ã

إلى الأمام بتحرير الفكر والديمقراطية

--- إنجازات 30 عاما من الإصلاح والانفتاح والتطلعات

لي جيون رو

ودعت الصين أيام نقص الحبوب الغذائية

في أول أكتوبر عام 1999، احتفلت الصين بمرور خمسين سنة على تأسيسها

حققت صناعة المنسوجات الصينية قفزة كبيرة

في نهاية عام 1978، قررت الحكومة الصينية انتهاج سياسة الإصلاح والانفتاح على الخارج، بهدف إصلاح النظام الاقتصادي التي تكبل تطور قوى الإنتاج وأنظمة المجالات الأخرى جذريا، والمشاركة في العولمة الاقتصادية. ولهذا الغرض أقيمت الأربع مناطق الاقتصادية الخاصة، ومنها منطقة شنتشن، ثم جعل المناطق الساحلية البحرية والنهرية والحدودية مناطق منفتحة.

عملية الإصلاح والانفتاح إبداع عظيم لا مثيل له في تاريخ الصين الاشتراكية ، ولذلك أعطاها الشعب وصف "الثورة الجديدة".

تعد الدورة الكاملة الثالثة للجنة المركزية الحادية عشرة للحزب الشيوعي الصيني التي عقدت في الفترة من 18 إلى 22 ديسمبر عام 1978، إشارة البدء لعملية الإصلاح والانفتاح، حيث تقرر في هذه الدورة، تحت إرشاد دنغ شياو بينغ، تحويل مركز ثقل عمل الحزب إلى بناء التحديثات الاشتراكية. كان ذلك إشارة أيضا إلى تشكيل المجموعة القيادية المركزية للحزب الشيوعي، ونواتها دنغ شياو بينغ، وانتهاء عصر " الصراع الطبقي منهج كل الأعمال" وبداية عهد جديد شعاره "البناء الاقتصادي مركز ثقل كافة الأعمال".

لذلك، تعتبر الدورة الكاملة الثالثة للجنة المركزية الحادية عشرة للحزب الشيوعي الصيني تحولا سياسيا هاما في الصين، إذ صار "تحرير الفكر" و"الديمقراطية" مضمونين رئيسيين لهذا التغير السياسي. وبفضل هذا التحول دشنت الصين عملية الإصلاح والانفتاح. كما اشتمل هذا التحول التاريخي على سلسلة من التحولات غير المسبوقة، ومن ذلك التحول من " الصراع الطبقي منهج كل الأعمال" إلى "البناء الاقتصادي مركز ثقل كافة الأعمال" والتحول من الاقتصاد المخطط إلى اقتصاد السوق الاشتراكي، والتحول من الانغلاق وشبه الانغلاق إلى الانفتاح، والتحول من "عبادة الفرد" إلى تطوير الديمقراطية والقوانين، الخ.

بيد أن التحول الأكبر في هذه السلسلة من التحولات هو الانتقال من النظرية الاشتراكية التقليدية إلى الاشتراكية ذات الخصائص الصينية من أجل التنمية السلمية للصين لتحقيق التحديثات الاشتراكية. بعبارة أخرى، اختار الحزب الشيوعي الصيني منذ الدورة الكاملة الثالثة للجنة المركزية الحادية عشرة للحزب الشيوعي الصيني، التحول من نمط الاشتراكية السوفيتية، الذي تبنته الصين في الماضي إلى اشتراكية ذات خصائص صينية.

 

خلال هذه الثلاثين عاما  شهدت الصين تغيرات تاريخية غير مسبوقة، وحققت الصين تقدما تاريخيا لا مثيل له في مجالات الاقتصاد والسياسة والثقافة وبناء المجتمع.

--- خرجت  الصين من ركودها وصارت مجتمعا مفعما بالنشاط والحيوية. في شوارع بكين ترى أبناء الصين وقد تحرروا من قيود متنوعة، ويتجلى هذا في لبسهم وحديثهم، وأطلق العنان للقوى الحيوية داخل المجتمع الصيني. لقد قال دنغ شياو بينغ: "خلال الثورة الثقافية، كانت "عصابة الأربعة" تسيطر على السلطة وكان الشعب يشعر بالاختناق والحزن، والمجتمع في حالة جمود. بعد انتهاء الثورة الثقافية، عاشت الصين سنتين من التردد، فلم تنهض الصين حقيقيا ولم يؤد الناس الأعمال التي يرغبونها فعلا إلا بعد الدورة الكاملة الثالثة للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني التي عقدت سنة 1978".

--- ودع الصينيون الفقر في مجتمع لم يكن يستطيع توفير الطعام والدفء لغالبية أبنائه، وحققت الصين ذات المليار وثلاثمائة مليون نسمة نموا اقتصاديا متواصلا بمعدل 10% تقريبا خلال ثلاثين سنة، وصارت رابع أكبر قوة اقتصادية في العالم من حيث حجم الاقتصاد الإجمالي، والأولى من حيث احتياطي العملات الأجنبية، وشهد العالم أجمع بالتنمية الاقتصادية الصينية ومنجزاتها.

--- لم يعد الصينيون يعانون من نقص السلع، وودعوا زمن الشراء بالكوبونات، حيث أقيمت وأكملت أسواق المنتجات ووسائل الإنتاج. كانت المنتجات شحيحة في أيام  الاقتصاد المخطط، وكان الناس يحصلون على مستلزماتهم من زيت الطعام، الملح، السكر، السمك، اللحم، الفحم، الكبريت، القماش، الدراجة، ماكينة الخياطة، الخ بكوبونات توزعها عليهم الحكومة. كان الناس ينتظمون في طوابير طويلة حاملين الكوبونات للحصول على السلع. اليوم، المتاجر عامرة بمختلف أنواع المنتجات.

--- تراجع عدد الفقراء كثيرا والسير على طريق الحياة الميسورة. خلال الثلاثين سنة الماضية، ارتفع متوسط دخل الفرد  القابل للإنفاق في  الحضر، من 343 يوانا إلى أكثر من 13700 يوان، وفي الريف من 133 يوانا إلى أكثر من 4100 يوان. وقل عدد الفقراء من 250 مليون نسمة إلى 23 مليون نسمة. وبرغم أن هناك عدم توازن في التنمية بين المدن والأرياف، وبين المناطق المختلفة، وبين التنمية الاقتصادية والتنمية الاجتماعية، وتوسع فجوة الدخل بين أفراد المجتمع، إلا أن عدد الفقراء في الصين انخفض وارتفع عدد ذوي الدخل المتوسط بنسبة كبيرة، وهذا تقدم يجب أن ننوه إليه.

--- انقضى من الصين زمن الخوف من الحديث عن الحقوق الأساسية للإنسان وتطور بناء الديمقراطية والقوانين تطورا سريعا. حاليا، تعكس الأعمال الفنية وكتابات العلماء والمفكرين "الطبيعة البشرية"، و"الإنسانية"، و"حقوق الإنسان" وغيرها من القضايا الساخنة التي تشغل الأوساط الثقافية والفكرية في الصين. فبفضل دعوة اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، أصبح مفهوم "الإنسان أساس كل عمل" محور التنمية الاقتصادية والاجتماعية. منذ انتهاج سياسة الإصلاح والانفتاح، تحظى الحقوق الأساسية للمواطن الصيني بالحماية والضمان الدستوري والقانوني، كما تتحقق مع تطور السياسة الديمقراطية.

---  نهضة الحضارة الصينية بصورة عظيمة. مع التنمية الاقتصادية والاجتماعية استعاد الشعب الصيني الكرامة الوطنية. خلال مسيرة الإصلاح والانفتاح وبناء التحديثات الاشتراكية، طرأت تغيرات عميقة على السمات الروحية للصينيين، وقد تجلى ذلك سنة 2008 في أحداث مثل تتابع الشعلة الأولمبية، وأعمال إنقاذ منكوبي الزلزال، واستضافة الأولمبياد. وأصبح "إنهاض الصين، ومواكبة العصر" مفهوما جديدا لحب الوطن والروح القومية في الصين المعاصرة.

المستقبل

تجاوز التأثير الحالي والمستقبلي لسياسة الإصلاح والانفتاح ، في داخل الصين وخارجها، وعلى كافة الفئات والمجالات، ما توقعه مهندس هذه السياسة، وهو تأثير لا يعتمد على إرادة شخص بعينه أو يسير في اتجاه معين. ولكن هذه السياسة تواجه حاليا تحديات وضغوطا غير مسبوقة، وعلى رأسها التحديات والضغوط الخارجية.

بعد أن صار الاقتصاد الصيني مندمجا في الاقتصاد العالمي، تغيرت قواعد تشريع اللوائح والسياسات في الصين، فاليوم ليس مثل بداية الإصلاح والانفتاح، ولا مثل قبل الإصلاح والانفتاح. ويوما بعد يوم يزاد تأثير تغير السياسات الاقتصادية لأوروبا والولايات المتحدة خاصة، على الاقتصاد الصيني وعلى المجتمع الصيني كله، وتزداد العوامل المؤثرة التي خارج السيطرة. كما يواجه اقتصاد الصين وسياستها ضغطا متزايدا من القواعد القانونية المعمول بها دوليا والسياسات الديمقراطية المرتبطة باقتصاد السوق المفتوح. فكيف نستطيع تعديل قواعدنا وسياساتنا وتخفيف الضغوط الاقتصادية والسياسية التي نواجهها ونتأقلم مع البيئة الجديدة للعولمة الاقتصادية والسياسية؟ سؤال مفتوح.

هناك أيضا ضغوط داخلية ومنها الضغوط الناجمة عن حياة المواطنين، وهي لا تقتصر على مشكلة الفجوة في الدخل، ونقص الخدمات العامة كنتيجة لانتهاج اقتصاد السوق، وإنما المشكلة الأكبر هي انتشار الشعبوية  Populism بين المواطنين، بمعنى الميل إلى إثارة وتهييج الجماهير نتيجة عدم العدالة في توزيع الثروة والموارد والتوزيع غير المتوازن للمرافق العامة. كيف نحل هذه المشكلة؟ سؤال مفتوح آخر.

وهناك ضغوط أخرى ناجمة عن تزايد مطالبة المواطنين بحقوقهم، نتيجة ضغوط الحياة وليس نتيجة الوعي السياسي، باستثناء عدد قليل من النخبة. وبسبب عدم العدالة في توزيع  حقوق السوق يضيق فضاء حياة المواطن، وهذا يفرض على الحكومة تحسين وزيادة الخدمات العامة. فكيف يمكن تجاوز هذه المشكلة؟

وهناك إشكالية ضعف القوة الدافعة للإصلاح والانفتاح.

ونحن نعتقد أنه لا سبيل إلى حل تلك المعضلات والتحديات والضغوط إلا بتعميق الإصلاح والانفتاح. والسنوات الخمس إلى الخمس عشرة سنة القادمة مرحلة محورية لنجاح بناء التحديثات الصينية، كما أنها مرحلة محورية لتحقيق النجاح التام للإصلاح والانفتاح.

----------------------------------------------------------------------------------------

الكاتب: نائب مدير المدرسة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، ونائب رئيس الجمعية الصينية لدراسات حقوق الإنسان.

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@chinatoday.com.cn
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.

فرع مجلة ((الصين اليوم)) الإقليمي للشرق الأوسط بالقاهرة
رئيس الفرع: حسن وانغ ماو هو
العنوان: 5 شارع الفلاح، المتفرع من شارع شهاب
- المهندسين- الجزيرة- مصر
تليفاكس: 3478081(00202)
  ص.ب208 – الأورمان – الجزيرة – القاهرة – مصر
   الهاتف المحمول: 0105403068(002)
البريد الإلكتروني: kailuofenshe@yaoo.com.cn