بعد ثلاثين عاما من الإصلاح والانفتاح في الصين

قُل دولة كبيرة، ولا تقُل متقدمة

لو رو ساي

عدد سكان الصين كبير

فلاح ينقل الحبوب الغذائية

عاملة في مصنع للعب الأطفال تشو

أجرت شركة هاريس إنترآكتف ( Harris Interactive Inc ) الأمريكية استطلاعا للرأي في ألمانيا وفرنسا وأسبانيا وإيطاليا وبريطانيا والولايات المتحدة، شمل 6645 فردا، تتراوح أعمارهم بين 16 سنة إلى 64 سنة، قالوا إن الولايات المتحدة أقوى دولة في العالم، وقال 93% من الفرنسيين و90% من الأمريكيين و88% من الإيطاليين و87% من الألمانيين و86% من الأسبانيين إن الصين ثاني أقوى دولة في العالم.

وجاء في تقرير لمجلة ((الإكونومست)) البريطانية سنة عام 2008 أن سياسة واقتصاد العالم ستغادر عام 2008 الولايات المتحدة وتقترب من الصين، وهذا يعنى أنه اعتبارا من عام 2008 يتحول العالم من "تحكم أمريكا في النظام العالمي" ( Pax Americana ) إلى "تحكم الصين في النظام العالمي" ( Pax Sinica ). وقال التقرير أيضا إن الصين ستتجاوز ألمانيا وتصبح أكبر دولة مصدرة، وستنتقل من ثالث إلى ثاني أكبر دولة مستوردة. بالإضافة إلى ذلك، حصلت الصين على المرتبة الأولى في الميداليات الذهبية لأولمبياد 2008، وتجاوز عدد مشتركي الإنترنت بها العدد في الولايات المتحدة، وأصبحت تسيطر على التجارة الإلكترونية العالمية.

قال البعض إن الصينيين إذا سمعوا هذا الكلام قبل سنوات ربما شعروا بالكبرياء والتعجرف، ولكنهم الآن أكثر عقلانية ويتصرفون بهدوء عندما يسمعون أن بلادهم دولة متقدمة.

لدراسة هذه الحالة، قامت شركة هويسونغ لاستطلاعات الرأي باستطلاع آراء 1300 فرد في خمس مدن صينية، هي بكين وشانغهاي وقوانغتشو وووهان وتشونغتشينغ، وكانت النتيجة أن 55% منهم لا يعتقدون أن الصين دولة قوية، مقارنة مع 50% في السنة الماضية. وقال 18% منهم إن الصين دولة قوية.

وقد أوضح خه ليانغ، المعلق السياسي بقناة فنيكس بهونغ كونغ، إن معظم الغربيين يعرف الصين عن طريقين، الأول، عبر البضائع الصينية التي يشترونها ويستخدمونها في حياتهم، لكن عددا قليلا منهم يأتون إلى الصين، الثاني، عبر وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة. كما أن استضافة بكين لأولمبياد 2008 تركت تأثيرا على الغربيين.

يرى بعض الصينيين أنه بسبب مساحة الصين الكبيرة وعدد سكانها الضخم، يعتقد الأجانب أنها دولة قوية. شي ين هونغ، الأستاذ بمعهد العلاقات الدولية لجامعة رنمين الصينية، يرى أن الصين دولة كبيرة مساحة وسكانا، ومن حيث إجمالي الناتج المحلي وحجم التجارة الخارجية لها ومكانتها في الأمم المتحدة، وكل ذلك دليل على أن الصين دولة قوية. ولكن الصين ليست دولة قوية شاملة، خاصة عند المقارنة مع الولايات المتحدة، لأن قدراتها العسكرية ليست عالية ولأنها مازالت في مرحلة التنمية الأولية، ولأن قوة تأثيرها في الشؤون الدولية محدودة مقارنة مع الولايات المتحدة والدول الغربية. في الحقيقة، الصين ليست دولة قوية مائة في المائة.

هذا الرأي مقبول لدى الصينيين، إذ يعتقدون أن الاقتصاد الصيني يحقق نموا مستمرا، ولكن الفجوة بين بلادهم والولايات المتحدة وأوروبا مازالت شاسعة. الصين تحتاج وقتا طويلا لتصبح دولة متقدمة. انظر مثلا إلى الولايات المتحدة، يمثل سكانها 4% من سكان العالم، لكنها تنتج 27% من إجمالي الناتج المحلي في العالم، وتنفق 50% من الإنفاق العسكري العالمي، في حين أن إجمالي الناتج المحلي للصين يعادل 27% من إجمالي الناتج المحلي الأمريكي، ولا يتجاوز متوسط نصيب الفرد الصيني من إجمالي الناتج المحلي واحدا من ستة عشر نظيره الأمريكي. في نهاية عام 2007 أصدر البنك الدولي تقريرا حول الحجم الاقتصادي الإجمالي لمائة وست وأربعين دولة، وقد جاء حجم الاقتصادي الصيني أقل من المتوقع. وقد قال بعض قبل التقرير البنك أن حجم اقتصاد صيني سيتجاور حجم اقتصاد أمريكي في عام 2012، وهذا ليس صحيحا.

تشانغ يي وو، الأستاذ في كلية اللغة الصينية بجامعة بكين، متخصص في دراسة الثقافة والأدب الصيني في إطار العولمة واقتصاد السوق. يدرس مشكلتين، أولا تطوير الثقافة في ظل تأثير العولمة على الصين، ثانيا ثقافة الموافقة الذاتية في مجال الثقافة الصينية. وهو يرى أن الصينيين، حسب استطلاعات الرأي، لا يوافقون على أن بلادهم "دولة قوية" حاليا، وكذلك الأمر بالنسبة لتنمية الصين. يعتقد الصينيون أن بلادهم قطعت شوطا كبيرا في مجال التنمية خلال الثلاثين سنة الماضية، منذ تبني سياسة الإصلاح والانفتاح، ولكن الصين مازالت تواجه مشاكل كثيرة لا تستطيع التنمية إخفاءها. الآن تواجه الصين مشكلة الفجوة المتزايدة بين الأغنياء والفقراء ومازال متوسط نصيب الفرد بها من إجمالي الناتج المحلي متدنيا، وعدم القدرة على اطلاق كل قوتها الكامنة. حسب أرقام أصدرتها المصلحة الصينية للإحصاء، يتجاوز متوسط الدخل السنوي للفرد في المدن ثلاثة أضعاف دخل الفلاح. ويبلغ متوسط الدخل السنوي للفرد من التسعمائة مليون فلاح صيني حوالي 450 دولارا أمريكيا.

يعتقد الصينيون أنه لكي تصبح بلادهم دولة متقدمة، لا يكفي أن تنمي اقتصادها، بل ينبغي أن ترفع المستوى الثقافي لشعبها. في استطلاع للرأي حول العوامل التي تسيء إلى صورة الصين في العالم، اختار 52% من المشاركين الفساد، و44% الجودة الرديئة للسلع والسلع المغشوشة، و41% السلوكيات غير المهذبة. وقال 85% منهم إن أهم علاقة ثنائية للصين هي العلاقات مع الولايات المتحدة، وقال 74% إن قضية تايوان هي أكبر مشكلة تؤثر على العلاقات الصينية الأمريكية، ومن بعدها تأتي الاحتكاكات التجارية.

وقد أوضح يان شيوه تونغ، الأستاذ بمعهد القضايا الدولية في جامعة تشينغهوا، أن الصينيين يولون أهمية متزايدة لعلاقات الصين مع الولايات المتحدة، ليس لأن علاقات البلدين جيدة، وليس لأن هناك انفراجة في العلاقات وإنما لأن الاحتكاكات التجارية بين الطرفين تتزايد. والولايات المتحدة هي المقصد الأول الذي يختار الصينيون السفر إليه، فقد أعرب 31% من الذين استطلعت آرائهم عن رغبتهم في السفر إلى الولايات المتحدة، فبالنسبة للصينيين، قوة الجذب الأمريكية تفوق ما سواها.

الخلاصة، أن الصينيين يهتمون حاليا بالولايات المتحدة أكثر، وهذا يعني أنهم يقيمون أنفسهم بمعايير أعلى.

 

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@chinatoday.com.cn
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.

فرع مجلة ((الصين اليوم)) الإقليمي للشرق الأوسط بالقاهرة
رئيس الفرع: حسن وانغ ماو هو
العنوان: 5 شارع الفلاح، المتفرع من شارع شهاب
- المهندسين- الجزيرة- مصر
تليفاكس: 3478081(00202)
  ص.ب208 – الأورمان – الجزيرة – القاهرة – مصر
   الهاتف المحمول: 0105403068(002)
البريد الإلكتروني: kailuofenshe@yaoo.com.cn