ã

لانغفانغ

بيت وزير الدفاع الذي صار مدينة!

وو مي لينغ

المدينة الأولى

المدينة الشرقية للجامعات

حفل افتتاح المدينة الأولى

 

بكين مدينة تاريخية، تقدم لوحة رائعة لتاريخ الصين وعظمتها. على مسافة أربعين كيلومترا من بكين، تربض مدينة صغيرة تعتبر بجمالها الرائع، الوجه البستاني المشرق لبكين. هذه المدينة اسمها لانغفانغ، أي "بيت وزير الدفاع" في لغة أهل الصين.

والحقيقة أن ما يربط لانغفانغ ببكين أكثر كثيرا من قرب المسافة وشبكة المواصلات العامة التي تربط بينهما، ذلك أن لانغفانغ صارت رئة التنفس للعاصمة. في عطلات نهاية الأسبوع يتدفق عدد كبير من سكان بكين إلى لانغفانغ للاستماع بالجمال الهادئ في أحضان الطبيعة الساحرة.

لانغفانغ، التاريخ والحاضر

يرتبط اسم لانغفانغ بشخص مشهور في تاريخ الصين هو  ليوي تشي، الذي شغل منصب نائب وزير الدفاع في عصر أسرة جين الأخيرة (936-947 م). لم يكن الرجل شخصية عظيمة فحسب وإنما أيضا ابنه ليوي دوانغ اشتهر في التاريخ، حيث تولى في أوائل عصر أسرة سونغ الشمالية (960- 1127 م) منصب رئيس الوزراء. عندما كان ليوي تشي على رأس منصبه، شيد دارا كبيرة في المكان الذي يسمى حاليا لانغفانغ. كانت  الدار ذات أسوار عالية ومساحة كبيرة، وصارت دار نائب وزير الدفاع، أي سي لانغفانغ بالصينية، من معالم المكان. واستمر الاسم لصيقا بالمكان الذي أصبح لانغفانغ الحالية.

    غير أن تاريخ لانغفانغ لا يبدأ في الحقيقة من واقعة بناء دار نائب وزير الدفاع، فهو أقدم من ذلك. وقد عُرف أهل هذا المكان بالسماحة وسعة الصدر منذ القدم. وتشير سجلات التاريخ إلى أن هذه المنطقة عرفت الحياة البشرية قبل ستة آلاف عام أو يزيد، بل زارها أباطرة الصين قبل أكثر من 4000 عام.  في الفترة من أسرة شيا (القرن 21-16 ق.م) إلى أسرة شانغ (القرن 16-11 ق.م) كانت لانغفانغ منطقة حدودية بعيدة عن المنطقة المركزية لهوا شيا (الاسم القديم للصين)، وكان يقطنها أبناء قوميتين بينهما اختلاف واضح في الثقافة، يفصل بينهما نهر يونغدينع الحالي، وكان الجزء الذي يقع شماله يسمى ضفة تشاوباي، حيث يعيش أبناء ثقافة شياجياديان. وإلى الجنوب ضفة داتشينغ حيث يعيش أبناء ثقافة تساوشانغ. خلال أكثر من 1300 سنة تصادمت الثقافتان وامتزجتا، وفي النهاية مُهد الطريق لتعايش الثقافات المتعددة في لانغفانع. حتى أسرة سونغ (690-1279 م) كانت لانغفانغ لا تزال مقسمة، نصفها يتبع دويلة داسونغ ونصفها الآخر ينتمي لدويلة لياو.

     مستوحيا من وجود قوميتين مختلفتي الثقافة على ضفتي النهر، كتب الشاعر أو يانغ شيو(1007-1072م): يعيشون على ضفتي النهر ولا يصيدون السمك. ولكن الذين يشربون من مياه واحدة كان لابد أن يتحلوا بشيم وخصال، لعل أبرزها سعة الصدر والسماحة، روح لانغفانغ الحديثة.

    قد يكون من الإجحاف أن نتحدث عن نهضة لانغفانغ دون الإشارة إلى الإمبراطورة الأم سي تشي (1835- 1908م)، التي خطت على خريطة سكة حديد  بكين- شانهايقوان، دائرة فوق قرية لانغفانغ لتكون محطة على هذا الخط، ولتتحول إلى بلدة مزدهرة.

في عام 1900، تحولت لانغفانغ من قرية إلى بلدة، وصارت ذات أهمية كبيرة، ولكنها أُهملت بعد ذلك زمنا طويلا.

بعد تأسيس الصين الجديدة سنة 1949، تغير الوضع الإداري للانغفانغ مرات حتى 1990 عندما تحولت إلى مدينة، لافتة الانتباه إليها كونها تقع على الطريق السريع من بكين إلى تيانجين وتانغشان.

   تتخذ لانغفانغ الواقعة في منطقة  خليج بتشلي موقعا وسطا بين بكين وتيانجين، 40 كم من بكين و60 كم من تيانجين. المسافة منها إلى مطار العاصمة ببكين 70 كم وإلى ميناء تيانجين الجديد 100 كم. تقطع السيارة المسافة منها إلى بكين أو تيانجين في نصف ساعة، وإلى ميناء تيانجين الجديد في ساعة ليس أكثر.

تحوي لانغفانغ الحديثة في جعبتها العديد من أوسمة الشرف وأنواط الامتياز؛ منها "المدينة المتقدمة في بناء حضارة المدينة على مستوى الدولة"؛ "المدينة السياحية الممتازة في الصين"؛ "المدينة النموذجية للتشجير على مستوى الدولة"؛ "المدينة البستانية على مستوى الدولة"؛ "المدينة النموذجية لحماية البيئة على مستوي الدولة"؛ و"المدينة المتقدمة في التقدم التكنولوجي على المستوى الوطني". في 29 يناير 2008 أصبحت لانغفانغ المدينة الوحيدة في منطقة شمال بر الصين الرئيسي الحاصلة على "جائزة بيئة السكن الصينية".

استفادة من الموقع الوسط بين بكين وتيانجين، و من الموارد البشرية والدراسات والبحوث العلمية في المدينتين، وبفضل شبكة المواصلات الجيدة والسوق الاستهلاكية الضخمة في المدينتين، تطورت لانغفانغ من فتاة صغيرة إلى شابة يافعة.

 

 

الآثار سجلات حية لكتب التاريخ.

   قبل وصولي إلى لانغفانغ سمعت أن في محافظة يونغتشينغ التابعة لها برجا مائلا من الحجر الأبيض، يقع على نفس خط الطول لميدان تيان آن من ببكين. وحسب السجلات تاريخية، بني هذا البرج في زمن أسرتي لياو (907- 1125م) وجين(1115- 1234م)، وتم ترميمه في فترة أسرتي يوان (1206- 1367م) ومينغ (1368- 1644م)، وهو من بين عدد قليل من الأبراج الحجرية الباقية في شمالي الصين. ويقال إن هذا البرج تراه مائلا من أي جهة نظرت إليه وقد تأكدت بنفسي من هذه الحقيقة.

في الطريق إلى محافظة يونغتشينغ، حكى لي مسئول من حكومة لانغفانغ قصة الخنادق الحربية القديمة لأسرتي سونغ الشمالية (960- 1127م) ولياو. وقد أثار كلام الرجل في نفسي رغبة في معرفة تلك الخنادق عن قرب، إذ أشارت إليها قصيدة قديمة مع سور الصين العظيم بأنهما عجيبتان على الأرض.

اكتشفت الخنادق الحربية لأسرة سونغ الجنوبية ولياو مصادفة. ذات يوم في أواخر أسرة تشينغ (1616- 1911م) سقطت قدم فلاح من قرية تسايجياينغ التابعة لمحافظة يونغتشينغ في حفرة صغيرة. نظر الفلاح إلى الحفرة بدقة فلاحظ أن تحتها تجويفا واسعا ممتدا إلى بعيد. صحب الفلاح شخصا آخر وعاد إلى الغرفة حيث دخلا هذا الممر تحت الأرض، وبعد أن لم يجدا فيه شيئا ذا قيمة، انصرفا لا يلويان على شيء، واندثرت القصة. في سنة 1989، كشف العلماء لغز الخنادق الحربية بأنها كانت ضمن مشروع عسكري ضخم، وأنها حفرت في أوائل فتر أسرة سونغ الشمالية (960- 1127م) كوسيلة للدفاع الوقائي ضد قوات أسرتي لياو وجين، وتنتشر هذه الخنادق في منطقة تغطي  حوالي 300 كيلومتر مربع.

    في خندق بقرية واووشينغتشوانغ الواقعة جنوب غربي حاضرة المحافظة، لاحظنا أن ارتفاع الممر 5ر1 متر وعرضه حوالي نصف متر، ومن المدخل إلى القاع عشر درجات. الممرات ضيقة وطويلة ولكنها مبنية بنظام موحد، فالمداخل مبنية بالقراميد الخضراء، وتوجد فيها تحصينات وخزانات للأغذية ومواقع لتجمع الجنود. داخل الخندق القديم شعرت بأن الماضي يعود وكأن أصوات طبول الحرب تتناهى إلى مسامعي ومشهد الخيول العشرة آلاف الراكضة يلوح أمامي. 

   أنجبت لانغفانغ كثيرا من النابغين والمشاهير، ومنهم تشانغ شوي، الأديب السياسي، وتشانغ تشاو تسنغ، الذي شغل منصب رئيس الوزراء في الصين قديما، والجنرال ذو اللحية سون ين.

في الصين حاليا 71 بلدة قديمة، منها ثلاث فقط  تقع بشمال نهر اليانغتسي منها تشنغفنغ  الواقعة في زمام لانغفانغ  والتي يرجع تاريخها إلى 2400 سنة. كانت تشنغفنغ ميناء بريا ومائيا. وفي زمن أسرة سونغ الشمالية، عمل الأديب الصيني سون شيون سكرتير عام الولاية في تشنغفنغ. ويذكر أنه نقل النباتات التي تزرع في جنوبي الصين، مثل الأرز واللوتس، إلى تشنغفنغ.

ومن معالم بلدة تشنغفنغ، دار عائلة وانغ ودار عائلة تشانغ. بعد أكثر من 180 سنة، وبرغم الريح والمطر، مازالت الداران باقيتين بسحرهما وجمال عمارتهما الذي يجمع بين النمطين الغربي والصيني، إذ ترتفع بناية على الطراز المعماري الأوروبي وسط الدار الرباعية الصينية التقليدية. هذا دليل حي وناطق على مدى ازدهار وتطور تشنغفنغ في ذلك العصر.

شهدت السياحة في لانغفانغ تطورا مدهشا في السنوات الأخيرة. وقد اغتنمت المدينة فرصة تحول موضة السياحة من زيارة الجبال والمياه إلى سياحة الاستجمام والاسترخاء وقضاء العطلات، فطرحت ستة منتجات سياحية جديدة هي سياحة المعارض والمؤتمرات، سياحة اللياقة البدنية، السياحة الإيكولوجية، وسياحة التسوق. وقد صار من العلامات المميزة لمدينة لانغفانغ، ملتقى لانغفانغ- الصين للتجارة والاستثمار في التكنولوجيا العالية والخدمات الحديثة في الثامن عشر من مايو سنويا؛ ومعرض السادس والعشرين من سبتمبر للمنتجات الزراعية الصينية؛ والمهرجان الدولي للمنطاد؛ ومعرض المصاعد الكهربائية.

في قرية يانغجياينغ التي زرناها برفقة السيد سوه، رئيس مصلحة السياحة لمحافظة يونغتشينغ، وجدنا كل شيء طبيعيا في هذا الفناء الخلفي لبكين. تزرع بالقرية بذور من التي حملتها مركبة الفضاء الصينية في رحلتها الفضائية. أكلنا البرسيم والهندبا البرية فعدنا إلى أيام طفولتنا. من لوحات أرقام السيارات التي تقف في أفنية دور الفلاحين، عرفنا أن معظم السياح يأتون من بكين وتيانجين.

 

مدينة خاصة جدا

هل يمكن إعادة إبداع مدينة بكين على الصورة التي كانت عليها في فترة أسرتي مينغ (1368-1644م) وتشينغ(1616- 1911م)؟ هذا ما حدث بالفعل في "المدينة الأولى" ، فقد تم وضع تصميم لبكين القديمة ولكن بمقاسات أقل مع الاحتفاظ بكافة المعالم كما هي، وبمعنى آخر تم بناء (ميني بكين)، تضم حديقة إمبراطورية مساحتها 3600 مو (المو يساوي 666,6 مترا)، تجسد كافة فنون العمارة القديمة لشمالي وجنوبي الصين، حيث تنتشر فيها الجواسق والمقصورات والقصور. في هذه الحديقة أقيم مركز للياقة البدنية وملعب جولف، مع الحرص على دمج المنشآت الحديثة في مجموعة البنايات القديمة. إنه تصميم يجمع بين الجمال التقليدي وتكنولوجيا البناء الحديثة.

وفقا لمعلومات أدلى بها مسئول من "المدينة الأولى"، استضافت المدينة أكثر من 900 ندوة ومؤتمر دولي واستقبلت ملايين الزوار من الداخل والخارج.

مدينة تشينغخه للأثاث اسم معروف في لانغفانغ، بل في كل شمالي الصين. تبلغ قيمة مبيعاتها أكثر من 6 مليارات يوان سنويا. وتسوق منتجاتها في أكثر من عشر مقاطعات ومدن في شمالي الصين، وتصدر إلى روسيا ومنغوليا وكندا ودول جنوب شرقي آسيا ودول أفريقيا. وأصبحت مدينة تشينغخه للأثاث ثاني أكبر مركز في الصين لجمع وتوزيع الأثاث والأكبر في شمالي الصين. والمدينة أبدعت عجيبة "سوق واحدة وسلسلة صناعات"، وجذبت قطاعات الصناعة وعززت قدرة صناعة الخدمات من أجل إثراء المواطنين ورفع القوة الشاملة.

لقد أعجبتني لانغفانغ كثيرا، وطرحت في نفسي تساؤلا: لانغفانغ مدينة ناشئة لا يمكنها منافسة مدن المناطق المتقدمة من حيث الأساس الاقتصادي، كما لا يمكنها منافسة المدن التاريخية من حيث عراقة التاريخ، فلماذا تتطور بهذه الصورة المدهشة؟

البيئة أولا

عمدة لانغفانغ وانغ آي مين، أوضح الأمر بقوله: "الأهم هو أننا بحثنا عن جادة التنمية الصائبة، حيث أن لانغفانغ يمكن أن تستفيد من وقوعها على ساحل البحر وقربها من بكين وتيانجين لتكون مدينة حديثة وقاعدة للصناعات الجديدة والتكنولوجيا العالية، وأن تكون مدينة إيكولوجية مناسبة للإقامة، محققة هدف "التطور العلمي؛ التقدم بالمنافسة؛ الاستقلال والتناغم؛ إثراء المواطنين وتقوية المدينة".

وفقا لبيانات حكومة لانغفانغ، بلغ متوسط نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي 22 ألف يوان عام 2007، بزيادة قدرها ضعف عما كان قبل ثلاث سنوات، ويزداد الدخل المالي للمدينة بنسبة 30% سنويا.

هذه الإنجازات تشجع أبناء لانغفانغ. وقد حققت المدينة في السنوات الأخيرة تطورا أسرع وأفضل من خلال تطبيق مفهوم التنمية العلمية وإعادة الهيكلة وتحسين البيئة.

وضعت لانغفانغ خطة تنميتها من منطلق استراتيجي، حيث تدعو شركات دولية كبيرة، عن طريق المناقصات الدولية، للمشاركة في تخطيط الأعمال بها. وفتحت الباب للتجار للاستثمار في الصناعات الرئيسية مثل المعلومات الإلكترونية، وقطع غيار السيارات والمنتجات المعدنية بشرط "تطوير المؤسسات الرئيسية ومعها المشروعات المرافقة". وقد أقيم بها أربعة مشروعات كبيرة لشركات فوشيكانغ، هواوي، تشونغشينغ، جينغدونغفنغ وأقيمت بها قاعدة لصناعة المعلومات.

وضعت حكومة المدينة شروطا بيئية صارمة لإقامة المشروعات بها. قبل عامين، أرادت شركة أجنبية إنشاء مشروع على مساحة 3000 مو باستثمارات قدرها ملياري يوان، ولكن حكومة المدينة رأت أن المشروع يهدر مساحة كبيرة من الموارد الأرضية فرفضته بلا تردد. وعندما طلبت شركة للطباعة والصبغ الانتقال إلى لانغفانغ باستثمار مليار يوان، رفضت الحكومة هذا الطلب برغم أن الشركة يمكن أن تقدم ضرائب قدرها 100مليون يوان سنويا، والسبب أنها تستهلك 9000 طن مياه يوميا. منذ عام 2000 بلغ عدد المشروعات  التي رفضتها حكومة لانغفانغ لأسباب تتعلق بحماية البيئة  56 مشروعا، قيمتها الاستثمارية  157ر8 مليارات يوان.

لانغفانغ اليوم، سماء زرقاء ومياه نقية، ومستودع أكسيجين طبيعي بين بكين وتيانجين؛ بعيدة عن الضوضاء والفوضى.

 

بيئة استثمار رائعة

يقول العمدة وانغ آي مين:"أي مشروع يكون مثل طائر العنقاء، يهبط حيث تكون الظروف البيئية في أفضل حالاتها. من أجل بناء مدينة ذات جاذبية كبيرة وقدرة تحمل عالية لا بد أن نضع البيئة في المقام الأول ". البيئة هي الضمان لتطور المجتمع والاقتصاد، والعنصر الأهم في القدرة التنافسية للمدينة. يمكن أن نستقدم المال والتكنولوجيا والمشروعات والموارد البشرية ولكن لا يمكن استقدام مزايا المدينة البيئية.

في نهاية عام 2003 جاء إلى لانغفانغ ثمانية أفراد يحملون درجة الدكتوراه، بعضهم تخرج في جامعة هارفرد ومعهد ماساشوسيتس للتكنولوجيا، وبعضهم عمل في الدول الغربية سنوات كثيرة، بل منهم من عمل في شركات من أقوى خمسمائة شركة في العالم. هؤلاء العلماء هم أصحاب شركة أمريكية، وقد أقاموا مع مجموعة شيناو في لانغفانغ شركة شيناوبوهوي المشتركة للأجهزة الطبية. لماذا اختاروا لانغفانغ؟

يقول النائب الدائم لمدير شركة شيناوبوهوي د. تشاو لي:"أولا، جذبتنا روعة شخصيات قادة لانغفانغ وفكرهم في إدارة المدينة، وشعرنا بأن هنا فضاء كبير لتطورنا؛ وثانيا، بيئة لانغفانغ جميلة، فالخضرة تغطي أرضها والطرق فيها واسعة. إن لانغفانغ تستظل بخضرة بكين وتيانجين فهي تشبه ضاحية مدينة كبيرة، وقلما نجد في العالم مثل هذه المدينة الواقعة بين مدينتين كبيرتين".

أكثر ما أثار إعجاب العلماء الثمانية، العناية الفائقة والمساعدة العظيمة التي أولاهم إياها قادة لانغفانغ بعد وصولهم إليها؛ من الحصول على رخصة القيادة إلى إقامة المشروع. يقول تشاو لي:"عندما توجد مشروعات لمشاريع استثمارية تخبرنا الجهة الحكومية المعنية، فنتقدم بطلباتنا". حتى اليوم حصلت شركتهم على مشروعات حكومية قيمتها عشرات الملايين من اليوانات، وتسير أعمال الشركة بسلاسة.

بعد سبعة شهور فقط من تأسيس الشركة في لانغفانغ، ابتكرت أول جهاز في العالم لأشعة الرنين المغناطيسي من طراز 0.45T، وتبع ذلك سلسلة من الإنجازات العلمية على أعلى الدرجات خرجت من لانغفانغ إلى العالم.

شركة شيناوبوهوي حاليا مؤسسة دولية كبيرة، تسوق منتجاتها في الصين وخارجها، وتبلغ بعض منتجاتها من الأجهزة الطبية المستوى العالمي. وحاليا تستخدم بعض المستشفيات الكبيرة، ومنها مستشفي 301 ومستشفي شيخه ببكين منتجات شيناوبوهوي، كما تستخدم منتجاتها بعض الشركات الدولية الكبيرة، مثل جنرال إليكتريك وجنرال.

بعض المؤسسات الأجنبية تتخذ من الصين قاعدة إنتاج، ولكنها لا تنقل إليها التكنولوجيا المحورية. أصحاب شيناوبوهوي جاءوا إلى لانغفانغ بالتكنولوجيا المحورية وشكلوا فريقا لبحوث التكنولوجية المحورية. وصار الفريق عنصر جذب لمزيد من العلماء والخبراء في الصين وخارجها. الشركة بها حاليا أكثر من ثلاثمائة متخصص، بعضهم من خارج البلاد وبعضهم تخرج في جامعات شهيرة في الصين، مثل بكين، وتشينغهوا. بلغ إنتاج الشركة العام الماضي 120 مليون يوان، ومن المتوقع أن يصل هذا العام 250 مليون يوان.

الصين متأخرة عن الدول المتقدمة في مجال الأجهزة الطبية بنحو خمس إلى عشر سنوات، ولكن شيناوبوهوي حاليا في مقدمة الشركات المنتجة للأجهزة الطبية.

 يقول عمدة لانغفانغ وانغ آي مين :"لقد رأينا رأي العين شيناوبوهوي  تتطور على أرضنا إلى شركة دولية، وبلا شك، سيتطور في المستقبل لتصبح أكبر شركة على مستوى العالم."

وادي لانغفانغ للتكنولوجيا، وهو عمل مشترك بين لانغفانغ ومجموعة شانشان، يعتبر القاعدة النموذجية الوحيدة لمشروعات التعاون الدولي في التكنولوجيا العالية التي أقامتها منظمة التنمية الصناعية للأمم المتحد في دولة نامية.

يقول نائب مدير شركة شانشان القابضة ومدير عام شركة وادي لانغفانغ التكنولوجية الصينية المحدودة، لي هواي تشانغ: "وادي لانغفانغ للتكنولوجيا منصة لصناعة التكنولوجيا العالية، ففي داخل مدينة بكين توجد منطقة تشونغقوانتسون، وفي ضاحيتها وادي التكنولوجيا".

وادي لانغفانغ  للتكنولوجيا هو حديقة تكنولوجية مكونة من أربع طبقات، تشمل الجمع بين البحوث العلمية وتطبيقها، تجارة التكنولوجيا والخدمات المالية وتبادل البضائع الحديثة، والإقامة والمرافق التجارية. العمل والمعيشة والتسلية والاستراحة في نفس الحديقة، حيث المسافة بين بين منطقة العمل ومنطقة المعيشة أقل من عشر دقائق مشيا. وهكذا فإن وادي لانغفانغ للتكنولوجيا، هو وادي سيليكون ولكن بخصائص صينية.

من أجل مائة عام قادمة

عند تحولت لانغفانغ إلى مدينة سنة 1989، لم يكن متوسط نصيب الفرد بها من المساحات الخضراء يتجاوز 7ر0 متر مربع، وكانت نسبة الغطاء الأخضر 8ر7% من أرضها. في سنة 1994 كانت مساحة الأرض الخضراء بالمدينة 18 كيلومترا مربعا فقط، وفيها شارع واحد وحديقة واحدة، وأعلي عمارة بها ترتفع ثلاثة طوابق. اليوم، لانغفانغ مدينة متحضرة مزدهرة مثل العواصم الحديثة، تتقاطع سبعة أشرطة تشجير طولية مع سبعة أخرى عرضية، وتنتشر حدائق الشوارع المتنوعة الأشكال، وبها حديقة طبيعية رائعة، وميدان العصر، ومركز الفنون، وكل هذا يجعل لانغفانغ ذات ميزات غير عادية. والآن في يوجد في المنطقة الحضرية لمدينة لانغفانغ 108 حدائق، بحيث لا تزيد المسافة بين كل فرد في لانغفانغ والحديقة عن ثلاثمائة متر، والحديقة الكبيرة خمسمائة متر.

عن أسلوبه في إدارة المدينة، قال العمدة وانغ آي مين: "المدينة للشعب، ومدة عمل العمدة قصيرة ولكنه ينبغي أن يترك العمدة أشياء يتذكره بها أهل المدينة وأجيالهم القادمة، ولذلك نفكر دائما في كيفية تخطيط المدينة بطريقة علمية لجعل لانغفانغ مدينة رائعة نموذجية لمائة سنة".

في قاعة تخطيط لانغفانغ مجسمات رملية لتخطيط المدينة العام. وحسب التخطيط لن يعتمد تطوير لانغفانغ على النهج القديم بتوسيع المساحة، بل اعتمادا على الفكر الحديث حيث التطور الشامل (منطقة المدينة القديمة، منطقة استثمارية، منطقة وانتشوانغ، قوان، يونغتشينغ) لتشكيل المنطقة الحضرية الكبيرة لمدينة لانغفانغ في المستقبل، وربط هذه المناطق بالطرق، وفصلها بأشرطة الأشجار وجعلها مدينة إيكولوجية لتكون لانغفانغ بعد مائة سنة مدينة أثرية عريقة.

بدأت لانغفانغ بناء منطقة وانتشوانغ الإيكولوجية، وهذا حدث مهم  في تاريخ لانغفانغ، وتشرف مجموعة شانغشي بشانغهاي، وهي شركة ذات خبرة، على هذا المشروع. بالبناء المخطط، والإدارة الموحدة ستصبح منطقة وانتشوانغ الإيكولوجية مثل منطقة الساحل الشرقي بشانغهاي، من حيث توظيف العلوم ورؤوس الأموال الأجنبية لتحقيق التنمية المستدامة في أربعة مجالات، هي  الاقتصاد، المجتمع، البيئة، والمواد.

تقول السيدة وانغ هونغ مي، مديرة المشروعات في مجموعة شانغشي :"ما نفعله هو فتح الطريق لتحقيق حلم المستقبل، فنحن نجمع أفضل العقول في العالم ونشكل "فريق الأحلام" لاستثمار المنطقة الإيكولوجية التي تستوعب من 300 – 500 ألف فرد".

لانغفانغ وهي في ربيعها التاسع عشر صارت مدينة تشرح الصدر وتعكس الرؤى الثاقبة والبعيدة المدى لقادة وأبناء لانغفانغ.

خلال السنوات الثلاث القادمة، ستنجز لانغفانغ 10 مشروعات تشتمل على 120 عملا في مجالات الاقتصاد وحياة المواطنين وتوسيع المنطقة الحضرية للمدينة وتحسين أحوال القرى وتحسين المواصلات، وتشجير المجاري المائية، وستبلغ قيمة الاستثمارات حوالي عشرة مليارات يوان، وستتغير ملامح المدينة كل سنة بخطوة  كبيرة.

يقول البروفيسور وو ليانغ يونغ، الأستاذ بجامعة تشينغهوا وعضو الأكاديمية الصينية للعلوم والأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية: "لانغفانغ نقطة هامة على دائرة التنمية الاقتصادية لمنطقة خليج بتشلي، وسيكون مستقبل لانغفانغ مدهشا أكثر مما يتصور الناس".

لقد منحت أجهزة الإعلام مؤخرا لانغفانغ لقب "من أفضل عشرين منطقة للاستثمار في الصين"، ومع إقامة أولمبياد بكين 2008 تفتح لانغفانغ ذراعيها لاستقبال الأصدقاء من أنحاء العالم،، فالذي يزور بكين لا ينبغي أن تفوته زيارة لانغفانع.

  

 

 

 

 

 

 

 

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@chinatoday.com.cn
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.

فرع مجلة ((الصين اليوم)) الإقليمي للشرق الأوسط بالقاهرة
رئيس الفرع: حسن وانغ ماو هو
العنوان: 5 شارع الفلاح، المتفرع من شارع شهاب
- المهندسين- الجزيرة- مصر
تليفاكس: 3478081(00202)
  ص.ب208 – الأورمان – الجزيرة – القاهرة – مصر
   الهاتف المحمول: 0105403068(002)
البريد الإلكتروني: kailuofenshe@yaoo.com.cn