ã

فخ "الصين قادرة على إنقاذ الاقتصاد العالمي"

فانغ شيانغ شنغ، صحفي بجريدة "قوانغمينغ" اليومية

رسم بياني يوضح نمو إجمالي الناتج المحلي في الصين من سنة 1990 حتى يونيو 2007

عشرات الملايين من الفقراء في الصين

في مواجهة الأزمة المالية العالمية، روج البعض في الغرب لمقولة أن "الصين قادرة على إنقاذ الاقتصاد العالمي". يرى هؤلاء أن الصين يمكنها، بفتح بوابة خزانتها المالية، وضخ احتياطيها من النقد الأجنبي إلى الولايات المتحدة – مصدر الأزمة، والمنطقة الأكثر تضررا –أوروبا، تخليص العالم من الأزمة المالية والحيلولة دون ركود الاقتصاد العالمي.

ولعل من يسمع مقولة "الصين قادرة على إنقاذ الاقتصاد العالمي" يظن أن الداعين لها يعلمون قدرات الصين جيدا ويدركون تأثير التنمية الصينية على العالم. ولكن المدقق في الأمر يكتشف أن رؤية "الصين قادرة على إنقاذ الاقتصاد العالمي" ليست إلا لحنا مختلفا في معزوفة واحدة تضم أيضا نظرية "التهديد الصيني" ونظرية "انهيار الصين".

نعود إلى الوراء سنوات قليلة ونتذكر عندما هبت رياح التغيير على أوروبا الشرقية وتفكك الاتحاد السوفيتي، فنلاحظ أن الصين كانت بؤرة اهتمام جم غفير من الخبراء والسياسيين في الغرب، وقد تصورا أن الحكومة الصينية قاب قوسين أو أدنى من الانهيار. ومن أجل التعجيل بهذا الانهيار شرعوا يتخذون إجراءات مساعدة، ومنها مثلا قرار "حظر بيع الأسلحة للصين" الذي اتخذه الاتحاد الأوروبي ولم يرفعه حتى الآن. في ذلك الوقت، ظنوا أن تلك الإجراءات والتدابير يمكنها أن تسقط الصين بسهولة. ولكن الرياح أتت بما لا تشتهي سفنهم، إذ سارت الصين على درب التنمية بخطى سريعة، وكان نجاح التنمية الصينية إعلانا بفشل وسقوط نظرية "انهيار الصين".

مع تسارع وتيرة التنمية الصينية في مجالات عديدة انطلقت في وجوهنا نظرية "التهديد الصيني"، التي شاعت في الدول الغربية. وقد أُلحقت بأذيال تلك النظرية سلسلة من الاتهامات الباطلة: "العمال في أوروبا والولايات المتحدة يفقدون وظائفهم بسبب الصادرات الصينية"، "طلب الصين المتزايد على الطاقة يرفع سعر النفط"، "بدءُ معركة الموارد بين الصين والدول الغربية". وقد اعتبر أنصار نظرية "التهديد" أن التنمية الصينية تهدد بقاء الدول الغربية، ولابد أن تعمل الدول الغربية معا لاحتواء التنمية الصينية. وبالفعل بدأنا نرى إجراءات متنوعة مضادة للصين ومنها تدابير مكافحة الإغراق ومكافحة القرصنة الفكرية وانتقادات سجل حقوق الإنسان وقضية الديمقراطية في الصين. صارت الصين هدفا لهجوم الرأي العام الغربي. الحاصل أنه بعد ثلاثين سنة من الإصلاح والانفتاح، ارتفعت القوة الوطنية الشاملة والمكانة الدولية للصين كثيرا، بل صار حل مشاكل دولية عديدة صعبا بدون مشاركة الصين.

على هذه الخلفية، طفت على السطح رؤية جديدة تقول إن "الصين قادرة على إنقاذ الاقتصاد العالمي". أصحابها يرون أن الصين، وقد صارت دولة ثرية ومتقدمة، لديها القدرة على تحمل مهمات جسيمة، وحيث أن العالم يعاني حاليا من أزمة مالية طاحنة تهدد بركود الاقتصاد العالمي، فإن بكين مطالبة بإنقاذ الاقتصاد العالمي.

ربما ليس من الصواب التكهن عشوائيا بالدوافع الحقيقية لهذه الرؤية، ولكن ثمة خيطا مشتركا يجمع بين رؤية "الصين قادرة على إنقاذ الاقتصاد العالمي" ونظرية "انهيار الصين" ونظرية "التهديد الصيني "، وهو أنها جميعا لا تعكس وضع الصين الحقيقي، كل في حينه.

الوضع الحقيقي للصين هو أن الدولة الأكثر سكانا في العالم مازالت دولة نامية لم تحل لعشرات الملايين من سكانها مشكلة الغذاء الكافي واللباس الدافئ، ومستوى معيشة أكثر من نصف سكانها منخفض للغاية مقارنة مع المستوى في أوروبا والولايات المتحدة. إن الصين تستقبل سنويا نحو عشرة ملايين فم جديد، وحكومة الصين تولي دائما معيشة الشعب اهتماما كبيرا. في عام 2007، بلغ إجمالي الناتج المحلي للصين 28ر3 تريليون دولار أمريكي، وكان ترتيبه الرابع عالميا. وإذا كان الرقم يبدو ضخما فإنه في الحقيقة لا يزيد عن 7ر23% من إجمالي الناتج المحلي للولايات المتحدة، و9ر74% لليابان، بل و5ر99% لألمانيا التي لا يزيد عدد سكانها عن واحد على ستة عشر من عدد سكان الصين. لكل هذا نعتقد أن القائلين بأن "الصين قادرة على إنقاذ الاقتصاد العالمي" يبالغون كثيرا في قدرات الصين التي لا تزيد نسبة إجمالي الناتج المحلي لها عن 6% من إجمالي الناتج المحلي العالمي. 

والذين يتحدثون كثيرا عن احتياطي الصين الضخم من النقد الأجنبي عليهم أن يعرفوا أن الصين جمعته قرشا بعد قرش، فمعظم أرباح الصادرات الصينية، التي هي المصدر الرئيسي للاحتياطي النقدي، يذهب إلى جيوب الأجانب. ويكفي أن نشير هنا إلى أن دمية باربي، التي يبلغ ربح الشركة صاحبة العلامة التجارية لها في الولايات المتحدة وأوروبا عشرة دولارات أمريكية، يبلغ ربح المصنع الصيني الذي ينتجها لصالح الشركة المالكة للعلامة التجارية نصف دولار أمريكي فقط. إن الصين حريصة على أداء واجباتها الدولية كأحد أعضاء الأسرة الدولية ولكن التمنيات والتوقعات غير الواقعية من الصين لن تتحقق، وأنصح دعاة مقولة أن "الصين قادرة على إنقاذ الاقتصاد العالمي" أن يعرفوا أوضاع الصين أولا. 

 

     

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@chinatoday.com.cn
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.

فرع مجلة ((الصين اليوم)) الإقليمي للشرق الأوسط بالقاهرة
رئيس الفرع: حسن وانغ ماو هو
العنوان: 5 شارع الفلاح، المتفرع من شارع شهاب
- المهندسين- الجزيرة- مصر
تليفاكس: 3478081(00202)
  ص.ب208 – الأورمان – الجزيرة – القاهرة – مصر
   الهاتف المحمول: 0105403068(002)
البريد الإلكتروني: kailuofenshe@yaoo.com.cn