهب الناسك، فسحر ابنه الصغير ثعبانا لدغ الراهب جين. لم يتحرك الراهب قيد أنملة، فتأثر إله الجبل بسكينته وثباته، واعتذر له ومنحه عين ماء.

في سنة عام 794، كان الراهب العظيم قد بلغ من العمر 99 سنة. في اليوم الأخير من الشهر القمري السابع حسب التقويم القمري الصيني، جمع الراهب تلاميذه وقال لهم: "تعالوا لتوديعي، سوف أذهب في رحلة شاقة على متن قارب بوذي". ما إن انتهى الرجل من كلامه حتى فاضت روحه، وهو جالس داخل أسطوانة حجرية. بعد ثلاث سنوات من وفاته، فتحت الأسطوانة الحجرية، فوجده الناس كأنه حي، إذا حركوا عظامه أصدرت صوتا مثل رنين القفل الذهبي، فاعتقد تلاميذه أنه بوذا ديتسانغوانغ الحي، فوفقا للسجلات التاريخية البوذية، إذا صدر صوت عن عظم الشخص الذي يُعلق برقبته قفل فإن ذلك يعني أنه بوذا الحي. قدسه الناس على أنه بوذا ديتسانغوانغ الصيني، فارتبط اسم بوذا ديتسانغوانغ المقدس بجبل جيوهوا ارتباطا أبديا.

بعد جثمان ديتسانغ جين، الذي كان أول جثة لا تتحلل بجبل جيوهوا، وكان ذلك في زمن أسرة تانغ، ظهرت بالجبل تسع جثث أخرى غير متحللة في فترة أسرتي مينغ وتشينغ وفترة جمهورية الصين (1912- 1949م)، كما ظهرت خمس جثث غير متحللة خلال الفترة من سنة 1978 حتى 2008. هذا يعني أن الجبل به 15 جثة غير متحللة في الظروف الطبيعية، من بينها جثث رهبان وراهبات. وأصبح هذا الأمر من معالم جبل جيوهوا، وصارت الجثث غير المتحللة روح دولة زهور اللوتس البوذية- جبل جيوهوا. يشبه الجبل تمثال بوذا المضطجع مما يكسب جيوهوا مزيدا من السحر والمهابة.

لكل مكان في جبل جيوهوا جماله الخاص، ومع كل خطوة على الجبل يتبدل المشهد. في زمن أسرة تشينغ قال عنه الناس: "جيوهوا شيجينغ" أي العشرة مناظر في جبل جيوهوا. بعد انتهاج الصين سياسة الانفتاح افتتحت ثمانية مناطق للمناظر في جبل جيوهوا وتم إنشاء أكثر من مائة نقطة مناظر جديدة، إضافة إلى المناظر الطبيعية المدهشة، مثل بحر السحب، وشروق الشمس، ورذاذ الصقيع.

هوانغشان، لوحة طبيعية

جبل هوانغشان من التراث الطبيعي والثقافي العالمي، كما أنه حديقة جيولوجية عالمية وقاعدة بحوث للجيولوجيين ومخزن بدائي لعلماء الأحياء، ولوحة فنية معجزة ومصدر إلهام للأدباء والشعراء.

كان اسمه قديما جبل ييشان. وقد وصفه وو يوان (1794- 1857)، أحد الناجحين في الامتحان الإمبراطوري، على النحو التالي: "القمم غريبة، والأحجار عجيبة، وأشجار الصنوبر مدهشة. السحاب يحلق، والماء يتطاير، والجبل يطير". كما قال الجغرافي المستكشف في أسرة مينغ، شيوي شيا كه (1586- 1641) عن جمال هوانغشان: "الذي يزور الجبال الخمسة، لا حاجة له أن يزور جبالا أخرى، ومن يزور جبل هوانغشان لا حاجة له أن يزور الجبال الخمسة" (يقصد بالجبال الخمسة جبل تايشان، جبل هواشان، جبل هنغشان ف مقاطعة هونان، جبل تسونغشان، جبل هنغشان في مقاطعة شانشي). لقد عرفت جبل هوانغشان من الكتب الدراسية للمرحلة الإعدادية، التي وصفته بأنه موطن الآلهة، حيث أشجار الصنوبر الغريبة والأحجار العجيبة وبحر السحب وعيون المياه الساخنة. بعد ذلك صرت أهتم بكل ما يخص هوانغشان من مقالات ولوحات وقصائد شعر، حتى أضحى هذا الجبل مقدسا في قلبي أشتاق إليه.

نصحني البعض أن أزور جبل هوانغشان في وقت يسوده الضباب، حيث يمكن في مثل هذه الأجواء رؤية مناظره الرائعة والتمتع بقممه الغريبة وأحجاره العجيبة التي تتوسط السحب المتحركة. غير أنني زرت جبل هوانغشان في  وقت كان الجو صافيا، فاكتشفت منظرا آخر لجبل هوانغشان. مشيت بين أدغاله الهادئة مستمتعا بحفيف أوراق الشجر التي تحكي، وهي تتساقط، عن أيامها السعيدة التي خلت، ناظرا لجذوع الشجر القوية التي ترنو إلى غد أكثر سعادة.

جبل هوانغشان فردوس على الأرض، يجمع بين جمال الجبال وروعة الأنهار الصينية. كما أنه لا يخلو من خطورة وغرابة، فقممه تناطح السحاب وأوديته عميقة سحيقة، ويشكل شجر الصنوبر والأحجار والسحب الوردية منظرا خياليا رائعا مزخرفا بالزهور الملونة. وقد كُتب في وصف هذا الجبل المسكون بالهدوء، البعيد عن أي ضوضاء، مقالات وقصائد كثيرة. إن أي كلمات تعجز عن وصف جمال جبل هوانغشان، ولا أجد ما أقوله هنا إلا ما قاله العالم الصيني المشهور وانغ تشاو ون: "شاهد جبل هوانغشان بعينيك"، وقد أضيف: "أدرك جبل هوانغشان بقلبك".

والخلاصة، أنه مهما قيل في وصف هوانغشان لن تستمتع به إلا بعد أن تزوره.

لوحة على الجبل وكتاب تحت سفحه

يقال، من شاء أن يعرف حياة أباطرة الصين فليذهب إلى بكين، ومن شاء أن يعرف حياة الشعب في زمن أسرتي مينغ وتشينغ، فليس أفضل من محافظة ييشيان بمقاطعة آنهوي.

تقع محافظة ييشيان بالسفح الجنوبي لجبل هوانغشان، وتشتهر بوجود قريتي شيدي وهونغتسون القديمتين في زمامها، وهما القريتان اللتان أدرجتا في قائمة التراث الثقافي العالمي لليونسكو. والحقيقة أن محافظة ييشيان بها مئات القرى القديمة، وتضم أكثر من ثلاثة آلاف وسبعمائة بناية مازالت محتفظة بأشكالها الأصلية التي كانت عليها في زمن أسرتي مينغ وتشينغ. في هذه القرى القديمة، تشعر أنك دخلت رواقا ممتدا للثقافة الصينية العريقة.

تتميز القرى الكبيرة في محافظة ييشيان بوجود عشائر قوية. وقد كانت قرية شيدي موطن عشيرة هو، في حين كانت قرية هونغتسون في منطقة هويتشو موطن عشيرة وانغ. بسبب الحروب، هاجرت إلى ييشيان عشائر كبيرة فزاد عدد سكانها وضاقت بهم المساحة المحدودة من أرضها المستوية، حتى بلغ شظف العيش فيها مبلغا، قيل فيه: "الذي لم يفعل خيرا في حياته السابقة، يولد من جديد في هويتشو، ويُطرد إلى خارجها قبل أن يكمل الثالثة عشرة من عمره". معنى ذلك أن هذه المنطقة كانت فقيرة للغاية، طاردة للسكان. ولذلك فإن تجار محافظة ييشيان فرع قوي من تجار مقاطعة آنهوي. يعمل هؤلاء التجار خارج مواطنهم ثم يعودون إليها بالأموال التي جمعوها فيشيدون بنايات فاخرة تمجيدا وتشريفا لأسلافهم. في طوب وقراميد تلك البنايات، تتجسد ثقافة هويتشو، ولكل فناء بناية قصة خاصة.

تتميز البنايات القديمة بمحافظة ييشيان بجدرانها البيضاء وقراميد السقف الزرقاء. في المجتمع الإقطاعي للصين القديمة، لم يكن مسموحا لعامة الشعب زخرفة حوائط بيوتهم وتلوينها، وتحايلا على هذا المنع، جعل أبناء هويتشو الأذكياء جدران بيوتهم بيضاء رمادية، وقراميد سقوفها زرقاء، فتبدو ألوانها متناغمة مع خضرة الجبل والماء، من أبرز سمات عمارة هويتشو، أنها ذات جدران عالية قمتها على شكل رأس الحصان وبدون نوافذ وبها مسقط نور. هذا التصميم كان يمنح ساكن الدار إحساسا بالأمن والسلامة، ولكنه أيضا يخلق شعورا بالضيق إضافة إلى مشكلة التهوية والإضاءة، ولهذا كان يفتح مسقط للنور، وكان مسقط النور هو المنفذ الوحيد لرؤية السماء من داخل الدار.

يهتم أبناء هويتشو بالتعليم منذ قديم الزمان، ويتجلى هذا الاهتمام في المعلقات التي تزين قاعات الضيوف في دورهم، ويقال إن محافظة ييشيان مازال بها حوالي ألف معلقة، يحث معظمها على إدارة البيت بالاجتهاد والاقتصاد، واحترام وبر الوالدين والجد في الدراسة. هذه المعلقات تعتبر شعارات صاحب البيت وكتاب تعليم للأولاد. في قرية شيدي وقرية هونغتسون، نقرأ في تلك المعلقات عبارة: "السعادة تأتي من الشقاء، والربح يأتي من الخسارة ".

قرية هونغتسون لا تعتبر نموذجا مكتملا للقرى القديمة في هويتشو فقط، بل القرية الوحيدة في الصين التي بها نظام مياه اصطناعي. في هذه القرية التي تشبه ثورا مضطجعا بين الجبل الأزرق والمياه الخضراء، حيث الجبل رأسه والأشجار قرناه، والبنايات جسمه، والجسور أقدامه، يمر ماء العيون على كل دار في القرية.

في طريقنا إلى مدينة جيشي مررنا على محافظة شهشيان، وزرنا مدينة هويتشو القديمة.

مدينة هويتشو القديمة التي تغطيها ثلاثة ألوان، هي الرمادي والأبيض والأخضر، مدينة مختلفة، حيث جدران بيوتها بيضاء وقراميد سقوفها رمادية.

مدينة هويتشو القديمة حاضرة ولاية هويتشو، هي منطقة المناظر المركزية لمحافظة شهشيان- المدينة الثقافية التاريخية الصينية الشهيرة، كما أنها منطقة سياحية وطنية على درجة 4A. المدينة القديمة متحف تاريخي ضخم يضم جسورا وأبراجا وسدودا وبوابات قديمة. ولعل بوابة شيوي قوه (1527- 1596) التذكارية هي أكثر ما يترك انطباعا عميقا لزائر هويتشو، فهذه البوابة التي تعتبر واحدة من ثلاث نوادر في  هويتشو، تتكون من أربعة أعمدة وثلاثة طوابق بدون مسمار واحد، وبرغم المطر والريح لمئات السنين مازالت محتفظة بشكلها الأصلي.

مناظر نهر شينان تجعلك أمام لوحة صينية رائعة، فهي مناظر يبز جمالها مناظر نهر ليجيانغ ومضايق نهر اليانغسي الثلاثة. في جزيرة بنهر شينان لا يسكنها أكثر من ثمانمائة نسمة، شجرة كافور عمرها ألف سنة، ترى فيها قوة وعظمة الحياة. هنا يمكن أن تركب سفينة تتهادى في النهر فتتمتع برؤية بجمال الجبل المغطى بأشجار البشملة، وإذا شئت، يمكنك أن تترجل عن السفينة وتقطف من ثمار البشلمة.  يمكنك أيضا أن تستمتع بمشاهدة الأوبرا المحلية على متن السفينة.

جيشي، لوحة الحبر

تقطع السيارة المسافة من منطقة شينانجيانغ للمناظر بمحافظة شهشيان إلى مدينة جيشي القديمة في أربعين دقيقة. جيشي مدينة عمرها 1470سنة، وما زالت تحفظ بملامحها القديمة. وهي تحمل ألقابا مثل: "موطن مائدة هويتساي"، و"موطن الطباخين الصينيين"، و"المدينة الثقافية التاريخية على مستوى الوطن".

يبلغ عدد سكان جيشي 180 ألف نسمة وتغطي 1126 كيلومترا مربعا. أنجبت العديد من الشخصيات التاريخية البارة، منهم القائد المحلي وانغ هوا (586- 649م)، والوزير المشهور هو تسونغ شيان (1512- 1565م)، ورائد حركة الثقافة الجديدة هو شي (1891- 1962م).

كانت قاعة أسلاف عشيرة هو أول محطة لنا في جيشي. تقع القاعة في قرية لونغتشوان التي تبعد 12 كم عن شرقي حاضرة محافظة جيشي، وهي تسمى حاليا منطقة لونغتشوان للمناظر. عاش أبناء عشيرة هو في هذه القرية التي يوجد في مدخلها بوابة ييشي التذكارية القديمة للوزيرين.

لونغتشوان قرية جبلية جميلة، إلى الشرق منها قمة التنين الشاهقة وإلى الغرب جبل العنقاء. يحدها من الشمال نهر دنغيوان، ويربض جنوبها جبل تيانما. هذه القرية التي تخيم عليها أجواء من القداسة، تشبه قارب تنين مستعدا للإبحار. لقد عرف تاريخ الصين عددا كبيرا من الأفذاذ من أبناء عشيرة هو، وقد بلغ عدد الذين اجتازوا منهم الامتحان الإمبراطوري على المستويين الوطني والمحلي أكثر من عشرين. وقد اشتهرت قرية لونغتشوان في هويتشو بأنها "قرية جينشي" أي قرية الناجحين في الامتحان الإمبراطورية. أقيم في القرية 14 بوابة تذكارية، منها بوابة ييشي التذكارية للوزيرين، التي مازالت على حالتها. بنيت هذه البوابة سنة 1562، إحياء لذكرى وزير المالية هو فو (1454- 1522م) ووزيرالدفاع هو تسونغ شيان. وهي تحفة معمارية بأسلوب عمارة آنهوي ومزخرفة بنقوش حجرية.

في قاعة أسلاف عشيرة هو أعمل حفر على الخشب والحجر والطوب، إضافة إلى لوحات رسم ملونة. من بين أكثر من ستمائة عمل حفر على الخشب، تعتبر نقوش الزهور أجملها، ويقال إن عدد أعمال حفر الزهور كان مائة ولكن لا يوجد منها حاليا في القاعة غير 48 عملا. من أروع أعمال الحفر على الخشب في القاعة، مجموعة من عشرين لوحة للوتس، منقوش إلى جانبها بدقة وروعة بالغة السمك، والجمبري، وسرطان البحر (الكابوريا)، والطيور، والبط، والأعشاب المائية. بعض نباتات اللوتس تشبه المظلة وبعضها أسطوانية الشكل، وكلها ينبض بالحياة. من بين هذه اللوحات واحدة لزوج من الكابوريا تحت زهرة اللوتس، بعنوان "خهشيه" أي التناغم، علما بأن كلمة خه تعني اللوتس وشيه تعني الكابوريا  في اللغة الصينية. الرسالة التي تحملها هذه اللوحة هي أنه "إذا تناغمت الأسرة يزدهر كل شيء". على مدى تاريخ لونغتشوان الممتد أكثر من ألف سنة، بلغ عدد البارزين من أبنائها الذين سجلت أسماؤهم في السجلات الحكومية 190 شخصا.

كلمة لونغ بالصينية تعني التنين، وفي قرية لونغتشوان كثير من الأشياء تحمل اسم "لونغ"، مثل جدول لونغشي، جبل لونغشيوي، قمة لونغفنغ، بل إن النباتات العشبية في جبل لونغشيوي تسمى "أعشاب لونغشيوي".

في منطقة مناظر وادي تشانغشان، التي تقع على مسافة عشرة كيلومترات شرقي لونغتشوان، تشعر أنك في قاعة موسيقى سماوية. تشبه الموسيقى إيقاع سقوط المطر على الأفاريز أحيانا، وتشبه صفير الريح التي تحف بجذور الشجر أحيانا أخرى. تكون سيمفونية أحيانا وتصبح موسيقى فلكلورية أحيانا أخرى. هذه المقطوعات الموسيقية المتنوعة تعزفها عيون الماء والشلالات داخل الوادي. إن أجمل موسيقى هي تلك التي يعزفها الجبل والماء والحجر.

على طريق هويهانغ القديم الذي يشق هذا الوادي خرج عدد من كبار الشخصيات إلى العالم من حوله.

وعلى الطريق الذي سار عليه أسلافنا خرجت من هويتشو، ولكن دخلت إلى قلبي ثقافة منطقة جنوبي آنهوي، ببحيراتها وجبالها وشخصياتها الفذة.

 

 

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@chinatoday.com.cn
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.

فرع مجلة ((الصين اليوم)) الإقليمي للشرق الأوسط بالقاهرة
رئيس الفرع: حسن وانغ ماو هو
العنوان: 5 شارع الفلاح، المتفرع من شارع شهاب
- المهندسين- الجزيرة- مصر
تليفاكس: 3478081(00202)
  ص.ب208 – الأورمان – الجزيرة – القاهرة – مصر
   الهاتف المحمول: 0105403068(002)
البريد الإلكتروني: kailuofenshe@yaoo.com.cn