يستقبل الصينيون عام 2009، شأن كل شعوب العالم، بأمل ورجاء أن يمر بسلام وأمان وأن تنقشع خلاله غمة الأزمة المالية العالمية التي بدأت تلقي بظلالها على الصين، برغم حزمة السياسات النقدية والمالية التي اتخذتها الحكومة الصينية والتي من المتوقع أن تخفف من أثر تلك الأزمة قليلا على اقتصاد الصين والاقتصاد العالمي.

والحقيقة أن الصينيين وهم يودعون العام الغابر، 2008، يتذكرون أنه كان عام أولمبياد بكين وشنتشو- 7 وإنجازات أخرى، ولكن الصور المؤلمة لزلزال ونتشوان الذي ضرب الصين في مايو ومن قبله كارثة الثلوج في جنوبي البلاد في بداية العام وأحداث العنف في التبت في مارس، تبقى ماثلة في أذهانهم.

الصين الجديدة في عام 2009 تتهيأ وتستعد للاحتفال ببلوغها ستين سنة، بعد شهور. ستون عاما تحولت خلالها الصين من "رجل آسيا المريض" إلى قوة مؤثرة في العالم، اقتصاديا ورياضيا وعلميا وسياسيا وفكريا الخ.

في عددنا الأول لهذا العام، نضع بين يديك ،عزيزي القارئ، ملفا كاملا وموجزا.. "الصين 2009.. بلد الأرقام المدهشة"، نطل من خلاله على الصين، جغرافيا وتاريخيا وسياسيا واقتصاديا وعلميا وبيئيا. وقد كانت دهشتنا عظيمة بعد الانتهاء من إعداد هذا الملف، إذ لاحظنا، كما قد تلاحظ أنت أيضا، أن الصين بلد اجتمع له ما لا يجتمع إلا لعدد محدود للغاية من الأمم، مساحة شاسعة، حجم سكاني ضخم، تاريخ طويل وأرقام تقف أمامها فاغرا فاها.

الصين 2009، دولة مسؤولة تتحمل واجباتها الدولية كقوة اقتصادية كبيرة وكعضو دائم في مجلس الأمن للأمم المتحدة وكدولة رائدة بين الدول النامية، ولهذا بادرت الصين ليس فقط بطرح رؤيتها للخروج من نفق الأزمة المالية العالمية وإنما باتخاذ حزمة من السياسات النقدية والمالية والاقتصادية من المأمول أن تساهم بقدر كبير في تجاوز تلك الأزمة، مثلما كان لها دور كبير في التغلب على الأزمة المالية الآسيوية سنة 1997. كما تلعب الصين دورا إيجابيا ومؤثرا في قضايا دولية مهمة، من الملف النووي لشبه الجزيرة الكورية، إلى أزمة دارفور السودانية وقضية الشرق الأوسط  والقضية النووية الإيرانية وغيرها.

في بداية 2009، نتمنى، عزيزي القارئ، أن يكون عاما كله خير ونجاح لك ولمن تحب، وأن يسود العالم الرخاء والأمان والأمن والسلام، وأن تتحقق خلاله أمنيات الإنسان في بيئة نظيفة ومجتمع مستقر وحياة رغيدة. وكل عام وأنتم بخير.