صيني يسير في الفضاء
شينغ ون
في الساعة الخامسة وسبع وثلاثين دقيقة مساء (بتوقيت بكين)، الثامن والعشرين من سبتمبر 2008، هبطت مركبة الفضاء "شنتشو 7" بسلامة في نقطة محددة بمنطقة منغوليا الداخلية الذاتية الحكم، وفي الساعة السادسة وثلاث وعشرين دقيقة خرج روادها الثلاثة- تشاى تشي قانغ، وليو بوه مينغ، وجينغ هاي بنغ- من الكبسولة، وبذلك أصبحت الصين ثالث دولة في العالم، بعد الولايات المتحدة وروسيا، ترسل روادا يسيرون في الفضاء.
اختراق في تكنولوجيا الخروج من الكبسولة الفضائية
في الساعة الرابعة وأربعين دقيقة مساء السابع والعشرين من سبتمبر عام 2008، فتح رائد الفضاء تشاى تشي قانغ باب المركبة ، وبعد عشر دقائق نجح في الخروج من عنبر المركبة حاملا العلم الصيني بعد أن ناوله له زميله ليو بوه مينغ. على الرغم من أن تشاي تشي قانغ بقي خارج المركبة أقل من 20 دقيقة فقط، إلا أنه بخطواته الصغيرة في الفضاء قطع شوطا طويلا في تاريخ تكنولوجيا الفضاء الصينية.
تتكون المركبة "شنتشو 7" من ثلاثة أجزاء هي المحرك وكبسولة العودة، وعنبر صمامات الهواء الذي يقع بين موضع ضغط الهواء العالي وموضع ضغط الهواء المنخفض، وهو مكان تبديل ملابس الفضاء. وعنبر صمامات الهواء في شنتشو 7 تم صنعه على أساس عنبر المدار، وفيه كان رواد الفضاء يقومون بعمليتي الشهيق والزفير لاستنشاق الأكسجين وصرف النتروجين، ثم تم تقليل ضغط الهواء داخل الصمام لفتح باب العنبر وخروج الرائد إلى الفضاء.
قال وانغ يونغ تشي، كبير مستشاري مشروع الفضاء المأهول الصيني، "إننا أنجزنا تكنولوجيا خروج رائد الفضاء من العنبر بفضل إتمام مهمة شنتشو 7، وسنبذل جهودنا لتحقيق اختراق في تكنولوجيا الالتحام بين المركبة والمعمل الفضائي." حسب البرنامج الفضائي الصيني، ستطلق الصين كبسولة "تيانقونغ 1"، وهي بمثابة مختبر فضائي صغير الحجم، بين عامي 2010 و 2011، وخلال مدة عامين بعد انطلاق "تيانقونغ 1" ستطلق الصين مركبات الفضاء "شنتشو 8" و"شنتشو 9" و"شنتشو 10" على التوالي، لتلتحم مع "تيانقونغ 1" على انفراد.
بدلة فضاء "صُنع في الصين"
برغم أن الصين استوردت من روسيا بدلة الفضاء المخصصة للأنشطة خارج المركبة، ارتدى رائد الفضاء تشاى تشي قانغ بدلة "فيتيان" المصنوعة في الصين خلال سيره في الفضاء.
تمتاز بدلة الفضاء المخصصة للأنشطة خارج المركبة بأنها مضادة للإشعاع والأشعة فوق البنفسجية والحرارة والبرد المفاجئ، إذ يمكن لرواد الفضاء أن يتحملوا حرارة أعلى من مائتي درجة مئوية وأقل من مائتي درجة مئوية تحت الصفر عند القيام بالأنشطة خارج مركبة الفضاء. وتجنبهم بدلة الفضاء اصطدام أجسامهم بالنيازك الصغيرة والإشعاع الفضائي إلى حد معين، وهي مزودة بمروحة أو قماش مبرد بالماء لإزالة الحرارة الزائدة.
كما يوجد ببدلة الفضاء غطاء من ألياف يضم ميكروفون وسماعات وأجهزة إرسال واستقبال بحيث يمكن لرائد الفضاء أن يجري اتصالات مع مركز التحكم الأرضي والرواد الآخرين. كما أنها مزودة بنظام تنفس دوري، حيث يدخل الزفير علبة مملوءة بالفحم لإزالة الروائح الكريهة، ثم إلى جهاز التنقية لإزالة ثاني أكسيد الكربون، بعد ذلك يمر بمروحة ويزال بخار الماء حتى يعود إلى نظام التبريد المائي. يمكن للبدلة تأمين إمداد الأكسجين لمدة سبع ساعات لرائد الفضاء مع إزالة ثاني أكسيد الكربون خلال عملية التنفس.
ذكر ما شينغ روي، نائب قائد مشروع الفضاء المأهول الصيني، أن "بدلة الفضاء المخصصة للأنشطة خارج المركبة، التي تشبه نظام المساعدة على الحياة الصغير الحجم، تحمل مئات الأنواع من التكنولوجيا العالية. وللبدلة وظائف كثيرة مثل مقاومة الضغط ودعم الحمل والإحكام الخ، وهي تعد "درع رائد الفضاء" بكل معنى الكلمة. وأعتقد أن إتقان هذه التكنولوجيا خلال سنوات قليلة عملية شاقة جدا. ولكننا تغلبنا على كل هذه الصعوبات وحققنا النجاح."
"التفاصيل" تعكس قوة التكنولوجيا الصينية
قبل "شنتشو 7"، كان رواد الفضاء يبقون في الفضاء يوما واحدا، ومن ثم كان من الممكن اللجوء إلى الحفاضات كبديل للمرحاض، ولكن بعد أن تقرر بقاء شنتشو 7 ثلاثة أيام في الفضاء كان لابد من وجود مرحاض في المركبة. ونظرا لضيق عنبر شنشتو 7 صمم فيها مرحاض صغير الحجم قابل للطي، ومزود بوظيفة فصل الغائط عن البول، وتكرير البول ليكون ماء صالحا للشرب بعد تنقيته من البكتيريا البيولوجية، وهذا يستغرق عدة ساعات.
استخدم في كبسولة العودة لشنتشو 7 نوع من الفايبر غلاس، أي الألياف الزجاجية يتوفر به 15 مواصفة قياسية، فهو عازل للحرارة ومضاد للنار والإشعال والإشعاع وغير سام، ذلك أنه في حالة انعدام الوزن، إذا استنشق رائد الفضاء ألياف الزجاج الصغيرة، يمكن أن تسبب أضرارا صحية شديدة له.
كانت شنتشو 7 أول مرة يحمل فيها رواد الفضاء معهم أدوية تقليدية صينية، من بينها "تايكونغ يانغشينوان" الذي يساعد في تحسين وظيفة القلب والأوعية الدموية والوقاية من وعلاج مرض الحركة الفضائية.
