انتهاء أزمات السودان رهن بتوقف التدخل الغربي

سوسن أبوحسين

جندي صيني ضمن قوات حفظ السلام في دارفور يؤدي مهمته أبناء نيالا بجنوب دارفور يرحبون بالمبعوث الصيني لقضية دارفور في معسكر إيواء بجنوبي دارفور

قرار أوكامبو صدر بعد يوم من إعلان الخارجية الأمريكية مواقف ضد البشير

محاولات عربية لإنجاح مسعى اللجنة الوزارية برئاسة قطر

رجال القانون السودانيون لـ((لصين اليوم)): أمريكا تسيس القضاء الدولي

دخلت قضايا السودان المختلفة مرحلة بالغة الخطورة ( في دارفور والجنوب واستهداف نظام الرئيس البشير)، نظرا لاستفادة مجموعات بعينها من الوضع الحالي عبر سياسة البزنس. ومؤخرا رفعت جمعية صهيونية في أمريكا شعارا "ادفع دولارا تنقذ مسيحيا فى دارفور" وجمعت أكثر من مليار، كما تهدف واشنطن، كما يقول شقيق الرئيس السوداني محمد حسن أحمد البشير، إلي وضع دارفور تحت الوصاية الدولية كما فعلت مع العراق، فيما يرى كبار الساسة في السودان أن أمريكا ترغب في السيطرة على بترول السودان وتشاد والوصول إلى أرض الصومال عبر تواجدها في دارفور كبديل إستراتيجي عن بترول الخليج. ويبقى الجهد الذي يبذله العرب والأفارقة على المستوى السياسي والقانوني لإقناع مجلس الأمن بأن يكون للسودان ولايته القضائية لمعاقبة مرتكبى جرائم الحرب في دارفور وأن تعطى الفرصة للسلام والتنمية في السودان.

منذ بداية الأزمة التي أثارها قرار المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية مورينو أوكامبو، تحركت جامعة الدول العربية ونجحت في إبرام اتفاق مع الحكومة السودانية يتضمن الخطوات التالية:

- التأكيد على احترام سيادة السودان ووحدة أراضيه واستقلاله، ومطالبة جميع الدول تأكيد هذا الالتزام عمليا ودعم المساعي الرامية إلى تحقيق السلام والوفاق الوطني بين أبنائه؛

- التضامن مع السودان في مواجهة أية مخططات تستهدف النيل من سيادته ووحدته واستقراره، وعدم قبول الموقف غير المتوازن الذي أعلنه المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية؛

- التأكيد على أهلية القضاء السوداني واستقلالية صاحب الولاية الأصلية في إحقاق العدالة، وعلى ضوء المحاكمات التي جرت، وأهمية استكمال المحاكمات؛

- التأكيد على رفض تسييس العدالة الدولية واستخدامها في الانتقاص من سيادة الدول ووحدتها وأمنها واستقرارها ورموزها الوطنية؛

- الطلب من مجلس الأمن تحمل المسؤولية في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين وتوخى الحظر الشديد في التعامل مع الأوضاع في السودان خلال المرحلة الحالية والمقبلة وعدم إتاحة الفرصة لأي طرف أو عمل أو إجراء يؤدى إلى تقويض جهود التسوية السياسية لأزمة دارفور أو خلق مناخ يهدد جهود حفظ السلام في دارفور؛

- المطالبة بإعطاء الأولوية للحل السوداني مع الدعوة إلى عقد اجتماع دولي رفيع المستوى لدفع العملية السياسية في دارفور ووضع خريطة طريق وإطار زمني لتنفيذها، ودعوة الأمم المتحدة والجامعة العربية والاتحاد الأفريقي إلى اتخاذ الإجراءات العملية نحو عقد هذا الاجتماع، والطلب من الأمين العام لجامعة الدول العربية مواصلة الاتصالات لتأمين تحرك مشترك عربي - إفريقي مع المحكمة الجنائية الدولية، والعمل على تحقيق المصالحات الأهلية واستعادة السلام الاجتماعي في دارفور.

كما اتفق وزراء الخارجية العرب على تشكيل لجنة وزارية عربية برئاسة قطر كُلف بها الشيخ حمد بن جاسم آل حبر رئيس الوزراء ووزير خارجية قطر وعضوية الدول كل من مصر وليبيا وسوريا والجزائر والسعودية والجامعة العربية والاتحاد الإفريقي. وتتولى هذه اللجنة ترتيب مباحثات سلام بين الحكومة السودانية والحركات المسلحة في دارفور بهدف التوصل إلى ترتيبات سلام شاملة لتسوية الأزمة في دارفور في أقرب وقت. كما تتولى هذه اللجنة الوزارية رعاية مباحثات السلام بشأن دارفور بالتعاون الوثيق مع الوسيط الدولي المشترك للاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة. ومن مهام اللجنة الوزارية العربية أيضا تنسيق الموقف العربي والدولي من أجل المساعدة على تحسين الأوضاع الإنسانية والتنموية في دارفور.

وعلى هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة عقدت المجموعة العربية اجتماعا للمطالبة بتجميد قرار المدعى العام كما التقى الأمين العام للجامعة العربية مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون وانضم إليهما النائب الثاني للرئيس السوداني على عثمان طه، وركز اللقاء على ضرورة تعليق قرار المدعى العام طبقا للمادة 16 من نظام المحكمة الجنائية الدولية. كما تمت مناقشة الوضع في إقليم دارفور. فيما حذر نائب الرئيس السوداني من مخاطر استخدام ما يسمى بالولاية القضائية العالمية، مؤكدا حرص السودان على إيقاف الحرب وتحقيق الاستقرار في إقليم دارفور، ووصف مذكرة أوكامبو بأنها تُوتِر أجواء السلام والاستقرار في السودان وتقدم دعوة إلى حركات التمرد للاستمرار في العدوان وتفضيل الخيار العسكري بدلا من الانضمام لعملية السلام. كما اعتبر النائب الثاني للرئيس البشير أن تحرك المدعى العام يهدف إلى التأثير سلبا على الانتخابات المقررة عام 2009 والتي ستُدخِل السودان إلى مرحلة جديدة من السلام والتحول الديمقراطي.

لكن يبقى السؤال المطروح حاليا هو: هل تنجح الوساطة العربية في احتواء الأزمة؟ وفى هذا السياق يرى المراقبون أن الإجابة على هذا السؤال تكمن في رغبة كل الأطراف المتصارعة بالإقليم في معالجة الأزمة دون الوقوع في أخطاء المبادرات السابقة التي فشلت في وقف تدهور الأوضاع الإنسانية في دارفور، والأمر الثاني يكمن في رفض حركات التمرد لأي دور عربي.

لكن رجال القانون كانوا أكثر تفاؤلا من السياسيين لاستنادهم إلى الحجة القانونية التي تجهض المخطط الأمريكي لفرض الوصاية على دارفور من خلال خلق فوضى في كل ربوع السودان وتفكيك بنيته السياسية والاجتماعية ومحاكمة النظام. وقد فند رجال القانون السودانيون مذكرة أوكامبو ووصفوها بأنها لا تعكس حالة السودان، وأنها اعتمدت على تقارير أمريكية وصهيونية، وأكدوا أن القرار أعلنته الخارجية الأمريكية قبل يوم من إعلان اوكامبو له، وأنه لا يوجد في ميثاق الأمم المتحدة ومجلس الأمن حق التفويض أو الإحالة إلى المحكمة الجنائية الدولية. والأمر الثالث أن السودان لم يوقع أو يصادق على نظام المحكمة وبالتالي لا يمكن فرض ولاية المحكمة على السودان بالقوة الجبرية لأن هذا يتناقض مع نظام القانون الدولي الذي يُفترض فيه تحقيق العدالة. وتوقع رجال القانون السودانيون أن تحيل المحكمة قرار مذكرة أوكامبو إلى مجلس الأمن. وأفادوا بأن المجتمع الدولي يشعر بالحرج الشديد من تسييس العدالة، الأمر الذي قد يؤدى إلى تمكين السودان من ولايته القضائية لمحاكمة مرتكبى جرائم الحرب في دارفور.

وحول الأطماع الأمريكية في السودان، أوضح شقيق الرئيس السوداني محمد حسن أحمد البشير بأن الأطماع الأمريكية واسعة للسيطرة على موارد السودان خاصة البترول والثروات المعدنية ومساومة الصين سياسيا على تواجدها في السودان والتخوف الأمريكي من الاستثمار الجيد لموارد السودان. وأوضح أن المسألة أصبحت تجارية بما في ذلك مسألة استقدام قوات وموظفين للأمم المتحدة، حيث تُقدم كل الأموال التي تدخل السودان إلى هذه المجموعات. ويرى شقيق الرئيس أن حل دارفور يبدأ من تشاد، وبوقف دفع المسلحين إلى دارفور عبر الحدود وتفعيل عمل اللجنة الوزارية العربية للضغط على حركات التمرد للانضمام إلى عملية السلام وتنشيط عملية التنمية من خلال بناء المدارس والمستشفيات وتوفير أدوات الزراعة والرعي للسكان، إضافة إلى دور للمجتمع الدولي لإقناع كل من واشنطن وحتى فرنسا لعدم التدخل في شأن السودان وإعطاء الفرص للتسوية الحقيقية بدلا من التصعيد الجاري الذي يؤثر على معظم دول الجوار السوداني.

وعلى الرغم من كل هذا الجهد العربي والإفريقي المبذول لاحتواء أزمات السودان إلا أن المحكمة الجنائية بدأت أولى جلساتها للاستماع بشأن طلب المدعى العام للمحكمة بإصدار مذكرة اعتقال بحق الرئيس البشير لاتهامه بارتكاب جرائم حرب في إقليم دارفور، ويتوقع رجال القانون أن تستمر دوائر المحكمة في العمل للتأكيد على الحكم أو رفضه وأفادوا أن هذه الحالة ربما تستغرق عدة شهور.

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@chinatoday.com.cn
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.

فرع مجلة ((الصين اليوم)) الإقليمي للشرق الأوسط بالقاهرة
رئيس الفرع: حسن وانغ ماو هو
العنوان: 5 شارع الفلاح، المتفرع من شارع شهاب
- المهندسين- الجزيرة- مصر
تليفاكس: 3478081(00202)
  ص.ب208 – الأورمان – الجزيرة – القاهرة – مصر
   الهاتف المحمول: 0105403068(002)
البريد الإلكتروني: kailuofenshe@yaoo.com.cn