ã

شيويتشو

ليست مجرد مدينة حضارية

وو مي لينغ

التماثيل الجنائزية لأسرة هان

مدينة أسرة هان بشيويتشو

متحف اللوحات الحجرية لأسرة هان

    من يدخل شيويتشو يلج دربا طويلا إلى زمن بعيد، أبرز معالمه التماثيل الجنائزية لأسرة هان، مقابر أسرة هان القديمة المليئة بالألغاز، والصور الحية المنقوشة على الألواح الحجرية، والقصص التاريخية الجذابة. شيويتشو تقدم لوحة ملونة للتاريخ قبل ألفي سنة.

المهتمون بثقافة أسرتي مينغ (1368- 1644 م) وتشينغ (1616- 1911 م) ينصحون بالتوجه إلى بكين، وعشاق ثقافة أسرتي تشين (221- 207 ق.م) وتانغ (618- 907 م) ليس لهم أفضل من شيآن، أما الراغبون والحريصون على فهم ثقافة أسرتي هان الغربية وهان الشرقية (206- 220 ق.م) فإن المقصد الأمثل لهم هو شيويتشو، التي يرجع تاريخها إلى زمن دويلة شيوي التي دامت حوالي خمسمائة سنة قبل أكثر من أربعة آلاف عام.

ربما محى الزمن اسم دويلة شيوي من ذاكرة الناس، بيد أن اسم بنغتشنغ اللصيق بشيويتشو ما زال حيا حتى يومنا هذا. اسم بنغتشنغ أصله هو اسم الرجل الذي ابتكر الأطعمة الصينية، الطباخ الفذ بنغ تسو(قبل أكثر من ألفي سنة قبل الميلاد). كان بنغ تسو يعد حساء الدجاج للإمبراطور ياو دي، وقد كافأه الإمبراطور بقطعة من الأرض، في ضاحية مدينة شيويتشو الحالية، أقام فيها دويلة أسرة بنغ، التي دامت خمسمائة تقريبا، وبعدها حملت عاصمتها اسم بنغتشنغ. في فترة الممالك الثلاث (220- 280 م) أصبح لشيوتشو اسم آخر هو  بنغتشنغ مازال مستخدما حتى اليوم، فتجد بها مثلا طريق بنغتشنغ، ميدان بنغتشنغ، جريدة بنغتشنغ المسائية.

تاريخ بين الجبل والماء

خلف نهر التاريخ المتدفق تراثا ثقافيا وافرا لشيويتشو. بفضل الملك ليو بان، الذي حمل اسم هان قاو تسو (على العرش من 206 إلى 195 ق.م) ذاعت شهرة شيويتشو في أنحاء الصين. واليوم شيويتشو نقطة ساخنة لدراسة حضارة أسرة هان، ورمز لحضارة الصين والأمة الصينية التي تشتمل على "هان رن" (أبناء قومية هان)، "هان تسو" (قومية هان)، "هان تسي" (الكتابة الصينية)، "هان يوي" (اللغة الصينية)، وغيرها من مكونات الحضارة الصينية، ويتعلق كل هذا بأسرة هان الملكية في تاريخ الصين. مؤسس أسرة هان، ليو بان من أبناء محافظة بيشيان بمدينة شيويتشو الحالية، وقد قاد انتفاضة تشانشه، وبعد تغلبه على دويلة تشين ودويلة تشو أسس أسرة هان الملكية التي كانت بنفس قوة ومكانة الإمبراطورية الرومانية في ذلك الزمان، ومنذ تلك الوقت أصبحت شيويتشو مهد حضارة هان الصينية ومحط الأنظار في الصين والعالم.

ولد ليو بان في شيويتشو وبدأ حياته الثورية بها، وفي الشهر العاشر للسنة الثانية بعد المائتين قبل الميلاد اعتلى العرش الملكي في منطقة دنغتاو بمقاطعة شاندونغ حاليا وأنشأ عاصمة أسرة هان الإمبراطورية في لوهيانغ أولا، ثم نقلها إلى تشانغآن (شيآن حاليا). أسرة هان هي أقوى أسرة حاكمة في تاريخ الصين، وقد قال المؤرخ البريطاني أرنولد توينبي: "عرفت البشرية شخصان أثرا في من جاءوا بعدهما؛ مؤسس الإمبراطورية الرومانية  يوليوس قيصر ومؤسس حضارة هان الكبرى ليو بان، حامل لقب هان قاو تسو".

 بعد أن اعتلى ليو بان العرش الإمبراطوري منحت حكومة شيويتشو أبناء عائلة ليو قطعة أرض، كي يعيشوا فيها ويدفنوا بها. وللوقاية من السرقة والسيول، أقام أبناء أسرة ليو أضرحة موتاهم على حافة المنحدرات الجبلية المحيطة بمدينة شيويتشو، وقد تحولت تلك الأضرحة إلى أروقة تاريخية بمرور الزمن.

يبلغ عدد الأضرحة التي اكتشفت في المنطقة المحيطة بمدينة شيويتشو أكثر من مائتي ضريح بمختلف الأحجام ، تدهش زائرها بقبورها التي تشبه قصورا تحت الأرض من حيث التصميم ودقة الحفر، والقدرات الإبداعية للقدامى. وبرغم وجود بضع عشرة مقبرة مبنية بطريقة حفر تجاويف في الجبل، فإن كل منها تختلف عن الأخرى شكلا وتصميما. ومن النماذج الأكثر تمثيلا  لأثار حضارة هان الصينية، ضريح قويشان (جبل السلحفاة) لأسرة هان وضريح شيتسيشان (جبل الأسد) لملك دويلة تشو.

يقع ضريح قويشان بسفح جبل قويشان (السلحفاة) في حي جيولي بمدينة شيويتشو، وهو مقبرة ملك دويلة تشو السادس في فترة أسرة هان الغربية ليو تشو (على العرش، 128-116 قبل الميلاد) وزوجته. اكتشف الضريح أثناء عملية استصلاح للجبل، وفي سنة 1985 وجد في المقبرة ختم ليو تشو، فعُرف صاحب المقبرة.

بعد مرور أكثر من عشرين سنة على اكتشافه، مازال ضريح قويشان لأسرة هان يحوي كثيرا من الأسرار؛ حيث لم يعرف مثلا كيف حفرت المقبرة كتجويف بجرف جبلي.

المقبرة بها 15 غرفة وممران، ويبلغ إجمالي مساحتها أكثر من سبعمائة متر مربع، وحجمها أكثر من 2600 متر مكعب، محفورة في جوف الجبل، وهي عملية لا تقل صعوبة عن بناء الهرم الأكبر في مصر، فكيف حفر عمال أسرة هان هذا الضريح الذي يتميز بدقة التصميم ؟

تقع بوابة المقبرة بالجانب الغربي لجبل قويشان، وبها ممران أحدهما بجنوب المقبرة والآخر في شمالها، بطول 56 مترا وارتفاع 78ر1 متر وعرض 06ر1 متر لكل منهما، ويتوازى هذان الممران بانحراف لا يزيد عن 5 مم، أي بدقة 10000/1، ويعني هذا أن الممرين لا يمكن أن  يلتقيا إلا بعد ألف كيلو متر. ويعتبر ممر مقبرة جبل ضريح قويشان ذو الحوائط الملساء مثل المرآة، أكثر الممرات المعروفة حتى الآن دقة في العالم من حيث الحفر، فكيف أنشئ هذا الممر بالتقنيات التي كانت موجودة آنذاك؟

على الجدار الشمالي لغرفة تابوت ملك تشو لوحة لرجل بالحجم الحقيقي يرتدي ملابس أسرة هان وتاجا ضخما على خصره نطاق طويل في وضع الانحناء وضم اليدين. هذه اللوحة التي تسمى "ملك تشو يستقبل ضيفا"، ولكن هذه اللوحة تشكلت بعد فتح الغرفة ولم تتأثر بالماء المتسرب بالغرفة، فيما يعتقد البعض أن اللوحة تشكلت بسبب اختلاف نوعية الأحجار المستخدمة في بناء المقبرة، ولكن لماذا ظهرت اللوحة في غرفة تابوت الملك فقط؟

أبراج المقبرة لغز آخر

تنتشر في القاعة الأمامية لغرفة زوجة ليو تشو وغرفة تابوتها وعلى بعض الأعمدة الحجرية نتوءات حجرية على شكل حلمة الثدي بصورة غير منتظمة، ويقال إنها موزعة بطريقة تشبه توزيع أبراج الكواكب، ولكن لماذا لا توجد هذه النتوءات في غرفة الملك، وماذا تعني تلك  النتوءات الحجرية ؟

يختزن ضريح جبل قويشان لأسرة هان الكثير من الأسرار التاريخية، ويجذب عددا لا يحصي من الزوار من الصين وخارجها.

يقع ضريح شيتسيشان (جبل الأسد) لملك تشو في جبل شيتسيشان الواقع في الضاحية الشرقية لمدينة شيويتشو، وبرغم أن هذا الضريح تعرض للسرقة والنهب أكتشف به أكثر من ألفي قطعة أثرية، منها عدد غير قليل أكتشف لأول مرة في أوساط دراسات الآثار، وتعتبر هذه المكتشفات من عجائب مقابر أسرة هان الملكية، ولا سيما رفات الملك تشو التي اكتشفها الأثريون والتي ساعدت في تكوين صورة للملك تشو لأول مرة خلال أكثر من 2100 عام، وقد اختير هذا الاكتشاف على قمة أكبر عشرة اكتشافات في الصين سنة 1995.

يستند ضريح الملك تشو إلى جبل شيتسيشان ويواجه نهر قوسيشوي ، وقد اعتقد أبناء أسرة هان أن هذا المكان يمثل بيئة روحية مميزة يصعب وجود مكان مماثل له.

في ممر المقبرة الخارجي الذي يبلغ طوله 6ر27 مترا تتناثر أحجار مختلفة الأشكال عليها آثار حفر واضحة، يعتقد البعض أنها نتيجة التعجل في دفن الملك تشو قبل انتهاء أعمال الحفر، ويُعتقد أن صاحب المقبرة ملك دويلة تشو الثالث ليو شو انتحر بعد فشل تمرد على سلطته، وهناك رأي بأن صاحب المقبرة هو ملك دويلة تشو الثاني ليو ينغ، ولكن لم يكتشف أي شيء يشير إلى هوية صاحب المقبرة.

أثمن ما اكتشف في مقابر أسرة هان هو ملبس يشمي مشغول بخيوط ذهبية، إضافة إلى تابوت يشمي عليه خمسة رسوم،  منها دائرة حمراء على اليمين داخلها ثلاثة طيور بثلاثة أرجل، وهي تمثل الشمس. ومن بين الرسوم  أيضا دائرة على اليسار داخلها أرنب وضفدع الطين، وهي ترمز إلى القمر. قطع اليشم بالملبس على الرغم من صغرها إلا أنها من يشم خهتيان بمنطقة شينجيانغ ومنوعة بدقة بالغة. اكتشفت قطعة اليشم مبعثرة في المقبرة، حيث أن لصا سرق الخيوط الذهبية للملبس وترك  قطع اليشم الثمينة، وهذا يثير سؤالا عن سبب ترك اللص اليشم الثمين والنقود التي في المقبرة. بعض المؤرخين يعتقد أن السرقة حدثت بعد أكثر من مائة سنة من الدفن، حيث بطل استخدام النقود التي في المقبرة، وأن اللص لم يأخذ اليشم لأن استخدامه كان مقتصرا على الأباطرة.

وحسبما قالت المرشدة السياحة في منطقة المقبرة، عندما اكتشف الضريح عثر الأثريون في غرفة تخزين على مرآة برونزية على شكل إناء كبير وممتلئة بالماء، وأسفل الماء مغرفة خشبية محفوظة على الصورة التي كانت عليها قبل أكثر من ألفي سنة، ومن أجل حمايتها لم يخرجوا المغرفة من الماء مباشرة، وقرروا تفريغ الماء من قاع المرآة حتى تظهر المغرفة ثم معالجتها بمواد مضادة للتعفن، ولكن عندما بدأ تسرب الماء اختفت المغرفة على الفور ولم يبق لها أي أثر.

يقع متحف التماثيل الجنائزية لأسرة هان بالجانب الغربي لضريح الملك تشو. في ديسمبر عام 1984، وبينما كانت الجرافات تحفر موقع بناء، عثر على تماثيل فخارية للإنسان تحت الأنقاض، فتوقف العمال وأخطروا الجهة المعنية، حيث تم اكتشاف أكثر من أربعة آلاف تمثال للجنود والخيول بأشكال مختلفة في ست حفر، لم يفتح منها للجمهور غير الحفرة رقم 1 فقط.

يختلف كل تمثال عن الآخر في قسمات الوجه، وبعضها يبدو باكيا أو متألما، وأخرى تبدو كأنها تتهامس أو تتنصت أو تتناجى. تظهر التماثيل مائة شكل لحياة الإنسان، ومن أشكال الشعر وتعبيرات الوجه وأوضاع الجسم يمكن التمييز بين المقاتل المخضرم والمقاتل المتوسط العمر الرزين والمقاتل الشاب الشجاع والنشيط. وحجم تمثال الضابط أكبر من حجم تمثال الجندي ويبدو أكثر نشاطا. إذا كانت التماثيل الجنائزية لضريح الإمبراطور تشين شي هوانغ بشيآن تظهر جمال القوة المتدفقة الحقيقية فإن التماثيل الجنائزية لأسرة هان بشيويتشو تظهر الجمال الروحي للفن.

تعتبر اللوحات الحجرية لأسرة هان، إضافة إلى التماثيل الجنائزية والضريح العجائب الثلاث لأسرة هان ودرة التراث الثقافي لها. هذه اللوحات المنقوشة على الحجر وعوارض معابد الأسلاف وجدران المقابر والتوابيت الحجرية، تصور حكايات أسطورية وأشكال حياة الإنسان. يقع متحف اللوحات الحجرية لأسرة هان في منطقة المناظر بالضاحية الجنوبية لمدينة شيويتشو. غرفة العرض قاعة مقدسة لفنون الرسم والنقش في العصر القديم، وبها لوحة للجواسق في فترة أسرة هان ولوحة للغزل والنسج، ولوحة لاستقبال الضيوف، وهي جميعا تعكس حياة مجتمع أسرة هان. أما اللوحة الأكثر تأثيرا فهي التي تصور شواء الكباب، حيث يقف رجل بجانب فرن في إحدى يديه اللحم وفي الأخرى مروحة. إنها صورة حية تكاد تشم منها رائحة اللحم المشوي. جدار الممر مرصع بأكثر من  800 حجر مرسوم، فيما يمثل موسوعة مفتوحة لتاريخ أسرة هان. ولكن الحقيقة هي أن معظم اللوحات الحجرية لأسرة هان بشيويتشو ما زالت بين يدي عامة الشعب.

ساحة الثقافة العسكرية

تنافس العسكريون منذ قديم الزمان للسيطرة على شيويتشو، فوقع على ترابها أكثر من مائتي معركة مختلفة الحجم. لهذا تزخر شيويتشو موارد هائلة لسياحة الثقافة العسكرية، إذ تشهد فيها ضراوة الثقافة الحربية الصينية منذ خمسة آلاف سنة. هنا ترى منصة تسونغتاي التي بناها شيانغ يوي (232-202 ق.م) الذي قاد انتفاضة في أواخر أسرة تشين؛ ومنصة شيما التي كان يشاهد منها شيانغ يوي تدريبات الجنود والخيول؛ وميدان جيوليشان القديم الذي شهد حرب جيشي أسرة تشين وأسرة هان، إضافة إلى حديقة الغابات التذكارية لشهداء معركة هوايهاي وهي منطقة للمناظر الجميلة على درجة 4A، وضمن اثني عشر مقصدا للسياحة الحمراء (الثورية) في الصين. وتعد القاعة التذكارية لمعركة هوايهاي أكبر متحف للمعارك البرية في العالم، حيث تقدم لزائرها صورة كاملة لمعركة هوايهاي بأحدث طرق العرض. الحديقة الواقعة  بسفح جبل فنغهوانغ (العنقاء) في الضاحية الجنوبية لشيويتشو تضم أشكالا دقيقة وأخرى غليظة، فهي نموذج للعظمة والروعة وتمثل عالما فريدا للروح الثقافية في شيويتشو.

في فترة أسرتي تشين وهان بني كثير من المنصات العالية في المناسبات المباركة والسعيدة، فهناك منصة تعيين الضباط، منصة قهفنغ لاستقبال الإمبراطور عند عودته من جولاته.

عندما اختار شيانغ يوي مدينة بنغتشنغ لتكون عاصمة له بنى منصة شيما لمشاهدة تدريبات الجنود والخيول منها، وبعد هزيمة قوات تشو بقيادته أمام قوات هان بقيادة ليو بان انتحر في نهر ووجيانغ. التاريخ يدرج المنتصرين فقط أبطالا في سجلاته، ولكن شيانغ يوي برغم هزيمته، اعتبره الصينيون بطلا لأنه فضل الموت على الاستسلام وأخلص في حب زوجته، وأصبحت منصة شيما شاهدا على عظمة دويلة تشو الغربية، ويأتيها كثير من المؤرخين والعلماء لإحياء ذكرى البطل شيانغ يوي واستذكار التاريخ.

منصة شيما التي كان يشاهد منها شيانغ يوي تدريبات الجنود والخيول، أقيم عليها عدد كبير من البنايات، منها معبد تايتو ومعبد سانيي وقاعة مينغهوان. وبعد أن صار البطل ليو بان ملكا أصبحت شيويتشو مسقط رأس الملك، ولذلك فإن زائر شيويتشو لا ينبغي أن تفوته زيارة محافظة بيشيان، حاملة لقب "موطن انطلاق التنين منذ قديم الزمان وأرض الأباطرة وقد شيدت بها منصة قهفنغ لاستقبال الملك عند عودته من جولاته، وهي منصة تعطي زائرها شعورا بأنه يرى ليو بان عائدا إلى موطنه في لباسه الحريري وحزامه اليشمي محتسيا الخمر ومنشدا قصيدة الانتصار. كان ليو بان أقوى ملك إقطاعي في الصين، وقد قال الزعيم الصيني الراحل ماو تسي تونغ إن الملك شيانغ يون لم يكن سياسيا بينما كان الملك ليو بان سياسيا عظيما، وقد لعب ليو بان دورا بارزا في قيادة الصين لتصبح من أكبر الدول الإمبراطورية في العالم.

حضارة عريقة ومناظر جميلة

شيويتشو ليست أرض حضارة فقط، وإنما مدينة بستانية إيكولوجية أيضا تنعم بالجبال الخضراء والمناظر جميلة. يتوسط جبل يونلونغ المتموج حاضرة المدينة التي تحزمها بحيرة يونلونغ ذات المياه الصافية والتي يتجمع فيها كثير من الطيور المائية، ويمتد النهر الأصفر مثل شريط يشمي بين المواقع الأثرية التاريخية بها، ويشمخ جبل جيولي الممتد تسعة كيلو مترات مثل حارس للمدينة باعتباره حاجزا طبيعيا يحميها.

تتوسط مدينة شيويتشو سلسلة جبال تمثل حاجزا لها أمام الغزاة، ولكن جبل يونلونغ الممتد إلى وسط المدينة يفيض جاذبية تاريخية فريدة. كان أديب أسرة سونغ الشمالية الكبير سو شي (1037- 1101 م) واليا على شيويتشو، وأقام صداقة حميمة مع الزاهد المعروف تشانغ تيان يي الذي اختار لنفسه لقب "ابن جبل يونلونغ". كان تشانغ تيان يي يطلق طائري كركي يوميا بجانب جوسق هناك، ولهذا كتب سو شي مقالة عظيمة بعنوان "جوسق تطيير الكركي"، وصف فيها جبل يونلونغ الجذاب قائلا: "في أواخر الربيع وأوائل الصيف تتكاثر الأعشاب والأحراش، وفي أواخر الخريف والشتاء حيث الجليد، يصير كل شيء أبيض على امتداد البصر وفي أيام المطر والرياح تتشكل مناظر مختلفة."

على مدى آلاف السنين انتشرت مقالة "جوسق تطيير الكركي" على كل لسان فذاعت شهرة جبل يونلونغ.

من جوسق تطيير الكركي إلى معهد يونلونغ التقليدي، نتنسم عبق حضارة عريقة.

إذا كان جبل يونلونغ هو القلم فإن بحيرة يونلونغ بالسفح الغربي لجبل يونلونغ هي المحبرة التي لا تنضب، وبهذا القلم وتلك المحبرة رسمت الطبيعة لوحة جميلة لشيويتشو. كل شيء في البحيرة طبيعي يبهج الأبصار ويجذب القلوب.

في شيويتشو، تستمتع بمناظر الحقول على مدار السنة، ففي الربيع ترى زهور الكمثرى  في مساحات شاسعة بمحافظة فنغشيان وتستمتع بزهور الورد بمنطقة تونغشان، وفي الصيف تغطي زهور اللوتس بحيرة ويشان الجميلة، وفي الخريف تتحول حديقة جنكو (المشمش الفضي) بمنطقة بيتشو إلى سجادة هائلة من الأوراق الذهبية المتساقطة، أما في الشتاء فيكون جني ثمار الفراولة وتذوق الكمثري في قاعدة الزراعة العالية التكنولوجيا متعة لا تدانيها متعة. هنا تستمتع بالطبيعة البسيطة في الحقول بعيدا عن الضوضاء والضجيج. شيويتشو أرض إذا أتيتها لا تريد مغادرتها.

طرأت تغيرات كبيرة على شيويتشو في السنوات الأخيرة، ولعل أكبر مشروع بها هو تهجير سكان قرية جينشان بالسفح الغربي لجبل يونلونغ إلى مكان آخر سنة 2003، وإقامة حديقة زهور الجنكو على مساحة 113 ألف متر مربع بأرض القرية القديمة، بتكلفة بلغت 140 مليون يوان (الدولار الأمريكي يساوي 6,8 يوان). ومع بداية الربيع تتفتح زهور أشجار المشمش الجميلة السفح الغربي لجبل يونلونغ، فتصير الزهور البيضاء مثل حبات ثلج والزهور الوردية مثل السحب الوردية.

المشروع الكبير الثاني في شيويتشو هو إنشاء منصة "الاقتراب من الماء"، التي يبلغ طولها 36 كيلو مترا، بتكلفة بلغت 230 مليون يوان، حيث يمكن منها مشاهدة النهر الأصفر.

أما الاستثمار الأكبر فهو معالجة مياه بحيرة يونلونغ، فمن أجل مستقبل شيويتشو تستثمر حكومة شيويتشو أكثر من مليار يوان سنويا، وبفضل هذا الجهود أصبحت بحيرة يونلونغ حاليا جنة يتعايش فيها  الإنسان والطيور والأسماك معا.

 الحقيقة أنه لم يكن ممكنا أن تجذب المنطقة الاستثمارية بشيويتشو استثمارات قدرها أكثر من ثلاث مليارات يوان خلال سنة واحدة بدون هذه البيئة الجميلة. المنطقة بها 18 مشروعا بتمويل أجنبي، منها مشروع السليكون البلوري الذي يبلغ إنتاجه عشرة آلاف طن، وقد أنشيء العام الماضي وهو تابع لمجموعة شيهشين بهونغ كونغ ويلعب دورا كبيرا في دفع نمو اقتصاد شيويتشو.

شيويتشو المدينة القديمة التي ترتدي حلة جديدة، جديرة حقا بأن تزورها وتعرفها.

  

 

 

      

 

 

 

 

 

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@chinatoday.com.cn
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.

فرع مجلة ((الصين اليوم)) الإقليمي للشرق الأوسط بالقاهرة
رئيس الفرع: حسن وانغ ماو هو
العنوان: 5 شارع الفلاح، المتفرع من شارع شهاب
- المهندسين- الجزيرة- مصر
تليفاكس: 3478081(00202)
  ص.ب208 – الأورمان – الجزيرة – القاهرة – مصر
   الهاتف المحمول: 0105403068(002)
البريد الإلكتروني: kailuofenshe@yaoo.com.cn