هل كانت مجرد مصادفة أم أنها علاقة الدم؟ الأرجح أنها الأخيرة، وإلا بماذا تفسر أن يكون لقاؤنا على ضفة نيل مصر في ذات اليوم الذي بدأت فيه أول رحلة للطيران العارض بين بر الصين الرئيسي ومقاطعة تايوان الصينية، وتحديدا في الرابع من يوليو سنة. قابلنا فنانة رقص من تايوان اسمها شن يي شيوان مع أصدقاء لها، واستمعنا منها لحكاية "جميلة النيل".
كان اللقاء في مطعم صيني قريب من أهرامات الجيزة، تحدثنا بالصينية وجمعتنا أطعمة صينية بسيطة على مائدة واحدة. تحدثنا من القلب، فكانت متعة عظيمة، متعة الدفء الأسري الصيني.
"جميلة النيل" هي العبارة التي تستخدمها تشن يي شوان في مدونتها على الإنترنت. جاءت من جزيرة تايوان إلى مصر، وبرغم طول السفر وبعد الشقة لم تخف وسعت إلى رزقها.
الخضوع لدعوة الفن
درست شن يي شيوان التاريخ، وعملت في أحد المعاهد بتايوان. بعد معرفتها بتاريخ مصر القديم، اشتاقت إلى الاقتراب من الحضارة الفرعونية المصرية. وشاهدت أثناء إحدى رحلاتها السياحية عام 2003 على سفينة عرضا للرقص الشرقي المصري، فبهرتها حركات الرقص الساحرة والحماسة المتأججة وأزياء الرقص الخيالية. موهبة الرقص تسكنها منذ صغرها, ولهذا فإن عشقها للموسيقى والرقص شجعها على اتخاذ قرار جرئ بكل المقاييس..الانطلاق إلى مصر، موطن الرقص الشرقي، تلبية لدعوة الفن، لإضافة ألوان إلى الجمال الفني.
المزج بين لغات الرقص الصينية والعربية
من أجل إتقان الرقص الشرقي، اختارت ما ترفضه كل امرأة جميلة: زيادة وزنها من 45 كغم إلى 53 كغم!
على راقصة الرقص الشرقي أن تحرك كل عضلة في جسمها. لذلك يصعب على الجسم النحيف جدا أن يعبر بالحركة عن المشاعر التي يثيرها الرقص. هكذا جعلت الآنسة شين جسمها ممتلئا نوعا ما، وقالت: "ذلك من أجل الفن، ومن أجل الرقص!"
نجحت وتحولت من متدربة عادية على الرقص إلى مدربة للرقص الشرقي، تقيم دورات تدريبية للرقص الشرقي مع إحدى المدربات المصريات للرقص. "كيف يمكن أن تدربين المصريين على الرقص الشرقي؟" استغربنا من نجاحها. قالت: "أولا، تأتي التلميذات من أنحاء العالم، منهن الصينيات والمصريات. المصرية موهوبة في الرقص الشرقي، غير أن الصينية ذكية. موهبة المصرية تحتاج إلى الإرشاد الصحيح لتظهر بصورة كاملة، بينما يجعل ذكاء الصينية نجاحها حتميا."
لا يقتصر نجاحها على فهم عناصر الرقص المصرية في الرقص الشرقي، بل مزجت العناصر الصينية بصورة جريئة وعضوية في الرقص الشرقي. حيث وجدت أن أساس رقص قومية داي الصينية حركات الورك، فاستخدمتها في الرقص الشرقي، مما أضاف جمالا أنيقا إلى حركات الرقص الشرقي. وتستخدم أيضا حركات تحريك المروحة والشرائط الحريرية في رقص قومية هان الصينية في بداية عرض الرقص الشرقي والوقفة التعبيرية فيه، الأمر الذي أضاف السحر إلى انطلاق الرقص الشرقي.. هكذا أصبح الرقص الشرقي للآنسة شن يي شيوان أكثر جاذبية، يجذب المصريين والأجانب، والصينيين أيضا!
التغيير.. من الآن!
التغيير.. من الآن، هو شعار دورة كاديشي للرقص التي أقامتها الآنسة شن يي شيوان عام 1999 في تايوان للتدريب على الرقص الشرقي. عندما قابلناها في القاهرة كان معها أربع متدربات في هذه الدورة، سافرن من تايوان إلى مصر مع أستاذتهن للاشتراك في المهرجان الدولي للرقص الشرقي الذي يقام في مصر سنويا. كانت أصغرهن لا تزال طالبة في إحدى الجامعات بتايوان، وأكبرهن في العقد الرابع من العمر. سألناهن: لماذا التدرب على الرقص الشرقي؟ قلن بصوت واحد: "لأنه جميل جدا! يجعل جسمك أكثر رشاقة." وأضافت السيدة الأكبر سنا منهن: "من أجل تحقيق الذات، وتخفيف ضغط الحياة!"
قالت الآنسة شن: "الرقص ثقافة وفن، وموقف من الحياة. نريد أن تحقق المتدربة تغييرا أثناء تدربها على الرقص الشرقي، ليصبح الجسم والروح أكثر جمالا، وتصير الحياة أبهى!"
من أجل هذا الهدف، أنشأت دار نشر في تايوان، أول مجلة حول الرقص المنتشر، تعرف القراء بالرقص الشرقي ورقص البطن الأسباني ورقصة هولا لهاواي.. لكن الرقص الشرقي المصري هو المفضل لديها لدرجة أنها اختارت اسم "حبيب" العربي لمجلة أصدرتها في تايوان.
تتمنى أن تقيم مسابقة للرقص الشرقي في مقاطعة تايوان أو في بر الصين الرئيسي أو في آسيا في يوم من الأيام، وتتمنى أن تقوم بالتبادل مع فناني الرقص في بر الصين الرئيسي. شاهدت في المهرجان الدولي للرقص الشرقي الذي أقيم في مصر في هذا العام أكثر من أربعين مشاركة من بر الصين الرئيسي وأكثر من 30 مشاركة من تايوان. ويمكن أن يصبح هؤلاء النواة والركيزة لمهرجان آسيوي للرقص الشرقي ترعاه الآنسة شن يي شيوان!
