ã

التوجه العام للاقتصاد لن يتأثر بالزلزال

تشانغ هوا، مراسلة ((الصين اليوم))

البروفيسور يانغ روي لونغ، عميد كلية الاقتصاد بجامعة رنمين الصينية

 

إضافة إلى الاهتمام الدولي بزلزال سيتشوان على المستوى الإنساني، حظيت الآثار الاقتصادية التي يمكن أن تنجم عن هذه الكارثة بقدر كبير من التحليلات والتوقعات، فبينما قدرت شركة AIR، المتخصصة في تقييم الكوارث، الخسارة الاقتصادية الناجمة للزلزال بعشرين مليار دولار أمريكي، رأت صحفية الفاينانشيال تايمز البريطانية أن تأثير الزلزال على اقتصاد الصين ليس خطيرا، برغم الكارثة البشرية.

ورأى محللون في مؤسسة جي بي مورغان تشيس JP Morgal Chase، أن تأثير زلزال ونتشوان على الاقتصاد الصيني محدود وقصير الأجل، لكنهم توقعوا مزيدا من ارتفاع الأسعار في الصين.

إذن ما هو تأثير زلزال ونتشوان على الاقتصاد الصيني؟ وكيف يمكن التخلص من آثاره السليبة ؟

 

الاقتصاد سينمو بنسبة 9%   

البروفيسور يانغ روي لونغ، عميد كلية الاقتصاد بجامعة رنمين الصينية يرى أن الحكومة الصينية مطالبة بحل مشكلتين حاليا، الأولى هي الحفاظ على استقرار التنمية الاقتصادية المستدامة، والثانية هي السيطرة على التضخم. وقال إن الزلزال ألحق ضررا بالغا، ماديا ونفسيا واقتصاديا، بالمواطنين في المناطق المنكوبة، وهذا هو الذي جعل الحكومة تعدل خطة الموازنة العامة لرصد مزيد من المخصصات المالية لإنقاذ المنكوبين وإعادة الإعمار بعد الزلزال، وهذا سيكون على حساب بنود ميزانية التعليم والضمان الاجتماعي ومجالات المرافق التحتية الأخرى مما قد يؤثر سلبيا على ثقة بعض المستثمرين.

ولكن، من ناحية أخرى، سترفع عملية إعادة الإعمار الطلب في مجالات عديدة، وخاصة في قطاع مواد البناء والحديد والصلب الخ. ولهذا فإن تحقيق نمو اقتصادي بنسبة 9% هذا العام أمر ممكن.

البروفيسور يانغ يعتقد أيضا أن الروح الوطنية الغير مسبوقة في الصين التي ظهرت بعد الزلزال ستؤثر بالإيجاب على استقرار الاقتصاد الصيني، ولهذا فإن أثر الزلزال على الاقتصاد الصيني لن يكون كبيرا لأن الوضع الاقتصادي العام لن يتغير. صحيح أن تأثير الزلزال على قدرة الإنتاج وخطوط المواصلات في الصين قائم، ولكنه تأثير من الممكن تجاوزه.

البروفيسور يانغ رو لونغ أشار إلى أن الزلزال له تأثير على التضخم بقوله: "ابتداء من عام 2007، بدأت مشكلة التضخم تظهر على السطح، وبلغ مؤشر أسعار المستهلكين 5ر8% في إبريل الماضي، ومن أجل إنقاذ المنكوبين سيزداد تحويل المدفوعات، وقد يزداد المعروض من النقد، مما يجعل إنجاز الحفاظ على مؤشر أسعار المستهلكين عند مستوى أقل من 5ر4% في العام الجاري مهمة صعبة. المهمة الملحة حاليا هي كيفية الحفاظ على استقرار النمو الاقتصادي المستدام والسيطرة على التضخم في الإطار الذي يتحمله المواطن العادي، مع إنجاز إعادة الإعمال بعد الزلزال بسلاسة.

 

 التضخم الشامل بالصين غير متوقع

ارتفع مؤشر أسعار المستهلك ومؤشر أسعار المنتج بالصين في الربع الأول من عام 2008، حسبما أعلن يوم 16 إبريل، فهل ستؤدي كارثة الزلزال إلى زيادة التضخم الكلي مثلما حدث بعد كارثة العواصف الثلجية التي ضربت الصين في الربع الأول من العام؟

الخبير الاقتصادي شيا يه ليانغ، نائب رئيس مركز الدراسات الاقتصادية بجامعة بكين قال: "لن يؤثر الزلزال على المجال الرئيسي للاقتصاد الصيني، ولن يؤثر على الوضع العام للتضخم في الصين لأن مركز الزلزال ليس من المناطق المتقدمة اقتصاديا، ولأن المناطق المتضررة بصورة خطيرة محدودة. سوف ترتفع الأسعار في المناطق المنكوبة في فترة الإنقاذ بسبب نقص المواد، لكن الأسعار ستعود إلى طبيعتها مع استعادة الإمداد والتموين لها، ولهذا لن تسبب تضخما كليا في الصين مثلما حدث في فترة كارثة العواصف الثلجية".

وعن تأثير إعادة الإعمار على عملية الإقراض، يعتقد شيا يه ليانغ أن مركز الزلزال في المنطقة الجبلية، ومن ثم فإن تكلفة إعادة إعمارها ستكون منخفضة، وستعتمد على التمويل الحكومي رئيسيا، ومن ثم لن تؤدي إلى انكماش الإقراض.

وقال أيضا: "سيتشوان، مقاطعة كبيرة في إنتاج الحبوب الغذائية واللحوم، والبعض يقلق من ارتفاع أسعار المنتجات الزراعية في الصين CPI. أرى شخصيا أن هذا القلق لا مبرر له، لأن الزلزال لم يؤثر حتى الآن تأثيرا كبيرا في إنتاج الحبوب الغذائية في مقاطعة سيتشوان، ولن تحدث مشكلة كبيرة إذا أمكن استعادة المواصلات والاتصالات في فترة قصيرة، والواقع أن استعادة المواصلات والاتصالات تتقدم بصورة طبيعية."

كيف تحل مشكلة التضخم؟ قال شيا يه ليانغ: "علينا أن نعرف ما هي الأعمال التي علينا أن نؤديها بإتقان بعد كل كارثة طبيعية."

ويرى أنه بعد زلزال ونتشوان علينا أن نهتم ببناء الإنشاءات المتكاملة للوقاية من الكوارث أثناء أعمال البناء اليومية. الأمر الذي سيؤدي إلى تحسين بناء سلسلة من المنشآت العامة في أرجاء الصين، وزيادة التمويل الحكومي. الأمر الذي قد يزيد التضخم. لذلك يجب ألا نقوم بتحسين كل المنشآت العامة في سنة واحدة. "إذا عملنا بهذا الأسلوب قد نكبح التضخم."

 

سيتشوان وحدها

يقارن الاقتصاديون الصينيون والأجانب بين الآثار المدمرة والاقتصادية لكارثة العواصف الثلجية التي ضربت جنوبي الصين شتاء هذا العام وكارثة زلزال سيتشوان. قال وانغ تشيان، الاقتصادي بمنطقة الصين لمؤسسة JP Morgal Chase إن تأثير زلزال ونتشوان على الاقتصاد الصيني أقل كثيرا من تأثير كارثة الثلوج، لأن جنوبي الصين أهم منطقة صينية من حيث الصناعة والمردود الزراعي. فأثرت كارثة الثلوج على الحصاد الزراعي وأضرت بالمواصلات والإمداد بالكهرباء للإنتاج الصناعي. أما مقاطعة سيتشوان التي وقع بها الزلزال فنصيبها 2ر4% فقط من إجمالي الناتج المحلي للصين، وتحتل قيمة إنتاجها الصناعي 5ر2% من إجمالي الناتج الصناعي الصيني، ونصيب صادراتها أقل من 2ر0% من الصادرات الصينية.

وقد لاحظ المحللون أن مركز الزلزال هو المنطقة الجبلية المتخلفة زراعيا في شمالي مقاطعة سيتشوان، أما منطقة تشنغدو ومناطق جنوب سيتشوان التي تعتبر المناطق الرئيسية للإنتاج الزراعي في المقاطعة فلم تتأثر كثيرا، مما يعني أن تأثير الزلزال على الإنتاج الزراعي في مقاطعة سيتشوان كلها محدود نسبيا. من ناحية أخرى، سيتشوان مقاطعة كبيرة في إنتاج اللحوم بالصين، يحتل إجمالي ناتج اللحوم نصف إجمالي إنتاج الزراعة والغابات والثروة السمكية وتربية المواشي بالمقاطعة. جنوبي سيتشوان هو المنطقة الرئيسية لإنتاج اللحوم بينما وقع الزلزال في شمالي  سيتشوان. وسوف يكون تأثير المواصلات قصير المدى. وحيث أن الزلزال ألحق أضرارا بمرافق الإنتاج الزراعي في وسط  سيتشوان، فإن الإنتاج الزراعي قد يتضرر في الفترات القادمة، مع احتمال ضعف قدرات بعض خزانات المياه والسدود على الإمداد بالمياه.

 وعن تأثير الزلزال على نمو الاقتصاد الصيني، يعتقد العالم الاقتصادي وانغ تاو ببنك الاتحاد السويسري أنه لن يكون كبيرا، برغم الخسارة الخطيرة ماديا وروحيا نتيجة الزلزال. السبب هو أن تأثير الزلزال يقتصر على ما هو قائم بالفعل بينما النمو عملية مستمرة، ومن ثم فإنه مع توقف إنتاج بعض القطاعات أو الوحدات مؤقتا تقابله زيادة في الطلب بسبب عملية إعادة الإعمار. لذلك سيكون تأثير الزلزال على النمو الاقتصادي في النصف الثاني من هذا العام قليلا. وأشار شن قاو مينغ، العالم الاقتصادي في سيتي بنك إلى أن عدد سكان المناطق المنكوبة، وهي سيتشوان وقانسو وشنشي وتشونغتشينغ ويوننان وشانشي وقويتشو وهوبي، يحتلون 7ر26% من سكان الصين، لكن كل هذه المناطق تساهم بنسبة 18% فقط من إجمالي الناتج المحلي للصين، لذا تأثير الزلزال في الاقتصاد العام للصين محدود.

وبالرجوع إلى السوابق التاريخية، نلاحظ أن زلزال كوبي باليابان الذي بلغت قوته 9ر6 بمقياس رختر عام 1995 أثر في الإنتاج الصناعي الياباني مؤقتا، لكن الإنتاج عاد بسرعة في الشهور التالية للزلزال.

وهناك إجماع بين البنوك الأجنبية على أن زلزال ونتشوان المدمر لن يزعزع الاقتصاد الصيني.

قال يانغ روي لونغ، إنه برغم الخسارة الكبيرة التي ألحقها الزلزال  بالصينيين، فإن حقيقة أن منطقة ونتشوان ليست ذات أهمية على خريطة الصناعة الصينية تجعل تأثير الزلزال على قدرة الإنتاج وقدرة الإمداد  محدودا. وينتهي يانغ إلى أن الاقتصاد الصيني لن يشهد انعطافا حادا بسبب الزلزال .

 

 

 

 

 

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@chinatoday.com.cn
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.

فرع مجلة ((الصين اليوم)) الإقليمي للشرق الأوسط بالقاهرة
رئيس الفرع: حسن وانغ ماو هو
العنوان: 5 شارع الفلاح، المتفرع من شارع شهاب
- المهندسين- الجزيرة- مصر
تليفاكس: 3478081(00202)
  ص.ب208 – الأورمان – الجزيرة – القاهرة – مصر
   الهاتف المحمول: 0105403068(002)
البريد الإلكتروني: kailuofenshe@yaoo.com.cn