أصبحت التجربة الصينية قدوة للشباب في مصر لإقامة المشروعات الصغيرة التي تدر على الفرد دخلا مناسبا وتوفر فرص العمل. وقد أصبح من اللافت للنظر أن ترى الصينيين والصينيات يجوبون مصر كلها، في كافة المحافظات والمدن والقرى والنجوع، يحملون حقائب تحتوي على جميع السلع التي يحتاج إليها البيت المصري.
قالت ليلى محمد، موظفة، إن سيدة صينية تبلغ من العمر حوالي أربعين سنة طرقت باب شقتها وطلبت، بكلمات عربية بسيطة، أن تعرض عليها ما تحمله من مستلزمات منزلية. وأضافت ليلى: "وجدت أن كل السلع أرخص من المحلات، فاشتريت معظم احتياجاتي أنا وأولادي، خاصة أن ابني مقبل على الزواج فقمت بشراء احتياجات عروسه من مفروشات وملاءات وقمصان نوم وملابس داخلية".
تدخل الدولة
وأشار صاحب أحد محلات الملابس، رفض ذكر اسمه، إلى أن الدولة يجب أن تتدخل لمنع ما أسماه "غزو" السلع الصينية للأسواق، وخاصة أنها سلع غير مطابقة للمواصفات، فالأجهزة تفسد وتتلف بمجرد استعمالها عدة مرات.
وقالت سامية إبراهيم، موظفة بالتعليم: "إن الصينيين يأتون إلى عواصم المحافظات في مجموعات ويستأجرون مسكنا ثم ينتشرون في القرى لبيع بضاعتهم". وأوضح فؤاد سليم، محامى، أنه لاحظ أن الصينيين قد وصلوا إلى مسقط رأسه في محافظة الغربية، وأنهم يبيعون كل شئ وأصبحوا معروفين لدى الناس ولهم زبائن من خلال ترددهم على المنازل بجميع السلع. وبرغم التقاليد والعادات التي تمنعهم من التعامل مع الغرباء إلا أنهم نجحوا في اقتحام كل شيء.
وقال صاحب أحد المعارض، رفض ذكر اسمه، إن معظم الصينيين يعملون مندوبين لشركات صينية، حيث يستوردون المنتجات الصينية من بلدهم ويبيعونها داخل مصر. ونظرا لشطارة الصينيين أصبحوا يحققون أرباحا كبيرة من التجارة ولذلك أغلبهم استقر في مصر.
وقالت ربة منزل، اسمها خضرة عبد العال: "المنتجات الصينية وصلت باب بيتي بدون تعب وبأسعار معقولة، فلا حاجة للذهاب إلى الموسكي أو العتبة أو وكالة البلح (مناطق تسوق مشهورة في القاهرة) أو حتى السفر إلى بور سعيد (منطقة حرة). وقد جهزت ابنتي الاثنتين بجميع احتياجاتهما التي اشتريتها من الصينيين، وخاصة أنني أشترى الأشياء بنصف ثمنها لأن هدف الصينيين أن يبيعوا البضاعة كلها بأي سعر".
وقالت فتحية أحمد، موظفة، إنها عندما ذهبت إلى بلدة والدتها ومسقط رأسها في الشرقية وجدت الصينيين يدخلون المنازل ويبيعون كل ما يطرأ على البال، من الإبرة إلى الصاروخ، وبأسعار متميزة فصارت لهم شهرة كبيرة بين الأهالي الذين ينتظرون الصينيين لشراء كل ما يحتاجه البيت.
التجربة الصينية
ويطالب الدكتور مجدي يوسف، شباب مصر أن يضعوا التجربة الصينية نصب أعينهم كنموذج في إقامة المشروعات الصغيرة التي تدر دخلا مناسبا، وتحقق في الوقت نفسه فرصة كبيرة للاقتصاد المصري، من خلال زيادة الصادرات المصرية لكل دول العالم، خاصة أن كل الظروف ميسرة لإقامة مثل تلك المشروعات.
استيراد الخامات
وأشار طه محمد وعبد الحليم محمد، وهما من رجال الأعمال، إلى أن نشاط الصينيين لا يقتصر على المنتجات فقط، بل يشمل استيراد خامات صناعية مهمة من مصر ومنها الجرانيت والرخام والعديد من المنتجات المصرية وخاصة من بدو سيناء، والمنتجات اليدوية، بالإضافة إلى استيراد قنديل البحر، ولا أحد يعلم سر اهتمامهم باستيراد تلك الأشياء.
ظاهرة تستحق الدراسة
وقال الدكتور فوزي محمد، أستاذ جامعي، إن هذه الظاهرة جديرة بالدراسة على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، حتى لا يكون لها تأثير سلبي على الاقتصاد المصري.
ويقول هشام لطفي، بائع في معرض للسلع، إن الصينيين يستأجرون قطعة أرض يقيمون عليها معرضا ويبيعون كل المنتجات الصينية لصالح شركات صينية أو مستثمرين صينيين يتعاملون معهم، ويوجد منهم من لديهم مصانع في المدن الصناعية المصرية.
وقالت فتحة عبد القادر التي عملت مع الصينيين خمس سنوات، إنهم يأتون إلى مصر للدراسة ثم يبدءون ممارسة التجارة وينزلون الأسواق ويعرفون الأسعار، وبعد ذلك يستأجرون أرضا لإقامة معرض عليها ويبدءون البيع والشراء. وتقول سلوى محمد، بائعة تعمل مع الصينيين، إن الصيني يتركك تتفاهم مع الزبون، والذي يهمه في النهاية هو البيع فقط ولا يتدخل في أسلوب تعاملك مع الزبائن ويترك لك الحرية الكاملة في التعامل معهم ولا يتدخل على الإطلاق.
