عندما دقت أجراس بدء السنة الجديدة حسب التقويم القمري الصيني يوم 25 من الشهر المنصرم، واحتفل الصينيون بعيدهم الأكبر، عيد الربيع، كانت أجواء الأزمة المالية العالمية تقترب من الصين أكثر في بلد يُسمى الأزمة ((ويجي))، وهي كلمة من مقطعين، الأول "وي" ويعني "الخطر" والثاني "جي" ويعني "الفرصة".
والحقيقة أنه في نهاية سنة 2008 بدأت معالم الأزمة المالية، التي بدأت في الولايات المتحدة وامتدت إلى أوروبا ثم إلى مناطق أخرى من العالم، تتكشف في الصين، فالأخبار تحمل كل يوم أنباء إفلاس مصانع وشركات في شرقي وجنوبي البلاد والاستغناء عن العاملين، بينما تتجه أسعار العقارات السكنية إلى الانخفاض. وقد تراجع نمو الصادرات والواردات الصينية في ديسمبر 2008، للشهر الثاني على التوالي، حيث انخفضت الصادرات بنسبة 8ر2%، والواردات بنسبة 3ر21% مقارنة مع نفس الفترة من 2008.
ويلقي تقريرنا في هذا العدد بعنوان ((دونغقوان، صورة مصغرة للتصنيع في الصين)) الضوء على بعض من تداعيات الأزمة المالية في مدينة دونغقوان التي تنتج ثلث الإنتاج العالمي من لعب الأطفال والهدايا. وتستعرض مقالتنا "عاصفة الأزمة المالية تصيب بكين بالزكام" أثر الأزمة المالية على سوق الموارد البشرية الصينية، التي تنتظر دخول ستة ملايين خريج جامعي إليها صيف هذا العام. إضافة إلى تداعيات الأزمة على صناعة السيارات الصينية التي بدأت تشهد كسادا ملحوظا منذ نهاية السنة الفائتة.
في مواجهة الأزمة، اتخذت الحكومة الصينية حزمة من السياسات تأمل أن تخفف من أثر وتداعيات الأزمة على الاقتصاد الصيني، ومن تلك السياسات حفز الاستهلاك في السوق الريفية كي تستوعب المخزون لدى شركات التصدير الصينية، بعد أن تراجع الطلب على الصادرات الصينية، وفقا لمقالتنا في هذا العدد "الأجهزة الكهربائية في ريف الصين".
ونستعرض في هذا العدد أيضا ظاهرة زيادة حركة انتقال الأفراد بين الصين والدول العربية بكل ما يترتب عليها، وفقا لمقالتنا ((الصينيون في بلاد العرب)) وتحقيق ((التجربة الصينية نموذج للشباب المصري)). إضافة إلى رحلة تمتد ثلاثين عاما، يأخذنا خلالها سفير الصين السابق في مصر وو سي كه، إلى أحداث وأماكن وشخصيات محفورة في ذاكرته، تنقلها لنا حكاية ((بيني وبين مصر)). برغم الأزمة المالية، عاد كل صيني بعيد عن بيته، إلى أهله. احتفل الصينيون بعيد الربيع، أكلوا وشربوا وتنزهوا وأشعلوا الألعاب النارية، لعلها تطرد شيطان الأزمة المالية وتبعد شبح الركود الذي يلوح في الأفق.
