سفير مصر لدى السودان، محمد الشاذلي

محمد إسماعيل

سيارات إسعاف قدمتها الحكومة الصينية لدارفور

السفير الصيني لدى السودان، لي تشنغ ون، ومسؤول من وزارة الشؤون الإنسانية في السودان في مراسم تسليم وتسلم معونات إنسانية من الصين لدارفور

أحد معسكرات الإيواء في نيالا

الغرب يختزل مشكلة دارفور بما يشبه أفلام رعاة البقر، ويصور الحكومة السودانية بأنها شريرة وأن المتمردين طيبون.

رهان الرئيس البشير على مساندة الصين له في محله، وبكين تؤيده من منطلق المبادئ وليس المصالح.

 

 

ما يحدث في دارفور ليس كما تصوره الآلة الإعلامية الغربية بأنه قتال بين القبائل وأن الحكومة السودانية هي التي توجه لها أصابع الاتهام، ولا يتحدث أحد عن الطرف الآخر وهي حركات التمرد، واختزال الأزمة في دارفور على نحو يشبه أفلام "رعاة البقر" في أن هناك طيبين وأشرارا، الحكومة السودانية هي الأشرار والمتمردون هم الطيبون، اختزال مخل لما يجرى في دارفور، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تلقي باللوم على الحكومة والرئيس السوداني عمر البشير فقط. إن ما يحدث الآن هو تطبيق حقيقي لما يسمى بالمعايير المزدوجة.

بهذه الكلمات أجاب السفير محمد الشاذلي، سفير جمهورية مصر العربية في الخرطوم، على أسئلة ((الصين اليوم)). وتحدث عن رؤيته بعد أربعة أعوام متواصلة عمل بها في السودان كسفير فوق العادة ومفوضا لمصر لدى الخرطوم حول دور الصين في حل أزمة دارفور، وهل يستطيع الرئيس عمر البشير أن يراهن على الصديق الصيني لمساندته وفيما يلي نص الحوار.

الصين اليوم: ذكرت أن الدول الغربية وأمريكا تصور المسألة في دارفور على أنها حكومة ومتمردون وفقا للمعايير المزدوجة، كيف ترى ذلك؟

محمد الشاذلي: إلقاء اللوم ومسئولية ما يجري في دارفور على الرئيس البشير والحكومة السودانية هو أمر غير عادل ومخل لكل المبادئ ويشجع على عدم حل المشكلة لأنه لابد من الأخذ في الاعتبار بأن حكومة السودان وافقت على اتفاق السلام في أبوجا ثم وافقت على إعادة التوقيع مع السيد ميني أركوس، أحد أطراف المتمردين، وذلك في الوقت الذي رفضت فيه الفصائل المتمردة الأخرى الجلوس على طاولة السلام ورفضت التعاون من أجل السلام.

وللعلم، الكثير من العمليات العسكرية ضد قوات الاتحاد الأفريقي وضد قوات الهجين قام بها المتمردون، وبالتالي لا يمكن إلقاء المسئولية على الحكومة السودانية والرئيس البشير وحدهما. والصين باعتبارها دولة صديقة تتفهم ذلك وتؤيد الحلول السياسية للأزمة، بعيدا عن إلقاء التهم أو فرض العقوبات أو حتى الضغط على الحكومة السودانية. ونحن نرى قتل المدنيين في مناطق أخرى من العالم، آخرها قصف قوات التحالف في أفغانستان لقرى باكستانية وسقوط الكثير من المدنيين وقتل 33 مدنيا أفغانيا على أيدي القوات الأمريكية، بالإضافة إلى ما يجرى من قتل للمدنيين في كل من العراق وفلسطين ولا أحد يتحدث عن فرض عقوبات على قوات التحالف أو إسرائيل. ومن هنا فإن انتقاء الرئيس السوداني عمر البشير وغض الطرف على ما يجري في أفغانستان والعراق وفلسطين هو أمر يوضح بجلاء ازدواجية المعايير وتسيس قضايا العدالة الدولية ولا يعطي مصداقية لهؤلاء الذين يوجهون التهم لحكومة السودان ورئيسها.

الصين اليوم: ولكن كيف ترى دور الصين في هذه الأزمة ؟

السفير محمد الشاذلي : مبلغ علمي أن الصين عينت مبعوثا خاصا لدارفور هو السفير ليو قوي جين، باعتبار أن الصين عضو دائم في مجلس الأمن وهى دولة صاحبة مبادئ وعضو مؤسس في حركة عدم الانحياز ودولة مساندة للحقوق العربية وتربطها علاقة طيبة وقوية مع الدول العربية والأفريقية. والصين لها استثمارات كبيرة في الدول الأفريقية مثل الجابون وأنجولا وجنوب أفريقيا وغيرها، لكن يظل السودان هي الدولة الأولى من حيث احتضانه واستقباله للاستثمارات الصينية على مستوى العالم. وبالتأكيد فإن الصين حريصة على استكمال دورها في حل الأزمة في دارفور. وزيارة مبعوثها إلى السودان أكثر من مرة ليس لأن الصين لديها مصالح واستثمارات في السودان، ولكن انطلاقا من مبادئ الصين التي نعرفها وأولها العمل بكل الإمكانيات لإقرار السلام وتحقيق العدالة وزيادة التنمية في دارفور وأفريقيا من خلال علاقاتها الطيبة مع الحكومة السودانية ودورها المحوري الإقليمي والدولي. ووقوف الصين مع السودان وفقا لمبادئها الدولية لا يمنعها من مساندة السودان باعتبارها شريك تنمية، حيث تحرص الصين مثل أي دولة لها استثمارات في السودان، على حل مشكلة دارفور حيث تؤمن الصين- وهذا حقها- حصولها على المواد الأولية ومصادر الطاقة اللازمة لعملية التنمية في الصين.

الصين اليوم: كيف ترون العلاقات الصينية السودانية؟

السفير المصري: علاقات طيبة وتسير في الجانب الإيجابي للبلدين الصديقين، وفي إطار تنمية المصالح المشتركة لصالح التنمية في البلدين، وبما يعود بالخير على الشعبين السوداني والصيني وهناك مصالح إستراتيجية للبلدين في الحفاظ على العلاقات وتنميتها. ومن هنا فإن الصين ترفض أي ضغوط غربية أو غير غربية على حكومة السودان، وترى أنه لابد من التوازن في الحوار مع طرفي الأزمة الحكومة والمتمردين.

وعلى المجتمع الدولي تقديم المعونات والمساهمات لدفع عملية التنمية في دارفور والعمل على وصول وزيادة مواد الإغاثة الإنسانية لشعب دارفور، وذلك جنبا إلى جنب مع مساندة الحوار السياسي من خلال اتفاقيات أبوجا وصولا لحل دبلوماسي وبعيدا عن سياسة إلقاء التهم والضغوط والتهديدات. ولذلك فإننا نرى أن الصين حريصة كل الحرص على استمرار الجهود السياسية، ومن هنا ترفض الصين أي ضغوط على السودان وحكومته.

كما أن السودان على علاقات مميزة مع الصين وأيضا مع دول العالم الثالث بشكل عام حتى يمكن أن نعالج أكبر "علة" تواجه دول العالم الثالث في تعاملها مع النظام الدولي الجديد. وأكبر علة هي سيطرة قطب واحد على مقدرات العالم واختلال الموازين وحتى لا يجعل هذا القطب قادرا على "تسيس" معايير العدالة والاقتصاد والسياسة وحقوق الإنسان بشكل هو حتما في غير صالح السودان وكافة دول العالم الثالث.

ومن هنا ولكل هذه الاعتبارات، أؤكد أن العلاقة بين السودان والصين ستكبر وتنمو أكثر، وسوف تكون أكثر متانة لأن ذلك في مصلحة الطرفين، بل في مصلحة علاج الوضع الدولي الراهن الذي يتميز بخلل شديد في الموازين الدولية.

الصين اليوم : تري بعض الصحف والمجلات في دول أوروبية أن الرئيس السوداني عمر البشير يراهن على متانة وقوة صداقته مع الصين لمنع أي إجراء ضده من المحكمة الجنائية الدولية وخاصة بعد قرار المدعي العام للمحكمة لويس مورين أوكامبو. كيف يري سفير مصر في السودان حقيقة هذا الرهان؟ وهل ستتفق الصين مع البشير؟

السفير محمد الشاذلي: من خلال عملي في السودان لمدة 4 أعوام ومتابعتي للعلاقة السودانية الصينية، ومن خلال عضوية الصين الدائمة في مجلس الأمن وما تتمتع به من حق الفيتو، أعتقد أن رهان السودان على مساندة الصين لموقفه يأتي في محله حيث تتمتع الصين بحق الفيتو في مجلس الأمن الدولي. ومن هنا فإن أي قرار لهذا المجلس لابد وأن يرى بدقة عدم الاصطدام بمصالح دولة الصين، فضلا عن أن استمرار الاستثمارات الصينية سيكون ثغرة في جدار العقوبات والضغوط الاقتصادية التي يحاول أن يفرضها الغرب على السودان.

عموما أنا اعتبر أن السودان الآن وبعد الاكتشافات البترولية به أصبح يمثل ثقلا اقتصاديا دوليا في مجال الغذاء، خاصة بعد تصاعد أسعار الحبوب والقمح ومع وجود 220 مليون فدان قابلة للزراعة في السودان فضلا عن ثروة حيوانية تقدر بـ 150 مليون رأس ماشية، فإن السودان يمثل شريكا هاما للمصلحة في مجال إستراتيجي وحيوي وهو مجال الأمن الغذائي، الأمر الذي يجعل السودان له وزن يُعتد به في الساحة الدولية. وأعتقد أن هذا يجب أن يكون محط أنظار مصر والدول العربية التي تستورد حوالي 80% من غذائها. وأعتقد أن الصين كدولة صديقة لمصر والسودان وللدول العربية ويربطها منتدى عربي صيني للتعاون يمكن أن تكون دعامة من أجل تعاون عربي صيني في مجال الأمن الغذائي.

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@chinatoday.com.cn
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.

فرع مجلة ((الصين اليوم)) الإقليمي للشرق الأوسط بالقاهرة
رئيس الفرع: حسن وانغ ماو هو
العنوان: 5 شارع الفلاح، المتفرع من شارع شهاب
- المهندسين- الجزيرة- مصر
تليفاكس: 3478081(00202)
  ص.ب208 – الأورمان – الجزيرة – القاهرة – مصر
   الهاتف المحمول: 0105403068(002)
البريد الإلكتروني: kailuofenshe@yaoo.com.cn