الزلزال وجيل الغرف الدافئة 

سونغ شي جيا

يوان ون تينغ قبل أن تفارق الحياة

جين لي جيه

في موقع الإنقاذ ببلدة ينغشيو بمدينة ونتشوان

جيل الثمانينات والتسعينات في الصين، ويقصد به الذين ولدوا في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي، هو الجيل الذي نشأ في ظل سياسة الإصلاح والانفتاح التي انتهجتها الصين سنة 1978، كما أنه جيل سياسة "الطفل الواحد" التي بدأ تطبيقها سنة 1980. ولا شك أن هذا الجيل تمتع، مقارنة مع جيل آبائه، بظروف حياة جيدة. وقد حمل أبناء هذا الجيل لقب "جيل الغرف الدافئة"، تعبيرا عن الرعاية والرفاهية والعناية التي حظوا بها، مما جعل البعض يعتقدون أنهم جيل مدلل يفتقر إلى القدرة على تحمل مصاعب الحياة وينقصه الشعور بالمسئولية تجاه المجتمع.

هذه الصورة النمطية لجيل الثمانينات والتسعينات في الصين تغيرت تماما عندما وقع زلزال ونتشوان المدمر، الذي بلغت قوته 8 درجات بمقياس ريختر يوم 12 مايو عام 2008. ارتفعت هامات أبناء الجيل المدلل، من طلاب وجنود وممرضين ومعلمين وموظفين، في كل المناطق المنكوبة. وجوههم الفتية تعلن أنهم من أبناء الجيل الصاعد في الصين؛ الجيل الذي أثر في المليار وثلاثمائة مليون صيني بعملهم وجلدهم وروحهم خلال كارثة الزلزال.

ضحت بحياتها لتنقذ تلاميذها

يوان ون تينغ، معلمة شابة عمرها 26 سنة، معلمة في مدرسة المركز الديمقراطي الابتدائية ببلدة شيقو في مدينة شيفانغ. عندما اهتزت الأرض وارتجفت الأبدان، أسرعت هذه الشابة بحمل تلاميذها طلاب الصف الأول، واحدا تلو الأخر، من غرفة الدرس إلى خارجها. أنقذت 13 طفلا، من بينهم وو جيا هوي، التلميذة الأخيرة التي أنقذتها المعلمة. قالت الصغيرة وو والدموع تبلل عينيها: "وضعتني المعلمة يوان بجانب باب الفصل، ثم عادت لإنقاذ التلاميذ الآخرين، ثم سمعت صوتا عاليا، حيث سقطت قطعة من سقف الغرفة، ورأيت قدمي المعلمة والتلميذ الذي كانت تحاول إنقاذه بين أحضانها."

في الساعة العاشرة مساء الثاني عشر من مايو الماضي، عثر رجال الإنقاذ على جثمان المعلمة يوان تحت قطعة خرسانة ثقيلة. كان مشهدا مؤثرا عندما أزاحوا قطعة الخرسانة، فالمعلمة الشابة كانت تحتضن تحت جسدها النحيل أحد تلاميذها، بينما هي مغمضة عينيها، ليتوقف عمرها عند 26 سنة إلى الأبد. العديد من مستخدمي الإنترنت في الصين منحوا يوان ون تينغ لقب "أجمل معلمة".

 

افعل شيئا للأشقاء

تشي مينغ يو، شابة جميلة من مواليد سنة 1982 في منطقة منغوليا الداخلية الذاتية الحكم، درست التربية البدنية في الجامعة. فور وقوع الزلزال لم تتردد تشي في اتخاذ قرار التوجه إلى المناطق المنكوبة لتنضم إلى المتطوعين هناك. تعرفت عبر شبكة الإنترنت، على خمسة شباب آخرين في نفس عمرها، وخلال يوم واحد اشترت حاجاتها واستعدت، وبدأ الستة مسيرتهم إلى المناطق المنكوبة.

قالت تشي إنها صُدمت عندما رأت في التلفزيون صور ومشاهد المناطق المنكوبة، وشعرت بأن عليها أن تفعل شيئا. وأضافت: "البعض تبرعوا بدمهم وأموالهم للمنكوبين، فماذا يمكن أن أفعل؟ وخطر في بالي الذهاب إلى المناطق المنكوبة لأرى ماذا يمكن أن أفعل لمساعدة المنكوبين."

حمل الستة معهم كمية كافية من المياه والأطعمة والأدوية والخيام إلى المناطق المنكوبة في مقاطعة سيتشوان حيث عملوا لمدة تسعة أيام، وصلوا خلالها إلى جيانغيو وبلدة لونغمنشان وبحيرة يانساى بجبل تانغجياشان ومدينة دوجيانغيان وغيرها من المناطق، وشاركوا في أعمال إخلاء منطقة بحيرة يانساى ونقل وتوزيع مواد الإغاثة وغيرها.

 

اتركوني أنقذ طفلا آخر

جين لي جيه، أحد أعضاء فريق الإنقاذ لمقاطعة سيتشوان، ولد في ديسمبر عام 1989. بعد وقوع الزلزال كان فريقه أول من وصل مدينة ميانتشو، أكثر منطقة تضررا بالزلزال. في الساعة العاشرة صباح يوم 13 مايو عام 2008، أنقذ جين أكثر من عشرة أطفال وانتشل 30 جثة من تحت أنقاض مدرسة ابتدائية. بينما كان جين مشغولا مع زملائه في أعمال الإغاثة، وقعت هزة تابعة بينما سمع صرخات الاستغاثة  تأتي من تحت أنقاض المدرسة، فحاول العودة لإنقاذ الأطفال، ولم يمنعه إلا بعض رجال الإطفاء الذين جروه إلى مكان آمن، ومع ذلك ظل يحاول العودة إلى المدرسة عندما سمع بكاء الأطفال تحت الأنقاض، وأخذ يصرخ: "اتركوني أنقذ طفلا آخر! اتركوني أنقذ طفلا آخر!"

عندما توقفت الهزة، عاد جين إلى الأنقاض حيث وجد طفلتين تحت قطعة خرسانة كبيرة، فطلب منشارا يدويا يقطع به الخرسانة، بعد ساعتين قطع كل حديد الخرسانة. في الأيام اللاحقة، أنقاذ جين مع زملائه 146 شخصا وانتشل 332 جثة.

    

زميلتي أولا

شيويه شياو، البالغ من العمر 17 عاما، طالب بالمرحلة الثانوية. عندما وقع الزلزال، كان شيويه في فصله الذي اهتز بشدة وساده ظلام دامس. في الساعة السابعة مساء 15 مايو عام 2008، عثر رجال الإنقاذ على شيويه شياو وطالبة أخرى تحت الأنقاض. كان الفتى مصابا بجرح خطير ولكنه أصر أن ينتشل رجال الإنقاذ زميلته أولا. عن تلك الواقعة قال خه هونغ وي، وهو جندي كان ضمن الفريق الوطني للإغاثة العاجلة للزلازل وشارك في عملية إنقاذ شيويه شياو وزملائه: "كان وضع شيويه شياو خطيرا جدا، لأنه ظل محاصرا فترة طويلة، وعلى وشك أن يفقد وعيه، ومهمة رجال الإنقاذ هي الإبقاء على الشخص الناجي مستيقظا، لأنه إذا فقد وعيه لن يستيقظ أبدا." من أجل مساعدة شيويه على الحفاظ على وعيه، كان خه يتحدث معه بين حين وآخر.  

نُقل شيويه إلى مستشفى هواشي التابع لجامعة سيتشوان حيث أجريت  عملية بتر ليده اليسرى. بعد العملية كان متفائلا وهادئا، ويتمعن، وهو على فراش المرض، زجاجات وعلب المشروبات التي قدمها له أهل الخير، وقال مبتسما إنه سيستريح بشكل جيد  وسيشفى في أسرع وقت ممكن، وسيدرس بجد واجتهاد بعد الخروج من المستشفى لكي يلتحق بالجامعة التي يريدها.

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@chinatoday.com.cn
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.

فرع مجلة ((الصين اليوم)) الإقليمي للشرق الأوسط بالقاهرة
رئيس الفرع: حسن وانغ ماو هو
العنوان: 5 شارع الفلاح، المتفرع من شارع شهاب
- المهندسين- الجزيرة- مصر
تليفاكس: 3478081(00202)
  ص.ب208 – الأورمان – الجزيرة – القاهرة – مصر
   الهاتف المحمول: 0105403068(002)
البريد الإلكتروني: kailuofenshe@yaoo.com.cn