المغرب والصين

خمسون سنة من الصداقة والتعاون

عبد الرزاق طريبق، مدير مكتب وكالة الأنباء المغربية ببكين 

طبيب صيني يجري عملية جراحية في المغرب

ملك المغرب محمد السادس والرئيس الصيني هو جين تاو في المغرب/ إبريل 2006

نجمة كرة الطاولة الصينية دنغ يا بينغ تعلم فتيات مغربيات مخبوزات ميانتوان الصينية

 

احتفل المغرب والصين يوم السبت الأول من نوفمبر 2008 باليوبيل الذهبي لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، تخليدا لخمسين سنة من علاقات الصداقة والتعاون التي غذتها السنون، رغم بعد البلدين الجغرافي حيث يفصل بينهما أزيد من 11 ألف كلم، كما لم تشبها شائبة أو تعترضها مشاكل أو صعوبات.

لقد كان المغرب ثاني بلد في إفريقيا، بعد مصر، يعترف بجمهورية الصين الشعبية، في الوقت الذي كانت فيه الصين منبوذة من قبل الدول الغربية، ومقصية من مقعدها في مجلس الأمن لفائدة جزيرة تايوان. بعد أن نال المغرب استقلاله عن فرنسا سنة 1956 بأشهر قليلة، زار وفد من الجمعية التأسيسية المغربية الصين في 29 أبريل 1957 واستقبلها زعيمها ماو تسي تونغ ورئيس مجلس الدولة (رئيس الوزراء) شو ان لاي. وتلا ذلك قيام البلدين بإبرام أول اتفاق تجاري بينهما في 13 أكتوبر 1957، ثم لاحقا في 1 نوفمبر 1958 أقيمت العلاقات الدبلوماسية على مستوى السفراء.

وأقيمت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في فترة تاريخية حرجة، كانت خلالها الأيدلوجيا هي التي تحرك علاقات الدول فيما بينها، فقد وجد المغرب، الذي خرج لتوه من الاستعمار، نفسه مطالبا ببناء دبلوماسيته وإقامة شبكة علاقاته الخارجية بعيدا عن فرنسا. وكان لملك المغرب محمد الخامس رؤية خاصة تتمثل في إقامة علاقات متميزة مع الجميع بمعزل عن الخلافات الإيديولوجية، والنأي عن التدخل في السياسة الداخلية للبلدان، مع الحرص على مساندة قضاياها المشروعة، فلم يكن يرى في الصين الخطر الأصفر كما كان يصورها الغرب ووسائل إعلامه. 

ووجدت هذه الرؤية تناغما من قبل القادة الصينيين الذين كانوا يودون نسج علاقات أوسع مع منطقة شمال إفريقيا وصداقات أوثق، بالنظر لكون الصين والمغرب عايشا ويلات الاستعمار والكفاح من أجل الاستقلال، ويبحثان، كل بطريقته، عن الخروج من التخلف وتحقيق إقلاعهما الاقتصادي واسترجاع أراضيهما وتحقيق وحدة بلديهما.

وخلال السنوات الخمسين الماضية، تطورت علاقات البلدين على المستوى السياسي بشكل سلس، بالنظر لتقارب وجهات نظرهما في العديد من القضايا الدولية والإقليمية، فالمغرب يدعم موقف الصين بخصوص تايوان وقضايا حقوق الإنسان، ورفض التدخل في الشؤون الداخلية للدول، كما أشاد باسترجاع هونغ كونغ وماكاو وفق مبدأ دولة واحدة ونظامان، ونوه غير مرة بالنموذج الصيني في الإصلاح والتنمية والذي تحتفل الصين خلال سنة 2008 بالذكرى الثلاثين لإقراره، واعتبره نموذجا ناجحا وفعالا مكنها من تحقيق طفرة اقتصادية هائلة.

وبخصوص قضية الوحدة الترابية للمغرب، يتمثل الموقف الصيني في ضرورة حل القضية على أساس قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وأكدت الصين غير مرة على ضرورة تسوية هذه القضية التي ترى بشأنها أنها "لا تخدم التنمية والاستقرار في المنطقة وليست في صالح الوحدة والتضامن بين بلدان المنطقة، ليست في صالح النهوض بالقارة الإفريقية".

وعلى مدار السنوات الخمسين الماضية، عرفت التبادلات والزيارات من مستوى عال بين البلدين زخما كبيرا، فقد قام الملك محمد السادس بزيارة للصين في الفترة ما بين 4 و9 فبراير 2002، وتعتبر ثاني زيارة رسمية له لهذا البلد بعد زيارته الأولى في عام 1991 عندما كان وليا للعهد.

ومن بين الزيارات الأخرى لكبار المسؤولين المغاربة، زار الراحل الأمير مولاي عبد الله الصين في العام 1964 والوزير الأول الراحل المعطي بوعبيد في 1982 والرئيس السابق للبرلمان أحمد عصمان في العام 1986 والأميرة للامريم في العام 1987 والوزير الأول السابق عبد الرحمان اليوسفي في العام 1998 والوزير الأول السابق إدريس جطو في العالم 2006.

ومن الجانب الصيني، زار المغرب رئيسا مجلس الدولة السابقان شو ان لاي في العام 1963 وتشاو تسه يانغ في العام 1982، والرئيس يانغ شانغ كون في العام 1992 ورئيس مجلس الدولة لي بنغ العام 1995 والرئيس جيانغ تسه مين في العام 1999 ورئيس مجلس الدولة تشو رونغ جي في العالم 2002 ورئيس المجلس الوطني لنواب الشعب وو بانغ قوه في العام 2005 والرئيس هو جين تاو في إبريل 2006.

وتجاريا واقتصاديا، أصبحت الصين حاليا رابع أكبر شريك تجاري للمغرب، إذ بلغ مجموع صادراتها له خلال الفترة الممتدة من يناير إلى أغسطس 2008 فقط نحو مليار و400 مليون دولار أمريكي، بعد أن كانت سنة 1993 تحتل الصف 12 كمورد للمغرب بحجم 140 مليون دولار أمريكي.

وفي المقابل تعرف الصادرات المغربية غيابا عن السوق الصيني وتظل محتشمة للغاية، ولعل هذه النقطة تستدعي تركيز جهود السلطات الحكومية ورجال الأعمال في البلدين على المدى القصير.

كانت الصين الزبون التجاري الـ 23 للمغرب في عام 1993 بحجم واردات بلغ 27 مليون دولار أمريكي ثم الزبون الـ 20 للمغرب في عام 2005 بحجم 81 مليون دولار أمريكي.

ويُعزى ضعف الصادرات المغربية للسوق الصيني الضخم، الذي يفوق سكانه مليار و300 مليون نسمة، إلى اهتمام رجال الأعمال المغاربة بالاستيراد منه نظرا لما يوفره من سلع رخيصة بدل التصدير إليه، وغياب أي جهد تسويقي أو ترويجي، وبسبب التركيز على أسواق المغرب التقليدية في أوربا، ثم كذلك لبعض الإجراءات البيروقراطية الصينية المعقدة التي تشكل عائقا أمام دخول المنتجات المغربية.

ففي ما يخص مثلا الفوسفات، أبرز ما تصدره المغرب والذي تعد الصين واحدة من كبريات الدول المستوردة والمصدرة له، وقع البلدان سنة 2005 اتفاقية تقضي باستيراد الصين لكمية سنوية حجمها 750 ألف طن خلال الفترة ما بين 2007 و2011، لكن لم يتم التوصل إلى تحقيق ولو نصف هذه الكمية بنهاية سنة 2007، نظرا لعزوف المستوردين الصينيين لأسباب مجهولة ولاعتبارات بيروقراطية.

لقد أصبحت الصين، رغم بعدها الجغرافي، أكثر قربا للمغرب بالنسبة للتجار ورجال الأعمال حيث يزورها سنويا أكثر من 11 ألف مغربي للتجارة وشراء البضائع، وإن كانت أبرز المؤاخذات عليهم غياب أية محاولات من جانبهم لاستكشاف فرص الولوج إلى السوق الصيني، خصوصا في قطاعات زراعية أو تصنيعية يمكن أن تحدث اختراقا هاما في هذا السوق البالغ الأهمية، في مقابل سعي دائم ودؤوب بصبر وجلد وإصرار يقوم به الصينيون للترويج لمنتجاتهم بالمغرب.

وعلى صعيد آخر، يمتد التعاون بين البلدين إلى مجالات أخرى مثل الثقافة والصحة والتعليم، فقد أرسلت الصين منذ عام 1975 ما مجموعه 111 دفعة من القوافل الطبية إلى المغرب للعمل في قرى ومناطق قروية ونائية شملت 1175 عاملا طبيا بمعدل عشرة أطباء لكل دفعة.

وتنشط في السواحل المغربية 26 شركة مختلطة صينية مغربية تعمل في مجال الصيد البحري، كما تنفذ شركات صينية كبرى العديد من مشاريع التجهيزات الأساسية في المغرب في مجال الكهرباء والنقل والاتصالات والسدود والسكك الحديدية والبناء.

وبنهاية 2007 بلغ الحجم الإجمالي للتعاقدات التي حصلت عليها الصين حوالي 5ر1 مليار دولار أمريكي من بينها أزيد من مليار دولار أمريكي من المشاريع المنجزة.

 

 

 

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@chinatoday.com.cn
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.

فرع مجلة ((الصين اليوم)) الإقليمي للشرق الأوسط بالقاهرة
رئيس الفرع: حسن وانغ ماو هو
العنوان: 5 شارع الفلاح، المتفرع من شارع شهاب
- المهندسين- الجزيرة- مصر
تليفاكس: 3478081(00202)
  ص.ب208 – الأورمان – الجزيرة – القاهرة – مصر
   الهاتف المحمول: 0105403068(002)
البريد الإلكتروني: kailuofenshe@yaoo.com.cn